«النفط» العراقية تطالب باعتقال نائبة متهمة بـ«الابتزاز»

TT

«النفط» العراقية تطالب باعتقال نائبة متهمة بـ«الابتزاز»

طلبت وزارة النفط العراقية، أمس (الثلاثاء)، من قيادة العمليات المشتركة إلقاء القبض على النائبة في البرلمان العراقي زهرة البجاري بناءً على أوامر قبض صادرة بحقها بتهمة «الابتزاز والتضليل».
وقالت وزارة النفط في بيان، إن «الدائرة القانونية في وزارة النفط فاتحت قيادة العمليات المشتركة، لتنفيذ أمر القبض والتحري بحق المتهمة الهاربة (زهرة حمزة علي البجاري) والصادر عن هيئة النزاهة الاتحادية - دائرة التحقيقات، وعن رئاسة محكمة استئناف البصرة الاتحادية - محكمة التحقيق المختصة بقضايا النزاهة». وأضاف البيان، أن «المتهمة الهاربة زهرة البجاري قد أقدمت على أعمال التضليل والابتزاز الصارخ ضد شركة نفط البصرة لأهداف شخصية ومصالح ضيقة، مستغلة موقعها النيابي تارة أو الاحتماء ببعض الشخصيات السياسية كغطاء لتنفيذ مآربها من خلال استغلالها في عمليات الابتزاز والتضليل لعمل الشركة والإساءة المتعمدة لأعمالها ومشاريعها ومسؤوليها».
وترى الوزارة، أن تصرفات النائبة المتهمة تسببت بـ«الإضرار المباشر وغير المباشر بعدد من المشاريع المهمة في قطاع الطاقة وتعطيلها وتأخير تنفيذها، فضلاً عن الإساءة للبيئة الاستثمارية في شركة نفط البصرة».
وناشدت الوزارة الجهات الأمنية وعناصر الضبط القضائي في كل المؤسسات الدستورية بـ«تنفيذ الأمر القضائي لغرض تحقيق العدالة وإيقاف سلسلة الهدم والتخريب الناتج عن أعمال الابتزاز وتزوير الحقائق».
ويتمتع أعضاء البرلمان بحصانة برلمانية تمنع إلقاء القبض عليهم إلا بعد أخذ موافقة مجلس النواب وتصويته على ذلك، قبل أن تصدر المحكمة الاتحادية نهاية مايو (أيار) 2021، قراراً بعدم منح البرلمان تلك الصلاحية، وأن حصانة النائب «تلغى في حال اتهامه بجرائم جنح أو جنايات أو مخالفات».
وكانت النائبة زهرة البجاري، رحبت الأسبوع الماضي، بتصويت مجلس النواب على إلغاء قرار مجلس الوزراء الخاص بتكليف وزير النفط بمهام مدير شركة النفط الوطنية إضافة إلى وظيفته لمخالفته القانون. وقالت في بيان، إن «التصويت يلغي تباعاً جميع الاتفاقيات والعقود التي وقّعها الوزير؛ لأن حكومة تصريف الأعمال غير مخولة دستورياً الدخول في مثل هكذا التزامات تعاقدية أو دولية».
وأشارت إلى أن «من أهم تلك العقود والاتفاقيات ما يتعلق بعقود الاتفاقية مع الشركة الفرنسية توتال وعقد الشركة الصينية والاتفاقيات الإطارية مع الأردن وحقول المنصورية وعكاز وأي عقود أبرمت باسم شركة النفط الوطنية، وكذلك أي أوامر إدارية صدرت بتكليف المسؤولين؛ وذلك لمخالفتها للقانون».
وشددت البجاري على إيقاف وعدم تنفيذ جميع ما اتخذته وزارة النفط من إجراءات تتعلق بشأن تأسيس شركة النفط الوطنية العراقية لحين اكتمال الإجراءات التشريعية للتعديل الأول للقانون.
وكانت البجاري، نفت في يناير (كانون الثاني) 2019، حصولها على 20 مليار دينار في مقابل انتقالها من تيار «الحكمة» إلى تحالف «الفتح». ووجّه القضاء في العام نفسه توبيخاً لزوج النائبة الذي كان يشغل منصب مدير قسم الإخراج المركزي في شركة نفط البصرة، بعد إدانته باختلاس أموال بوصولات مزورة.
من جهة أخرى، أكد الادعاء العام، أمس (الثلاثاء)، على ضرورة إزالة الإشكالات التي تعيق حسم القضايا الخاصة بهيئة النزاهة. وشدد رئيس الادعاء العام نجم عبد الله أحمد لرئيس هيئة النزاهة الاتحادية علاء جواد الساعدي، على «أهمية الإيعاز لكافة مكاتب التحقيق التابعة إلى هيئة النزاهة لغرض تزويد رئاسة الادعاء العام بجداول إحصائية تتضمن المعلومات كافة المطلوبة التي سيتم اعتمادها كقاعدة بيانات لغرض المتابعة مع الوزارات والدوائر ذات العلاقة وتصويب الإجراءات الواجب اتباعها مستقبلاً».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».