رحلة طويلة من أوكرانيا لفلسطين

رحلة طويلة من أوكرانيا لفلسطين
TT

رحلة طويلة من أوكرانيا لفلسطين

رحلة طويلة من أوكرانيا لفلسطين

بكثير من الدموع والأحضان، استقبلت عائلة دبابسة ابنهم محمد العائد من العاصمة الأوكرانية كييف بعد نحو 10 أيام على الحرب. ولأن الفلسطينيين اختبروا أكثر من غيرهم سلسلة من الحروب والمواجهات، فإنهم يدركون معنى أن تنجو بجلدك من حرب دولية وتعود عبر القارات إلى الحرب الصغرى المستمرة مع الاحتلال. وقال محمد الذي كان يدرس قانوناً دولياً في العاصمة كييف وتبقى له شهران قبل التخرج، إنه كان يأمل في البقاء على الرغم من الحرب لأنه لم يكن يخشاها في البداية وكان يعرف بعض ملامحها في فلسطين على الأقل، لكن كان ذلك قبل أن تبدأ القوات الروسية بإنزال جوي قريب على مكان سكنه على حدود العاصمة ويرى الدبابات تقترب ثم يبدأ القصف.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «في البداية كان القصف يطال مواقع عسكرية محددة... وحتى في الجامعة طلبوا منا الانتظام في الدوام. كنت قررت البقاء على الرغم من الحرب. لكن بعد ذلك توسع القصف ووصلت القوات الروسية. من شقتي على حدود العاصمة رأيت الإنزال الجوي والدبابات.
بدا الوضع خطيراً للغاية ثم توسع القصف. أغلقت الجامعة أبوابها وانخرط طلاب أوكرانيون في القتال. وطلبت منا الخارجية الاستعداد للعودة. مكثنا وقتاً في أحد المستشفيات بطلب من الطبيب الفلسطيني إسلام دبابسة الذي قام برعايتنا بعض الوقت». وتجمع نحو 40 من الطلاب لدى الطبيب الذي قام بمهمة إنسانية وحده، ثم بالتنسيق مع السلطات الفلسطينية تم إخراجهم بسيارات إلى محطة القطارات، ومن هناك إلى مدينة لفيف ثم إلى الحدود مع رومانيا. لكن الرحلة لم تكن على بساط أحمر. وقال دبابسة إن الرحلة استغرقت يومين وإنهم اضطروا للمشي نحو 17 كيلومتراً عند الحدود. وأضاف: «لا يوجد طعام ولا ملبس ولا أي شيء. أثلجت علينا مرتين. جربنا كل أنواع الإرهاق وكان علينا أن نصل إلى الحدود الرومانية لأن الضغط هناك أقل من الحدود مع بولندا».
وتعمل الخارجية الفلسطينية على إرسال الفلسطينيين إلى الحدود الرومانية التي تعد الأكثر أماناً، ثم تقوم السفارة الفلسطينين بالباقي، لكنها أيضاً أخرجت فلسطينيين عبر الحدود البولندية وعبر سلوفاكيا وصولاً إلى المجر.
من رومانيا غادر الطلاب إلى الممكلة الأردنية التي قررت معاملة الفلسطينيين كأردنيين، من دون رسوم ومن دون فحوصات كورونا ومن دون تسجيل للعودة. وقال دبابسة: «إنهم لم يشعروا بالأمان إلا عندما عبروا الحدود الرومانية التي عانوا فيها من تمييز وعنصرية». وأضاف: «كان هناك معبر للأوكرانيين. لا ينتظرون، أما البقية فكان عليهم الانتظار طويلاً.
لقد قضينا ساعات من القلق والخوف حتى عبرنا فجراً إلى رومانيا ومن هناك غادرنا إلى الأردن، هناك تبدد القلق والإرهاق وزال». لقد مر دبابسة عبر أكثر من حدود، أوكرانية ورومانية وأردنية ثم عبر الجسر الإسرائيلي ثم إلى المعبر الفلسطيني.
ورحلة دبابسة ليست الأولى ولا الأخيرة، إذ يعمل الفلسطينيون على إخراج نحو 2000 فلسطيني يعيشون في أوكرانيا، إضافة إلى 600 طالب. وأمس، وصلت طائرتا إجلاء تابعتان لسلاح الجو الملكي الأردني إلى مطار ماركا العسكري في المملكة الأردنية، وعلى متنهما عدد من الفلسطينيين ممن تم إجلاؤهم من أوكرانيا. وفي أوكرانيا تعمل «خلية أزمة» شكلتها الخارجية على إجلاء الفلسطينيين، لكنها تواجه مشاكل في بعض المدن بسبب عدم وجود ممر آمن وفي مناطق ريفية بعيدة يصعب الوصول إليها لأسباب مختلفة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.