«وكالة الطاقة» لزيادة إمدادات النفط... والصين تنتقد الحظر الأميركي

القرارات العالمية المتسارعة تنعكس مباشرة على أسعار النفط (رويترز)
القرارات العالمية المتسارعة تنعكس مباشرة على أسعار النفط (رويترز)
TT

«وكالة الطاقة» لزيادة إمدادات النفط... والصين تنتقد الحظر الأميركي

القرارات العالمية المتسارعة تنعكس مباشرة على أسعار النفط (رويترز)
القرارات العالمية المتسارعة تنعكس مباشرة على أسعار النفط (رويترز)

شهدت أسعار النفط تذبذبا حادا خلال جلسة أمس الأربعاء، إزاء تسارع الأحداث والقرارات التي تؤثر مباشرة على الإمدادات العالمية، وذلك بعد حظر أميركي لواردات النفط الروسي، القرار الذي انتقدته الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وهو ما استدعى تدخل وكالة الطاقة الدولية لتوفير المزيد من الخام في السوق.
وتراجعت أسعار النفط صوب 125 دولارا للبرميل في تعاملات مضطربة، في حين يقيم المستثمرون أثر الحظر الأميركي لواردات النفط الروسية وإعلان روسيا وقف إطلاق نار جديد في أوكرانيا للسماح لمدنيين بالخروج من البلاد.
وقال متعاملون إن وجهة النظر القائلة بأن الحظر الأميركي لواردات النفط الروسية قد لا يعمق نقص المعروض، حدت من ارتفاع الأسعار، وكذلك أنباء عن أن أوكرانيا لم تعد تتطلع لعضوية حلف شمال الأطلسي بعد تردد أنباء عن هذا الأمر خلال الأسبوع الحالي.
ورجح محللون أن يؤدي الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على واردات النفط والغاز الروسية إلى بقاء مزيد من الشحنات عالقة في البحار دون مشترين كما استبعدوا أن يكون لقرار الاتحاد الأوروبي مواصلة الاستيراد أثر يذكر على الفوضى التي حلت بتجارة النفط الروسية.
ونزل خام برنت 4.9 في المائة، إلى 121.81 دولار للبرميل بحلول الساعة 15:54 بتوقيت غرينيتش بعد أن ارتفع في وقت سابق متجاوزا 131 دولارا للبرميل. وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 4.6 في المائة، إلى 117.81 دولار للبرميل.
وتراجعت أسعار النفط بعدما وصف المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول سحب 60 مليون برميل من احتياطيات النفط للتخفيف من اضطراب الإمدادات في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه «استجابة أولية» وقوله إن الوكالة مستعدة لسحب المزيد إذا تطلب الأمر.
وقال بيرول في مؤتمر للطاقة في باريس: «قررت وكالة الطاقة الدولية الأسبوع الماضي... السحب من مخزوناتنا النفطية، ولدينا مخزون كبير... كان هذا ردا أوليا... إذا كانت هناك حاجة فيمكننا جلب المزيد من النفط» للسوق. وأضاف «الأسبوع المقبل، وكما فعلنا بالنسبة للغاز، سنخرج بخطة عمل من عشر نقاط حول كيفية خفض (استهلاك) النفط بسرعة... خاصة في قطاع النقل».
وأضاف الرئيس التنفيذي للوكالة التي تمثل 31 دولة أغلبها دول صناعية وليس من بينها روسيا «في أسواق النفط أصعب الشهور هي شهور الصيف التي يطلق عليها (موسم القيادة) ويرتفع فيها الطلب»، مشيرا إلى شهري يونيو (حزيران) ويوليو (تموز).
وصعدت أسعار النفط منذ بدأت روسيا، ثاني أكبر مصدر للخام في العالم، ما سمته «عملية خاصة» في أوكرانيا وسجل خام برنت 139 دولارا للبرميل يوم الاثنين.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان للصحافة في بكين الأربعاء بأن «التلويح بالعصا الغليظة للعقوبات لن يحقق لنا السلام ولا الأمن... لن تتسبب (العقوبات) سوى في صعوبات شديدة للاقتصاد وسبل العيش في الدول المعنية». كما قال: «الكل سوف يخسر في هذا السيناريو. ولن تؤدي العقوبات سوى إلى زيادة الانقسام والمواجهة».
وأعلنت روسيا أمس، وقفا جديدا لإطلاق النار في أوكرانيا للسماح للمدنيين بالخروج من المدن المحاصرة بعد أيام من الوعود التي لم تتحقق مما ترك آلاف الأوكرانيين عالقين دون قدرة على الوصول للدواء أو الماء النقي.
وقالت بريطانيا إنها ستخفض تدريجيا وارداتها من النفط الروسي وقالت شركة شل يوم الثلاثاء إنها ستتوقف عن شراء الخام الروسي، وقدر جيه بي مورجان أن حوالي 70 في المائة من النفط الروسي المنقول بحرا يواجه صعوبة في إيجاد مشترين.
وتعد إيران مصدرا محتملا لزيادة إمدادات النفط. وتجري طهران محادثات مع الغرب منذ شهور من أجل إحياء الاتفاق النووي الذي رفع العقوبات عن إيران في مقابل تقليص أنشطتها النووية. وعاد كبير المفاوضين الإيرانيين في محادثات فيينا إلى العاصمة النمساوية أمس الأربعاء.


