5 سنوات لـ«الاستقلال الأوروبي التام» عن الطاقة الروسية

انقسام حول الحظر والعقوبات على موسكو

ترى المفوضية الأوروبية أن أوروبا بحاجة إلى 5 سنوات من أجل الاستقلال التام عن مصادر الطاقة الروسية (رويترز)
ترى المفوضية الأوروبية أن أوروبا بحاجة إلى 5 سنوات من أجل الاستقلال التام عن مصادر الطاقة الروسية (رويترز)
TT

5 سنوات لـ«الاستقلال الأوروبي التام» عن الطاقة الروسية

ترى المفوضية الأوروبية أن أوروبا بحاجة إلى 5 سنوات من أجل الاستقلال التام عن مصادر الطاقة الروسية (رويترز)
ترى المفوضية الأوروبية أن أوروبا بحاجة إلى 5 سنوات من أجل الاستقلال التام عن مصادر الطاقة الروسية (رويترز)

قال رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان، في مقطع فيديو نُشر على صفحته على فيسبوك، يوم الجمعة، إن الاتحاد الأوروبي لن يفرض عقوبات على صادرات الغاز أو النفط الروسية.
وأضاف أوروبان: «تمت تسوية القضية الأكثر أهمية بالنسبة لنا في أوروبا بطريقة ملائمة: لن تكون هناك عقوبات على الغاز أو النفط».
وناقش قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، في اليوم الثاني من قمتهم في مدينة فرساي بفرنسا الجمعة، عدداً من القضايا من بينها تعزيز النموذج الاقتصادي للتكتل وخطة المفوضية لخفض الاعتماد على الغاز الروسي بمقدار الثلثين هذا العام، وظهر التفاوت والانقسام واضحاً خلال المناقشات.
وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، على «تويتر»، أنها ستقترح تبني هدف استقلال الاتحاد الأوروبي عن الوقود الأحفوري الروسي بحلول 2027، وتقضي خطة المفوضية بتقليص الاعتماد على الغاز الروسي وخفض واردات الفحم والنفط من هذا البلد عبر تنويع الموردين وتطوير الطاقات البديلة مثل مصادر الطاقة المتجددة أو الهيدروجين.
كما تم بحث تعزيز تخزين الغاز و«تحسين أداء سوق الكهرباء» اللذين طلبتهما إسبانيا وفرنسا، وكذلك التدابير العاجلة الجديدة التي تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على المستهلكين. ويثير تجاوز سعر لتر البنزين 2 يورو، مخاوف من انتفاضات اجتماعية تشبه حركة «السترات الصفراء».
وقال رئيس وزراء لوكسمبورج كزافييه بيتل إن الدفع باتجاه فرض الاتحاد الأوروبي مزيداً من العقوبات على روسيا يجب أن يضع في الاعتبار التوازن مع التكاليف الاقتصادية لمثل هذه العقوبات. وذكر أن «من يقترحون عقوبات جديدة هم من سيعودون غداً ويقولون (نحتاج إلى مزيد من الأموال) منكم». وأضاف أن العقوبات لها ثمن، ولا بد من إيجاد حل وسط لإحداث أكبر تأثير ممكن على روسيا.
وأعربت لاتفيا وبولندا وليتوانيا عن تأييدها لمسألة حظر الاتحاد الأوروبي واردات الطاقة من روسيا، وذلك خلال القمة الأوروبية غير الرسمية في مدينة فرساي بفرنسا يوم الخميس، رغم الخطر الذي يهدد وحدة التكتل في مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقال رئيس وزراء لاتفيا كريسيانيس كارينز في بداية القمة: «أنا على قناعة بأنه يتعين علينا اتخاذ قرار بوقف واردات الطاقة من روسيا، لدفع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين إلى طاولة المفاوضات من أجل إيقاف الحرب».
وبينما ترفض الحكومة الألمانية حظر واردات الطاقة من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي كرد فعل على الحرب ضد أوكرانيا، يوافق نحو نصف السكان في ألمانيا على ذلك.
فقد أظهر استطلاع أجراه معهد «يوغوف» لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من وكالة الأنباء الألمانية أن 49 في المائة من الألمان يؤيدون وقف استيراد الغاز أو النفط أو الفحم من روسيا، بينما عارض ذلك 32 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع، ولم يحدد 19 في المائة موقفهم من الأمر.
وكان أكثر المؤيدين من أنصار حزب الخضر (74 في المائة)، ثم الحزب الاشتراكي الديمقراطي (57 في المائة)، ثم التحالف المسيحي (56 في المائة)، وحزب اليسار (54 في المائة)، والحزب الديمقراطي الحر (43 في المائة). وجاء في المرتبة الأخيرة في قائمة المؤيدين أنصار حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي (23 في المائة).
وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات واسعة النطاق على روسيا بعد غزو أوكرانيا، لكن ليس من بينها حتى الآن وقف واردات الغاز والنفط والفحم، التي تقدر قيمتها بمليارات اليورو. وتعتمد ألمانيا بشكل خاص على إمدادات الطاقة الروسية، لذلك عارض المستشار أولاف شولتس حظر الاستيراد، حتى لو كانت الولايات المتحدة قد اتخذت هذه الخطوة بالفعل.
ومع ذلك، فإن دولاً مثل بولندا ولاتفيا وليتوانيا تؤيد الحظر، حيث تريد حرمان الدولة الروسية من مصدر إيراداتها الرئيسي في تمويل الحرب ضد أوكرانيا. وبحسب تقديرات معهد «بروجيل» البحثي في بروكسل، فإن دول الاتحاد الأوروبي تنفق يومياً حالياً نحو 420 مليون دولار (380 مليون يورو) على الغاز الروسي ونحو 400 مليون دولار (362 مليون يورو) على النفط من روسيا.
وكان رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي استبعدوا، الخميس، أي انضمام سريع لأوكرانيا إلى التكتل لكنهم فتحوا الباب أمام تعزيز العلاقات مع كييف. وعقد القادة الأوروبيون الاجتماع لتحديد الردود الاقتصادية والعسكرية على الغزو الروسي. وأكدوا في بيان مكتوب: «سنعزز علاقاتنا ونعمق شراكتنا من دون تأخير لدعم أوكرانيا في مسارها الأوروبي»، مؤكدين أن «أوكرانيا جزء من عائلتنا الأوروبية».



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».