بوتين يؤكد سير العملية العسكرية بـ«نجاح» ويشيد بشجاعة الجنود

الاستخبارات الروسية تكشف تخطيط الناتو لإنشاء قاعدتين عسكريتين في أوكرانيا

بوتين يؤكد سير العملية العسكرية بـ«نجاح» ويشيد بشجاعة الجنود
TT

بوتين يؤكد سير العملية العسكرية بـ«نجاح» ويشيد بشجاعة الجنود

بوتين يؤكد سير العملية العسكرية بـ«نجاح» ويشيد بشجاعة الجنود

أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، أن العملية العسكرية في أوكرانيا «تمضي في التزام صارم بالجدول الزمني، ويتم حل جميع المهام المحددة بنجاح». وأشاد بـ«شجاعة الجنود والضباط الروس الذين يقومون بالوفاء بالمهام الموكلة وخصوصاً حماية شعبنا في دونباس، وضمان أمن وطننا، مع فهم كامل لصواب قضيتهم، حتى إن الجرحى من الجنود والضباط يبقون في صفوفهم ويضحون بأنفسهم وأرواحهم لإنقاذ الرفاق والمدنيين».
وجاءت تصريحات بوتين في إطار اجتماع لمجلس الأمن القومي الروسي، هو الأول منذ قرار إطلاق العملية العسكرية. واستهل الحاضرون الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت على أرواح العسكريين الروس الذين قتلوا خلال الأيام الماضية، علماً بأن موسكو كانت أعلنت عن خسارة نحو 500 عسكري في أسوأ حصيلة لروسيا منذ سنوات طويلة.
وقال بوتين إن «القوميين والمرتزقة الأجانب، بمن فيهم أولئك القادمون من الشرق الأوسط، يختبئون وراء المدنيين كدروع بشرية، لقد سبق أن قلت إن هناك معطيات موضوعية تماماً عن كيفية وضعهم لمعدات عسكرية ثقيلة في أماكن سكنية». وأضاف أن «الجنود الروس قدموا ممراً، ووفروا وسائل النقل حتى تتاح للمدنيين فرصة المغادرة، لكن القوميين لا يسمحون بذلك».

