«الإخوان» والإرهاب... شجرة عنف زرعتها مطابخ «الجماعة»

(تقرير اخباري)

«الإخوان» والإرهاب... شجرة عنف زرعتها مطابخ «الجماعة»
TT

«الإخوان» والإرهاب... شجرة عنف زرعتها مطابخ «الجماعة»

«الإخوان» والإرهاب... شجرة عنف زرعتها مطابخ «الجماعة»

يتصف تاريخ جماعة الإخوان المسلمين بسلسلة من مناسبات العنف التي تورطت فيها، ابتداء من تكوين البنية الفكرية لنشوء التطرف، وانتهاء بالانخراط العملي في عدد من العمليات التي شهدتها المنطقة، وشهدت فيها على الدور السلبي لفكر وكوادر الجماعة.
وفي مقابلة مع مجلة «أتلانتيك» الأميركية، الخميس، اعتبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، «الإخوان المسلمين» من أهم مهددات أمن واستقرار المنطقة، وأن لها تاريخاً وإرثاً فكرياً أسود، ولها الدور الكبير في خلق التطرف.
وأكد ولي العهد أن السعودية تواصل جهودها، وتقوم بمسؤولياتها التاريخية في الدفاع عن الإسلام والمسلمين، من خلال التصدي لكل من يحاول اختطاف الإسلام من السنة أو الشيعة، وأشار ولي العهد إلى مشروع كبير، تتخذه السعودية للعودة إلى تعاليم الإسلام المثالية، إلى حيث تمتع المسلمون بمجتمعات منفتحة ومسالمة، وتحييد كل ما يتخذه المتطرفون سلماً لتنفيذ أجندتهم.
وأعطت آيديولوجيا الإخوان، الأرضية الخصبة لنبت الفكر المتطرف وذيوعه في المنطقة العربية والعالم، كما أن الآليات الحركية والهيكلية التنظيمية التي سارت على أساسها الجماعة، كانت تحقن الجماعات المتشددة بالظروف المواتية لاندلاع شراراتها المؤذية.
- تطرف... أول الشرارة
يبوء، سيد قطب، أحد أبرز كوادر الجماعة، وأقطاب كتلتها التنظيرية، بزرع بذور التطرف في الفضاء العام، وتفخيخه بالتأويلات المحتقنة التي حولت دهماء المنضوين تحت الجماعات الآيديولوجية إلى مشاريع جاهزة للتطرف.
كان «تنظيم 65» هو ثمرة فكر قطب، والشجرة التي توزعت أغصانها المفخخة في جغرافيا العالم، تتدلى منها مناسبات العنف، وتنبت على أطرافها في كل جولة زمنية، جماعة متطرفة تحيي رميم الإرهاب، وتشد في عضد المتطرفين.
أصدرت الجماعة كتابها «دعاة لا قضاة»، في الرد على أغاليط قطب وتوجهه لتسميم الفضاء العام بالفكر المتطرف، وتراجعاً منها عن المضامين القطبية الموتورة التي تشبعت بعناوين «التكفير» و«الحاكمية» و«جاهلية المجتمع».
لكن تلك المراجعات المترددة، لم تمنع أو تحد من فاعلية زرع ثآليل التشدد في البؤر الساخنة التي شهدت ولادة الإرهاب تحت ظل الجماعة وبرعاية من مطابخها الفكرية.
يقول الدكتور يوسف الرميح، أستاذ علم الجريمة، إن جماعة الإخوان هي أم الجماعات المتطرفة والتكفيرية مثل «القاعدة» و«داعش»، التي تفرخت عن فكرها المنحرف، وتغذت على أدبياتها، وشقت عصا الطاعة وخلقت سلطة ظل، تنازع الدولة في شرعيتها ومنهجها، مضيفاً: «فرض الإخوان، ومن بعدهم بقية الجماعات المتشددة، على أتباعهم الولاء والطاعة لقيادات الجماعة، وجعلت من هذا الولاء الأعمى طريقاً للخروج عن الأنظمة المستقرة، وفرقة المسلمين، وبث المناهج المشبوهة».
وأكد الرميح أن الفكر المتطرف هو أساس تشكيل وتحريك الجماعات المتناحرة والمهددة للسلم الأهلي، وفي المقابل، فإن الأمن الفكري، يمثل الركيزة الأساسية لأمن وبناء المجتمعات، وهو القاعدة المثالية للسلوك السويّ.
- الانقضاض على السعودية
بعدما وفرت السعودية الملاذ الآمن لأفراد جماعة الإخوان من بطش القيادة السياسية في مصر خلال الستينات والسبعينات الميلادية من القرن الماضي، سعت الجماعة للتوسع في السعودية، وكان الجهاز التعليمي والمؤسسات الخيرية والدعوية، وجهتهم المفضلة لبسط نفوذهم وبث تأثيرهم في أذهان المجتمع.
وقد أورد الكاتب يوسف الديني تفاصيل من آليات الجماعة وعملها لابتلاع الحقل التعليمي في السعودية، في إصداره البحثي «الإخوان وتأسيس السلطة الرمزية» الصادر عام 2018 عن مركز المسبار للدراسات والبحوث.
انتهت تلك المحاولات عن نشوء اختلالات في التركيبة الثقافية والفكرية لجيل من السعوديين، انخرطوا بتأثير من ضلالات الجماعة في عصر الإرهاب، لكن الأحداث السياسية التي علقت فيها المنطقة، كانت مصدر انكشاف كبير للدور السلبي لفكر الإخوان المسلمين ونشاطهم، وآذنت بإعلان القطيعة الكاملة والمواجهة بين الدولة والتنظيم.
- 2011... منتهى الانكشاف
بعد عام 2011 زادت الاختلالات السياسية التي شهدتها المنطقة، من انكشاف دور الجماعة المهدد لاستقرار البلدان العربية، وفاقمت الشقوق التي ألمت ببعض البلدان في اندلاع موجة غير مسبوقة من العنف، كانت تمول شرعيتها من التراث الذي خلفته الأقطاب الفكرية للجماعة.
على الصعيد الفكري اتسمت الجماعة بانسداد الأفق، وكلما أغلق في وجهها باب، آثرت استخدام العنف، وطالما تظاهرت الجماعة بتبني مبادئ عصرية مثل الديمقراطية، لكن فهمها لتلك المبادئ والعناوين، لم يتجاوز الممارسة، إلى تمثل القيم، والمضامين الفكرية، وبقي محبوساً عند مستوى الانتهازية والقفز على موجات التاريخ وتياراته.
وهو ما وصفه أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون الأميركية، دانيال برومبرغ، بالحداثة التكتيكية، التي تتيح للأصوليين استخدام البرامج الديمقراطية عند حدود دورها الوصولي، وتبني خطاب ازدواجي، يستقطب أتباعها المخلصين، ويراوغ أشياعها المحتملين.
لكنها سرعان ما تنقلب على ذلك، وتجهر المجتمع باستبدادها الفكري وإقصاء كل نظرائها، للاستئثار بسدة البلاد، ورقاب العباد.
- المواجهة والقطيعة
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، صدر بيان شديد اللهجة عن هيئة كبار العلماء في السعودية، وتضمن وصف جماعة الإخوان المسلمين بـ«الإرهابية» التي لا تمثل منهج الإسلام، بل «تتبع أهدافاً حزبية مخالفة لهدي الإسلام، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب».
مثّل البيان استمراراً للقطيعة الفكرية والشرعية التامة التي تتغيّاها السعودية مع فكر الجماعة وأطروحاتها، وجاء استكمالاً للموقف الرسمي الذي أعلنته السعودية في 2014، باعتبارها جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، ضمن أول قائمة من نوعها تصدر عن الرياض وتضم مجموعة من المنظمات المتورطة في قضايا تمويل الإرهاب وتبنيه فكرياً وعملياتياً.
وتتخذ السعودية سياسة منتظمة لنبذ التطرف ودعم الفكر الوسطي المعتدل، بعد أن اكتوت دول عديدة في المنطقة بآثار الإرهاب، وتسببت موجاته المتعاقبة في شلّ قدرات دول الشرق الأوسط وحق شعوبها في التنمية والازدهار، وقد تكثفت جهود السعودية المحلية والدولية لمواجهة التشدد في الآونة الأخيرة، وواصلت الالتزام بمسؤولياتها إلى جانب المجتمع الدولي في الحرب ضد الإرهاب وردع المتطرفين.


