باريس تأمل نجاحًا جديدًا للمقاتلة «رافال» بعد التوقيع على العقد القطري اليوم

مصادر فرنسية رسمية: ثبات سياساتنا من الملفات الإقليمية موضع تقدير من قبل الأطراف الخليجية

طائرة رافال القتالية الفرنسية (أ.ف.ب)
طائرة رافال القتالية الفرنسية (أ.ف.ب)
TT

باريس تأمل نجاحًا جديدًا للمقاتلة «رافال» بعد التوقيع على العقد القطري اليوم

طائرة رافال القتالية الفرنسية (أ.ف.ب)
طائرة رافال القتالية الفرنسية (أ.ف.ب)

يصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند صباح اليوم إلى الدوحة، المحطة الأولى من جولته الخليجية التي ستقوده بعد الظهر إلى الرياض حيث ستعقد قمة سعودية فرنسية تتبعها غدا مشاركة هولاند كضيف شرف في القمة الخليجية التشاورية في العاصمة السعودية.
واستبقت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى وصول هولاند إلى الخليج لتنوه باللفتة «الاستثنائية» التي خص بها القادة الخليجيون الرئيس الفرنسي باعتبار أنها المرة الأولى، منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي، تتم دعوة رئيس دولة أجنبي للمشاركة في أعمال القمة. وتنظر باريس إلى هذه الدعوة من زاوية كونها «اعترافا بثبات المواقف الفرنسية من القضايا الإقليمية» التي تهم بلدان مجلس التعاون إن كان فيما يخص مواجهة الإرهاب أو أمن الخليج والعلاقة مع إيران على ضوء المفاوضات بشأن برنامجها النووي ودورها الإقليمي أو بالنسبة للحرب في سوريا فضلا عن الوضع في اليمن أو بصدد موضوع الملف الفلسطيني - الإسرائيلي.
وأمس، قال وزير الدفاع الفرنسي الذي سبق هولاند إلى منطقة الخليج وأجرى السبت والأحد محادثات مطولة في أبوظبي مع ولي العهد الشيخ محمد بن زايد إن «فرنسا تلتزم موقفا استراتيجيا ثابتا ومفهوما» مما يفسر في رأيه النجاحات الدبلوماسية لبلاده فضلا عن نجاحاتها الدفاعية والتجارية. وأفضل دليل على ذلك، بحسب المسؤولين الفرنسيين، توقيع عقد بيع اليوم في الدوحة لـ24 طائرة «رافال» فرنسية مقاتلة قيمتها مع أسلحتها 6.3 مليار يورو إلى دولة قطر. ويأتي هذا العقد الثالث من نوعه للطائرة الفرنسية المقاتلة التي دخلت الخدمة الفعلية في العام 2004، بعد عقد أول أبرم مع مصر بدعم الدول الخليجية فيما تتفاوض باريس وأبوظبي على عقد تشتري الإمارات بموجبه مجموعة أسراب من طائرات «رافال» الحديثة لتحل محل ستين طائرة مقاتلة من طراز «ميراج 2000» تمتلكها أبوظبي. ويتعين كذلك، لاكتمال الصورة، الإشارة إلى البدء بتنفيذ العقد الثلاثي السعودي الفرنسي اللبناني الذي سيحصل الجيش اللبناني بموجبه على أسلحة ومعدات فرنسية بقيمة 3 مليارات دولار هي قيمة الهبة التي منحها الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز للبنان لشراء أسلحة فرنسية.
وتقول مصادر صناعية فرنسية إن المفاوضات مع أبوظبي بشأن طائرات «رافال» «تتقدم على الطريق الصحيح» بعد سنوات من الأخذ والرد. وتأمل فرنسا المرتبطة باتفاقية دفاعية مع أبوظبي والتي أقامت فيها قاعدة بحرية جوية غير بعيدة عن العاصمة أبوظبي، أن تصل المفوضات إلى نتيجة حاسمة في «الأشهر القادمة».
