رئيس الائتلاف السوري لـ {الشرق الأوسط}: «الفيتو» ضد حصولنا على المضادات الجوية سينتهي

خالد خوجة: قلت لكيري إن النظام السوري «يمكن أن يسقط في لحظة غير محسوبة وغير مرغوبة من الأطراف»

رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة (أ. ف. ب)
رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة (أ. ف. ب)
TT

رئيس الائتلاف السوري لـ {الشرق الأوسط}: «الفيتو» ضد حصولنا على المضادات الجوية سينتهي

رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة (أ. ف. ب)
رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجة (أ. ف. ب)

كشف خالد خوجة، رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض، عن تغير أساسي في مواقف الدول الداعمة للمعارضة السورية لجهة المساعدات العسكرية للجيش السوري الحر.
وقال خوجة في حوار عبر الهاتف، بمناسبة وجوده في الولايات المتحدة لإجراء سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين الأميركيين ومع أعضاء مجلس الأمن الدولي، إن «الفيتو الذي كان مفروضا على حصول الجيش السوري الحر على أسلحة المضادات الجوية سينتهي». وبموازاة ذلك، أفاد خوجة، لكن من غير الدخول في التفاصيل، بأن معلومات قدمت له عن جهد تبذله واشنطن من أجل «توفير آلية لإقامة المناطق الآمنة». ورأى رئيس الائتلاف أن «المقاربة الجديدة» التي تبنتها بلدان مثل المملكة السعودية وتركيا وقطر والأردن «غيرت المعادلات» السياسية والميدانية، وأن الإدارة الأميركية «مهتمة وتتابع التحولات بإيجابية».
وذهب خوجة لأبعد من ذلك، إذ أفاد بأنه ذكر لكيري أن «التغيرات الميدانية ستكون أسرع من التطورات والحسابات السياسية»، وأن النظام السوري «يمكن أن يسقط في لحظة غير محسوبة وغير مرغوبة من قبل الأطراف».
ويرى خوجة أن انتهاء المفاوضات النووية مع إيران، مهما كانت نتائجها، سوف تجعل واشنطن «طليقة اليدين» في تصرفها تجاه طهران. أما بالنسبة للمشاورات التي من المنتظر أن يبدأها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، الاثنين في جنيف، فإن الائتلاف لا يرى أنها ستفضي بالضرورة إلى «جنيف 3». وفي ما يلي نص الحديث:
* هل يمكنك أن تحدثنا عن النتائج التي أفضت إليها لقاءاتك واجتماعاتك مع أعضاء مجلس الأمن ومع وزير الخارجية الأميركي جون كيري والمسؤولين الأميركيين الآخرين؟
- أهم ما قمنا به هو الخطاب الذي ألقيته في مجلس الأمن، حيث طلبت فيه المساعدة على إيجاد «مناطق آمنة»، وهذه الرسالة كررتها وشددت عليها في كل اجتماعاتي.
بالطبع، حصل تغيير في المعادلة العسكرية على الأرض. النظام يتراجع في الجنوب والشمال، وبالمقابل يتقدم الجيش الحر مع الفصائل الأخرى. وفي الوقت نفسه، النظام يتفتت من الداخل بسبب وجود الاحتلال الإيراني الذي أفضى إلى تصادم داخل بنية النظام، مما يسهم في التفتت ويزيد من سيطرة حزب الله والقوات الإيرانية عليه. وما جرى في الأيام والأسابيع الأخيرة يأتي بالدليل على ذلك، إذ إن «العميد» رستم غزالة ليس وحده الذي مات.
هناك خمسة من عائلة الأسد ماتوا بعد اختفاء حافظ مخلوف «ابن خال الأسد»، أحدهم قيل عنه إنه مات بسبب المرض، لكن الأربعة الآخرين قتلوا بسبب اعتراضهم على وجود حزب الله بقوة. كما حصل إعدام ضباط سوريين كانوا يقاتلون في صفوف جيش النظام بسبب رفضهم لقيادة إيرانية للمعارك.
