بوتين يوافق على زج «متطوعين» من الشرق الأوسط بحرب أوكرانيا

موسكو ومينسك تعززان التحالف في وجه {تهديدات مشتركة}

بوتين يوافق على زج «متطوعين» من الشرق الأوسط بحرب أوكرانيا
TT

بوتين يوافق على زج «متطوعين» من الشرق الأوسط بحرب أوكرانيا

بوتين يوافق على زج «متطوعين» من الشرق الأوسط بحرب أوكرانيا

دخلت العمليات العسكرية الجارية في أوكرانيا مرحلة جديدة أمس، بعد إعلان الكرملين عزمه زج «متطوعين» من منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً من سوريا، في الحرب الدائرة. وجاء الإعلان بعدما عرض وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خطة جديدة لدعم العملية العسكرية، خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي، تشتمل فضلاً عن استقدام مقاتلين أجانب، توسيع مجالات بتسليح الانفصاليين الأوكرانيين بقاذفات مضادة للمدرعات والطائرات، ما يمهد لتحويل المعارك تدريجياً إلى «حرب عصابات» تمتد على طول الأراضي الأوكرانية.
واستمع بوتين لتقرير وزير الدفاع الذي تضمن ثلاثة عناصر. وقال شويغو إن «كل شيء يجري وفقاً للخطة الموضوعة ونبلغكم بذلك يومياً». وزاد أن مسار المعارك يتطلب عرض ثلاث مسائل لمصادقة بوتين عليها؛ وهي «مساعدة المتطوعين من الشرق الأوسط في الوصول إلى منطقة دونباس بغية المشاركة في الأعمال القتالية إلى جانب روسيا، وتسليم المعدات القتالية التي تم انتزاعها من القوات الأوكرانية خلال العملية إلى قوات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وتعزيز أمن الحدود الغربية للدولة الروسية بما يشمل نشر قوات إضافية ومنظومات دفاعية متطورة هناك».
وبرر شويغو اقتراحه بزج المقاتلين الأجانب، بالقول إن روسيا «تتلقى أعداداً هائلة من الطلبات من المتطوعين من دول مختلفة يرغبون في التوجه إلى جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين بغية المشاركة في حركة التحرير، ومعظمهم من دول الشرق الأوسط، حيث تجاوز عدد الطلبات عتبة 16 ألفاً». وزاد: «نرى من الصحيح الرد إيجاباً على هذه الطلبات، خصوصاً أنها تأتي ليس لاعتبارات مالية، بل بسبب الرغبة الحقيقية من قبل هؤلاء الناس، ونعرف كثيراً منهم، وهم سبق أن ساعدونا في الحرب ضد (داعش) في أصعب فترة، خلال السنوات العشر الماضية». وسارع بوتين إلى إعلان موافقته على الاقتراح المقدم، وقال إنه يوافق أول عنصرين من الخطة المقدمة، فيما طلب من وزير دفاعه إعداد تقرير مفصل بخصوص الاقتراح الثالث بغية «مناقشته وتبني الإجراء المناسب». وقال بوتين خلال الاجتماع إن «الممولين الغربيين للنظام الأوكراني لا يخفون عملهم على جمع مرتزقة من مختلف أرجاء العالم ونقلهم إلى أوكرانيا»، محملاً إياهم المسؤولية عن «التجاهل التام لكل أعراف القانون الدولي». وأضاف: «لذلك عندما ترون أن هناك أشخاصاً يرغبون في التوجه إلى دونباس لمساعدة سكانها، وذلك ليس من أجل المال، فيجب الرد إيجاباً ومساعدتهم في الوصول إلى منطقة القتال. لكن اللافت كما اتضح لاحقاً، أن الحديث عن زج مرتزقة يتركز فقط على المقاتلين من الشرق الأوسط خصوصاً من سوريا، في حين لم يعطِ الكرملين ضوءاً أخضر لمتطوعين في روسيا للتوجه إلى مناطق القتال. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إنه «لا يجري النظر في اجتذاب متطوعين روس للمشاركة في العملية العسكرية الخاصة بأوكرانيا». وأضاف أن «وزير الدفاع تحدث بشكل محدد عن الذين تقدموا بطلبات من الشرق الأوسط، من سوريا. وبناء عليه، لم يكن هناك حديث عن المواطنين الروس». ورداً على سؤال حول الغرض من جذب المتطوعين، أشار بيسكوف إلى أن «هناك عدداً كبيراً من المرتزقة المأجورين الذين يأتون إلى أوكرانيا للمشاركة في الأعمال العدائية ضد جيشنا، وفي الوقت نفسه، يتم تلقي الطلبات من المتطوعين الذين يرغبون في المشاركة بالقتال الذي يعدونه نضالاً من أجل التحرر الوطني».

