الاستخبارات الأميركية: بوتين أخطأ في تقديراته وأوكرانيا «حرب لا يتحمل خسارتها»

قدّرت مقتل ما بين ألفين إلى 4 آلاف جندي روسي

مديرة الاستخبارات الأميركية افريل هاينز (وسط) وصفت الغزو الروسي لأوكرانيا بـ«الصدمة للنظام الجيوسياسي» (رويترز)
مديرة الاستخبارات الأميركية افريل هاينز (وسط) وصفت الغزو الروسي لأوكرانيا بـ«الصدمة للنظام الجيوسياسي» (رويترز)
TT

الاستخبارات الأميركية: بوتين أخطأ في تقديراته وأوكرانيا «حرب لا يتحمل خسارتها»

مديرة الاستخبارات الأميركية افريل هاينز (وسط) وصفت الغزو الروسي لأوكرانيا بـ«الصدمة للنظام الجيوسياسي» (رويترز)
مديرة الاستخبارات الأميركية افريل هاينز (وسط) وصفت الغزو الروسي لأوكرانيا بـ«الصدمة للنظام الجيوسياسي» (رويترز)

في خضم الأزمة مع روسيا، وتداعياتها على التوازن الدولي، أصدرت وكالات الاستخبارات الأميركية تقريرها السنوي حول التهديدات العالمية. شمل عرضاً مفصلاً لنوايا كل من روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية وتوجهاتهم السياسية والعسكرية. وبحسب التقرير الذي استعرضته لجنة الاستخبارات في مجلس النواب يوم الثلاثاء، بحضور مسؤولي الاستخبارات الأميركية، فقد أظهرت بكين وموسكو وطهران وبيونغ يانغ قدراتها ونواياها على تقديم مصالحها على حساب الولايات المتحدة وحلفائها. مديرة الاستخبارات الوطنية افريل هاينز وصفت الغزو الروسي لأوكرانيا بـ«الصدمة للنظام الجيوسياسي». وأشارت إلى أن روسيا لم تتوقع حجم المقاومة الأوكرانية في ظل التحديات اللوجيستية لموسكو وتراجع في معنويات جيشها. وأضافت مديرة الاستخبارات أن حجم العقوبات فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، «لكن هذا لن يمنعه من التصعيد لأن هذه حرب لا يتحمل خسارتها». من جهته، قال مدير الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ويليام بيرنز، إن بوتين أخطأ في تقديراته التي اعتمد عليها لغزو أوكرانيا، مشيراً إلى أنه وبعد أسبوعين من الغزو لم تتمكن روسيا من السيطرة على كييف. وقال بيرنز إن بوتين غاضب حالياً «والأرجح أن يصعد من تحركاته، لكنه لا يملك خطة سياسية طويلة الأمد» للسيطرة على أوكرانيا بوجه المعارضة الأوكرانية الشرسة. إلى ذلك، قدر مدير الاستخبارات الدفاعية الجنرال سكوت بيرير عدد الجنود الروس الذين قتلوا في أوكرانيا ما بين ألفين و4 آلاف جندي.

التهديد الروسي
وقد سلّط التقرير الضوء على التهديد الروسي المزداد في ظل غزو أوكرانيا المستمر، فأشار إلى أن «روسيا تتحدى واشنطن محلياً ودولياً عبر وسائل عدة بما فيها استعمال القوة»، وذكر أنه «في أوكرانيا مثلاً يمكننا أن نرى استعداد روسيا المزداد لاستعمال التهديدات العسكرية وفرض إرادتها على جيرانها». وعرض التقرير الاستخباراتي تقييمه لتوجهات الكرملين، فقيّم أن موسكو سوف «تستمر في السعي وراء مصالحها بطرق تنافسية واستفزازية، بما فيها الضغط للسيطرة على أوكرانيا ودول أخرى قريبة منها»، لكنها سوف تسعى في الوقت نفسه لاستعراض طرق لتحقيق علاقة مستقرة مع واشنطن.
وقال المسؤولون الاستخباراتيون في الجلسة التي عرفت بـ«أوسكار الاستخبارات»، إن روسيا لا تريد مواجهة مباشرة مع القوات الأميركية، بل إنها تسعى إلى تسوية مع الولايات المتحدة تشمل عدم تدخل الطرفين في شؤون البلاد الداخلية واعترافاً أميركياً بنفوذ روسيا على غالبية بلدان الاتحاد السوفياتي السابق. وعرض التقرير تقييم المسؤولين الروس القاضي بأن الولايات المتحدة «تحاول تهديد نفوذ روسيا، وإضعاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووضع أنظمة مقربة من الغرب في دول الاتحاد السوفياتي السابق وغيرها، ما يرونه حجة للرد الروسي».
وتطرق المسؤولون الاستخباراتيون وعلى رأسهم مديرة الاستخبارات الوطنية افريل هاينز إلى نفوذ روسيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقالوا إن «موسكو تستغل تورطها في سوريا وليبيا والسودان لتعزيز نفوذها على حساب القيادة الأميركية، بهدف تقديم نفسها على أنها وسيط لا غنى عنه والحصول على حقوق عسكرية وفرص اقتصادية».
كما تحدث التقرير عن توسيع روسيا لرقعة نفوذها في فنزويلا وكوبا ولجوئها إلى مبيعات الأسلحة واتفاقات الطاقة لمحاولة توسيع وصولها إلى الأصوات والمواد الطبيعية في أميركا اللاتينية، في محاولة منها لتجنب العقوبات.
وأشار التقرير إلى أن الاستخبارات الأميركية تتوقع أن «تستمر روسيا باستعمال الطاقة كأداة للسياسة الخارجية لإرغام الدول الأخرى على التعاون معها والجلوس على طاولة المفاوضات»، كما جرى في عام 2021 حين قطعت موسكو إمدادات الكهرباء والفحم عن أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن روسيا تستغل قدراتها على تطوير لقاح «كوفيد - 19» وبناء مفاعل نووي مدني كأدوات في سياستها الخارجية.