كل هذه العناصر توفر انطباعا عن انطلاق مرحلة انهيار النظام. لذا يتعين علينا أن نملأ خطوط التصدع التي كان يسيطر عليها النظام، وأن نوفر حوكمة مدنية من قبل الجيش الحر والائتلاف والحكومة الانتقالية، لأن النظام يمكن أن يسقط في لحظة غير محسوبة بما سيكون مفاجأة للجميع، وهو الأمر الذي كانت تحاول تفاديه سواء الدول الإقليمية أو اللاعبون الكبار في القضية السورية مثل الولايات المتحدة الأميركية.
* هل هي المحاور التي ركزت عليها في اجتماعك في مجلس الأمن ومع المسؤولين الأميركيين؟
- تناولت هذه المواضيع الرئيسية والرسالة التي نقلناها. ولقد لمسنا مساندة واضحة من الدول الداعمة الأساسية في مجلس الأمن. المعارضة جاءت فقط من قبل روسيا. السفير الروسي الذي حضر الاجتماع كرر موقف بلاده المعروف.
لكن تبين أن هناك عجزا عن إيجاد الحجج المقنعة للدفاع عن النظام بصدد النقاط التي أثرتها.
أما بالنسبة للقاء الذي حصل مع الوزير كيري، فقد تناولنا النقاط نفسها مع تركيز أكبر على مطلب المناطق الآمنة وعلى زيادة الدعم والمساندة للمعارضة السياسية والعسكرية من أجل إيجاد حوكمة أو إدارة مدنية في المناطق المحررة تساعد على تأمين الدعم الإنساني والتصدي لمشاريع المجموعات المتطرفة في حكم المناطق المحررة والاستفادة من الفراغ، وتساعد على حماية الأهالي والمدنيين من براميل النظام.
* ما الجديد تحديدا بالنسبة لموضوع المناطق الآمنة المطروح، كما نعلم، منذ شهور إن لم نقل منذ سنوات.. هل هناك اليوم تفهم أكبر أو ربما قبول من الطرف الأميركي باعتبار أن هذه المناطق لا يمكن أن تقام من غير دعم أميركي؟
- لا نريد الخوض في التفاصيل. وما يمكن أن نقوله هو أن ثمة قبولا أكبر اليوم لموضوع المناطق الآمنة، ولمسنا تحركا من قبل الإدارة الأميركية من أجل المساعدة على إيجاد هذه المناطق. تفاصيل الآليات لا نعرفها، لكن حصلنا على جواب قوامه أن هناك عملا جاريا على آلية تساعد على إيجاد المناطق الآمنة بمعنى وقف عربدة طيران النظام.
* هل المقصود منطقة محظورة على طيران النظام؟
- نحن لا نتحدث الآن عن منطقة حظر طيران، بل عن «مناطق آمنة». منطقة حظر الطيران تعني التحرك لقصف مواقع الصواريخ والطيران وما شابه.
التركيز اليوم من جانبنا على مناطق آمنة هي السبيل لحماية المدنيين من قصف الطيران. ونحن بصدد العمل للوصول إلى الآليات التي تحقق الهدف.
أود أن أشدد على أن ما يساعدنا على تغيير الموقف «الأميركي» هو الحراك في المنطقة وعزم دولها، وعلى رأسها المملكة السعودية كما بينت ذلك «عاصفة الحزم»، على وضع حد للنفوذ الإيراني والفوضى التي يسببها نظام الأسد الذي يخلق أزمة سواء عن طريق تعميق النفوذ الإيراني أو إيجاد المناخ الملائم للمجموعات المتطرفة التي أخذت تشكل تهديدا للأمن الإقليمي والاستقرار العالمي. وهذا التحرك يشكل محورا جديدا «فاعلا»، إذ إننا نلمس وضوحا أكبر في التحرك، والنتيجة أن المعادلات بدأت في التغير سياسيا وميدانيا بفضل المقاربة الجديدة التي تبنتها تركيا والسعودية وقطر والأردن.
ولا شك لدينا أن الإدارة الأميركية مهتمة وتتابع هذه التحولات بإيجابية.
