الحوثيون يحتجزون المدنيين في مواقع مستهدفة بالقصف وأنباء عن تسميم ميليشيات التمرد لآبار المياه في عدن

محافظ الضالع ينفي لـ «الشرق الأوسط» مشاركته مع قوات المخلوع والميليشيات لإسقاط محافظته

أطفال يمنيون في الانتظار لملء صفائح الماء من صنبور عمومي وسط نقص حاد في إمدادات المياه إلى المنازل في العاصمة صنعاء (غيتي)
أطفال يمنيون في الانتظار لملء صفائح الماء من صنبور عمومي وسط نقص حاد في إمدادات المياه إلى المنازل في العاصمة صنعاء (غيتي)
TT

الحوثيون يحتجزون المدنيين في مواقع مستهدفة بالقصف وأنباء عن تسميم ميليشيات التمرد لآبار المياه في عدن

أطفال يمنيون في الانتظار لملء صفائح الماء من صنبور عمومي وسط نقص حاد في إمدادات المياه إلى المنازل في العاصمة صنعاء (غيتي)
أطفال يمنيون في الانتظار لملء صفائح الماء من صنبور عمومي وسط نقص حاد في إمدادات المياه إلى المنازل في العاصمة صنعاء (غيتي)

في خطوة أثارت استنكارا واسعا في الجنوب واليمن عموما، أقدمت ميليشيات الحوثي وصالح على تسميم بعض آبار مياه الشرب في مدينة عدن، وحسب مصادر طبية في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، فإن بعض المستشفيات تلقت بعض حالات التسمم التي «قد تكون ناتجة عن تسمم مياه الشرب»، وأشارت المصادر إلى أن «عملية فحص تجري للمياه حسب القدرات المتاحة»، وكان المواطنون في عدن تلقوا تحذيرات من تسمم مياه الشرب، عبر مكبرات الصوت في المساجد بعدن، عند فجر أمس، وأثارت هذه الأنباء حالة من الذعر والهلع في أوساط السكان.
إلى ذلك، تتواصل المواجهات في عدن بين القوات الموالية للشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وأكدت مصادر ميدانية في المقاومة في عدن لـ«الشرق الأوسط»، أن المقاومة تحقق تقدما ميدانيا في إطار المعارك الدائرة منذ بضعة أيام في محيط مطار عدن الدولي، في الوقت الذي زعم الحوثيون أنهم «طهروا» مديرية التواهي في عدن من «العناصر الإرهابية»، وأنهم عثروا على مخازن أسلحة، وأقدمت الميليشيات الحوثية على اعتقال المسافرين وباعة القات المغادرين عدن، وقال عدد من المفرج عنهم لـ«الشرق الوسط»، إن الميليشيات استوقفتهم في الطريق الرئيسي شمال عدن، بينما هم عائدون على متن باصات أجرة، وقال المفرج عنهم، أمس (الاثنين)، إنهم قد جردوا من هواتفهم وبطائقهم الشخصية قبل خضوعهم للتحقيق حول علاقتهم بتنظيم «داعش» وعندما وجدوا ألا صلة لهم بهذا تنظيم متطرف تبدل السؤال إلى علاقتهم بالمقاومة الشعبية، ولفت المتحدثون إلى أن اعتقالهم دام ليوم كامل، وأن هذه الميليشيات أقدمت خلال ساعات المساء على نقلهم إلى المواضع التي تقصف من طيران التحالف ومنها موضع جولة السفينة الذي كان هدفا لغارات الطيران المكثفة التي ظلت تحوم في سماء المدينة طوال ساعات الليل وحتى الإفراج عنهم ظهر أمس الاثنين.
من جهة ثانية، ما زالت غارات طيران التحالف تسمع ليلا ونهارا. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن ضربات الطيران لم تتوقف منذ أربعة أيام متتالية، إذ ضربت، أمس (الاثنين)، عدة مواقع في خور مكسر والمعلا والعريش ودار سعد وغيرها من الأمكنة التي تتحصن بها قوات صالح والحوثي. مصدر طبي في صحة عدن أكد أن، أول من أمس (الأحد)، سجل وفاة ثمانية أشخاص وإصابة 72 شخصا وجميع هؤلاء من المقاومة والمدنيين، بينما لا يعرف عدد القتلى والجرحى من طرف الميليشيات وكتائب الحوثي وصالح.