إلى ذلك، سارت موسكو ومينسك خطوات إضافية أمس، لتعزيز التحالف بينهما في مواجهة ما وصف بأنه «تهديدات مشتركة». وأجرى الرئيس الروسي جولة محادثات مطولة مع نظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو تم التطرق في الجزء العلني منها إلى التحركات المشتركة للطرفين خلال المرحلة المقبلة. ولفت الأنظار إلى أن لوكاشينكو الذي تعمد أكثر من مرة خلال الأسبوعين الماضيين التركيز على أن بلاده ليست طرفاً في الحرب الأوكرانية، أطلق خلال لقائه مع بوتين سلسلة تصريحات تؤكد انخراط مينسك في هذه الحرب من منطلق أن «بلادنا كانت هدفاً لعدوان أوكراني تم التحضير له، لكن العملية الاستباقية الروسية جنبتنا هذا العدوان»، وفقاً للوكاشينكو الذي جاء إلى الاجتماع حاملاً خريطة، وقال لبوتين: «سأظهر لكم الآن أين جرت التحضيرات لشن هجوم على بيلاروسيا، ولولا الضربة الاستباقية التي تم توجيهها قبل ست ساعات من العملية على هذه المواقع لهاجموا قواتنا البيلاروسية والروسية المشاركة في التدريبات». وأعرب بوتين عن موافقته على كلام لوكاشينكو حول «تحضير الحكومة الأوكرانية لشن هجوم على منطقة دونباس والقوات الروسية والبيلاروسية المشاركة في مناورات مشتركة بأراضي بيلاروسيا». في الإطار ذاته، لفت لوكاشينكو إلى أن بوتين «طلب مني المشاركة في أعمال إعادة تأهيل محطة تشيرنوبل النووية وإمدادها بالطاقة الكهربائية»، موضحاً أن «هذا الأمر يجب القيام به، إنهم (الأوكرانيون) لا يريدونها، لقد حاولوا القيام باستفزازات خطرة». وتابع أن هناك «مرتزقة أجانب يتحركون على طول الحدود نحو محطة تشيرنوبل»، مضيفاً: «سنضطر إلى كشف ما يعتزمون فعله في تشيرنوبل».
وتركز حديث الرئيسين خلال اللقاء، على آليات التصدي المشترك لتبعات العقوبات الغربية المفروضة على البلدين. وقال بوتين إنه مقتنع بأن «التغلب على المشاكل التي تسببها العقوبات، سيجلب الفائدة لكل من روسيا وبيلاروسيا في نهاية المطاف». وزاد: «على العكس من توقعات الغرب، ستكتسب مزيداً من الكفاءات، ومزيداً من الفرص للشعور بالاستقلالية، وفي النهاية سيكون كل ذلك مفيداً لنا، كما كان في السنوات السابقة». ووفقاً للرئيس الروسي، فقد «كانت هناك دائماً محاولات لكبح جماح التنمية في روسيا وبيلاروسيا، ولدي ثقة في أن فترة العقوبات تعد فرصة لتعزيز سيادة الدولتين الاقتصادية والتكنولوجية».
وذكر بوتين أن الاتحاد السوفياتي عانى على مدار عقود من صعوبات العقوبات والقيود، لكنه تمكن من تطوير قدراته رغم ذلك.
بدوره، قال لوكاشينكو إن جميع العقوبات الغربية ضد مينسك وموسكو «غير شرعية، ومثيرة للاشمئزاز». وأضاف: «كنا دائماً نرزخ تحت العقوبات، وهي باتت اليوم أكثر شدة وضخامة، ولكننا اعتدنا على تصرفات الغرب».
على الصعيد السياسي المتعلق بأوكرانيا، لاحظ بوتين خلال اللقاء، أن «هناك بعض التحولات الإيجابية في المحادثات الروسية - الأوكرانية».
وقال بوتين، مخاطباً ضيفه: «دون أدنى شك سأطلعك على مستجدات الوضع في أوكرانيا، بالدرجة الأولى على كيفية سير المحادثات التي تجري حالياً على أساس يومي تقريباً، وثمة هناك بعض التحولات الإيجابية، حسبما أكد لي المفاوضون من جانبنا».
ولم يوضح طبيعة التطورات الإيجابية التي قصدها، لكنه أضاف: «كلما مر الوقت أدرك الناس أكثر فأكثر أننا لم نهاجمهم، بل إن الجيش الأوكراني هو من بدأ بالقصف بصورة استباقية قبل يومين من ذلك عندما كنا في منزلكم، وتلقينا تقارير باستمرار عن ذلك على متن مروحية».
ميدانياً، فشلت أمس مجدداً، جهود تنشيط عمل الممرات الإنسانية التي كان الجانبان الروسي والأوكراني اتفقا في وقت سابق على إطلاقها. وكانت موسكو أعلنت صباح أمس، عن «هدنة إنسانية جديدة في عدد من المناطق الأوكرانية».
وقال المقر الروسي للاستجابة الإنسانية في أوكرانيا، إنه «رغم إفشال أوكرانيا أكثر من مرة لإجلاء المدنيين والمواطنين الأجانب المحتجزين قسراً من قبل القوميين في عدد من المدن، وكذلك نظراً لتدهور الوضع الإنساني»، تعلن روسيا استعدادها لتأمين ممرات إنسانية، بما يشمل ذلك سلامة مرور الناس، وكذلك مرور قوافل الحافلات والنقل البري المدني. وحسب المقر الروسي، فإن الممرات الإنسانية فتحت في العاصمة الأوكرانية كييف ومدن تشيرنيهيف وسومي وخاركوف وماريوبول.
وفي وقت لاحق، قالت وزارة الدفاع الروسية إن أوكرانيا وافقت على تنشيط مسارين فقط من أصل 6 ممرات اقترحتها موسكو، مشيرة إلى أن الممرين اللذين أبدت كييف استعداداً لتنشيطهما لا يتجهان نحو الأراضي الروسية. وكانت كييف أعلنت أنها لن تقبل بنقل المتضررين في المدن المحاصرة إلى روسيا أو بيلاروسيا وفقاً للاقتراح الذي قدمته موسكو.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية تصويراً جوياً قالت إنه يظهر «القوميين الأوكرانيين» في مدينة تشيرنيغوف شمال البلاد وهم يغلقون ممراً إنسانياً مانعين سيارات المدنيين من الخروج من المدينة. أيضاً اتهمت الوزارة كييف بمنع رؤساء بلديات في عدد من المدن من إجراء أي «اتصالات إنسانية» مع روسيا، وقالت في بيان: «كل من يعارضون القرار يتم قتلهم بالرصاص». برغم ذلك، أعلنت الوزارة أن أكثر من 23 ألف شخص أعربوا عن رغبتهم في إخلاء أراضي العملية العسكرية الخاصة والتوجه نحو الأراضي الروسية.
في الأثناء، واصلت موسكو استهداف مواقع قالت إن متشددين أوكرانيين يتحصنون داخلها في محيط المدن الكبرى، وعرضت مقطع فيديو تم تصويره من الجو، أثناء توجيه القوات الروسية ضربة صاروخية مدمرة على ما وصف بأنه «معقل محصن للقوميين الأوكرانيين». أيضاً، اتهمت وزارة الدفاع الروسية «مسلحين أوكرانيين» بتفجير أحد مباني معهد الفيزياء والتكنولوجيات في مدينة خاركوف بهدف «إخفاء أنشطة بحثية نووية مورست هناك».


