واشنطن لن تلبي أي مطالب روسية تتعلق بالاتفاق النووي الإيراني

مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند (أ.ف.ب)
مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند (أ.ف.ب)
TT

واشنطن لن تلبي أي مطالب روسية تتعلق بالاتفاق النووي الإيراني

مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند (أ.ف.ب)
مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند (أ.ف.ب)

أكدت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند، في جلسة استماع في الكونغرس، أمس (الثلاثاء)، أن الولايات المتحدة لم تقدم أي ضمانات مكتوبة لروسيا بشأن تعاون موسكو مع إيران على الرغم من العقوبات، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويبدو أن أطراف مفاوضات فيينا لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني باتوا على وشك التوصل إلى تفاهم، ومع تزايد التصريحات المتفائلة، طلبت روسيا، التي فُرضت عليها عقوبات بعد غزوها لأوكرانيا، ضمانات أميركية بألا تؤثر هذه الإجراءات على تعاونها مع إيران.
وقالت روسيا، الاثنين، إن جميع القوى العالمية يجب أن تتمتع «بحقوق متساوية» إذا تم إحياء الاتفاق النووي المعروف رسمياً باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة».
ورداً على سؤال خلال جلسة استماع في الكونغرس في واشنطن، أمس (الثلاثاء)، عمّا إذا كانت الولايات المتحدة قدمت مثل هذه الضمانات الخطّية لروسيا، قالت المسؤولة الثالثة في الخارجية الأميركية: «لا».
وأضافت: «لا نُجري مفاوضات مع روسيا بشأن إيران»، موضحةً أن موسكو «تحاول رفع سقف مطالبها بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة».
وأضافت نولاند أنه «ربما كان البعض في روسيا يسعون إلى الحصول على مكاسب إضافية لتعاونهم ومشاركتهم في المساعي إلى إعادة إيران إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لكنهم لن ينجحوا في تحقيق ذلك».
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد رأى (الأحد) أن الطلبات الروسية تقع «خارج سياق» هذه المسألة، مؤكداً أن «العقوبات التي تم تبنيها ضد روسيا لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني».
ورأت نولاند أن العلاقات التجارية الروسية مع إيران «محدودة نسبياً»، ومشاركة موسكو في هذا الاتفاق المهم مرتبطة بشكل أساسي بـ«مصالح الأمن القومي» الروسي.
كذلك، أكدت أن مفاوضات فيينا باتت على «وشك إبرام» تسوية، ورفضت دعوات من معارضي اتفاق 2015 إلى تعليق المحادثات بسبب الحرب في أوكرانيا. وقالت إن «آخر أمر نحتاج إليه الآن إلى جانب حرب بوتين الدموية، هو إيران مسلحة نووياً».

وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قد ذكرت، أمس، أن باريس «قلقة» مما تمثله أي مهل إضافية من مخاطر على إمكانية إبرام الاتفاق النووي الإيراني الذي بات «قريباً جداً»، في إشارة إلى المطالب الروسية الجديدة.
وقالت الخارجية الفرنسية في بيان: «نحن قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق» لكننا «قلقون حيال المخاطر التي تمثلها مهل إضافية على إمكانية إبرام اتفاق».
وكانت إيران قد أبرمت الاتفاق في 2015 مع الولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا. وسمح النص برفع بعض العقوبات الاقتصادية عن طهران في مقابل فرض قيود صارمة على برنامجها النووي.
لكنّ الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق في 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وأعادت فرض إجراءات عقابية تخنق الاقتصاد الإيراني، ورداً على ذلك تراجعت إيران تدريجياً عن عدد من التزاماتها بموجب الاتفاق. وتنفي طهران أن تكون تسعى لامتلاك سلاح ذري.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أن كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري «سيتوجه إلى فيينا، صباح اليوم (الأربعاء)، من أجل مواصلة المحادثات».



إيران تترقب سياسة ترمب بشأن برنامجها النووي

رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً حول عمل أجهزة الطرد المركزي (الذرية الإيرانية)
رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً حول عمل أجهزة الطرد المركزي (الذرية الإيرانية)
TT

إيران تترقب سياسة ترمب بشأن برنامجها النووي

رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً حول عمل أجهزة الطرد المركزي (الذرية الإيرانية)
رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي يقدم شرحاً حول عمل أجهزة الطرد المركزي (الذرية الإيرانية)

إحدى القضايا المعقدة في السياسة الخارجية التي سيرثها دونالد ترمب عندما يتولى منصبه في البيت الأبيض هي إيران التي تقف على أعتاب أن تصبح قوة نووية، مع استمرار برنامجها الصاروخي الباليستي القوي في التقدم، وهي تعد الولايات المتحدة العقبة الرئيسية أمام سيطرتها على الشرق الأوسط. فكيف سيرد ترمب؟

وقال «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركية، وهو مؤسسة بحثية مستقلة، إن الإجابة عن هذا السؤال قد تبدو سهلة؛ لأن ترمب كان متسقاً في خططه إبان سنوات حكمه الأولى، وهو الآن يُتوقع أن يعود إلى سياسته السابقة القائمة على مبدأ فرض «أقصى درجات الضغط» على إيران.

وكانت تلك السياسة تهدف إلى تشديد الخناق الاقتصادي على إيران من خلال توسيع العقوبات الأميركية المفروضة عليها، وتشديد تطبيق العقوبات القائمة. فالهدف لم يكن تغيير النظام، بل إجبار طهران على الحد من برامجها النووية والباليستية وكبح دعمها للميليشيات الإقليمية التي تشكل ما يسمى بـ«محور المقاومة».

