ثلاث إجابات مهمة حول تبعات العقوبات الاقتصادية على روسيا

نزيف الروبل الروسي يتسارع (رويترز)
نزيف الروبل الروسي يتسارع (رويترز)
TT

ثلاث إجابات مهمة حول تبعات العقوبات الاقتصادية على روسيا

نزيف الروبل الروسي يتسارع (رويترز)
نزيف الروبل الروسي يتسارع (رويترز)

تهدد سلسلة العقوبات الاقتصادية التي فرضت على روسيا رداً على هجومها العسكري على أوكرانيا، بتقويض اقتصادها على المديين القريب والمتوسط رغم جهودها للحد من تبعيتها المالية للدول الغربية. وقد تتخطى وطأة هذه العقوبات حدود روسيا.

هل بدأت تظهر العواقب داخل روسيا؟
مع هبوط الروبل إلى أدنى مستوياته التاريخية وإغلاق بورصة موسكو والزيادة الحادة لمعدلات الفائدة، بدأ تأثير العقوبات يظهر في روسيا منذ أمس. ونجم هذا التدهور بصورة خاصة عن إحدى التدابير الأخيرة المتخذة والقاضية بتجميد قسم من احتياطات البنك المركزي الروسي من العملات الصعبة في الخارج. ويلجأ البنك المركزي بصورة عامة إلى هذه الاحتياطات عندما يريد دعم العملة الوطنية، وهو ما سيصبح في غاية الصعوبة في ظل العقوبات الجديدة.
وأوضح نيكلاس بواتييه، الباحث في معهد بروغل البلجيكي، أن «حجم احتياطاتكم يحدد مصداقيتكم في الدفاع عن سعر عملتكم»، مضيفاً: «فقد الناس الثقة في نظامهم المالي»، ما يبرر هبوط الروبل والسحوبات الكبيرة من المصارف.
وسعياً لوقف هذا النزيف، حظرت موسكو الاثنين، على المواطنين تحويل أموال إلى الخارج وأرغمت المصدرين على تحويل قسم كبير من عائداتهم إلى الروبل. وتشمل العقوبات الاقتصادية تجميد أصول مصارف وأفراد وإقصاء بعض المصارف من نظام سويفت العالمي للحوالات بين المصارف، وفرض قيود على الصادرات إلى روسيا.
وقال أوليفييه دورغان، المحامي المتخصص في العقوبات لدى مكتب «آشهورست»، إن بعض هذه العقوبات سيكون لها مفعول على المدى القريب، مثل تجميد أصول شخصيات قريبة من النظام، فيما ستظهر نتائج عقوبات أخرى على مدى أبعد، مثل القيود على تصدير مكونات إلكترونية. وقد تكون وطأة العقوبات شديدة على الاقتصاد، ما حمل صندوق النقد الدولي على التحذير الخميس، من «مخاطر اقتصادية كبرى» في المنطقة، بعدما كان يتوقع في يناير (كانون الثاني) قبل غزو أوكرانيا نمواً بنسبة 2.8 في المائة في روسيا هذه السنة.
ومن الممكن أن تكلف العقوبات نمو الاقتصاد الروسي من نقطة إلى نقطتين من إجمالي الناتج المحلي، بحسب ما توقعت شركة «كابيتال إيكونوميكس» الجمعة، وذلك حتى قبل قرار تجميد أصول البنك المركزي الروسي أو تدابير الإقصاء من نظام سويفت التي تصبح نافذة قريباً.
كما أنها قد تزيد من حدة التضخم بنحو 3 نقاط، بحسب شركة الدراسات، بعدما سجل التضخم 8.7 في المائة في يناير (كانون الثاني). وعمد البنك المركزي الروسي بشكل طارئ أمس، إلى رفع معدل فائدته الرئيسية إلى 20 في المائة، سعياً لوقف نزيف الرساميل، ما قد يتسبب بإبطاء النمو أكثر.

هل يمكن تشديد العقوبات أكثر؟
ما زال هناك هامش تحرك أمام الدول الغربية. فبعدما أعلنت إقصاء عدد من المصارف الروسية من نظام سويفت دون التوافق حتى الآن على تحديد هذه المصارف، قد تعمد إلى تعميم الإقصاء على جميع المصارف الروسية.
غير أن هذا الخيار غير مرجح كثيراً، وقال مسؤولون أوروبيون كبار لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا مضينا أبعد مما ينبغي، سيكون هذا مضراً لنا»، مضيفين: «هذا مضر للمستقبل أيضاً، لأنه سينعكس سلباً على سويفت كبنية تحتية»، وسيدفع الروس أكثر نحو الصين.
كما أنه قد يتم استثناء عدة مصارف من هذا الإجراء للحفاظ على إمدادات الطاقة لأوروبا. إلا أن النائب الأوروبي والخبير الاقتصادي، لويس غاريكانو، رأى أن «العقوبات لا قيمة لها إذا لم نستهدف الطاقة» التي تمثل جزءاً كبيراً من إجمالي الناتج المحلي الروسي.
ولفت الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة كاليفورنيا، غابريال زوكمان، إلى إمكانية استهداف أموال كبار الأثرياء الروس القريبين من السلطة من خلال تجميد أصولهم في الخارج بشكل أوسع. وأشار إلى أن نصف ثروات 0.01 في المائة من الروس الأكثر ثراء مودع في الخارج. من جهته، دعا الخبير الاقتصادي توماس بيكيتي إلى فرض ضرائب على هذه الثروات الكبرى بنسبة 10 أو 20 في المائة.

هل ثمة مخاطر على الاقتصاد العالمي؟
تكمن الاستراتيجية المتبعة على صعيد العقوبات منذ بدء النزاع في تركيز الجهود إلى أقصى حد ممكن على الاقتصاد الروسي والحد من العواقب على باقي العالم. إلا أن النزاع يتسبب في زيادة أسعار المواد الأولية، ما ينعكس على سلاسل الإنتاج الدولية التي تعاني بالأساس بلبلة جراء الانتعاش الاقتصادي ما بعد أزمة وباء «كوفيد - 19».
فالصناعيون على سبيل المثال يعانون ارتفاع كلفة الكهرباء، وشركات الطيران من ارتفاع أسعار الوقود. وعمد صندوق النقد الدولي في نهاية يناير (كانون الثاني) إلى تخفيض توقعاته للنمو العالمي عام 2022 إلى 4.4 في المائة، لا سيما بسبب آفاق التضخم المزداد، وإلى 3.9 في المائة بالدول المتطورة.
وتُطرح مسألة التضخم المزداد بإلحاح على حكام المصارف المركزية الذين كانوا يستعدون قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا لتشديد سياساتهم النقدية تدريجياً، في إجراء بات الآن يهدد بكبح الانتعاش الاقتصادي. وقال كلاوديو بوريو، رئيس قسم الاقتصاد في «بنك التسويات الدولية»، أمس، إنه مع اندلاع النزاع «ازدادت الضغوط التضخمية فيما تراجعت احتمالات النمو».



ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.