غوتيريش «حزين» على السوريين ويعدّ الحرب «صراعاً وحشياً»

مسؤولة أممية تعتبر إعلان دمشق حول برنامجها للأسلحة الكيماوية «غير دقيق»

رجل وابنه بريف حلب شمال سوريا في 3 الشهر الجاري (رويترز)
رجل وابنه بريف حلب شمال سوريا في 3 الشهر الجاري (رويترز)
TT

غوتيريش «حزين» على السوريين ويعدّ الحرب «صراعاً وحشياً»

رجل وابنه بريف حلب شمال سوريا في 3 الشهر الجاري (رويترز)
رجل وابنه بريف حلب شمال سوريا في 3 الشهر الجاري (رويترز)

وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ما يحصل في سوريا منذ عام 2011 بأنه «صراع وحشي»، معتبراً أن الدمار الذي واجهه السوريون «لا مثيل له في التاريخ الحديث»، غداة إعلان الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو أن هناك «ثغرات» و«تناقضات» في المعلومات التي قدمتها السلطات السورية بشأن برنامجها للأسلحة الكيماوية، مشددة على أن استخدام الأسلحة المحرمة دولياً يشكل «انتهاكاً صارخاً» للقانون الدولي، داعية إلى «القضاء عليها، ليس فقط في سوريا ولكن في كل مكان».
وفي كلمة في الذكرى السنوية الحادية عشرة للحرب في سوريا، وصف الأمين العام ما يحصل بأنه «صراع وحشي»، مشيراً إلى ما «تعرض له السوريون من انتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع ومنهجي». وقال إن «الدمار الذي عاناه السوريون واسع النطاق وقاتل لدرجة أنه لا يوجد مثيل له في التاريخ الحديث»، مضيفاً أنه «يجب ألا يكون هناك إفلات من العقاب». ومع ذلك أكد أنه «يجب ألا نفقد الأمل» من أجل «القيام بكل ما هو ضروري للتوصل إلى حل سياسي متفاوض عليه تماشياً مع قرار مجلس الأمن 2254»، بما يوجد «الظروف اللازمة للعودة الطوعية للاجئين بأمان وكرامة»، ويكفل «التصدي للإرهاب واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها واستقلالها». وشدد على أهمية «عمليات تسليم المساعدات عبر الخطوط وعبر الحدود للوصول إلى ملايين الأشخاص المحتاجين». وحض على «عدم خذلان الشعب السوري».
- مجلس الأمن
وكان مجلس الأمن عقد اجتماعه الشهري بخصوص الأسلحة الكيماوية السورية، واستمع إلى إفادة من ناكاميتسو التي انتقدت الحكومة السورية لرفضها المتكرر الرد على أسئلة حول برنامجها للأسلحة المحظورة دولياً. وإذ جددت مطالبتها لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2118، مشيرة إلى أن فريق تقييم إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيماوية يواصل جهوده لتوضيح القضايا العالقة المتعلقة بإعلانات سوريا المقدمة وفقاً لاتفاقية الأسلحة الكيماوية، قالت إنها تبلغت من الأمانة العامة للمنظمة بأنها لم تتلقَّ الإجابات المطلوبة على «كل أنواع وكميات عوامل الحرب الكيماوية التي جرى إنتاجها أو تهيئتها في شكل أسلحة بمرفق إنتاج أسلحة كيماوية سابق كانت الجمهورية العربية السورية أعلنت أنه لم يستخدم قط لإنتاج أسلحة كيماوية أو تهيئتها في شكل أسلحة»، بالإضافة إلى أن «المنظمة لم تتلقَ بعد المعلومات والوثائق المطلوبة من سوريا في شأن الأضرار الناجمة عن هجوم 8 يونيو (حزيران) على منشأة عسكرية تضم مرفقاً سابقاً لإنتاج الأسلحة الكيماوية»، فضلاً عن أنها «لم تتلقَ أي معلومات من سوريا حول الحركة غير المصرح بها وبقايا أسطوانتين مدمرتين تتعلقان بحادث سلاح كيماوي بدوما في 7 أبريل (نيسان) 2018»، داعية الحكومة السورية إلى الاستجابة لهذه الطلبات «بالسرعة اللازمة».
- لا يمكن إغلاق الملف
