«العلا» تعيد توطين أكثر من 80 حيواناً برياً

بالتزامن مع اليوم العالمي للأحياء البرية

مجموعة من الحيوانات البرية في محمية شرعان الطبيعية بالعلا (الشرق الأوسط)
مجموعة من الحيوانات البرية في محمية شرعان الطبيعية بالعلا (الشرق الأوسط)
TT
20

«العلا» تعيد توطين أكثر من 80 حيواناً برياً

مجموعة من الحيوانات البرية في محمية شرعان الطبيعية بالعلا (الشرق الأوسط)
مجموعة من الحيوانات البرية في محمية شرعان الطبيعية بالعلا (الشرق الأوسط)

أعادت الهيئة الملكية لمحافظة العلا توطين مجموعة من الحيوانات البرية، بالتزامن مع «اليوم العالمي للأحياء البرية»، في محمية شرعان الطبيعية، وذلك ضمن خطتها الهادفة إلى إعادة توطين الأنواع المحلية من الحيوانات البرية التي تواجه تهديدات عديدة وتتناقص أعدادها في مواطنها الطبيعية.
ويتضمن برنامج إعادة التوطين 20 مهاً عربياً و50 غزالاً رملياً و10 وعول جبلية، تم وضعها في مسيجات ما قبل الإطلاق حتى تتكيف مع المناطق الجديدة قبل أن يتم إطلاقها في محمية شرعان الطبيعية، وكانت الحيوانات البرية قد جلبت من مركز الملك خالد لأبحاث الحياة الفطرية، الذي يعمل تحت مظلة المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، وسيتم إطلاقها في محمية شرعان في 17 مارس (آذار).
وعن هذه الخطوة، قال الدكتور محمد قربان، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، إن «برنامج الهيئة الملكية لمحافظة العلا لإطلاق الحيوانات يعكس ما يمكن تحقيقه عند تكامل العمل بين الجهات المعنية بالجانب البيئي، إذ تُسهم مثل هذه التدابير التي تُحافظ على التنوع البيولوجي في الحفاظ على أنواع الكائنات الحية في بيئاتها الطبيعية في جميع أنحاء المملكة، وضمان استمراريتها للأجيال المقبلة. وتُمثل الثدييات الكبيرة عناصر مهمة في هذه النظم البيئية، حيث تشير حالتها إلى مدى استدامة النظام البيئي الذي تعيش فيه».
وقال المهندس عمرو بن صالح المدني، الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا: «إننا نعمل في الهيئة الملكية لمحافظة العلا على تحقيق رؤية القيادة التي تتطلع إلى إعادة التوازن البيئي في المملكة، ولذا نسعى دائماً إلى الالتزام بحماية الحياة البرية والموائل الطبيعية في العُلا وتنميتها، وتعد مشاركتنا في عملية إعادة التوطين المتزامنة مع اليوم العالمي للأحياء البرية، تأكيداً على التزامنا الكبير بتحقيق جهود التنمية المستدامة التي تقوم عليها الهيئة للتعريف بالعُلا كوجهة عالمية للتراث والثقافة والسياحة، تماشياً مع مبادرة (السعودية الخضراء)، مستهدفين الوصول إلى 80 في المائة من مساحة محافظة العلا إلى محميات طبيعية».
وتتماشى عملية الإطلاق مع إرشادات الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة التي تنص على ضرورة مراقبة تطور برنامج إعادة الإدخال، حيث ستقوم الهيئة الملكية لمحافظة العلا بمراقبة الحيوانات التي تم إطلاقها حديثاً باستخدام الأطواق المتصلة بالأقمار الصناعية ومصيدة الكاميرا وأدوات SMART.
من جانبه، قال أحمد المالكي، مدير المحميات الطبيعية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا: «كل خطوة نتخذها إلى الأمام في برنامج إطلاق الحيوانات هي محطة فارقة ضمن جهودنا لتحقيق رؤيتنا في الحفاظ على الموائل والمساحات الطبيعية وإعادة إنتاج الأنواع الحية المحلية. فمن خلال إعادة الأنواع الأصلية إلى مكانها، نعيد التوازن للبيئة».
وأضاف: «سيواصل برنامج الإطلاق المضي قدماً في تنفيذ خططه في السنوات المقبلة، بينما نعمل على تحقيق هدفنا طويل الأمد المتمثل في إعادة إدخال 12 نوعاً محلياً بحلول عام 2035».
يذكر أن أولى مبادرات عمليات إطلاق الحيوانات البرية في محمية شرعان الطبيعية كانت في فبراير (شباط) 2019 من قبل الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة الهيئة، بالتزامن مع إطلاق رؤية العُلا، ثم أطلقت الهيئة عمليتي إطلاق أخرى كانت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 بمحمية شرعان الطبيعية، وفي مارس 2021 بموقع الحِجر، وذلك ضمن خطة طويلة الأمد بالمبادئ الاستراتيجية الـ12 التي تلتزم بها الهيئة وتهدف إلى تنمية المحافظة تنمية مستدامة.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد مقر انعقاد المؤتمر في «قاعة مرايا» (مؤتمر العلا)

«جاكسون هول العُلا» يؤسس لمنصة ترفع صوت الاقتصادات الناشئة دولياً

جاء انعقاد مؤتمر «العُلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» في توقيت بالغ الأهمية، حيث يشهد العالم والمنطقة تحولات اقتصادية وتكنولوجية وجيوسياسية كبيرة.

هلا صغبيني (العُلا)
الاقتصاد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كرستالينا غورغييفا (مؤتمر العلا)

في ختام «مؤتمر العلا»… غورغييفا توجِّه 3 رسائل لتعزيز نمو الأسواق الناشئة

وجَّهت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كرستالينا غورغييفا 3 رسائل للدول الناشئة لتعزيز نموها الاقتصادي، وهي التنويع الاقتصادي، وتبنِّي سياسات مرنة، والرقمنة.

«الشرق الأوسط» (العُلا)
الاقتصاد 
وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال كلمته الافتتاحية (مؤتمر العُلا)

«مؤتمر العلا» يبحث تحديات الأسواق الناشئة

فرضت حالة عدم اليقين التي يواجهها الاقتصاد العالمي نفسها على النسخة الأولى من «مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» الذي جمع وزراء مالية ومحافظي بنوك مركزية.

هلا صغبيني (العلا)
الاقتصاد وزير المالية السعودي يشهد توقيع اليمن اتفاقية إعادة هيكلة ديونه مع صندوق النقد العربي في العلا (الموقع الإلكتروني لصندوق النقد العربي)

اليمن يوقّع اتفاقاً مع صندوق النقد العربي لإعادة هيكلة ديونه

ذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، اليوم الأحد، أن الحكومة المعترَف بها دولياً وقّعت اتفاقية مع صندوق النقد العربي لإعادة هيكلة ديون اليمن للصندوق.

«الشرق الأوسط» (العلا)

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».