الحرب الأوكرانية تعمق أوجاع دمشق وأخواتها

فتاة تمر قرب صورة للرئيس بوتين في دمشق أول من أمس (أ.ب)
فتاة تمر قرب صورة للرئيس بوتين في دمشق أول من أمس (أ.ب)
TT

الحرب الأوكرانية تعمق أوجاع دمشق وأخواتها

فتاة تمر قرب صورة للرئيس بوتين في دمشق أول من أمس (أ.ب)
فتاة تمر قرب صورة للرئيس بوتين في دمشق أول من أمس (أ.ب)

عمقت الأزمة الأوكرانية أوجاع السوريين بعد رفع الأسعار وغياب بعض المواد من الأسواق بشكل كامل، رغم الوعود الحكومية السورية، إذ شهدت أسواق دمشق وريفها وعدد من المحافظات غياب بعض السلع ومنها زيت الذرة وعباد الشمس من الأسواق بشكل كامل، ورفع السعر لأكثر من 50 في المائة.
وقال أحمد خضر، الذي يعيش في بلدة قدسيا شمال دمشق إنه منذ ثلاثة أيام لم يكن هناك زيت الذرة ودوار (عباد) الشمس في المحال التجارية والمؤسسات الحكومية، ووصل سعر لتر الزيت إلى 12500 ليرة سورية، كما لم يكن هناك بعض أنواع الأرز في الأسواق أيضاً. وأضاف خضر لوكالة الأنباء الألمانية: «منذ عشرة أيام تقريبا بدأت أسعار جميع السلع والمواد الغذائية بارتفاع يومي، ووصلت إلى حد غياب بعضها».
واستغرب خليل محمد من مدينة الزبداني ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية لأكثر من 50 في المائة خلال أيام حيث كانت عبوة «8 لتر زيت ذرة قادم من لبنان تباع في مناطق الزبداني بـ70 ألف ليرة سورية في الثالث من الشهر الجاري وفي اليوم التالي ارتفع سعر الزيت إلى 110 آلاف ليرة سورية لنفس العبوة بحجة أن الزيت اللبناني مصدره أوكرانيا».
وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية عن بدء ضخ كميات من زيت دوار (عباد) الشمس في الأسواق، مؤكدة وجود كميات جيدة وأن الأسعار ستبدأ بالانخفاض تدريجياً خلال الأسبوعين الحالي والقادم. وأوضح وزير التجارة الداخلية الدكتور عمرو سالم عبر صفحته على «فيسبوك»: «سنعمل جميعاً ومع التجار والصناعيين لتأمين متطلبات المواطنين ودون إنكار للوضع العالمي المستجد، وأن الوزارة تعاقدت على كمية 25 ألف طن من زيت عباد الشمس وتحتاج إلى شهر لتصل، وتكلفتها مناسبة كونها قادمة من الشرق الأقصى وستسعر في حينها. وذكر سالم أن زيت دوار الشمس في صالات السورية للتجارة يباع بسعر 8200 ليرة على البطاقة الإلكترونية، فيما سعره في الأسواق هو 9500 ليرة للمستهلك.
وحمل مواطن سوري أخرى يدعى محسن إبراهيم الجهات الحكومية السورية مسؤولية عدم ضبط الأسعار في الأسواق، وقال: «السلعة الواحدة لها عدة أسعار في ذات السوق... كل تاجر وكل صاحب محل يضع السعر الذي يريده بل إن بعضهم أصبح يحتكر المواد باعتبار أن موجة الغلاء في تزايد».
واستغرب إبراهيم إعلان وزارة التجارة الداخلية منذ عدة أيام وجود زيت نباتي مجهول المصدر يباع في الأسواق والسؤال هو «كيف وصل هذا الزيت ومن الذي قام بتوزيعه، وما هي جميع الجهات المسؤولة في سوريا».
وكانت وزارة التجارة الداخلية حذرت في بيان لها يوم الجمعة الماضية «من شراء زيت نباتي موجود في الأسواق، دخل عن طريق التهريب ويحمل علامة مزورة، وأن دورياتها صادرت كميات كبيرة منه وتتابع ضبط المحال التي تعرضه أو تخزنه».
وأكد إبراهيم أن الجميع يرجعون ذلك إلى ارتفاع الدولار والاستيراد وتكاليفه ولكن ما هو سبب ارتفاع أسعار الخضار والفواكه التي تنتج محلياً، فقد قفز سعر كيلو البرتقال من 500 ليرة إلى أكثر من 1000 ليرة سورية، ووصل سعر كيلو الخيار إلى أكثر من 3 آلاف ليرة سورية، كما بقيت البندورة (الطماطم) محافظة على سعرها حوالي 2500 ليرة سورية رغم أن سعرها خلال هذه الأيام لا يتجاوز الـ1500 ليرة.
وبعيداً عن العاصمة دمشق، شهدت أسواق مناطق شمال وشرق سورية الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) وفصائل المعارضة ارتفاعات كبيرة في أسعار جميع المواد القادم أغلبها من تركيا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.