مع توقيع صفقة بيع 24 مقاتلة فرنسية من نوع «رافال» لقطر اليوم بحضور هولاند، تتأكد نجاعة الاستراتيجية الدبلوماسية - التجارية الفرنسية. وخلال أسابيع عدة تمكنت شركة «داسو» لصناعة الطائرات من إنهاء عشر سنوات من الفشل في تسويق هذه الطائرة المتطورة ووقعت ثلاث صفقات مهمة مع الخارج: 24 طائرة لمصر في فبراير (شباط)، و36 أخرى للهند بعد شهرين، و24 طائرة لقطر، أي ما مجموعه 84 طائرة.
وقال الرئيس الفرنسي في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية أمس إنه «نجاح ليس لشركة (داسو) وحدها بل أيضا للسلطات الحكومية والدبلوماسية الفرنسية»، كما أنها «بشرى سارة» للاقتصاد الفرنسي.
وكانت شركة «داسو» عجزت طوال السنوات العشر الماضية عن بيع أي طائرة «رافال» للخارج، وبقي سلاح الجو الفرنسي زبونها الأول والوحيد.
وتابع هولاند: «حامت الشكوك طويلا حول هذه الطائرة، وربما كانت هناك رغبة بالتسرع، في انتقاد ضمني لسلفه نيكولا ساركوزي الذي حاول جاهدا تسويق هذه الطائرة الفرنسية من دون جدوى». وكانت البرازيل آخر من تردد في شراء «رافال» عام 2013، خصوصا أنها تعتبر أغلى ثمنا من منافساتها في سوق السلاح.
وتعتبر المصادر الرئاسية الفرنسية أن مواقف باريس «غير المتغيرة» تحظى بتقدير الطرف الخليجي الذي يثمن أيضا ثبات باريس في أن تأخذ بعين الاعتبار و«بشكل دائم الهواجس السياسية والأمنية» لبلدان مجلس التعاون خصوصا بشأن العلاقات مع إيران وطموحات طهران الإقليمية كما يتبدى ذلك في اليمن سوريا ولبنان والعراق ومياه الخليج وموضوع محاربة الإرهاب.
وأهمية قمة الرياض التي تجري قبل عشرة أيام من القمة الخليجية الأميركية في واشنطن وكامب ديفيد أنها ستدرس، وفق المصادر الرئاسية الفرنسية، مسألة «التموضع الاستراتيجي» في حالتي التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الملف النووي الإيراني أو العجز عن ذلك. وحتى الآن، بينت باريس أنها الأكثر تشددا في تعاطيها مع هذا الملف بينما الرأي الشائع أن واشنطن تريد اتفاقا «بأي ثمن».
والسؤال المطروح اليوم في دوائر صنع القرار والدبلوماسية يتناول «الأداء» الإيراني في قضايا المنطقة في حال التوصل إلى اتفاق نهائي. وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس من المستبعد أن تلجأ طهران إلى استثمار الاتفاق واعتباره بمثابة انتصار كبير واعتراف بدورها المتجدد وبالتالي سلوكها طريقا أكثر تشددا لتحقيق طموحاتها السياسية والاستراتيجية الأمر الذي سينعكس، بحسب باريس على ملفات النزاع في المنطقة».
من هذه الزاوية، تبدو المحادثات التي سيجريها الرئيس الفرنسي مع القيادة السعودية والقادة الخليجيين الآخرين بالغة الأهمية لجهة تدارس السيناريوهات ورسم استراتيجية تحرك جماعية تستجيب لتحديات ما بعد الاتفاق وللتغيرات المحتملة. وتجزم المصادر الفرنسية بأن «معطيات المشهد السياسي والاستراتيجي في المنطقة ستتغير» في المرحلة اللاحقة. لذا ستكون الرسالة الأولى التي سيحملها هولاند اليوم وغدا، بحسب المصادر المشار إليها، التأكيد على تسمك باريس بأمن واستقرار وسلامة أراضي البلدان الخليجية وعلى استمرارية الشراكة الاستراتيجية التي تجمعها بفرنسا.