مقالات ذات صلة

أسعار النفط تهبط 4 % بعد تجنب إسرائيل استهداف منشآت الطاقة الإيرانية

الاقتصاد خزانات تخزين النفط الخام والبنزين والديزل ومنتجات البترول المكررة الأخرى بمحطة كيندر مورغان في لوس أنجليس (رويترز)

أسعار النفط تهبط 4 % بعد تجنب إسرائيل استهداف منشآت الطاقة الإيرانية

انخفضت أسعار النفط بأكثر من 4 في المائة، خلال التعاملات الآسيوية المبكرة الاثنين، بعدما تجنبت إسرائيل، السبت، توجيه ضربات لمواقع الطاقة الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد موظف يعدّ أوراق الدولار الأميركي ببنك في هانوي بفيتنام (رويترز)

الدولار يتجه نحو مكاسب أسبوعية رابعة

اتجه الدولار نحو تحقيق رابع مكسب أسبوعي، يوم الجمعة، بينما تراجع الين إلى أدنى مستوياته في 3 أشهر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا تعقد مؤتمراً صحافياً خلال اجتماعات الخريف بواشنطن (رويترز)

مديرة صندوق النقد الدولي تحذر من تباطؤ النمو وازدياد الديون

حذرت مديرة صندوق النقد الدولي، يوم الخميس، من أن الاقتصاد العالمي الذي يعاني الصراعات والتنافسات الجيوسياسية المتزايدة مهدد بالوقوع في مأزق النمو البطيء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بوتين يعرض الورقة النقدية الرمزية التي تحاكي عملة المجموعة (نوفوستي)

عملة موحّدة لـ«بريكس»... هل هي قابلة للتطبيق؟

رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورقة نقدية رمزية تحاكي عملة «بريكس» خلال قمة المجموعة؛ فهل هذه العملة المشتركة قابلة للحياة؟.

«الشرق الأوسط» (قازان - واشنطن)
خاص الوكيل الإماراتي المكلّف بوزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:45

خاص وكيل وزارة الصناعة الإماراتي: الدعمان التشريعي والمالي مهمان لتعزيز الشركات

شدّد الوكيل الإماراتي المكلّف في وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، عمر السويدي، على ضرورة تحديث وتطوير السياسات الصناعية بشكل مستمر لتعزيز تنافسية الشركات.

آيات نور (الرياض)

من السعودية... العالم يستكشف الفرص الاقتصادية في القارة السمراء

إحدى الجلسات الحوارية في القمة التي شارك فيها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح (الشرق الأوسط)
إحدى الجلسات الحوارية في القمة التي شارك فيها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح (الشرق الأوسط)
TT

من السعودية... العالم يستكشف الفرص الاقتصادية في القارة السمراء

إحدى الجلسات الحوارية في القمة التي شارك فيها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح (الشرق الأوسط)
إحدى الجلسات الحوارية في القمة التي شارك فيها وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح (الشرق الأوسط)

منحت قمة «أفريقيا الجديدة» ضمن المؤتمر السنوي لـ«مبادرة مستقبل الاستثمار»، بنسخته الثامنة في الرياض، المجال أمام عدد من صنّاع القرار والوزراء والمسؤولين من جميع أنحاء العالم؛ لاستكشاف الفرص الاقتصادية الهائلة في القارة السمراء، والدفع بالمستثمرين ورؤوس الأموال إلى بناء تحالفات وشراكات تتجاوز الحدود وتدعم نمو البلدان في أفريقيا.