ورغم أن سياسة أقصى الضغط قد نجحت في تقليص الاقتصاد الإيراني، فإنها فشلت في إجبار طهران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. فحتى مع تعثر اقتصادها وتراجع احتياطاتها الأجنبية، استمرت طهران في برامجها النووية والباليستية، ووسّعت دعمها لحلفائها الإقليميين، بل شنّت هجوماً صاروخياً على قاعدة أميركية في العراق عام 2020.

وقال المجلس: «إن السؤال الآن هو: هل ستنجح سياسة أقصى الضغط في السياق الجيوسياسي المختلف اليوم؟». وأوضح أن الأدلة على هذا الصعيد مختلطة، فحروب إسرائيل ضد «حماس» و«حزب الله»، وسقوط نظام الأسد في سوريا، أضعفت موقف إيران في المنطقة. كما أن حلفاءها أقل عدداً وأضعف مما كانوا عليه قبل ستة أشهر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الضربات الجوية الانتقامية التي نفذتها إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) دمرت جزءاً كبيراً من الدفاعات الجوية الإيرانية، مما جعلها أكثر عرضة للهجمات العسكرية.

البرنامج النووي

المفاعل النووي الإيراني في بوشهر جنوب العاصمة طهران (أرشيفية - أ.ب)

هذا الضعف، إلى جانب المشكلات الاقتصادية والاضطرابات الداخلية في إيران، قد يكون السبب وراء تصريح وزير الخارجية الإيراني بأن إيران تتطلع لاستئناف المحادثات النووية. ومع ذلك، فإن استراتيجية أقصى الضغط تحتاج إلى وقت لتحقيق النتائج، وهو ما قد يكون محدوداً فيما يخص البرنامج النووي الإيراني.

والمعروف أن إيران كثّفت جهودها لتخصيب اليورانيوم بعد أن ألغى ترمب الاتفاق النووي لعام 2015 الذي تفاوضت عليه إدارة الرئيس الأميركي الأسبق أوباما. ووفقاً لمعظم التقديرات، يمكن لإيران الآن بناء عدد قليل من الأسلحة النووية في غضون أسابيع من اتخاذها قرار عبور العتبة النووية.

وأشار «مجلس العلاقات الخارجية» إلى أن القوى الكبرى الأخرى ستضعف أيضاً سياسة أقصى الضغط. فالصين وروسيا تجاوزتا أو تجاهلتا العقوبات الأميركية متعددة الأطراف المفروضة على إيران. ومن غير المرجح أن تمتثل إيران لها الآن ما لم تحصل على شيء كبير من الولايات المتحدة في المقابل.

كما أن ترمب قد يكون غير راغب أو غير قادر على تقديم ذلك الحافز. فإذا اعتقدت طهران أن بكين وموسكو تدعمانها، فستكون المقاومة استراتيجية أكثر من كونها قابلة للتطبيق. ويمكن أن تستخدم طهران المفاوضات وسيلة لشراء الوقت لمعالجة نقاط ضعفها.

مفاوضات بنوايا حسنة

خامنئي خلال لقائه قدامى المحاربين (إ.ب.أ)

حتى لو دخلت إيران في مفاوضات بنوايا حسنة، فقد تتعثر جهود ترمب بسبب الخلافات حول ماهية الصفقة المناسبة. فالتنوع الآيديولوجي داخل فريقه، المكون من متشددين وأنصار سياسة «أميركا أولاً»، يجعل من المحتمل أن يتجادلوا حول ما يجب أن تتنازل عنه طهران ليكون الاتفاق مجدياً. هذا الانقسام الداخلي قد يقوّض الجهود للوصول إلى اتفاق.

كل هذا يثير التساؤل حول ما سيحدث إذا لم تبدأ المحادثات أو، وربما الأكثر احتمالًا، إذا لم تحقق المحادثات أي نتائج. من المحتمل أن تتصاعد الدعوات للولايات المتحدة لضرب المواقع النووية الإيرانية إذا لم تسفر حملة أقصى الضغط عن نتائج سريعة. كما أن ترمب سيواجه دعوات لتشجيع إسرائيل على مهاجمة إيران، على الرغم من أن إسرائيل تفتقر إلى القدرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض.

من جانبها، ستقيّم طهران استعداد ترمب لاستخدام القوة العسكرية، بالإضافة إلى قدرات إسرائيل العسكرية، عند التفكير في المفاوضات. ويعرف القادة الإيرانيون أن ترمب أمر باغتيال قاسم سليماني في عام 2020، وتحدث أثناء حملته الانتخابية عن «إبادة» إيران، وقال إن على إسرائيل ضرب المواقع النووية الإيرانية. لكنهم يعلمون أيضاً أنه خاض حملته ضد «حروب أميركا الأبدية» في الشرق الأوسط بينما تفاخر، بشكل غير صحيح، بأنه «الرئيس الوحيد خلال 72 عاماً الذي لم يخض حروباً».

ويرى «مجلس العلاقات الخارجية» أن اللجوء إلى القوة العسكرية، سواء من خلال عمل أميركي مباشر أو عن طريق تشجيع إسرائيل على الهجوم، سيكون مقامرة كبيرة. قد تنجح أكثر مما يتوقع المخططون، وتفتح فصلاً جديداً أكثر سلماً في الشرق الأوسط. أو، مثل غزو العراق، قد تفتح المقامرة باباً من المشكلات التي ستطارد المنطقة والولايات المتحدة لسنوات. ولكن السماح لإيران بمواصلة برامجها النووية والباليستية بينما تعيد بناء «محور المقاومة» له تكاليفه الخاصة أيضاً. لذا، يأمل البعض أن تنجح العودة إلى استراتيجية أقصى الضغط.