وأسف ناكاميتسو لأنه «حتى الآن لم يتمكن» فريق الأمانة الفنية من إجراء الجولة 25 من المحادثات بدمشق، بسبب «الرفض المستمر» لسوريا لإصدار تأشيرة دخول لأحد الأعضاء. وحثت السلطات السورية على تسهيل الإجراءات لنشر فريق تقييم الإعلان والامتثال للقرار 2118، بما في ذلك من خلال السماح بالوصول الفوري وغير المقيّد للموظفين المعيّنين من الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية «في أقرب وقت ممكن». وأوضحت أنه «فقط من خلال التعاون الكامل (…) يمكن إغلاق كل القضايا العالقة»، لافتة إلى أنه «نتيجة للثغرات التي تم تحديدها والتضارب والتناقضات التي لم يتم حلها، فإن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تواصل تقييم - في هذه المرحلة - الإعلان المقدم من سوريا على أنه لا يمكن اعتباره دقيقاً وكاملاً، وفقاً لاتفاقية الأسلحة الكيماوية». وكشفت أن الأمانة الفنية للمنظمة «تعتزم القيام بالجولات المقبلة للتفتيش في مرفقي البرزة وجمرايا التابعين لمركز الدراسات والبحوث العلمية السورية خلال عام 2022». وأشارت إلى الكشف عن مادة كيماوية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، لكن «يؤسفني أن أبلغ المجلس بأن الجمهورية العربية السورية لم تقدم بعد معلومات فنية كافية أو تفسيرات تمكّن الفريق من إغلاق هذا الملف».
وذكرت المسؤولة الأممية في التقرير الأخير للمدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية فرناندو أرياس حول ما ورد في تقرير بعثة تقصي الحقائق في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي و31 منه، أنه (أرياس) أفاد في يونيو (حزيران) الماضي بأن الخبراء حققوا في 77 ادعاء في سوريا وخلصوا إلى أنه في 17 حالة كان من المحتمل أو المؤكد استخدام هذه الأسلحة. وخلص تقريره إلى استخدام خردل الكبريت بمارع في 1 سبتمبر (أيلول) 2015 واستخدام أسطوانة كلور بكفر زيتا في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2016. وإذ كررت أن استخدام الأسلحة الكيماوية يشكل «انتهاكاً صارخاً» للقانون الدولي و«إهانة لإنسانيتنا المشتركة»، دعت إلى «التيقظ لضمان عدم استخدام هذه الأسلحة الفظيعة، والقضاء عليها، ليس فقط في سوريا ولكن في كل مكان»، مؤكدة التزام الأمم المتحدة العمل مع جميع الدول الأعضاء، مع ضمان محاسبة المسؤولين عن استخدامها.
- بين سوريا وأوكرانيا
وأسف نائب المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ريتشارد ميلز لأن سوريا تتلقى مساعدة حليفتها روسيا في مجلس الأمن، علماً بأن موسكو «نشرت معلومات مضللة مراراً وتكراراً في شأن استخدام سوريا المتكرر للأسلحة الكيماوية». وأضاف: «يجب أن توضح شبكة الأكاذيب الأخيرة التي أطلقتها روسيا في محاولة لتبرير الحرب المتعمدة وغير المبررة التي شنتها ضد أوكرانيا، بشكل نهائي، أنه لا يمكن الوثوق أيضاً بروسيا عندما تتحدث عن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا».
وكذلك لاحظ نظيره البريطاني جيمس كاريوكي «أوجه التشابه الواضحة» بين عمل روسيا في أوكرانيا، مثل «محاصرة المدن، وقتل المدنيين بشكل عشوائي، وإجبار الملايين على الفرار بحثاً عن الأمان»، وأفعالها في سوريا. وأسف لأن «المقارنة تمتد أيضاً لتشمل الأسلحة الكيماوية، حيث نرى الشبح المألوف للمعلومات المضللة عن الأسلحة الكيماوية الروسية يرفع رأسه في أوكرانيا».
في المقابل، أشار نائب المندوب الروسي دميتري بوليانسكي إلى أنه طلب قبل عشرة أيام تعديل الجدول الزمني لتجنب «الاجتماع من أجل الاجتماع»، علماً بأن المجلس يناقش سوريا مرتين على الأقل في الشهر، بينما يجتمع في شأن مواقف ناشطة أخرى، مثل ليبيا، كل شهرين فقط. وشكك في تقارير المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية فرناندو أرياس الذي يجب أن يجيب عن الأسئلة المعلقة.
ورأى ممثل الصين أن منظمة الحظر أنه على مديره العام «بذل جهود أكبر لدعم الموضوعية والحياد»، مطالباً بـ«تقليص وتيرة الاجتماعات حول ملف الأسلحة الكيماوية في سوريا».


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.