تنظم «مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم»، غداً (الثلاثاء)، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة الجديدة، ندوة وطنية حول موضوع «الصناعات الثقافية والإبداعية وتحديات التنمية»، بمشاركة مسؤولين وباحثين وفاعلين مهتمين بالشأن الثقافي.
وتروم هذه الندوة المنظمة بشراكة مع قطاع الثقافة وجمعية جهات المغرب، وبتعاون مع الجمعية الإقليمية للثقافة بالجديدة، وجامعة أبي شعيب الدكالي، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لها، إلى إدماج إشكالات الثقافة والتنمية في صلب النقاش العمومي، وإتاحة الفرصة للفاعلين من أجل طرح التصورات الكفيلة بالإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الإشكال من قبيل: ما الترتيبات التشريعية والتنظيمية الساعية إلى تثمين المنتج الثقافي؟ وكيف تسهم الثقافات الصناعية عبر الإنتاج وإعادة الإنتاج والتوزيع في إدماج الثقافة في سيرورة التنمية؟ وكيف يمكن أن تصبح الثقافة عبر الصناعات الثقافية والإبداعية عنصراً فاعلاً في تنمية الجهات والمجالات؟
ويتضمن برنامج الندوة ثلاث جلسات علمية، فضلاً عن جلستي الافتتاح والاختتام، وتعرف إلقاء عروض ومداخلات على علاقة بموضوعها، من قبيل «تيسير ولوج الثقافة ودمقرطتها» و«قطاع الترجمة في المغرب وآفاق التنمية» و«المقاربة القانونية والتشريعية للصناعات الثقافية في المغرب» و«الاستهلاك الثقافي والصناعات الثقافية، علاقات التأثير والتأثر» و«الصناعات الرقمية ومهن المستقبل» و«الصناعات الثقافية، في معنى المفهوم وفاعليته الاقتصادية».
وتعد الثقافة في مختلف التصورات النظرية الفلسفية والأنثروبولوجية، حسب الورقة التأطيرية للندوة، نسقاً وسيطاً بين الإنسان والواقع الذي يُحيط به، بمعنى أنها آلية لتحويل وتنظيم الأخبار التي تتصلُ باللغات على اختلاف أشكالها مثل لغة الفن والأدب والتشكيل والسينما والعمارة، وغيرها من الإبداعات التي تهم المادي في تجلياته المختلفة واللا مادي في تعبيراته المتنوعة. كما ترتبط الثقافة بمفهوم الذاكرة الذي يسهم في تحديد الثقافة انطلاقاً من أن الذاكرة تُسهم في ترجمة ماضي الخبرة التاريخية إلى نصوص ولغات وتعبيرات متنوعة.
وأشارت الورقة التأطيرية إلى أن الثقافة المغربية تمثل «خلفية رئيسية وفاعلة لممارسات الإنسان المغربي في علاقته بالمجتمع والتاريخ انطلاقاً من صرحها الذي تُشيّده المكونات العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية وتغنيه الروافد الأفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية»؛ فيما «تجلت هذه المكونات والروافد على مستوى الإبداع الثقافي المغربي في عصوره المختلفة، وفي تعبيراته المتنوعة مثل الحكاية والعمارة والشعر وأشكال الفرجة والتشكيل وغيرها من الأنساق الثقافية».
وشددت الورقة التأطيرية على أن «الإشكال المطروح اليوم على الثقافة المغربية هو: كيف تواجه إشكالات العولمة والتعليب والاستيلاب التي تُفقد الإبداع الثقافي هويته وقدرته على الفعل داخل الواقع وكيف تنتقل من عناصر ثابتة إلى عناصر فاعلة ومساهمة في التنمية على المستوى المجالي والقطاعي والوطني».
ورأت ذات الورقة أن «تثمين الثقافة رهين أيضاً بالصناعات الثقافية، والتي تمثل الأنشطة الهادفة إلى إنتاج وإعادة إنتاج وتوزيع واستهلاك المحتويات التي تتميز ببعد فني وذات حمولة رمزية»، مع الإشارة إلى أنه «تبلور إلى جانب هذا المفهوم أيضاً، مفهوم (الصناعات الإبداعية) الذي يشير إلى القدرة على توليد أفكار جديدة في مجال الثقافة». وزادت بأنها «تسهم في إمكانية إعادة إنتاج محتويات رمزية تتقيد بحقوق الملكية الفكرية والأبعاد الأصلية في المحتويات الثقافية، وهكذا يتوسع مجال الفعل الثقافي من الأنشطة المعروفة مثل السينما والموسيقى وفنون الفرجة والإنتاج التلفزيوني إلى الأنشطة الإبداعية في مجال العمارة والموضة والصناعة التقليدية».
ورأت الورقة أيضاً أن «إدماج الثقافة في التنمية يتوقف على الوعي بهذا الإشكال لتسجيلها ضمن السياسات العمومية والتوجهات الاقتصادية والمخططات التي تنظم الجانب التشريعي للدعم والمواكبة وإنجاح إدماج المنتج الثقافي في سيرورة التنمية على مستوى المجالين وفي سياق الاختيارات الرئيسية للبلاد خصوصاً اختيار الجهوية بصفتها رافعة للتنمية»، قبل أن تختم بأنه «في سياق هاته الرؤية، يمكن للصناعات الثقافية والإبداعية وفي ضوء تصورات اليونيسكو، أن تنعش القطاعات الإنتاجية التي ترمي إلى إبداع وتطوير وإنتاج وإعادة إنتاج وتثمين الخيرات والأنشطة التي تتميز بمحتوى ثقافي أو فني أو تراثي على أساس أن يكون لهذه الأنشطة، إضافةً إلى قيمتها الاقتصادية، قيمة اجتماعية تُسهم في الرخاء الاجتماعي».
«الصناعات الثقافية والإبداعية» أمام باحثين في الجديدة المغربية غداً
«الصناعات الثقافية والإبداعية» أمام باحثين في الجديدة المغربية غداً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة