الكونغرس الأميركي يطيح بمبدأ التوافق في البرلمان العراقي

التحالف الوطني صوّت ضد قراره بشأن التسليح.. والأكراد والعرب السنة انسحبوا

الكونغرس الأميركي يطيح بمبدأ التوافق في البرلمان العراقي
TT

الكونغرس الأميركي يطيح بمبدأ التوافق في البرلمان العراقي

الكونغرس الأميركي يطيح بمبدأ التوافق في البرلمان العراقي

بعد 12 سنة على مبدأ التوافق المعمول به في العراق على كل الصعد والمستويات أطاح مشروع قرار مقدم للكونغرس الأميركي من لجنة القوات المسلحة بتسليح العشائر السنية والبيشمركة الكردية بمعزل عن الحكومة العراقية بهذا التوافق.
ففي سابقة منذ عام 2003 وبعد أن أخفقت الكتل السياسية العراقية في التوصل إلى صيغة مناسبة لرد موحد من قبل البرلمان العراقي على مشروع قرار الكونغرس الأميركي، صوّت التحالف الوطني (الكتلة البرلمانية الشيعية الأكبر داخل البرلمان) ضد مشروع الكونغرس الأميركي بعد انسحاب كتلتي التحالف الكردستاني وتحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان).
وصوّت 162 عضوا من أصل 167 عضوا حضروا الجلسة لصالح الصيغة التي اقترحها التحالف الوطني للرد على القرار الأميركي في حين لم تحظ الصيغة بموافقة الأكراد والسنة بعد نحو 3 ساعات من الاجتماعات.
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري دعا خلال اجتماع لرؤساء الكتل السياسية على أهمية اتخاذ قرارات موحدة والوصول إلى صيغ مشتركة في التعامل مع الأزمات. وقال المكتب الإعلامي للجبوري في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن الأخير حث رؤساء وممثلي الكتل السياسية على «التعاون بشكل إيجابي وبناء، وضرورة تجاوز كل الخلافات من أجل التوصل إلى قرارات مصيرية موحدة تحقق مصالح الشعب وتسهم في تحقيق آماله وتطلعاته».
لكنه، طبقا لمصدر من داخل البرلمان العراقي فإن البرلمان وبعد جلسة استمرت نحو ثلاث ساعات لرؤساء الكتل أخفق في التوصل إلى رد مناسب على مشروع القرار الأميركي. من جهته، عد عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني فرهاد قادر أن «الخطورة لم تعد تكمن في مشروع قرار الكونغرس الأميركي الذي كانت الخشية منه أن يعمل على تقسيم العراق بل إن الخشية باتت اليوم في انفراد التحالف الوطني بالتصويت وحده على مشروع القرار الأميركي دون الأكراد والسنة وهو ما بات يهدد وحدة العراق».
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» كشف قادر ملابسات جلسة البرلمان أمس، قائلا «إن التحالف الوطني قدم صيغة للرد رفضناها نحن كاتحاد قوى كردستانية وكذلك الإخوة السنة في تحالف القوى العراقية لأن التحالف الوطني يصر على رفض المشروع دون مناقشة له بينما يتمثل موقفنا نحن والسنة في أهمية التوصل إلى صيغة موحدة من منطلق المبدأ الذي درجنا عليه وهو التوافق الوطني لا سيما في القضايا الكبرى التي نرى أن من شأن تجاوزه أن يهدد العراق ووحدته الوطنية». وأشار إلى أن «موقفنا كتحالف كردستاني وكذلك التحالف السني كان أننا نرحب بكل الجهود الخاصة بتسليح البيشمركة أو العشائر السنية في إطار الحكومة العراقية مع التأكيد على إيماننا جميعا بوحدة العراق لا سيما نحن وهنا أتحدث عن البيشمركة التي هي بحاجة ماسة إلى التسليح، علما بأن الحكومة العراقية ومنذ نحو سنتين لم تمنح حكومة إقليم كردستان على صعيد التسليح دينارا واحدا». وتساءل قادر «لماذا نقبل التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية ضد تنظيم داعش ولا نقبل تسليحها للبيشمركة والعشائر السنية في إطار الحكومة العراقية». وأوضح قادر أن «المشكلة على صعيد تهديد وحدة العراق ليست في مشروع القرار الأميركي بل في انفراد التحالف الوطني بالتصويت على هذا القرار وهو ما يعني عدم توفر الإرادة الحقيقية لتسليح الأكراد والسنة رغم حاجتنا إلى السلاح لمقاتلة (داعش) والإرهاب».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي، حسن خلاطي، لـ«الشرق الأوسط» أن «مسودة قرار الكونغرس الداعم لتقسيم العراق والتعامل مع المناطق بشكل مستقل ومنفصل خطوة من شأنها تعميق الانقسام في المجتمع العراقي ودفعه باتجاه التشظي، الأمر الذي يرفضه كل أبناء العراق». وأضاف خلاطي أن «من المهم هنا توحيد الصفوف والعمل على الدفاع عن العراق الموحد والمنسجم والذي يضم جميع العراقيين». وأوضح خلاطي أن «السياسات الإقليمية الخاطئة في العراق من شأنها أن تنعكس سلبا على الداخل العراقي لأنها قوضت مبدأ التوازن بينما كانت تتصور أنها بتدخلها ودعمها لبعض الأطراف إنما تخلق نوعا من التوازن».
في السياق نفسه، رأت لجنة العلاقات الخارجية النيابية أن «الرد على مسودة قرار الكونغرس الأميركي بشأن العراق جاء من الدول الصناعية السبع التي وجهت دعوة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لحضور مؤتمرها وهو دليل على احترامها لوحدة العراق». وقال عضو اللجنة عن دولة القانون عباس البياتي في مؤتمر صحافي في مبنى البرلمان العراقي إن «مجلس النواب والرئاسات الثلاث مع وحدة البلد وهم أقسموا على الحفاظ على وحدته واحترام سيادته واستقلاله والخلاف بين الكتل على صيغة قرار هو خلاف في العبارات والصياغات وليس في أصل الموضوع»، مشيرا إلى أن «البرلمان يريد أن يتخذ موقفا من القرار الذي يسعى الكونغرس لإصداره». وعد البياتي «عدم إصدار مجلس النواب موقفا وقرارا من مسودة قانون الكونغرس الأميركي رسالة خاطئة إلى الشعب العراقي»، مشددا على «ضرورة أن لا تكون بغداد مصرفا لإصدار الصكوك لثمن أسلحة تذهب مباشرة للآخرين».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.