السلطات الروسية تُحكم قبضتها على الإعلام في خضم غزو أوكرانيا

تقنيان في أحد مكاتب إذاعة «صدى موسكو» (أ.ف.ب)
تقنيان في أحد مكاتب إذاعة «صدى موسكو» (أ.ف.ب)
TT

السلطات الروسية تُحكم قبضتها على الإعلام في خضم غزو أوكرانيا

تقنيان في أحد مكاتب إذاعة «صدى موسكو» (أ.ف.ب)
تقنيان في أحد مكاتب إذاعة «صدى موسكو» (أ.ف.ب)

أقرت روسيا، اليوم الجمعة، مبدأ فرض عقوبات جزائية قاسية في حال نشر «معلومات كاذبة» عن الجيش، في أحدث خطوة تعكس تشدد موسكو في الداخل بالتزامن مع غزو أوكرانيا.
فقد اعتمد النواب الروس (الدوما) في قراءة ثالثة نصاً يتضمن عقوبات بالسجن وغرامات كبيرة لكل من ينشر «معلومات كاذبة» عن الجيش. وينص هذا التعديل على عقوبات مختلفة بالسجن لمدة يمكن أن تصل الى 15 عاما إذا أدت «معلومات كاذبة» إلى «عواقب خطيرة» على القوات المسلحة.
وينص تعديل منفصل أقر الجمعة أيضا على معاقبة مطلقي «الدعوات إلى فرض عقوبات على روسيا» التي تواجه إجراءات انتقامية غربية قاسية لغزوها أوكرانيا.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية «إنترفاكس» عن رئيس لجنة السياسة الإعلامية في الدوما ، ألكسندر خينشتين قوله إن «القانون يشمل جميع المواطنين وليس مواطني روسيا فحسب».
من أجل السيطرة على الرواية التي تقدمها عن هذا النزاع إلى الشعب الروسي، عززت السلطات الضغط على وسائل الإعلام المستقلة القليلة التي تمكنت من العمل في السنوات الأخيرة على الرغم من المناخ العدائي.
فقد أعلنت هيئة تنظيم وسائل الإعلام (روسكومنادزور)، الجمعة، أنها فرضت قيودا على الوصول إلى أربع وسائل إعلام مستقلة، بما فيها النسخة الروسية من الـ«بي بي سي» بطلب من النيابة العامة.

وقالت سلطة تنظيم وسائل الإعلام إن الاطلاع على المواقع الالكترونية لخدمة اللغة الروسية التابعة للـ«بي بي سي» و«دويتشه فيلله» و«ميدوزا» و«راديو سفوبودا»، الفرع الروسي لإذاعة «أوروبا الحرة»، صار «محدوداً».
وأوضحت أن هذه القرارات اتخذت بطلب من النيابة صدر في 24 فبراير (شباط) اليوم الذي بدأ فيه غزو أوكرانيا.
وفتحت الصفحات الرئيسية للـ«بي بي سي و«دويتشه فيلله» بشكل متقطع، إنما تعذر الاطلاع على بعض المقالات حول الحرب في أوكرانيا، حسب صحافيين من وكالة الصحافة الفرنسية في موسكو.
وفي موازاة ذلك، تعذر الوصول إلى الصفحتين الرئيسيتين لـ«ميدوزا» و«سفوبودا».
وكانت خدمة رصد الرقابة على الانترنت ـ«غلوبال تشيك» لاحظت ليل الخميس الجمعة وجود مشاكل في الوصول إلى هذه المواقع وكذلك صفحات «فيسبوك» التي تشهد تباطؤا منذ أيام في روسيا.
وتمول خدمة اللغة الروسية في الـ«بي بي سي» و«أوروبا الحرة» و«دويتشه فيلله» من لندن وواشنطن وبرلين على التوالي. وفي روسيا ينشر صحافيو هذه الخدمات باستمرار تحقيقات تنتقد الكرملين.
وكانت «دويتشه فيلله» منعت الشهر الماضي في روسيا وأجبر مراسلوها على التوقف عن العمل. لكن موقعها الالكتروني واصل عمله.
وتصف المنظمات غير الحكومية روسيا باستمرار بأنها واحدة من الدول الأكثر تقييدا لحرية الصحافة. لكن الوضع تفاقم منذ بدء غزو أوكرانيا. وفي هذا الإطار، منعت السلطات الروسية وسائل الإعلام من استخدام معلومات غير البيانات الرسمية حول غزو أوكرانيا. كما حظرت استخدام كلمات مثل «الحرب» و «الغزو». ويقدم الكرملين ووسائل الإعلام الرئيسية التي يخضع معظمها لسيطرته غزو أوكرانيا على أنه «عملية خاصة» محدودة تهدف إلى «حماية» السكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا من «إبادة جماعية».