إلى ذلك، نفى محافظ محافظة الضالع، اللواء علي قاسم طالب، الأنباء التي تحدثت عن مغادرته الضالع المشاركة في التخطيط لشن هجمات على المحافظة مع القوات الموالية للرئيس المخلوع صالح، وقال طالب ل» الشرق الأوسط «انه ومنذ مغادرته مبنى السلطة المحلية للمحافظة قبل شهر وهو ملازم لمنزله في قرية غول صميد شمال غرب مدينة الضالع والتي وصلها عقب مقتل نجله الأكبر محمد الأول من أبريل (نيسان) الماضي برصاص قنّاصة ميليشيات الحوثي.
ونفى المحافظ في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط»، مساء أمس، صحة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من أنه اجتمع، السبت الماضي، بمدينة قعطبة بقيادات عسكرية وأمنية مثل قائد اللواء 33 مدرع العميد عبد الله ضبعان والعقيد سعيد الريمي قائد القوات الخاصة في محافظة الضالع، واستغرب المحافظ طالب من نشر مثل هذه الأنباء المراد منها الإساءة له والتشهير به ودونما احترام لمصداقية الكلمة التي يجب أن تتحلى بها الصحافة، ونوه بأنه بالكاد نفذ بجلده هو ومرافقيه ومن شرك مخطط أريد وضعه فيه، هذا المخطط تم تنفيذه من قبل قوات الجيش والأمن المسؤولة عن حماية وتأمين مجمع المحافظة الذي فوجئ به قبل مغادرته خاليًا من قوات الجيش والقوات الخاصة التي تحرسه منذ سنوات مضت، وإذا بها تاركة إياه لمصيره المجهول، وبعد إخطارها لرجالها ومصادرها الذين أوكلت لهم مهمة أخطار مرتادي السوق وباعتها بكون مبنى المحافظة بات بلا حراسة ويتوجب الاستيلاء عليه ونهبه والعبث بمحتوياته، وفي عملية تواطأ فيها قادة الجيش والأمن التي سحبت أفرادها وقوتها من المجمع دون مقدمات أو أسباب.
وأشار المحافظ بتواصله مع رئاسة هيئة الأركان ووزارة الداخلية بشأن ما حدث إلا أنه فوجئ أن قائد اللواء لم يعر اتصال رئيس هيئة الأركان المعين حديثًا من قبل الميليشيات، اللواء حسين خيران، أي أهمية، بل وزاد أن أغلق هاتفه بوجه المتصلين الذين تجاوبوا مع المحافظ حول ضرورة تأمين مبنى المحافظة من العبث والنهب، وأضاف أنه وعلى أثر هذا الانسحاب المباغت تواصل مع قادة في الحراك كي يقوموا بتأمين المكان وعدم تركه لحالة الفوضى والتخريب، لكنه وقبل إتمام المسألة مع فصائل الحراك كانت الميليشيات الحوثية قد دخلته وبتواطؤ صريح من قيادة الجيش والأمن أيضا ليذهب بعدها إلى منزله في القرية التي وصلها بمشقة ومخاطرة، ومن وقتها وهو في بيته ولا سلطة له أو اتصال بهذه القيادات المتواطئة.
تجدر الإشارة إلى أن الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، لم تتمكن، منذ نحو شهر، من التقدم بضعة أمتار في مدينة الضالع أو تجاوزها للتوجه نحو العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن، حيث تلاقي مقاومة شرسة من أنصار «الحراك الجنوبي» والمقاومة الشعبية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.