ورغم تباطؤ تقدم القوات الروسية في اليوم الثامن منذ اندلاع المعارك، فإن مسار التطورات أشار إلى اقتراب موسكو من تحقيق أحد أهم الأهداف الميدانية للحرب في أوكرانيا، وهو السيطرة بشكل كامل على كل مناطق إقليم دونباس.
وفي مقابل نجاح القوات الأوكرانية في اليومين الأخيرين من صد هجوم عنيف على العاصمة كييف وخاركوف المدينة الثانية في البلاد (شرق)، فإن تقدم القوات الروسية ومجموعات الانفصاليين التابعة لها تواصل في مناطق شرق لوغانسك، بالتوازي مع إحكام السيطرة لقوات دونيتسك على المحور الجنوبي للبلاد.
وقال إيفان فيليبونينكو، المتحدث باسم الميليشيا الشعبية في لوغانسك، الخميس إن القوات نجحت في تحقيق اختراق كبير عبر السيطرة على بلدة نوفويدار بعد هجوم واسع. وبذلك، التقت القوات مع وحدات الجيش الروسي التي تقدمت في المنطقة من الشمال. وزاد أن هذه النتيجة تزامنت مع السيطرة على سبع بلدات في المنطقة الشرقية للوغانسك، مرجحاً استكمال مهمة السيطرة بشكل كامل على إقليم لوغانسك في حدوده الإدارية قبل الانفصال في عام 2014. وكان لافتاً في هذا الشأن، تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، حول «ضرورة الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك في حدودهما الإقليمية الكاملة». تزامن ذلك مع إعلان وزارة الدفاع الروسية أن العمليات العسكرية أسفرت منذ بدء المعارك عن تدمير 1612 منشأة عسكرية أوكرانية، و52 طائرة.
وأفاد الناطق باسمها إيغور كوناشينكوف في إيجاز صحافي صباحي، بأن بين المواقع التي تم تدميرها 62 موقع تحكم ومركز اتصالات للقوات المسلحة الأوكرانية، و39 من أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز «إس - 300»، وبوك و52 محطة رادار. وأضاف أن العملية العسكرية أسفرت كذلك حتى الآن عن تدمير 49 طائرة على الأرض و13 طائرة في الجو، و606 دبابات ومركبات قتالية مصفحة أخرى، و67 صاروخاً، و227 قطعة مدفعية ميدانية ومدافع هاون، و405 وحدات من المركبات العسكرية الخاصة، و53 طائرة مسيرة.
في الوقت ذاته، قال كوناشينكوف إن المخابرات العسكرية الأميركية أطلقت حملة واسعة النطاق لتجنيد مرتزقة من شركات عسكرية خاصة بغرض إرسالهم إلى أوكرانيا، مشيراً أيضاً إلى أن بريطانيا والدنمارك ولاتفيا وبولندا وكرواتيا سمحت قانونياً لمواطنيها بالمشاركة في الأعمال القتالية على أراضي أوكرانيا. وأضاف أن «قيادة الفيلق الأجنبي الفرنسي تخطط لإرسال أفراد عسكريين من أصل أوكراني لمساعدة نظام كييف».
وكانت موسكو زادت خلال اليومين الماضيين من التقارير التي تفيد باستخدام الأسلحة والمعدات العسكرية التي أرسلها الغرب لدعم أوكرانيا في العمليات القتالية. ووفقاً للمعطيات فقد واجهت القوات الروسية مدرعات بريطانية الصنع، كما تعرضت الدبابات الروسية في أكثر من موقع لهجمات قوية باستخدام أنظمة «جافلين» الأميركية.
في الأثناء، كشف رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين جانباً من دوافع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. وقال خلال اجتماع أمني أمس، إنه تم إنشاء قاعدتين بحريتين في أوكرانيا بدعم من بريطانيا.
وأوضح أن «المملكة المتحدة، ساعدت الأوكرانيين بشكل قوي لإطلاق قاعدتين بحريتين على سواحل البحر الأسود وبحر آزوف». وأضاف أن «العمل جرى لتحديث معدات الملاحة الجوية للمطارات العسكرية الأوكرانية، الأمر الذي كان سوف يسمح لها في المستقبل باستقبال طيف كامل لطيران النقل العسكري للتحالف الغربي».
كما قال المسؤول الأمني إن لدى جهازه «أدلة على أن أوكرانيا عملت على تطوير سلاح نووي».
وزاد أن «أوكرانيا احتفظت بالإمكانيات الفنية لإنتاج أسلحة نووية، وهذه القدرات أعلى بكثير من تلك التي تمتلكها إيران أو كوريا الشمالية». ووفقاً للمعلومات الاستخباراتية، فقد تم «تنشيط العمل في هذا الاتجاه في أوكرانيا». وتابع: «لسنا وحدنا من يعرف ذلك، بل الأميركيون أيضاً على علم». واتهم واشنطن بأنها كانت «راضية عن تطوير قدرات أوكرانية قد تتوجه نحو الشرق والغرب». ووصف ناريشكين الوضع الحالي بأنه «حرب ساخنة مع الغرب».
وأوضح: «يحب السياسيون والمعلقون الغربيون تسمية ما يحدث بأنه حرب باردة جديدة، يبدو أن المتوازيات التاريخية ليست مناسبة تماماً هنا. لقد وصلت الحرب إلى حدود وطننا، لذا بالنسبة إلينا هي بالتأكيد ليست باردة، لكنها حرب ساخنة تماماً».
إلى ذلك، حذر أمس، ميخائيل ميزينتسيف رئيس مركز الدفاع الوطني التابع لوزارة الدفاع، مما وصفه «تفاقم الوضع الكارثي في المجال الإنساني على كامل أراضي أوكرانيا». وقال خلال اجتماع طارئ عقده مركز التنسيق المشترك بين الإدارات للاستجابة الإنسانية أن «كارثة إنسانية تقترب بسرعة في كييف وماريوبول وخاركوف وسومي وما لا يقل عن عشرين بلدة أو تجمعا سكانيا كبيرا».
موضحاً أن «أسباب الاجتماع الطارئ هي الكارثة الإنسانية الوشيكة بالفعل في ماريوبول، مدينة يبلغ عدد سكانها نصف مليون نسمة، وكارثة مماثلة وشيكة في كييف التي يبلغ عدد سكانها حوالي 3 ملايين نسمة، وفي خاركوف التي يصل عدد سكانها إلى مليون ونصف المليون نسمة فضلاً عن المناطق الأخرى التي يحتجز النازيون فيها عشرات الآلاف من المواطنين الأوكرانيين ولا يسمحون لهم بالخروج إلى أماكن آمنة».
ميدانياً أيضاً، أعلن رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف، أن القوات الشيشانية المشاركة في الحرب الأوكرانية نجحت في السيطرة على قاعدة عسكرية كبرى في أوكرانيا، بعدما «دحرت كتيبة تابعة للقوميين المتطرفين الأوكرانيين».
وأفاد بيان نشر في صفحة قديروف على «تليغرام»: «تواصل القوات الخاصة الشيشانية بقيادة حسين مجيدوف تحقيق النجاحات في العمليات الهجومية ضد القوميين، وبمجرد ظهور مقاتلينا تسارع فيالق النازيين إلى الهرب، هذا طبعاً في حال كان لديهم الوقت لذلك». وزاد أن «كتيبة كاملة من القوميين هزمت وفر أكثر من 2500 من دون إبداء مقاومة».
في الوقت ذاته، أعلن الرئيس الشيشاني المعروف بولائه الشديد لبوتين عن مكافأة مالية ضخمة لمن «يقتل قادة المجموعات القومية في أوكرانيا». وزاد: «يتم الإعلان عن مكافأة مقابل رؤساء قادة القوميين الأوكرانيين. أقول هذا ليس كمسؤول، ولكن كمتطوع نيابة عن الوطنيين الروس، الذين يجمعون الأموال ويدعمون هذا. 500 ألف دولار لرئيس كل مجموعة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».