مقالات ذات صلة

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

أوروبا العلم الألماني في العاصمة برلين (أ.ب)

ضبط أجهزة كومبيوتر محمولة وأموال خلال مداهمة مقرّ جمعية إسلامية محظورة بألمانيا

صادرت الشرطة الألمانية أجهزة كومبيوتر محمولة وأموالاً، خلال عمليات مداهمة استهدفت جمعية إسلامية تم حظرها حديثاً، ويقع مقرّها خارج برلين.

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي في مطار أنقرة في إسطنبول (من البث المباشر لوصول الرئيس المصري) play-circle 00:39

السيسي وصل إلى أنقرة في أول زيارة لتركيا

وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة، بـ«تحريض» من عناصر «الإخوان».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الإعلامي بقناة «الشرق» الإخوانية عماد البحيري تم توقيفه بسبب التهرب الضريبي (من حسابه على  «فيسبوك»)

تركيا توقف إعلامياً في قناة إخوانية لتهربه من الضرائب

أحالت السلطات التركية، (الخميس)، المذيع بقناة «الشرق» المحسوبة على «الإخوان المسلمين»، عماد البحيري، إلى أحد مراكز التوقيف بدائرة الهجرة في إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (د.ب.أ)

الجزائر: فصيل «الإخوان» يرشح الرئيس تبون لعهدة ثانية

أعلنت حركة البناء الوطني (فصيل الإخوان في الجزائر)، الجمعة، عن ترشيحها الرئيس عبد المجيد تبون للانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 7 سبتمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

«نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)
«نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)
TT

السعودية: «نزاهة» تشهر بمواطن استخرج تمويلاً «مليونياً» بطريقة غير نظامية

«نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)
«نزاهة» أكدت مضيها في تطبيق النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)

شهّرت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية، الأربعاء، بمواطنين ومقيمين تورطوا بعدة قضايا جنائية باشرتها خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن العمل جارٍ لاستكمال الإجراءات النظامية بحقّهم.

