«المحكمة الدولية» تدين عضوين إضافيين من «حزب الله» باغتيال الحريري

سعد الحريري يدعو السلطات اللبنانية لتوقيف المدانين ويتهم الحزب بحمايتهم

مقر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (أ.ف.ب)
TT

«المحكمة الدولية» تدين عضوين إضافيين من «حزب الله» باغتيال الحريري

مقر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (أ.ف.ب)
مقر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (أ.ف.ب)

أدانت غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة قتلة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، عضوين جديدين في «حزب الله» هما حسين عنيسي وحسن مرعي، بعدما كانت برأتهما في قرار سابق، ليرتفع عدد المدانين من الحزب باغتيال الرئيس الحريري إلى ثلاثة بعد إدانة سابقة لسليم عياش، في وقت دعا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري السلطات اللبنانية «للعمل على توقيف المدانين وتسليمهم للمحكمة لتنفيذ العقوبات المقررة»، وحمّل «حزب الله» «مسؤولية التغطية على الجريمة وحماية المجرمين».
وأعلنت غرفة الاستئناف في المحكمة، أمس، فسخ الحكم القاضي بتبرئة العضوين من «حزب الله» حسن مرعي وحسين عنيسي في جريمة اغتيال الحريري، وأصدرت مذكرتي توقيف بحقهما. كما قررت الغرفة وفق ما أعلنت رئيستها القاضية إيفانا هردليشكوفا «بالإجماع فسخ حكم تبرئة مرعي وعنيسي». وقالت «نعلن بالإجماع أنهما (مذنبان)».
ونظرت غرفة الاستئناف التي تضم القاضية هردليشكوفا (رئيسة) والقضاة رالف الرياشي ودايفيد باراغوانث وعفيف شمس الدين ودانيال دايفيد نتاندا نسيريكو، في أسباب الاستئناف الثمانية التي قدَّمها الادعاء واستنتجت، أن غرفة الدرجة الأولى ارتكبت أخطاء في القانون تبطل الحكم وأخطاء في الوقائع حالت دون إحقاق العدالة، حسب بيان عن المحكمة.
وقالت في البيان، إنه «بعد تحليل ما للاستنتاجات المذكورة من تأثير في المسؤولية الجنائية الفردية للسيدين مرعي وعنيسي، فسخت غرفة الاستئناف بالإجماع حكم تبرئة مرعي وعنيسي، وأعلنت أن كلاً منهما مذنب على نحو لا يشوبه أي شك معقول فيما يتعلق بالجرائم» المنسوبة إليهما.
وتتمثل الاتهامات في «مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي»، و«التدخل في جريمة ارتكاب عمل إرهابي»، و«التدخل في جريمة القتل عمداً»، و«التدخل في جريمة محاولة القتل عمداً».
وجاء القرار، أمس (الخميس)، بعدما كانت المحكمة الدولية قد أدانت في أغسطس (آب) 2020 عضواً آخر من «حزب الله» هو سليم عياش بتهمة القتل عمداً، وحكمت عليه غيابياً في ديسمبر (كانون الأول) من العام ذاته بالسجن مدى الحياة.
واعتبر القضاة في حكمهم حينها، أن عيّاش «مذنب على نحو لا يشوبه أي شكّ معقول» بالتهم الخمس التي وجّهت إليه وهي «تدبير مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي وارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجرة وقتل الحريري عمداً باستعمال مواد متفجرة وقتل 21 شخصاً آخر عمداً باستعمال مواد متفجرة ومحاولة قتل 226 شخصاً عمداً باستعمال مواد متفجرة» في إشارة إلى عملية اغتيال الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005، حيث قُتل عندما فجّر انتحاري شاحنة مليئة بالمتفجرات أثناء مرور موكبه المصفّح. وخلّف الهجوم 22 قتيلاً و226 جريحاً.
إلا أن المحكمة التي تأسست بموجب قرار عن مجلس الأمن ومقرها لايدسندام قرب لاهاي، لم تجد حينها أدلة كافية لإدانة ثلاثة متهمين آخرين من «حزب الله» المدعوم من طهران، وهم أسد صبرا وعنيسي ومرعي. واستأنف الادعاء لاحقاً حكمي البراءة بحق الأخيرين
وأصدرت غرفة الاستئناف أمس حكمها في غياب مرعي وعنيسي. ووفقاً للمادة 109، الفقرة (هاء) من قواعد الإجراءات والإثبات للمحكمة الخاصة بلبنان، يحق للمتهم الذي يمثل أمام المحكمة بعد أن تكون غرفة الاستئناف قد أدانته غيابياً أن يقوم بـ«القبول خطياً بالحكم بالإدانة أو بالعقوبة»، و«الطلب بأن يصار إلى محاكمته مجدداً»، و«القبول خطياً بالحكم بالإدانة والطلب بعقد جلسة جديدة لجهة العقوبة»، أو «القبول بحكم البراءة الصادر عن غرفة الدرجة الأولى والطلب بعقد جلسة جديدة في الاستئناف». وأرفق القاضي باراغوانث والقاضي شمس الدين بالحكم رأيين منفصلين ومخالفين جزئياً وافقا فيهما على النتيجة.
وتبعاً لإدانة مرعي وعنيسي، أصدرت غرفة الاستئناف أيضاً مذكرات توقيف في حقهما. وستبدأ غرفة الاستئناف الآن إجراءات تحديد عقوبة السيدين مرعي وعنيسي، حسب ما قالت المحكمة في بيانها. وصدر قرار حدد فيه موعد إيداع المذكرات المتعلقة بالعقوبة، وفقاً لإجراءات تحديد العقوبة المنصوص عليها في المادة 171 من القواعد. وبعد إيداع الأفرقاء مذكراتهم، سوف تعلن غرفة الاستئناف العقوبة في جلسة علنية وتصدر حكم تحديد العقوبة. وستختتم بذلك إجراءات القضية.
ورفض «حزب الله» مراراً تسليم المتهمين أو حتى الاعتراف بالمحكمة التي أصدرت مذكرة توقيف دولية بحق عياش بعد إدانته. وفي يناير (كانون الثاني) 2021 تقدّم فريق الدفاع عن عياش بطلب استئناف الحكم الصادر في حقّه، لكن المحكمة ردّت الطلب. وأعلنت أنه لا يمكنه استئناف الحكم ضده ما لم يسلّم نفسه.
ولاقى القرار ترحيباً سياسياً، وجدد رئيس الحكومة السابق سعد رفيق الحريري «ثقته التامة والتزامه الكامل بما يصدر عن المحكمة الخاصة بلبنان». وقال في بيان «إن قرار غرفة الاستئناف بفسخ حكم تبرئة المتهمين حسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي وإدانتهما، يحتّم على الدولة اللبنانية بكل سلطاتها وأجهزتها العسكرية والأمنية، العمل على توقيف المدانين وتسليمهم للمحكمة الخاصة بلبنان لتنفيذ العقوبات المقررة».
وإذ دعا الحريري إلى توقيف المدان في الجريمة نفسها سليم عياش، حمّل «حزب الله» مسؤولية التغطية على الجريمة وحماية المجرمين الذين ينتسبون إليه والتهرب من حكم العدالة الدولية. وقال، إن «التاريخ لن يرحم كل المتورطين والمخططين الذين نفذوا جريمة الاغتيال، وهو سيبقى بالمرصاد لكل جهة أو قيادة تتخلف عن تطبيق العدالة والاقتصاص من القتلة المجرمين».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».