«المرتزقة» في ليبيا... مصير مرهون بالاستقرار والانتخابات

غريبيل: الانقسام السياسي أجل بحث إخراجهم

اللواء الفيتوري غريبيل (الشرق الأوسط)
اللواء الفيتوري غريبيل (الشرق الأوسط)
TT

«المرتزقة» في ليبيا... مصير مرهون بالاستقرار والانتخابات

اللواء الفيتوري غريبيل (الشرق الأوسط)
اللواء الفيتوري غريبيل (الشرق الأوسط)

ألقى الصراع الدائر في ليبيا حالياً، على خلفية وجود حكومتين متنازعتين في البلاد، بظلاله على كافة مناحي الحياة هناك، وعادت تساؤلات السياسيين والمواطنين حول مستقبل البلاد في ظل وجود الآلاف من عناصر «المرتزقة» والقوات الأجنبية الموجودة على التراب الوطني، وهل ستؤدي التجاذبات حول السلطة بين عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، وغريمة فتحي باشاغا رئيس «الاستقرار» إلى تأجيل بحث هذا الملف، ومن ثم الاستبقاء على هذه العناصر؟
من جهته توقع اللواء الفيتوري غريبيل عضو وفد اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» عن قوات حكومة «الوحدة الوطنية»، أن يكون هناك قدر من التأجيل غير معلوم مداه الزمني لتنفيذ خطط اللجنة المتعلقة بإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية، رغم ما شهده هذا الملف من تقدم في الأشهر الأخيرة، وأرجع ذلك إلى «الانقسام الراهن بين الأجسام السياسية».
وقال غريبيل، وهو رئيس أركان القوات البرية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كلجنة عسكرية فنية قد أنهينا كل العمل الفني بالتنسيق مع الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية الفاعلة، وكذلك دول الجوار الليبي، والدول التي لديها قوات و(مرتزقة) في ليبيا».
كما «سبق وشكلنا لجان تواصل في كل من اجتماعي القاهرة وتونس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكذلك قمنا بزيارات الدول المنخرطة في النزاع الليبي وفي مقدمتها روسيا وتركيا وأبلغناها بنتائج اجتماعاتنا، وكنا نعول على إجراء الانتخابات التي سينتج عنها جسم تشريعي سياسي موحد، ورئيس دولة، لكي تتم المباشرة في تنفيذ الخطط التي قمنا بوضعها».
وأكمل: «مع الأسف تم عرقلة الانتخابات من قبل الأجسام السياسية الحالية المنقسمة على نفسها، وبقاؤها على هذه الحال من الانقسام سيُبقي خطط اللجنة في ملفات تنتظر التنفيذ».
ورغم إقراره بأن العالم كله منشغل بالحرب الروسية على أوكرانيا، وأنه قد لا توجد فرصة لتواصل المحادثات بين اللجنة العسكرية المشتركة والجانب الروسي تحديدا، قال غريبيل: «إذا خف الصراع بالداخل الليبي وتم انتخاب برلمان ورئيس للبلاد وحكومة موحدة، فقد تكون هناك فرصة مواتية لإخراج عناصر (المرتزقة) ولو بالقوة، فضلا عن إمكانية الاستفادة من الانشغال الروسي بالصراع في أوكرانيا، خاصة إذا ما تم سحب قوات (فاغنر) لساحة المعركة هناك».
وكان أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» قاموا بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بزيارة إلى كل من أنقرة وموسكو على التوالي، لإجراء محادثات مع المسؤولين هناك حول الخطط التي وضعتها اللجنة بإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية على نحو متزامن.
بدوره رأى الباحث الليبي المختص في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، فرج زيدان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الاستقطاب الراهن سيؤثر بالسلب على إرادة الدولة الليبية بشأن المطالبة بإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من البلاد.
ورغم دعمه للبحث عن إمكانية الاستفادة من الوضع الدولي في إخراج القوات الأجنبية، ذهب زيدان إلى أن «العقبة الرئيسية تتمثل في الجانب التركي وليس الروسي»، وقال: «تركيا دأبت على ترديد أن وجودها العسكري بالبلاد تم بناء على طلب من الحكومة الشرعية، فيما يطالب الروس فقط بأن يتزامن خروجهم مع خروج الأتراك».
أما رئيس وحدة التسلح بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أحمد عليبة، فاعتبر الجهود والترتيبات الأمنية التي باشرتها اللجنة العسكرية المشتركة منذ توقيع وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 ومنها خطط إخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية «باتت هشة ومهددة»، وقال إن ذلك بسبب الصراع الراهن حول الحكومة وما نتج عن ذلك من تباين في مواقف أعضاء اللجنة بين وفد المنطقة الغربية، والذي بدا مؤيدا للذهاب للانتخابات مباشرة، وبين وفد المنطقة الشرقية التابع للجيش الوطني المؤيد لوجود فترة انتقالية تديرها حكومة «الاستقرار» برئاسة فتحي باشاغا.
وتوقع عليبة لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك انسحاب جزئي لـ«المرتزقة» الموجودين في الشرقية والغربية على خلفية الحرب الأوكرانية، متابعا: «لا أحد يعلم اتجاهات الحرب، وموقف تركيا بشأنها، وهل ستنخرط فيها بشكل مباشر أم لا؟».
وتستند تركيا في رفض المطالب بسحب من جلبتهم من «المرتزقة» أو قواتها العسكرية في ليبيا، لمذكرة تفاهم الأمنية التي وقعتها في نوفمبر 2019 مع حكومة (الوفاق الوطني) السابقة، برئاسة فائز السراج، فيما تتنصل روسيا من أي صلة لها بقوات (فاغنر) الموجودة بالأراضي الليبية.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.