«أبيدوس» الفرعوني يستضيف أول مهرجان موسيقي

بمشاركة علي الحجار ومدحت صالح وهشام عباس

معبد أبيدوس بسوهاج يستضيف مهرجاناً موسيقياً (وزارة السياحة والآثار)
معبد أبيدوس بسوهاج يستضيف مهرجاناً موسيقياً (وزارة السياحة والآثار)
TT

«أبيدوس» الفرعوني يستضيف أول مهرجان موسيقي

معبد أبيدوس بسوهاج يستضيف مهرجاناً موسيقياً (وزارة السياحة والآثار)
معبد أبيدوس بسوهاج يستضيف مهرجاناً موسيقياً (وزارة السياحة والآثار)

بعد أيام قليلة من انتهاء الدورة الثانية من مهرجان دندرة للموسيقى والغناء، بمحافظة قنا (جنوب مصر)، تستعد مصر لإطلاق الدورة الأولى من مهرجان «أبيدوس للموسيقى والغناء»، بمحافظة سوهاج التي تقع شمال قنا، في إطار تحقيق استراتيجية وزارة الثقافة المصرية، بتطبيق العدالة الثقافة في جميع ربوع مصر.
ويتعاون في تنظيم الدورة الأولى من مهرجان أبيدوس، وزارتا الثقافة والسياحة والآثار، ومحافظة سوهاج، وتنطلق في الفترة من 10: 12 مارس (آذار) الجاري.
وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، في بيان صحافي، أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه إن «مهرجان أبيدوس للموسيقى والغناء، الذي يعد الأول من نوعه بمحافظة سوهاج، يأتي كنموذج للتعاون المثمر بين مؤسسات الدولة بهدف ترسيخ دور القوى الناعمة في تطوير المجتمع، وإعادة تشكيل الوعي». لافتة إلى «أهمية دور الثقافة والفنون في الترويج للحضارة المصرية»، مشيرة إلى «استمرار تحديث خطط تحقيق العدالة الثقافية بين أبناء مصر».
ويشمل برنامج الدورة الأولى من المهرجان، تنظيم 3 حفلات يحييها هشام عباس في حفل الافتتاح، ثم علي الحجار في الليلة الثانية، ومدحت صالح في ليلته الأخيرة، بمصاحبة عازف البيانو عمرو سليم وفرقته.
وثمّن الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، تعاون وزارته مع وزارة الثقافة، لإطلاق فعاليات الدورة الأولى من مهرجان أبيدوس للموسيقى والغناء، بجانب استعادة واستئناف الملتقيات الثقافية والفنية المتميزة الأخرى»، مشيراً إلى «تأثير هذه الفعاليات إيجابياً في مكانة ووضع المحافظة سياحياً».

بوستر مهرجان أبيدوس الموسيقي

ووفق العناني، فإن «الأنشطة الثقافية التي يجري تنظيمها بالمواقع الأثرية، خصوصاً بصعيد مصر، تُبرز الوجه الحضاري لمصر وتراثها العريق وتعمل على جذب اهتمام المواطنين للفن والإبداع، وزيادة وعيهم الثقافي والحضاري وشغفهم بالفن الراقي ما يمثل أحد أهداف استراتيجية وزارة السياحية والآثار للتنمية المستدامة 2030.
وشهد معبد دندرة التاريخي، منذ أيام قليلة ختام الدورة الثانية من مهرجان دندرة الموسيقي، حيث أحيا الفنان طارق العربي طرقان، وأبناؤه، حفل الختام الذي أعاد خلاله ذكريات الطفولة إلى جمهور صعيد مصر.
ويأمل منظمو مهرجان أبيدوس الموسيقي أن يشهد حضوراً جماهيرياً مماثلاً لمهرجان دندرة الذي اجتذب في دورته الأولى 40 ألف مشاهد خلال 6 ليالٍ، و20 ألف مشاهد في دورته الثانية التي دامت لـ3 ليالٍ فقط، أحياها هاني شاكر، وريهام عبد الحكيم، وياسر سليمان وإيمان عبد الغني، وطارق العربي طرقان.


معبد أبيدوس بسوهاج (وزارة السياحة والآثار)

وبالنظر إلى أسماء المطربين المشاركين في الدورة والأولى والثانية من مهرجان دندرة، يبدو أن وزارة الثقافة المصرية فضلت تنظيم مهرجانين موسيقيين في منطقتين متشابهتين أثرياً، بدلاً من تنظيم مهرجان واحد على مدار 6 ليالٍ، كما حدث بالدورة الأولى من «دندرة» التي شهدت حضور الفنان مدحت صالح بمصاحبة عازف البيانو عمرو سليم، وفريق «وسط البلد»، وعلي الحجار، وعازفة الماريمبا نسمة عبد العزيز، ودينا الوديدي، وهشام عباس، وفريق «مسار إجباري»، و«فرقة الأقصر للفنون الشعبية»، واختتمته المطربة مي فاروق.
وتعد منطقة أبيدوس الفرعونية، من أغنى المواقع الأثرية في مصر، حيث إنها تضم معبد الملك سيتي الأول، الذي يعد أحد أهم المعابد المصرية نظراً إلى تخطيطه المعماري الفريد، وجمال نقوشه وروعة ألوانها، بالإضافة إلى احتوائه على عدد كبير من المناظر المتفردة. أما غرب المعبد فيوجد الأوزوريون الذي يعد ضريحا رمزيا لأوزير إله البعث والخلود والعالم الآخر، وينخفض الأوزوريون عن منسوب أرضية المعبد بنحو 18م. كما تضم المنطقة أيضاً معبد الملك رمسيس الثاني الذي كرس لعبادة أوزير الذي صورت على بعض جدرانه مناظر لمعركة قادش. وفق الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.
وتحوي المنطقة أيضاً عدة مواقع أثرية مميزة مثل مقابر ملوك الأسرتين الأولى والثانية، وشونة الزبيب، وجبانة الصقور، وكوم السلطان، وأم الجعاب.
وتقع «أبيدوس» ضمن الإقليم الثامن من أقاليم مصر العليا، وأطلق عليها اسم «تا ور» أي الأرض العظيمة، وسميت أيضاً «آب جو»، ومنه اشتق اسمها الحالي «أبيدوس». وكانت مركزاً لعبادة المعبود «خنتي أمنتيو» قبل أن تصبح مركزاً رئيسياً لعبادة «أوزير».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».