قمة «أفريقيا الجديدة» التي كانت بمثابة مقدمة للقمة التي تنطلق رسمياً أعمالها يوم الثلاثاء، شكّلت منبراً لاستكشاف الفرص الفريدة في مختلف أنحاء القارة الأفريقية التي تُعد مصدراً غنياً لاحتياطيات العالم من المعادن، والغاز، والنفط، والأراضي الصالحة للزراعة، وتحتفظ بنسبة كبيرة من الموارد الطبيعية في العالم، سواءً من مصادر الطاقة المتجددة أو غير المتجددة.

وأفريقيا هي موطن لجميع المعادن الثمينة تقريباً، وتضم نحو 30 في المائة من احتياطيات المعادن في العالم. وتنتج جنوب أفريقيا ونيجيريا والجزائر وأنغولا وليبيا أكثر من ثلثي ثروة أفريقيا المعدنية، وذلك بسبب احتياطياتها النفطية الكبيرة، باستثناء جنوب أفريقيا التي لديها وفرة من الذهب والمواد الثمينة الأخرى.

وتدرك حكومة المملكة أهمية القارة السمراء، حيث عقدت قمة سعودية - أفريقية، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023؛ لتؤسس تعاوناً استراتيجياً بين الجانبين في مختلف المجالات، بما يعزّز المصالح المشتركة ويحقق التنمية والاستقرار.

وكانت المملكة خصّصت أكثر من مليار دولار للقارة السمراء ضمن «مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية»، فضلاً عن تخطيط «الصندوق السعودي للتنمية» لضخ 5 مليارات دولار لتنفيذ مشروعات تنموية في البلدان الأفريقية على مدى السنوات العشر المقبلة. في حين ضخت شركة «أكوا باور» أكثر من 7 مليارات دولار لإنشاء محطات طاقة متجددة في عدة دول أفريقية. وقالت في بيان يوم الأحد، إنها تتوقع أن تبلغ محطة «ريدستون» للطاقة الشمسية المركزة في جنوب أفريقيا سعتها الإنتاجية القصوى البالغة 100 ميغاواط خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرة إلى أن محطة «كوم أمبو» للطاقة الشمسية في مصر بلغت طاقتها الكاملة البالغة 200 ميغاواط.

الجدعان

ومع انطلاق قمة «أفريقيا الجديدة» توقع وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، أن تبلغ استثمارات القطاع الخاص السعودي في قارة أفريقيا 25 مليار دولار، خلال السنوات العشر المقبلة.

وزير المالية السعودية متحدثاً للحضور خلال قمة «أفريقيا الجديدة» بالرياض (الشرق الأوسط)

وقال إنه يتم العمل حالياً على تنفيذ ما قيمته 5 مليارات دولار من هذه الاستثمارات، مؤكداً دور أفريقيا الأساسي في مواجهة التحديات العالمية، وأن شراكة المملكة معها تنمو بشكل متسارع.

وأشار الجدعان إلى بعض المبادرات الرئيسية التي بدأت المملكة تنفيذها، مثل تخصيص أكثر من مليار دولار لـ«مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية» في أفريقيا، وتخصيص 5 مليارات دولار من «الصندوق السعودي للتنمية» لتنفيذ مشروعات تنموية خلال السنوات العشر المقبلة، وقد بدأ تنفيذ ذلك، وتخصيص 10 مليارات دولار من بنك التصدير والاستيراد السعودي لتقديم منتجات تمويلية على مدى السنوات العشر المقبلة.

الفالح

وفي جلسة حوارية، أوضح وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن المملكة ستعمل مع أفريقيا لخلق فرص جيدة مع المستثمرين، مبيناً أن بلاده لديها استثمارات ومساعدات تنموية بالمليارات في القارة الأفريقية، وقد تمت زيادتها إلى 45 مليار دولار تقريباً لتصل إلى غالبية الدول فيها.