السعودية وعُمان تبحثان تعزيز الدور الإقليمي والدولي

جانب من اجتماع مجلس التنسيق السعودي العماني في العلا (واس)
جانب من اجتماع مجلس التنسيق السعودي العماني في العلا (واس)
TT

السعودية وعُمان تبحثان تعزيز الدور الإقليمي والدولي

جانب من اجتماع مجلس التنسيق السعودي العماني في العلا (واس)
جانب من اجتماع مجلس التنسيق السعودي العماني في العلا (واس)

رأس الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، ونظيره العُماني بدر البوسعيدي، الخميس، الاجتماع الثاني لـ«مجلس التنسيق» المشترك، في محافظة العُلا، الذي ينعقد تأكيداً للروابط التاريخية الوثيقة بين البلدين، وتنفيذاً لتوجيهات قيادتيهما.

وقدَّر وزير الخارجية السعودي الجهود المبذولة في تعزيز علاقات البلدين، التي تسير تحت رعاية وحرص من قيادتيهما، بخطى ثابتة نحو ترسيخ التعاون وتعزيز الدور الإقليمي والدولي، بما يُسهم في إرساء أمن واستقرار المنطقة، وتحقيق تطلعات شعبيهما.

الأمير فيصل بن فرحان لدى ترؤسه الاجتماع في العلا (واس)

وأكد، خلال الاجتماع، أن توافق وجهات النظر في مجمل القضايا بين السعودية وعُمان يوضح أهمية مواصلة التنسيق المستمر بشأن القضايا الثنائية والإقليمية والدولية.

وأضاف الأمير فيصل بن فرحان أن هذا الاجتماع يأتي امتداداً للأول الذي استضافته السلطنة في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وشهد إطلاق أولى مبادرات اللجان المنبثقة عن المجلس والبالغة 55 مبادرة، مشيداً بجهودها ومتابعتها أعمالها، وحالة سير تنفيذها.

الوزير بدر البوسعيدي يتحدث خلال الاجتماع (واس)

بدوره، عدّ وزير الخارجية العُماني المجلس «منصة استراتيجية تُجسّد إرادة القيادتين لتعزيز التعاون الثنائي، الذي لا يقتصر على خدمة مصالحهما المشتركة، بل يمتد ليُسهم في تحقيق الاستقرار والازدهار الإقليمي، خاصة مع التحديات الراهنة التي تستدعي تكثيف التنسيق الدبلوماسي والاقتصادي».

وهنّأ البوسعيدي السعودية بفوزها باستضافة كأس العالم 2034 لكرة القدم، مؤكداً أن هذا الإنجاز يعكس الرؤية الطَّموح لقيادتها، ويُعزِّز سجل المملكة الحافل بالإنجازات المشرّفة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وزير الخارجية السعودي ونظيره العُماني في جولة على معالم العلا (واس)

وعقب الاجتماع، شهد الوزيران إبرام مذكرة تفاهم في مجالي الدراسات الدبلوماسية والتدريب، وقّعها السفير الدكتور سعود الساطي وكيل وزارة الخارجية السعودية للشؤون السياسية، ونظيره العماني الشيخ خليفة بن علي الحارثي.

حضر من الجانب السعودي، الدكتور هشام الفالح مساعد وزير الداخلية، والدكتور سعود الساطي، والدكتور إبراهيم بن بيشان السفير لدى عُمان، والبراء الإسكندراني وكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط للشؤون الاقتصادية الدولية، ومحمد آل صاحب وكيل وزارة الاستثمار لتطوير الاستثمارات، والمهندس فهد الحارثي أمين عام المجلس، وبمشاركة ممثلي اللجان.

الأمير فيصل بن فرحان وبدر البوسعيدي شهدا توقيع اتفاقية بين وزارتي خارجية البلدين (واس)