واشنطن «منفتحة» على فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي

حظر الطيران الروسي في الأجواء الأميركية وعقوبات إضافية على رجال أعمال

أفادت تقارير بأن محللي الاستخبارات يدققون في كلام بوتين وحركاته بحثاً عن مؤشرات حول حالته العقلية ومزاجه وخططه ونياته (أ.ف.ب)
أفادت تقارير بأن محللي الاستخبارات يدققون في كلام بوتين وحركاته بحثاً عن مؤشرات حول حالته العقلية ومزاجه وخططه ونياته (أ.ف.ب)
TT

واشنطن «منفتحة» على فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي

أفادت تقارير بأن محللي الاستخبارات يدققون في كلام بوتين وحركاته بحثاً عن مؤشرات حول حالته العقلية ومزاجه وخططه ونياته (أ.ف.ب)
أفادت تقارير بأن محللي الاستخبارات يدققون في كلام بوتين وحركاته بحثاً عن مؤشرات حول حالته العقلية ومزاجه وخططه ونياته (أ.ف.ب)

في أحدث مؤشر على احتمال أن تلجأ الولايات المتحدة على معاقبة آخر وأهم القطاعات الروسية المدرة للمال، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن واشنطن تفكر مليا بفرض عقوبات على قطاع النفط والغاز الروسي. وأضافت في مقابلة تلفزيونية مع محطة «سي إن إن»، أمس الأربعاء، أن بلادها تبحث في التأثيرات المحتملة لذلك على الأسواق العالمية وأسعار الطاقة في الولايات المتحدة. ولدى سؤالها عما إذا كانت واشنطن وحلفاؤها الغربيون سيفرضون عقوبات على قطاع الطاقة والغاز الروسي، قالت ساكي: «نحن منفتحون للغاية». وتابعت قائلة: «نحن نبحث الأمر. هو مطروح بشدة على الطاولة، لكننا نحتاج لتقييم كل الآثار التي قد تنتج عنه». وأكدت ساكي أن بلادها تواصل تقديم المساعدات والمعلومات الاستخبارية لأوكرانيا لمواجهة الهجوم الروسي.
- عقوبات على رجال الأعمال
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة، أن الولايات المتحدة تعد لتوسيع العقوبات المفروضة على كبار رجال الأعمال الروس وشركاتهم وأفراد أسرهم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. وأضافت الصحيفة مستشهدة بمشاورات داخلية، أن البيت الأبيض ووزارة الخزانة يعدان قائمة بالأفراد المستهدفين، وبعضهم ممن فرض عليهم الاتحاد الأوروبي عقوبات يوم الاثنين، ومنهم عليشر عثمانوف الذي يملك شركة كبرى للحديد والصلب.
ويهدد استهداف قطاع الطاقة الروسي بحرمان موسكو من مصدر تمويلها الأساسي، حيث إن اقتصادها قائم على تصدير النفط والغاز، وتعد من بين أكبر المنتجين. غير أن معاقبة هذا القطاع لا تزال خطوة غير متوقعة راهنا، في الوقت الذي تبحث فيه الولايات المتحدة والأوروبيون عن بدائل لسد عجز الأسواق، التي تعاني أصلا من تداعيات الحرب في أوكرانيا، حيث تجاوز سعر برميل النفط 110 دولارات. وأعلن البيت الأبيض في بيان أنه قرر الالتزام بتنفيذ توجيهات الوكالة الدولية للطاقة للمساهمة في خفض الأسعار. وقال البيان إن إعلان الوكالة الدولية عن الإفراج عن مخزونات استراتيجية «يعد مثالا آخر على قيام الشركاء في مختلف أنحاء العالم بإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا»، الذي حصل من دون استفزاز أو مبرر، والعمل معا لمعالجة تأثير هذه الحرب التي اختارها الرئيس بوتين. وأضاف البيان أن الرئيس الأميركي جو بايدن كان واضحا منذ البداية بأن كافة الوسائل مطروحة على الطاولة لحماية الشركات والمستهلكين الأميركيين، بما في ذلك حمايتهم من ارتفاع الأسعار. وكانت الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة، قد وافقت بدعم من المفوضية الأوروبية، على الإفراج عن 60 مليون برميل من النفط الخام من الاحتياطيات الاستراتيجية، بشكل مبدئي وجماعي. وأضاف بيان البيت الأبيض، أنه وبتنسيق ومشاورات مكثفة على مدار الساعة مع الرئيس بايدن والإدارة والحلفاء والشركاء، فوض الرئيس وزارة الطاقة الإفراج عن 30 مليون برميل من احتياطي البترول الأميركي الاستراتيجي كجزء من هذا الاتفاق. وقال البيان إن الدول الأعضاء وافقت على مواصلة مراقبة الأسواق والنظر في عمليات إفراج أخرى بحسب الضرورة، مؤكدا على استعداد الولايات المتحدة «استخدام» كافة الوسائل المتاحة للحد من تعطل إمدادات الطاقة العالمية، «نتيجة لإجراءات الرئيس بوتين»، ومواصلة الجهود لتسريع تنويع إمدادات الطاقة بعيدا عن روسيا وتأمين العالم من تحويل موسكو النفط والغاز إلى «أسلحة».
- حظر الطيران الروسي