مقدرات موسكو العسكرية
وتقيّم الاستخبارات الأميركية أن روسيا سوف تسعى إلى تحسين مقدراتها العسكرية عبر تطوير أسلحة جديدة تشكل تهديداً متصاعداً على الولايات المتحدة واللاعبين المحليين، كما أنها ستستمر في تدخلاتها العسكرية في الخارج، وتقوم بتدريبات عسكرية معتمدة على دروس تعلمتها من الصراعات في سوريا وأوكرانيا. ويقول التقييم إن موسكو تعتمد على مجموعة فاغنر وشركات أمنية خاصة أخرى يديرها الأوليغارك الروس المقربون من الكرملين لتوسيع نطاق نفوذ روسيا العسكري في مناطق كسوريا وأفريقيا الوسطى ومالي، «ما يسمح لموسكو بالتنصل من تدخلها في هذه المناطق وتجنب وقوع ضحايا من صفوف جنودها في ساحة المعركة».
وحذر المسؤولون الاستخباراتيون من الهجمات السيبرانية المحتملة لروسيا على البنى التحتية الأميركية واستخدامها لأغراض «التجسس والاعتداء». وأشاروا إلى أن موسكو ستسعى مجدداً إلى التدخل في الانتخابات الأميركية: «موسكو ترى الانتخابات الأميركية فرصاً لبسط نفوذها الخبيث كجزء من استراتيجيتها في السياسة الخارجية… ونحن نقيم أنها سوف تسعى على الأرجح لتقوية روابطها بأميركيين في مجالي الإعلام والسياسة على أمل تطوير عملياتها المستقبلية لبسط نفوذها».

الصين
يصف التقرير الصين بالمنافس «الند» للولايات المتحدة، فيشير إلى أن بكين تتحدى واشنطن في مجالات عدة، خصوصاً اقتصادياً وعسكرياً وتقنياً، وهي تسعى لتغيير المعايير الدولية وتهديد جيرانها. وبحسب تقييم المجتمع الاستخباراتي، فإن «الصين ستضغط على تايوان للانضمام إليها وسوف ترد على ما تعده تعاوناً أميركياً تايوانياً متصاعداً». وتوقع التقرير أن هذه الحساسية سوف تزداد في وقت تسعى فيه الصين إلى زيادة أنشطتها العسكرية حول الجزيرة، فيما يواجه الزعماء في تايوان الضغوط الصينية لضمها، «سيطرة الصين على تايوان سوف تعرقل شبكات الإمداد للشرائح الإلكترونية التي تنتجها تايوان». ويقول التقييم إن الصين ستستمر بسعيها لبناء جيش قوي لتأمين سيادتها، كما ستوسع من قوتها النووية، مشيراً إلى أن «بكين غير مهتمة بالاتفاقات التي تقيد خططها، ولن توافق على أي مفاوضات تصب في مصلحة الولايات المتحدة أو روسيا».

إيران
أشار التقرير إلى أن إيران ستستمر في تهديد المصالح الأميركية خلال محاولاتها لبسط نفوذها في الشرق الأوسط، فقال إن «طهران سوف تحاول استغلال توسيع برنامجها النووي واعتمادها على وكلائها لتقديم أهدافها». وقال مدير الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز: «إن تهديد إيران لا يقتصر على برنامجها النووي وصواريخها الباليستية فحسب، بل يشمل تهديد مصالحنا ومصالح شركائنا في المنطقة، وبغض النظر عن الاتفاق النووي، هذه التحديات ستبقى». ويحذر التقرير من أن وكلاء إيران في المنطقة سوف يشنون اعتداءات على الأميركيين في العراق وسوريا وبلدان أخرى. ويشير إلى أن طهران تشكل تهديداً مباشراً على إسرائيل من خلال صواريخها ووكلائها كحزب الله اللبناني. ويقول التقرير: «إيران سوف تبقى عاملاً مقلقاً في المنطقة من خلال دعمها للميليشيات العراقية الشيعية. إيران تدعم اقتصادياً وعسكرياً النظام السوري، وتنشر الفوضى في اليمن من خلال دعمها للحوثيين، وهذا يتضمن أنظمة عسكرية متقدمة تشكل تهديداً لحلفاء الولايات المتحدة كالسعودية». ويقيم التقرير أنه في حال عدم حصول طهران على إعفاءات من العقوبات، فإن المسؤولين الإيرانيين سيسعون إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 في المائة.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.