وكانت إذاعة «صدى موسكو» أعلنت الخميس حل نفسها بينما علقت قناة «دوجد» بثها بعد تعطيل موقعيهما الالكترونيين.
وحذا موقع «زناك» الإخباري حذوهما وأعلن الجمعة توقفه عن العمل «بسبب كثرة القيود التي فرضت مؤخرا على عمل وسائل الإعلام في روسيا».
أما موقع «ذي فيليدج» الذي يشكل مرجعا للحياة الثقافية في موسكو فقرر إغلاق مكتبه في العاصمة الروسية للانتقال إلى وارسو ببولندا.
تكشف هذه الإجراءات حجم القمع الواسع في روسيا فلاديمير بوتين منذ 2020. وقد اتخذ منحى جديدا مع غزو أوكرانيا وتبني النواب قوانين قمعية حيال حرية التعبير.
وصنف عدد كبير من المطبوعات والصحافيين ضمن فئة «عميل للخارج» مما يعرضهم لإجراءات إدارية صارمة وملاحقات قضائية في حال حدوث انتهاكات بسيطة.
وأعلن القضاء الروسي في ديسمبر (كانون الأول) حل المنظمة غير الحكومية «ميموريال» التي تشكل رمزا للدفاع عن حقوق الإنسان وحارسا لذكرى الملايين من ضحايا جرائم الاتحاد السوفياتي. وثبت القضاء الحكم الإثنين الماضي.
وأعلنت «ميموريال» عن عمليات تفتيش لمكاتبها في موسكو، الجمعة. كما أعلنت المنظمة غير الحكومية الروسية العريقة لمساعدة المهاجرين «لجنة المساعدة المدنية» اليوم أيضاً إن عمليات تفتيش استهدفتها.

إلى ذلك، أعلنت المنظمة غير الحكومية «أو في دي-إنفو» توقيف أكثر من ثمانية آلاف شخص في روسيا لتظاهرهم لا سيما في موسكو وسانت بطرسبرغ، ضد غزو أوكرانيا منذ 24 فبراير يوم بدء الهجوم.
ويؤثر هذا القمع على الروس أولا، لكن أصواتا بدأت تهاجم المنظمات الأجنبية أيضا. فقد حمل رئيس الدوما فياتشيسلاف فولودين بعنف الجمعة على شبكات التواصل الاجتماعي الأميركية معتبرا أنها «استخدمت أسلحة» لنشر «الكراهية والأكاذيب». وقال «يجب أن نعارض ذلك».
كما اتهم فاليري فاديف رئيس مجلس الكرملين لحقوق الإنسان وسائل الإعلام الأجنبية التي اتهمها بنشر معلومات كاذبة حول النزاع في أوكرانيا. وقال «أطلقنا مشروعًا (...) لمواجهة الكم الهائل من الأخبار الكاذبة الآتية من أوكرانيا والدول الغربية».


مقالات ذات صلة

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

يوميات الشرق «الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
إعلام الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية» في الرياض.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الهواتف الجوالة مصدر معلومات بعيداً عن الرقابة الرسمية (تعبيرية - أ.ف.ب)

شاشة الجوال مصدر حصول السوريين على أخبار المعارك الجارية؟

شكلت مواقع «السوشيال ميديا» والقنوات الفضائية العربية والأجنبية، مصدراً سريعاً لسكان مناطق نفوذ الحكومة السورية لمعرفة تطورات الأحداث.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

أميركا تفرض قيوداً على شركتين صينيتين لأسباب تتعلق بحقوق الأويغور

الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
TT

أميركا تفرض قيوداً على شركتين صينيتين لأسباب تتعلق بحقوق الأويغور

الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)

أضافت الولايات المتحدة شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية، اليوم (الثلاثاء)، بسبب مزاعم تمكينهما ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مع مواصلة الرئيس الأميركي جو بايدن الضغط على بكين في الأيام الأخيرة من إدارته.

ووفقاً لـ«رويترز»، ذكرت وزارة التجارة، التي تشرف على سياسة التصدير، في وثيقة، أنها أدرجت شركة «تشوجانغ يونيفيو تكنولوجيز» إلى قائمة الكيانات «لأنها تمكن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عن طريق المراقبة باستخدام التقنية العالية التي تستهدف عامة السكان والأويغور وأفراد الأقليات العرقية والدينية الأخرى».

وأُضيفت شركة «بكين تشونجدون سكيوريتي تكنولوجيز غروب» الصينية المحدودة إلى القائمة لبيعها منتجات «تمكن مؤسسة الأمن العام الصينية من ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان».

ولم ترد شركة «يونيفيو» بعد على طلب للتعليق. ولم يتسنَّ الوصول إلى شركة «بكين تشونجدون سيكيوريتي» من أجل التعليق.

وتستخدم الولايات المتحدة منذ سنوات قليلة ماضية قائمة الكيانات لمعاقبة الشركات الصينية التي تتهمها بالمساعدة في قمع الصين للأويغور وغيرهم من الأقليات، بما في ذلك شركة المراقبة بالفيديو الصينية «هيكفيجن» في 2019.

وتجبر إضافة أي شركة إلى قائمة الكيانات الموردين الأميركيين للشركة المستهدفة على استصدار ترخيص يصعب الحصول عليه قبل الشحن إلى تلك الشركات. وأُضيفت 6 كيانات أخرى في روسيا وميانمار اليوم أيضاً.