العراق يعيد 800 لاجئ ويتسلّم 50 سجيناً من شمال شرقي سوريا

صورة أرشيفية لنازحين في مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لنازحين في مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

العراق يعيد 800 لاجئ ويتسلّم 50 سجيناً من شمال شرقي سوريا

صورة أرشيفية لنازحين في مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
صورة أرشيفية لنازحين في مخيم الهول شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

أجلت الحكومة العراقية وسلطات «الإدارة الذاتية» ومفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، المئات من اللاجئين العراقيين القاطنين في مخيمات شمال شرقي البلاد، عبر معبر اليعربية (تل كوجر) الحدودي مع العراق، كما تسلمت السلطات العراقية 50 سجيناً عراقياً متهمين بالانتماء لتنظيم «داعش» الإرهابي، وهذه كانت ثالث دفعة مطلوبين يتم تسليمها إلى بغداد عن طريق القيادة المركزية للتحالف الدولي المناهض للتنظيم في سوريا والعراق.
وقال مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) فرهاد شامي، لـ«الشرق الأوسط»، إن بعض وسائل الإعلام التركية تداولت أنباء وأخباراً «تدّعي إرسال قواتنا عدداً من مقاتليها إلى الحرب في أوكرانيا، هذه روايات كاذبة وزائفة، ونؤكد أن تلك المعلومات عارية عن الصحة، وتأتي في سياق المحاولات اليائسة لجهات تابعة للاحتلال التركي للإساءة إلى قواتنا»، وشدد على أن القوات المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن «قوة وطنية سورية، وأنها تكافح في سبيل حماية الأرض وشعوب المنطقة ضمن الجغرافيا السورية، ضد مختلف أشكال الهجمات التي تشنها قوى الإرهاب والاحتلال»، في إشارة إلى التدخل التركي وسيطرته على مناطق واسعة شمال شرق وشمال غربي سوريا.
إلى ذلك، غادرت دفعة ثانية من اللاجئين العراقيين القاطنين في مخيمات بمحافظة الحسكة ودخلت الأراضي العراقية عبر معبر اليعربية (تل كوجر)، بموجب تفاهم واتفاق بين سلطات «الإدارة الذاتية» والحكومة المركزية في بغداد وبإشراف مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وذكر شيخموس أحمد، رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين بالإدارة، لـ«الشرق الأوسط»، أن مجموع اللاجئين العراقيين الذين غادروا سوريا ووصلوا إلى المعبر الحدودي «بلغ نحو 800 شخص ممن تمت المواقفة عليهم من قبل الحكومة العراقية، فعملية المغادرة تتم بالتنسيق بين الإدارة ومفوضية اللاجئين بشكل طوعي وعلى شكل دفعات».
ونقل أحمد أنّ اللاجئين الذين غادروا مناطق الإدارة «معظمهم من الذين قدموا إلى المنطقة هرباً من نظام صدام حسين، وكانوا يقطنون في المناطق التابعة لناحيتي تل حميس وتل كوجر»، ويقدر عددهم بنحو 13 ألفاً، وناشد المجتمع الدولي ومفوضية اللاجئين القيام بواجبها وتقديم المساعدات للاجئين العراقيين وفتح المعابر الحدودية، «وعلى وجه الخصوص معبر اليعربية (تل كوجر) المغلق بفيتو روسي منذ أواخر عام 2019 وحتى الآن، لإجلاء باقي العراقيين الموجودين على الأراضي السورية».
هذا وكان وفد رسمي من الحكومة العراقية زارَ مناطق نفوذ الإدارة الذاتية في 25 ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي، برعاية قوات التحالف الدولي، وتفقد مخيمات الهول وروج واتفقوا مع سلطات الإدارة على التعاون والتنسيق لإخراج اللاجئين العراقيين على دفعات، على أن تشمل أولى الدفعات نحو 5 آلاف لاجئ يتبعها إخراج باقي اللاجئين الراغبين في العودة. وهذه الدفعة التي خرجت، أول من أمس (الخميس)، ثاني دفعة خلال العام الجاري بعد إجلاء 1250 عراقياً في 5 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسلمت الإدارة الذاتية الوفد العراقي قائمة تضم أكثر من 4 آلاف عراقي ممن بادروا إلى التسجيل، معظمهم من النساء وأطفالهن يريدون العودة طواعية لبلدهم.
ورحلت بغداد في شهر ديسمبر 2021 قسماً قليلاً من اللاجئين العراقيين في مخيم الهول كانوا 115 عائلة في وقت استعادت مائة عائلة خلال شهر سبتمبر (أيلول) من نفس العام، فيما رحلت في مايو (أيار) العام الفائت نحو 381 لاجئاً عراقياً يشكلون 95 أسرة إلى مخيم في محافظة نينوى داخل الأراضي العراقية، وبحسب إحصاءات مكتب شؤون النازحين واللاجئين، بلغ عدد الأسر العراقية التي عادت لبلدانها أكثر من 500 عائلة، ما مجموعه نحو ألفي شخص، من بين أكثر من 25 ألف لاجئ عراقي يقطنون مخيم الهول شرقي الحسكة.
في سياق متصل، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان نشر على موقعه الرسمي، بتسليم بغداد 50 سجيناً عراقياً متهمين بالانتماء والقتال إلى تنظيم «داعش» المتطرف، ومحتجزين في سجن الصناعة جنوبي مدينة الحسكة. وهذه العملية كانت الثالثة من نوعها حيث تسلمت السلطات العراقية 50 متهماً بالانتماء للتنظيم من الذين أُلقي القبض عليهم داخل الأراضي السورية في 8 يناير العام الجاري، كما أعلنت قوات «قسد» على موقعها الرسمي في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2021 تسليم 100 عراقي «داعشي» إلى السلطات العراقية، وذكرت أن الأجهزة المختصة التابعة للقوات «سلمت مائة إرهابي من معتقلي (داعش)، يحملون الجنسية العراقية، محتجزين في سجون شمال شرقي سوريا إلى الحكومة الاتحادية العراقية»، وذكر البيان أن عملية التسليم تمت وفق جدول عمل تم إعداده مسبقاً بين القوات والجانب العراقي لتسليم عناصر التنظيم المطلوبين للقضاء العراقي، «تمت عملية النقل عبر معبر ربيعة الحدودي بين سوريا والعراق، حيث تم تأمين وصولهم من قبل (قسد) إلى الجيش العراقي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.