* لو عدنا قليلا لموضوع المناطق الآمنة، هل يمكن أن نقول اليوم إن هناك تفهما أميركيا أكبر أو ربما رغبة أو حتى وعدا بإيجادها؟
- هناك تفهم. وقدمت لنا معلومات تفيد بأنه يجري العمل على إيجاد آلية لتوفير المناطق الآمنة.
* ما هو الانطباع العام الذي خرجت به من لقاءاتك مع المسؤولين الأميركيين.. ما هو تصورهم اليوم لمصير النزاع في سوريا؟
- بالتأكيد، عملية الانتقال السياسي هي التي تهمنا وتهمهم. ثمة مجموعة تساؤلات حول هذه العملية وبالذات مصير النظام وبشار الأسد.
نحن ركزنا على أن الأسد لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال جزءا من عملية الانتقال السياسي. وكما أنه ليست لدينا شروط مسبقة لانطلاق العملية التفاوضية نفسها فإننا، قطعيا، موقفنا واضح وهو أن العملية التفاوضية يجب أن تؤدي إلى رحيل بشار الأسد ونظامه. كذلك ركزنا على ضرورة أن تترافق العملية الانتقالية مع قيام العدالة الانتقالية.
وحتى تتمتع هذه العدالة بالمصداقية فيجب أن يحاسب كل من اقترف جرائم حرب من كل الأطراف محاسبة عادلة. والرؤية التي قدمناها سواء لمجلس الأمن أو للوزير كيري والمسؤولين الآخرين تقوم على اعتبار أن العملية الانتقالية بمحاورها الأربعة يجب أن تكون متزامنة (إنشاء قوة الاستقرار، وإعادة بناء الجيش السوري والقوى الأمنية، والعدالة الانتقالية، وإعادة الإعمار).
كل هذه العناصر يجب أن تتزامن، وأي سيناريو يطرح بشار الأسد في العملية الانتقالية سيكون فاشلا وسيزيد من الأزمة.
وقد طرحت على المحاورين السيناريو اليمني مع علي عبد الله صالح حيث إن وجوده في اليمن لم يفاقم الأزمة داخليا فقط بل جعلها أزمة إقليمية وزاد تهديد إيران للمنطقة.
* هل يمكن أن أعبر عما تقوله بما يلي: نحن لم نعد نطالب برحيل الأسد كشرط مسبق؟
- أنا لا أقول إننا لم نعد نطالب بهذا، لأننا أصلا ومنذ البداية ما اتفقنا عليه بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2118 هو مبادئ جنيف التي تنص على جلوس طرفي الصراع على طاولة المفاوضات لإيجاد هيئة حكم انتقالية.
وفي هذا الإطار، كان موقفنا واضحا: لا شروط مسبقة عند الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ولم تكن لدينا شروط مسبقة عند انعقاد مؤتمر «جنيف 2».
هذا أصلا موقفنا القائل إن عملية التفاوض يجب بالضرورة أن تؤدي، بحسب بيان جنيف، إلى تشكيل جسم سياسي جديد بكل الصلاحيات التنفيذية. وعندما يتحدث البيان عن «كل الصلاحيات التنفيذية» وعن «الموافقة المتبادلة»، فهذا يعني أن لأي طرف الحق في الاعتراض على أي شخص يقترحه الطرف الآخر أو أي مؤسسة موجودة لدى الطرف الآخر.
وعملا بهذا المبدأ، نحن نقول ونؤكد ونكرر أن لدينا «فيتو» على بشار الأسد ومنظومته الأمنية. هذا هو موقفنا ولم يتغير.
* هل نستطيع اليوم أن نقول إن التحولات الميدانية الحاصلة على جبهتي الجنوب والشمال ومناطق أخرى يمكن أن تدفع بالملف السوري لأن تكون له الأولوية لدى الولايات المتحدة؟
- أعتقد أولا أن المعادلة في المنطقة تغيرت بعد «عاصفة الحزم». لقد وضعت «خطا أحمر» للتدخل الإيراني من قبل السعودية.
