إسرائيل تتبنى قانون المواطنة «الأشد عنصرية في العالم»

يمنع لمّ شمل العائلات الفلسطينية... بتعاون بين الحكومة والمعارضة وتواطؤ «الحركة الإسلامية»

جنديان إسرائيليان بعد مظاهرة ضد المستوطنات الإسرائيلية في قرية كفر قدوم قرب نابلس بالضفة (إ.ب.أ)
جنديان إسرائيليان بعد مظاهرة ضد المستوطنات الإسرائيلية في قرية كفر قدوم قرب نابلس بالضفة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تتبنى قانون المواطنة «الأشد عنصرية في العالم»

جنديان إسرائيليان بعد مظاهرة ضد المستوطنات الإسرائيلية في قرية كفر قدوم قرب نابلس بالضفة (إ.ب.أ)
جنديان إسرائيليان بعد مظاهرة ضد المستوطنات الإسرائيلية في قرية كفر قدوم قرب نابلس بالضفة (إ.ب.أ)

أدانت «لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل» ومركز «عدالة» القانوني وحركة العائلات المتضررة، قرار الكنيست (البرلمان) سن قانون منع جمع شمل العائلات الفلسطينية، باعتباره «القانون الأشد عنصرية في العالم»، وتم تمريره بتوافق نادر بين الحكومة برئاسة نفتالي بنيت والمعارضة برئاسة خصمه اللدود بنيامين نتنياهو.
وزيرة الداخلية إييلت شاكيد، شريكة بنيت في قيادة حزب «يمينا»، التي أدارت المعركة لتمرير هذا القانون، اعتبرته انتصاراً كبيراً. وقالت: «إنه قانون صهيوني وقومي وأمني من الدرجة الأولى، ثبتنا فيه حقيقة أن فكرة الدولة اليهودية والديمقراطية تغلبت على فكرة دولة كل مواطنيها».
وكان هذا القانون قد دار في فلك المداولات الإسرائيلية طيلة 18 عاماً، إذ اعتبرته المحكمة العليا مناهضاً لقواعد حقوق الإنسان وطلبت من الحكومة إسقاطه، أو إقرار قانون بديل يوضح شروط منح المواطنة الإسرائيلية لمن يطلبها. وظلت الحكومة تماطل في إقراره، خوفاً من ردود فعل حركات حقوق الإنسان، إذ إنه جاء ليحرم عشرات ألوف الفلسطينيين من المواطنة لأنهم اختاروا زوجاً ما، فلسطينياً أو مصرياً أو أردنياً، من خارج إسرائيل.
ووضعت شاكيد هذا القانون على رأس سلم اهتمامها، وحاولت منذ تشكيل الحكومة الحالية في يونيو (حزيران) الماضي، تمريره لكنها فشلت في ذلك لأن هناك حزبين في الائتلاف، «القائمة الموحدة للحركة الإسلامية» بقيادة النائب منصور عباس وحزب «ميرتس» وبعض نواب حزب «العمل» يعارضونه ويعتبرونه عنصرياً. وقد سقط عندما جلبته إلى الكنيست قبل ثلاثة شهور. لكن شاكيد تمكنت من التوصل إلى اتفاق مع اليمين المتطرف المعارض لتمريره.
ووفقاً لهذا الاتفاق، تم تشديد شروط منح المواطنة أكثر، بناءً على طلب سمحا روتمان، النائب عن كتلة «الصهيونية الدينية» التي تضم تلامذة الفاشي مئير كهانا. ولذلك أيدت المعارضة القانون وأتاحت تمريره بأكثرية 45 نائباً، فيما صوت ضده 15 نائباً هم نواب «الإسلامية» و«ميرتس» وبعض نواب «العمل».
واعتبر النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، أن «بنيت ونتنياهو يترفعان عن خلافاتهما العميقة عندما يكون الأمر موجهاً ضد الفلسطينيين».
ورأى النائب أحمد الطيبي، من «القائمة المشتركة»، أن هذا القانون يتدخل في الحياة الشخصية للإنسان الفلسطيني، من يحب ومن يختار لحياته الزوجية. ويحرم ألوف الفلسطينيين من العيش مع أطفالهم. وهو عنصري بطريقة فاحشة. وقال زميله النائب أسامة السعدي: «يوجد هنا عقاب جماعي للفلسطينيين، الذين اختاروا الزواج ممن يحبون».
وأصدر ممثلو العائلات المتضررة من القانون، بياناً عبروا فيه عن سخطهم من تمريره وحملوا «القائمة الموحدة»، الشريكة في الائتلاف «المسؤولية عن هذه الخيانة والطعنة في قلب العائلات». وقالوا إن هذه القائمة كانت «تستطيع منع القانون لو أرادت. كان على نواب الموحدة أن يظهروا في لجنة الخارجية والأمن لكي يدافعوا عن تحفظاتهم ولكنهم اختاروا الغياب ليرضوا أسيادهم».
وقالت «لجنة المتابعة» إن «الحكومة الحالية تؤكد المرة تلو الأخرى أنها مجرد استمرار لكل الحكومات التي سبقتها، لا بل تنافس سابقاتها على التطرف والعدائية للجماهير العربية. هذا القانون يعكس العقلية الوحشية التي تسيطر على مؤسسة الحكم الإسرائيلية، وهي تستفحل بشكل دائم في ظل كل الحكومات». أضافت: «أساس هذا القانون قائم بعقلية الدولة اليهودية التي لا يمكن أن تبقى يهودية، بفعل وجودنا بشراً وتاريخاً وهوية وعلى أساس قانون القومية الصهيوني، وعقلية الحرب والاحتلال، وعقلية عدم شرعية وجود شعبنا الفلسطيني في وطنه». وأكدت «لجنة المتابعة» أن «هذا القانون الإجرامي، يشتت عشرات آلاف الناس ضمن آلاف العائلات في جميع أنحاء الوطن وبالأخص في النقب الأشم، لا يستند إلى شرعية سياسية وأخلاقية وقانونية، ولن تخفف من إجرامه أي أحاديث عن تسهيلات هامشية هنا وهناك، هي أصلاً كانت قائمة في ذات القانون السابق. ومن المؤكد أن التسهيلات ستتقلص أكثر في عهد وزيرة الداخلية شاكيد، التي احتفلت بإنجازها العنصري بعد المصادقة على القانون».
وعقب مركز «عدالة» الحقوقي، على سن القانون قائلاً إنه «من أكثر القوانين العنصرية في العالم... ليس هناك أي دولة في العالم تمنع مواطنيها من ممارسة حقهم في تكوين أسرة على أساس الانتماء القومي أو العرقي. لكن الكنيست جدد القانون لأهداف ديموغرافية عنصرية للحفاظ على أغلبية يهودية داخل الخط الأخضر والقدس، تماشياً مع مبادئ قانون أساس القومية العنصري الذي يرسخ الفوقية اليهودية كمبدأ دستوري».
يذكر أن نواب الحركة الإسلامية أدانوا القانون وصوتوا ضده ولكنهم دافعوا عن قرارهم الامتناع عن إسقاط الحكومة بأنه قرار يخدم مصالح المواطنين العرب. وقال رئيس الكتلة، منصور عباس إن هناك «مجموعة كاملة من الاعتبارات التي نضعها على عتبة بابنا، منها كفاحنا لأجل ميزانيات للمساواة ولمكافحة العنف ومشروع تطوير النقب الذي حصلنا له 5 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار)».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.