روسيا تصرّ على ربط العقوبات المفروضة عليها بالمحادثات النووية

جانب من محادثات فيينا النووية  (أرشيفية-رويترز)
جانب من محادثات فيينا النووية (أرشيفية-رويترز)
TT

روسيا تصرّ على ربط العقوبات المفروضة عليها بالمحادثات النووية

جانب من محادثات فيينا النووية  (أرشيفية-رويترز)
جانب من محادثات فيينا النووية (أرشيفية-رويترز)

قالت إيران، اليوم (الاثنين)، إنها لن تقبل إملاءات من مصالح أجنبية، بينما تمسكت روسيا بموقفها ربط إحياء الاتفاق النووي بين طهران والدول الكبرى بالعقوبات المترتبة على غزو أوكرانيا، قائلة إنه يجب ألا ينطوي الاتفاق على تمييز بين المشاركين، وفقاً لوكالة رويترز للأنباء.
وبدا أن اتفاقاً لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بات قريباً طبقاً لتصريحات جميع الأطراف المشاركة في المفاوضات في فيينا، يوم الجمعة، وذلك بعد مفاوضات غير مباشرة استمرت 11 شهراً بين طهران وواشنطن.
ويوم السبت، أضاف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عدم يقين بشأن التوصل إلى اتفاق في فيينا، بعد أن قال إن روسيا تريد ضماناً مكتوباً من الولايات المتحدة بأن تجارة موسكو واستثماراتها وتعاونها العسكري التقني مع إيران لن تعرقله العقوبات الغربية التي فُرضت على روسيا منذ دخول قواتها أوكرانيا.
ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قوله إن بلاده لن تسمح «لأي أطراف خارجية بأن تقوض مصالحها الوطنية»، في حين قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن إيران تنتظر تفسيراً من روسيا.
وبعد ساعات قليلة، قال وزير الخارجية الروسي لنظيره الإيراني، في اتصال هاتفي، اليوم، إن إحياء الاتفاق النووي الإيراني يجب أن يسمح للمشاركين بالتعاون دون عوائق في جميع المجالات دون تمييز.
وقالت وزارة الخارجية الروسية: «تم التأكيد على أن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة يجب أن يوفر لجميع المشاركين حقوقاً متساوية فيما يتعلق بتطوير التعاون دون عوائق في جميع المجالات دون أي تمييز».
وحذّرت فرنسا روسيا اليوم من اللجوء إلى الابتزاز في المساعي الرامية لإحياء الاتفاق النووي.
وارتفعت أسعار النفط اليوم (الاثنين) إلى أعلى مستوى منذ عام 2008 وسط مخاوف بشأن الإمدادات في السوق، في الوقت الذي تبحث فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها حظر صادرات النفط الروسية، وبوادر عدم عودة سريعة لصادرات النفط الإيرانية إلى الأسواق العالمية.
تم إحراز تقدم نحو إحياء الاتفاق النووي الذي يفرض قيوداً على البرنامج النووي الإيراني، مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على طهران.
ويقول مسؤولون غربيون إن هناك اهتماماً مشتركاً بتحاشي نشوب أزمة على صعيد الانتشار النووي، وإنهم يحاولون التأكد مما إذا كانت مطالب روسيا متعلقة فقط بالتزاماتها بالاتفاق النووي الإيراني.
وأشاروا إلى أن ذلك قد يكون ممكناً، لكن ما هو أبعد من ذلك سيشكل معضلة.
وحثّ مسؤول في الرئاسة الفرنسية روسيا على تقييم ما هو على المحك في فيينا، «ألا وهو عودة إيران لاحترام التزاماتها» بموجب الاتفاق النووي. وأضاف قائلاً للصحافيين: «لأن ما هو خلاف ذلك في الواقع ابتزاز، وليس دبلوماسية».
وأضاف دبلوماسي أوروبي: «يحاول الروس في الحقيقة إساءة التصرف، والإيرانيون غاضبون، رغم أنهم لا يتكلمون كثيراً في العلن. نحاول أن نجد مخرجاً».
وقال 3 دبلوماسيين إن المفاوضين الأوروبيين تركوا المحادثات مؤقتاً، إذ يعتقدون أنهم فعلوا ما بوسعهم، والأمر الآن يعود للطرفين الرئيسيين للاتفاق.
ودعا علي شمخاني كبير المسؤولين الأمنيين في إيران واشنطن، اليوم (الاثنين)، إلى اتخاذ قرارات سياسية.
وكتب على «تويتر» اليوم (الاثنين): «أولوية المفاوضين الإيرانيين هي حل القضايا العالقة الباقية محل البحث التي تعتبر خطاً أحمر. التوصل السريع لاتفاق قوي يتطلب مبادرات جديدة من كل الأطراف».
وتأتي مخاوف روسيا من تأثير العقوبات الغربية على تعاملاتها مع إيران عقب مساعي كبار المسؤولين الإيرانيين لتعميق العلاقات مع موسكو منذ انتخاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وهو من غلاة المحافظين، العام الماضي.
ودعا المرشد الإيراني علي خامنئي إلى توثيق العلاقات مع روسيا لعدم ثقته بالولايات المتحدة.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.