وذكرت الهيئة، في بيان، أنه جرى، بالتعاون مع رئاسة أمن الدولة والبنك المركزي السعودي، القبض على المواطن خالد إبراهيم الجريوي، لتحايله بالاشتراك مع موظف في بنك محلي على الأنظمة البنكية واستخراج تمويل بمبلغ 493 مليون ريال بطريقة غير نظامية، موضحة أن الأول قدّم طلباً يتضمن صكوكاً لعقارات غير صحيحة وعقوداً وهمية لاستثمار تلك العقارات من قبل جهات حكومية، فيما قام الثاني بقبوله، ورفع بريداً إلكترونياً للجهات المختصة بالبنك مصدر التمويل بتأكيد صحة المحررات المقدمة.

وقالت: «قام الأول بعد استلام مبلغ التمويل بتحويل 100 مليون ريال لخارج المملكة، وشراء عقارات وتسجيلها بأسماء أقاربه بهدف إخفائها»، مضيفة أنه تم إيقاف «عبد الله مسعد العنزي، نواف جخيدب الحربي، عبد الرحمن مطر الشمري» من منسوبي «مديرية الجوازات» لتسهيلهم دخول وخروج الجريوي للمملكة بطريقة غير نظامية مقابل مبالغ مالية يتحصلون عليها، ومنوهة بأن المتهمين قد أقروا بما أسند إليهم من تهم، وجرى إيقافهم على ذمة القضية، وإحالتهم إلى المحكمة المختصة لإقامة الدعوى العامة عليهم.

وفي قضية ثانية، جرى بالتعاون مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، القبض على المواطن محمد غازي محمد السيد، والمقيمين اليمنيين عبد الملك أحمد قائد، وعبد الله عبده قاسم، لحظة تسليمهم مليوناً و499 ألف ريال، مقابل إدخال حاوية تبغ (دخان سجائر) من ميناء جدة الإسلامي دون دفع الرسوم الجمركية البالغة 7 ملايين و200 ألف ريال، بطريقة غير نظامية، عبر تضمين البيانات الجمركية أن البضاعة عبارة عن «مناديل ورقية».

وتابع البيان: «بتسهيل دخول الحاوية ومتابعة خط سيرها لتحديد المستفيد النهائي منها، تبين وصولها إلى مستودع بمحافظة جدة وإنزال البضاعة فيه، وتبيّن بتفتيشه وجود كميات كبيرة من منتجات التبغ المخالفة (غير معلومة المصدر) تم تجهيزها لنقلها للرياض والمنطقة الشرقية بطلب من المقيم الأول»، حيث جرى التنسيق مع هيئات «الزكاة والضريبة والجمارك، والنقل، والغذاء والدواء» وأمانة محافظة جدة، وتسليمهم الموقع وإعداد المحاضر اللازمة بذلك، وإغلاق المستودع تمهيداً لتطبيق المقتضى النظامي بحقّ مالكه من قبل الجهات المختصة، منوهةً بأن التحقيقات ما زالت مستمرة مع المتهمين تمهيداً لإحالتهم إلى المحكمة المختصة لإقامة الدعوى العامة عليهم.

أما في القضية الثالثة، فقد جرى بالتعاون مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، القبض على المقيم السوداني عثمان محمد نعيم عبد الرحمن لحظة تسليمه مركبة و20 ألف ريال، تمثل إجمالي المبلغ المتفق عليه، البالغ 80 ألف ريال، مقابل إدخال شحنة من «ميناء جدة» تحتوي على نحو 4 أطنان «تبغ»، وذلك بتضمين البيانات الجمركية أن الشحنة عبارة عن «أعلاف قادمة من السودان» دون دفع الرسوم الجمركية البالغة مليوناً و75 ألفاً و200 ريال بطريقة غير نظامية. وأشارت الهيئة إلى استمرار تحقيقاتها تمهيداً لإحالته للمحكمة المختصة لإقامة الدعوى العامة عليه.

وفي القضية الأخيرة، أوضحت الهيئة أنه جرى إيقاف الموظف بأمانة الجوف، خلف صالح مرزوق الخالدي، بالمرتبة الحادية عشرة، والمستثمر اليمني محمد علي عمر السقاف، لحصول الأول على 8 ملايين ريال من الثاني مقابل صرف مستخلصات لمشاريع أعمال صيانة طرق لم يتم تنفيذها على أرض الواقع بمبلغ 17 مليوناً و588 ألفاً و269 ريالاً، مبينة أن تحقيقاتها ما زالت مستمرة مع المتهمين تمهيداً لإحالتهم للمحكمة المختصة لإقامة الدعوى العامة عليهم.

وأكدت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد استمرارها في رصد وضبط كل من يتعدى على المال العام، أو يستغل الوظيفة لتحقيق مصلحته الشخصية، أو للإضرار بالمصلحة العامة، مشددة على مضيها في تطبيق ما يقتضي به النظام بحقّ المتجاوزين دون تهاون.