ونوه الفالح بضرورة العمل المشترك لتطوير الاقتصاد والاستثمار من الشركات المختلفة في المملكة، لأنها فعّالة وطموحة وتعمل بشكل جيد وستنتج المطلوب.

ولفت إلى أن ثلث الموارد المعدنية في العالم يوجد في أفريقيا، وغالبية هذه الموارد لم تُستثمر أو تُستخرج بعد، والاقتصاد العالمي يبدأ عهداً تكون فيه المعادن هي الوقود الجديد للمرحلة المقبلة من التطور الاقتصادي، مضيفاً: «إننا بحاجة إلى الجمع بين المساعدات الإنمائية والاستثمارات. نحن لا نريد مساعدة أفريقيا، بل نريد العمل معها لخلق فرص للمستثمرين».

وأكد الفالح أن القارة الأفريقية لا بد أن تساعد نفسها، وتحتاج إلى الشفافية في السياسات، والمملكة ستقدّم تقنية جديدة تساعد على التحول في أفريقيا، مشيراً إلى أن القارة تُعد مصدراً رئيسياً لتصدير الطعام والغذاء إلى جميع أنحاء العالم إذا تمت الاستفادة من الإمكانات لديها.

وتابع وزير الاستثمار: «يمكن لأفريقيا أن تكون سلة الخبز والغذاء لبقية العالم، وكذلك لنا في دول مجلس التعاون الخليجي، بما لدى القارة من إمكانات كبيرة في هذا المجال».

وأبان الفالح أن المملكة تُعد متمكنة ورائدة في مجال التقنية، وعلى سبيل المثال في المجال الطبي حيث «لدينا مستشفيات افتراضية للعلاج عن بُعد، وهناك الكثير من التحديات لخلق المدن الذكية ووضع التقنيات في هذه المدن».

الرئيس السنغالي

وناقش الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي، خطط بلاده في مجال الطاقة وعملها على جذب الاستثمارات. وقال إن «السنغال تقوم بجهود كبيرة لفتح قطاعات جديدة وخلق آلية صحيحة لجذب الاستثمارات وإنشاء نظام صحي للاستثمار».

الرئيس السنغالي يحاوره الرئيس التنفيذي لمؤسسة «مبادرة مستقبل الاستثمار» ريتشارد أتياس (الشرق الأوسط)

وأوضح أن السنغال تستثمر لتصبح مركزاً للطاقة؛ «حيث نهدف إلى خفض تكلفة تشغيل الدولة بنسبة 70 في المائة، ونحن نستكشف وسائل أكثر نظافة لاستخدام الطاقة».

وتقول وكالة الطاقة الدولية إن الاستثمار في الطاقة لدى أفريقيا يحتاج إلى تجاوز 240 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030؛ لتلبية الطلب وأهداف المناخ.

القطاع الخاص

من جهة أخرى، شهدت الجلسات الحوارية نقاشات ثرية أكدت ضرورة الاستقرار السياسي والإصلاحات، بوصفهما أمرين حاسمين لنمو أفريقيا، إلى جانب أهمية اقتناص وسائل أكثر نظافة لاستخدام الطاقة.

وشدد رئيس البنك العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا الدكتور سيدي ولد التاه، على ضرورة تحديد أنواع المخاطر والأطراف المسؤولة عنها؛ حتى تكون هناك مشروعات ناجحة خاصة للقطاع الخاص، وتحديد المخاطر هو الأمر الرئيسي لإيجاد الحلول والتفاوض حولها.

وأردف: «في البداية كان البنك يهتم بالقطاع الخاص فقط، وبعدها أصبح يهتم بمشروعاته أيضاً، ولدينا مفهوم بأن المخاطر في أفريقيا هي غير واقعية والخطورة قليلة جداً، ولكي تكون لدينا أعمال ناجحة فلا بد أن تكون لدينا مشروعات مدعومة من البنوك ونطاق عمل قانوني وتشريعات وسياسات واضحة لجميع الأطراف».

بدورها، تطرّقت المستشارة الاقتصادية لرئيس مصر الدكتورة هالة السعيد، إلى الإجراءات والقوانين التي يجب تطبيقها في المجالات المختلفة وفي المشروعات التي يجري تمويلها، وأهمية التأكد من وجود قروض مناسبة للمشروعات على سنوات عدة.