وأصبح هناك تقارب تركي خليجي وعملية توافق خليجي - خليجي على أن الأولوية هي الخطر الإيراني. الخطر الموجود في اليمن هو نفسه الموجود في سوريا، لا بل إن رأس الأفعى في سوريا.
والنتيجة أن الحراك جعل من أولوياته كذلك التعاطي مع الوضع السوري. وأكثر من ذلك، هذا الحراك دفع بالولايات المتحدة الأميركية لأن تتماشى مع هذه الأولوية.
ولا نقول بالضرورة إن أولويات الولايات المتحدة تغيرت، ولكن بالضرورة أنها انضمت إلى أولويات المنطقة، ولا يمكن بعدها للولايات المتحدة أن تتجاهل هذا الواقع الجديد وهي تتعامل معها بإيجابية.
* ثمة شبه إجماع على قرب التوصل إلى اتفاق نووي نهائي بين إيران والأسرة الدولية ممثلة بمجموعة «5+1» نهاية يونيو (حزيران) المقبل.. هل لدى الائتلاف مخاوف من انعكاسات ذلك سلبا على القضية السورية؟
- أعتقد أن نهاية العملية التفاوضية مع إيران بغض النظر عن مخرجاتها تجعل الولايات المتحدة تستعيد حرية التصرف. الآن، هناك مؤشرات على أن واشنطن، وبسبب تغيير المعادلة التي تحدثنا عنها والإرادة الجديدة لدول المنطقة لتغيير المعادلة، أصبحت في وضعية عدم القدرة على تجاهل الحراك الجديد.
لذلك، تعاملها بإيجابية الآن مع المتغيرات سيعني أن هذه الإيجابية ستزيد مع انتهاء المفاوضات بخصوص الملف النووي الإيراني وستكون طليقة اليدين.
واسمح لي أن أقول بكل صراحة كسوري إن الفيتو الذي كان مفروضا على الحصول على المضادات الجوية لعدم الوصول إلى أيادي الجيش السوري الحر سينتهي.
* هذا تطور بالغ الأهمية..
- نعم. وهذا ما كنا نحتاجه منذ بداية استخدام النظام لسلاحه الجوي وحتى هذه اللحظة.
* ألم يقل لكم إن من يحقق الانتصارات على الأرض ليس الجيش السوري الحر بل «النصرة» وأخواتها؟
- أكيد. هذا قيل لنا، ونحن أجبنا بأن الدعاية الإعلامية لـ«النصرة» تتفوق على دعاية الجيش السوري الحر والمعارضة، والتخوف الغربي من «النصرة» سيجعل هذه الدعاية تزداد.
لكن الحقيقة أن «النصرة» أثبتت بعد تحرير إدلب أن قواها هي القوى الأقل نسبة، وأن الاعتدال هو الذي سيطر على «جيش الفتح»، وهو ما يظهر في قبول المجموعات أو الفصائل التي يتشكل منها «جيش الفتح» أن إدلب ستدار بإدارة مدنية.
النصرة نفسها تنصاع لهذه الإرادة، وفعلا تم توفير الخدمات عن طريق وحدة التنسيق والدعم، وعن طريق بعض الوزارات في حكومة المعارضة ومنها الداخلية والتربية.
* هل كانت هذه الحجة مقنعة؟
- أعتقد أنها كانت مقنعة. وجود «النصرة» وباقي المجموعات المتطرفة ليس هو من مخرجات الثورة السورية، بل من مخرجات النظام نفسه، وبسبب ضآلة الدعم الذي كان يصل إلى المعارضة المعتدلة.
وإذا كان بعض المقاتلين اتجهوا إلى الجماعات المتطرفة فبسبب الدعم الذي كانت تحصل عليه تلك الجماعات.
وهذا لم يكن ذنب الثوار، بل ذنب الدول التي قطعت الدعم عن المجموعات المعتدلة. قلت وطرحت ذلك في أغلب لقاءاتي.