في هذا الوقت أعلنت وزارة النقل الأميركية وإدارة الطيران الاتحادية، أن قرار حظر الطيران الروسي من التحليق في الأجواء الأميركية سيبدأ الساعة التاسعة من مساء أمس (الأربعاء) بتوقيت واشنطن. وقالت الوزارة في بيان إنه من المقرر التفعيل الكامل لأوامر تحظر دخول واستخدام الطائرات وشركات الطيران الروسية، لكامل المجال الجوي الأميركي بحلول نهاية يوم أمس (الأربعاء). ويعلق القرار أنشطة جميع الطائرات التي يملكها أو يرخصها أو يشغلها أو يسجلها أو يؤجرها أو يستأجرها أو يسيطر عليها أي مواطن روسي أو من يعود بنفع عليه. وهذا يشمل رحلات الركاب والبضائع والرحلات المنتظمة، وكذلك الرحلات العارضة، الأمر الذي سيغلق المجال الجوي الأميركي بشكل فعال أمام جميع شركات النقل الجوي الروسية والطائرات المدنية الروسية الأخرى.
- صحة بوتين
على صعيد آخر أفادت محطة «سي إن إن»، بأن محللي وكالات الاستخبارات يدققون الآن في كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحركاته، بحثاً عن مؤشرات حول حالته العقلية، ومزاجه وخططه ونياته. وأضافت أن تلك الوكالات عادة ما تقوم بشكل روتيني بإجراء تحليلات لقادة العالم، ومن المعتاد أن يتم تحديث هذه الملفات الشخصية وإعادة فحصها في أثناء الأزمات. ومع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا أسبوعه الثاني، يقول مسؤولو المخابرات الأميركية والأوروبية إن الرئيس الروسي يبدو منعزلاً ويعتمد على مجموعة صغيرة من المستشارين الذين لم يخبروه بالحقيقة حول مدى صعوبة الغزو وتكلفته. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لوصف المناقشات الحساسة: «نسأل الكثير من زملائنا في المخابرات هذه الأيام عن عقلية بوتين، ونتفهم أنه تم عزله في أثناء الإصابة بالفيروس وأنه محاط بـ(رجال نعم)، الجميع يبحث عن صدوع عندما يتعلق الأمر بقبضته على السلطة، لكننا لا نرى أي تصدعات كبيرة». ونقلت صحف أميركية عن مسؤولين أميركيون زعمهم، أن بوتين غاضب وهاجم دائرته المقربة بشأن الإخفاقات العسكرية الروسية في أوكرانيا وحجم رد الفعل الدولي تجاه روسيا. وأضافت أنه قبل الغزو الروسي، حذر محللو المخابرات الأميركية والبريطانية من أنه تم تضليل بوتين من مستشاريه الذين قدموا له صورة وردية للغاية عن مدى سهولة الغزو. وقد تصاعدت هذه المخاوف الآن مع استعداد الجيش الروسي لما قد يكون معركة طويلة ودموية في العاصمة كييف. وقال مسؤولون أميركيون لتلفزيون «إن بي سي» إن «لديهم معلومات استخباراتية قوية عن نوبات غضب غير معهود من الزعيم الروسي، ويخشون أنه قد يلجأ إلى المزيد من العنف». وأضافت أن وكالات المخابرات الغربية لديها رؤية جيدة لبوتين، ومع أنه لا تظهر عليه علامات عدم الاستقرار العقلي، فقد ظهر تغير في سلوكه بشكل ملحوظ عن الماضي، بحسب صحيفة «التليغراف» البريطانية.
وقال السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي، إنه تلقى إيجازات سرية تشير إلى أن «بوتين فوجئ بشكل واضح بحجم المقاومة الأوكرانية». وأضاف «أنا قلق إذا حوصر بوتين في الزاوية، وقلق من عدم وجود طريق واضح لخروج روسيا من المأزق». وبحسب الصحف الأميركية، فإنه في حالة الرئيس الروسي، يرى المحللون قائداً على حافة الهاوية، يغذيه جنون العظمة بعد التقليل من العزيمة الموحدة للغرب، ومعرضاً لخطر الانتقاد عندما يشعر بأنه محاصَر. وقد دفعت هذه المخاوف بعض صانعي السياسة إلى الإشارة مراراً وتكراراً إلى أن الناتو لن يتدخل في الحرب خشية رد فعل بوتين. ورغم صعوبة التحقق من هذه المعلومات، غير أن صحة المعلومات التي نشرتها الاستخبارات الأميركية عن التحضيرات الروسية لغزو أوكرانيا، يضفي صدقية على تلك التقديرات.
وقال الجنرال جيمس كلابر، المدير السابق للاستخبارات الوطنية الأميركية، لموقع «بيزنس إنسايدر»: «لقد كان بوتين دائماً قاسيا، بارداً، ومنضبطاً، وشبه آلة تقريبا». وحسب صحيفة «التليغراف»، فقد ظهرت مؤشرات أخرى على الغضب الروسي حيث هدد ديمتري ميدفيديف، أحد الموالين المقربين لبوتين، يوم الثلاثاء بشن حرب على فرنسا. وكان ميدفيديف يرد على تصريحات وزير المالية الفرنسي برونو لومير، الذي قال: «سنشن حرباً اقتصادية ومالية شاملة ضد روسيا». ورد ميدفيديف على «تويتر»: «لا تنسَ أنه في تاريخ البشرية، غالباً ما تحولت الحروب الاقتصادية إلى حروب حقيقية».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».