مقالات ذات صلة

بلغاريا تجلي طاقم ناقلة نفط يشتبه بانتمائها إلى «أسطول الظل» الروسي

أوروبا نيران تتصاعد من ناقلة النفط «كيروس» التابعة لـ«أسطول الظل» الروسي بعد استهداف أوكراني في البحر الأسود (أ.ف.ب) play-circle

بلغاريا تجلي طاقم ناقلة نفط يشتبه بانتمائها إلى «أسطول الظل» الروسي

أطلقت السلطات البحرية البلغارية عملية لإجلاء طاقم ناقلة النفط «كايروس» قبالة ميناء أختوبول على البحر الأسود التي يعتقد أنها جزء من «أسطول الظل» الروسي.

«الشرق الأوسط» (صوفيا)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: أجريت مكالمة هاتفية مهمة مع المبعوث الأميركي الخاص ويتكوف

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، إنه أجرى مكالمة هاتفية طويلة «ومهمة» مع ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الرئيس بوتين محاطاً بيوري أوشاكوف (على يمينه) وكيريل دميترييف خلال المحادثات مع ويتكوف وكوشنر في موسكو الأربعاء (سبوتنيك - أ.ف.ب) play-circle

واشنطن وكييف تواصلان محادثات «السلام الصعب» في فلوريدا لليوم الثالث

تجري أوكرانيا والولايات المتحدة محادثات في فلوريدا السبت لليوم الثالث على التوالي بشأن خطة واشنطن وروسيا تُسابق بتوازٍ الدبلوماسية على عدة جبهات

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن (إ.ب.أ) play-circle

زيلينسكي يزور لندن بعد غدٍ للتشاور مع ستارمر حول وضع مفاوضات السلام

كشفت تقارير إعلامية عن أنه من المتوقع أن يصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى العاصمة البريطانية لندن، بعد غدٍ (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث قبل حفلة لمغني الأوبرا الإيطالي الضرير أندريا بوتشيللي في البيت الأبيض (أ.ب)

تحليل إخباري استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

ستثير الوثيقة التي صدرت الجمعة عن البيت الأبيض استياء الحلفاء التقليديين لواشنطن في أوروبا، لما تتضمّنه من انتقادات لاذعة لسياسات قادة «القارة العجوز».

أنطوان الحاج

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».