* هل مشاورات جنيف التي دعا إليها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا والمفترض أن تبدأ الاثنين مجرد «طبخة بحص»؟
- المبعوث الدولي دي ميستورا وفريقه كانوا يتجولون في المنطقة ويلتقون معنا ومع الفصائل والنظام وكل الأطراف العسكرية وتنظيمات المجتمع المدني. الآن، أعتقد أنه يسعى للشيء نفسه مع فارق، هو أنه بدل أن يذهب إلى ملاقاة الأطراف فإنه يدعوهم لملاقاته لتقديم رؤيتهم حول تطبيق مبادئ جنيف.
الآن، لا نتحدث عن «جنيف 3» ومن المبكر الحديث عن ذلك.
دي ميستورا يريد أن يشكل في ذهنه تصورا من خلال المعطيات التي ستقدمها إليه الدول الموجودة داخل مجموعة «أصدقاء سوريا» أو الائتلاف والمعارضة أو النظام نفسه.
وشعوري أنه إذا لم تكن هناك جدية عند النظام بأن يعود لطاولة المفاوضات وفقا لمبادئ جنيف، فلن يكون لهذه الجولة أي معنى. المفتاح هو وجود قوة ضاغطة على النظام تفرض عليه العودة إلى طاولة المفاوضات. ومن غير ذلك، لا أعتقد أن كل هذا الحراك سيؤدي إلى حل سياسي.
* ربما يكون المفتاح التغييرات التي تحصل ميدانيا.. أليست هذه رؤيتك؟
- بالضبط. ولقد ذكرت لوزير الخارجية الأميركي أن التغيرات الميدانية ربما ستكون أسرع من التطورات والحسابات السياسية، ويسقط النظام في لحظة غير محسوبة وغير مرغوبة من قبل الأطراف.
* ما المقصود؟
- غير مرغوبة لأن سقوط النظام في لحظة غير محسوبة وفي ظل تهديد «داعش» و«النصرة» سيؤدي بنا إلى سيناريو صراع على السلطة غير مسيطر عليه إذا لم تكن هناك مناطق آمنة وحوكمة ودعم للجيش السوري الحر ومأسسة له وإيجاد تراتبية داخله وتطبيق «سيناريوهات اليوم التالي»، وستستمر حالة الفوضى بطريقة أخرى.
* المفضل إذن أن يكون الانتقال «تحت السيطرة»؟
- بالطبع. لدينا اليوم في الجنوب والشمال مناطق محررة يسيطر عليه الجيش السوري الحر، والاعتدال هو الغالب فيها رغم دعاية «النصرة».
هناك وجود لـ«النصرة» في الجنوب ونحن لا ننكره، لكنها (النصرة) ليست القوة الكبرى، وهذا يصح أيضا على حلب وإدلب.
فلماذا التقاعس عن دعم المجالس المحلية والجيش الحر في المناطق التي يسيطر عليها؟ إذا توافر الدعم الحقيقي وتوافرت التراتبية للجيش السوري الحر فإنه يمكن أن يتحول إلى جيش وطني ونواة لجيش سوريا المستقبلي، إذ لدينا 70 ألف مقاتل في الجنوب والشمال. وفي حال سقوط دمشق سيتحول هذا الجيش إلى دمشق ويمنع المجموعات المتطرفة من أن تغزو العاصمة.
ويمكن أن نضيف أن هذا الجيش سيستطيع مع ما بقي من جيش النظام (الأرقام متغيرة ما بين 70 إلى 125 ألف عسكري أغلبيتهم لم يرتكبوا جرائم بل هم جنود كانوا يطيعون أوامر النظام) تشكيل جيش سوريا الوطني الذي يستطيع أن يحافظ على بنية الدولة وفرض الاستقرار.
* هل أثرت مع الأميركيين مسألة بحثهم عن سوريين لتدريبهم في إطار خطة الـ15 ألف مقاتل للسنوات الثلاث المقبلة فيما لديكم خزان واسع يمكن أن يغرف منه؟
- قلنا لهم ذلك، وقلنا أيضا إن برنامج التجهيز والتدريب إذا لم يتحول إلى برنامج لتأسيس قوة استقرار وطني تحافظ على المناطق الآمنة فلن يكون له معنى.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.