أوكرانيا تحذر من مخاطر الحرب على السلام العالمي والديمقراطية

دورة أممية نادرة للمطالبة بـ«وقف فوري» للغزو الروسي... ومجلس الأمن يتجه لقرار إنساني

السفير الأوكراني سيرغي كيسليتسيا يلقي خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أمس (رويترز)
السفير الأوكراني سيرغي كيسليتسيا يلقي خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أمس (رويترز)
TT

أوكرانيا تحذر من مخاطر الحرب على السلام العالمي والديمقراطية

السفير الأوكراني سيرغي كيسليتسيا يلقي خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أمس (رويترز)
السفير الأوكراني سيرغي كيسليتسيا يلقي خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة أمس (رويترز)

حذّر المندوب الأوكراني الدائم لدى الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا من أن السلام الدولي والديمقراطية لن ينجوا إذا لم تتمكن بلاده من النجاة من غزو روسيا، التي كرر مندوبها فاسيلي نيبينزيا اتهامات موسكو وكييف بأنها بدأت هذا العدوان منطقتي دونيتسك ولوغانسك في شرق أوكرانيا. بينما عبّر الأمين العام للمنظمة الدولية عن «قلق بالغ» من التطورات على الأرض، قائلاً إن «الكيل طفح» و«يجب وقف الحرب فوراً».
وجاءت هذه التحذيرات والاتهامات المتبادلة من الطرفين في مستهل الجلسة الاستثنائية الطارئة والنادرة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار الجهود التي تبذلها عشرات الدول لمحاسبة روسيا على غزو أوكرانيا، ولعزل موسكو على الساحة الدولية.
وهذه هي المرة الحادية عشرة التي تعقد فيها الجمعية العامة دورة استثنائية منذ إنشاء المنظمة الدولية في منتصف الأربعينات من القرن الماضي. وجاء ذلك بقرار اتخذه مجلس الأمن تحت رئاسة روسيا للمجلس خلال فبراير (شباط) الماضي، من دون أن تتمكن من تعطيله لأن حق النقض الفيتو ليس سارياً على القرارات الإجرائية، ومنها ذلك الذي قدمته الولايات المتحدة وألبانيا لنقل القضية إلى الجمعية العامة، بموجب قرار «الاتحاد من أجل السلام» الذي صدر للمرة الأولى في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 1950 خلال الحرب الكورية. ويجيز القرار للجمعية العامة عقد هذه الجلسات إذا بدا أن «هناك تهديداً للسلام أو خرقاً للسلام أو أن هناك عملاً من أعمال العدوان، ولم يتمكن مجلس الأمن من التصرف بسبب استخدام حق النقض من جانب عضو دائم».
وافتتح رئيس الجمعية العامة عبد الله شهيد، الجلسة بالطلب من المشاركين الوقوف دقيقة صمت على ضحايا الحرب. ثم عبّر عن «قلق بالغ»، مضيفاً أن الهجوم الروسي على الأراضي الأوكرانية «يشكّل انتهاكاً لسلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها ويتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة».
ثم تحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي جدّد المطالبة بـ«وقف القتال في أوكرانيا فوراً»، مشيراً إلى أن «القصف الصاروخي والجوي الروسي يستهدف المدن الأوكرانية ليلاً ونهاراً». وقال: «العاصمة كييف محاطة من كل الجهات». ونقل عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن نصف مليون من الأوكرانيين فرّوا بالفعل عبر حدود البلاد. وأضاف: «طفح الكيل. يتعين على الجنود العودة إلى ثكناتهم، وعلى القادة التوجه نحو مسار السلام». وزاد أنه «يجب حماية المدنيين. يجب التمسك بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. يجب احترام سيادة أوكرانيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية، داخل حدودها المعترف بها دولياً، بما يتماشى وقرارات الجمعية العامة». وأعلن أنه سيوجه نداء إنسانياً، اليوم (الثلاثاء)، بخصوص أوكرانيا.

كيسليتسيا: بوتين ينتحر؟
وصعد المندوب الأوكراني إلى المنبر مشبهاً بطريقة مبطنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالزعيم النازي أدولف هتلر، إذ قال إنه «إذا كان يريد الانتحار، فهو لا يحتاج إلى استخدام ترسانة نووية، عليه أن يفعل ما فعله الرجل في برلين في قبو في مايو (أيار) 1945». وأضاف أنه «ينبغي للجمعية العامة أن ترفع صوتها في مطالبة الاتحاد الروسي بوقف هجومه على أوكرانيا»، فضلاً عن «الاعتراف بالأفعال الروسية على أنها عمل عدواني ضد دولة مستقلة وذات سيادة، ومطالبة روسيا بسحب قواتها على الفور وبشكل كامل وغير مشروط من أراضينا». ودعا الجمعية العامة إلى توضيح «الدور الغادر لبيلاروسيا وتورطها في عدوان الاتحاد الروسي على أوكرانيا».

نيبينزيا: أوكرانيا معتدية
وتبعه على الفور المندوب الروسي الذي شدد على أن «الطريق إلى الأزمة الحالية يكمن في تصرفات أوكرانيا نفسها»، مضيفاً أنه «لسنوات عديدة، قامت بالتخريب والاستهزاء بالتزاماتها المباشرة بموجب مجموعة تدابير مينسك». وأوضح أنه «قبل فترة وجيزة كان هناك أمل في أن كييف ستعيد النظر، وستلتزم بالفعل بما وقعت عليه عام 2015». وحمل على «دعم الرعاة الغربيين لـكييف».
وأضاف أن «الجيش الروسي لا يشكل خطراً على المدنيين في أوكرانيا». وكرر أن «التهديد الذي يتعرض له سكان أوكرانيا حالياً يمثله القوميون الأوكرانيون، الذين أخذوا فعلياً سكان أوكرانيا رهائن، وهم يستخدمونهم دروعاً بشرية، ويختبئون وراءهم». واتهم أوكرانيا بأنها «أطلقت العنان للأعمال العدائية ضد سكانها، وسكان دونباس وجميع المعارضين. روسيا تسعى لإنهاء هذه الحرب».
وتناوب على الكلام العشرات من ممثلي عشرات الدول. ولا يتوقع الانتهاء من هذه الجلسة قبل مساء اليوم (الثلاثاء).

قراران وتوصيات
ويتوقع أن تصوّت الجمعية العامة على أثر ذلك على مشروع قرار يتضمن توصيات تطالب روسيا بـ«التزام سيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً»، مع التنديد بـ«أشد العبارات بعدوان الاتحاد الروسي على أوكرانيا»، ما يعد «انتهاكاً للفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة». ويطالب روسيا بأن «توقف على الفور استخدام القوة ضد أوكرانيا، والامتناع عن أي تهديد آخر غير قانوني أو استخدام القوة ضد أي دولة عضو في الأمم المتحدة». وكذلك يطالب الاتحاد الروسي بأن «يسحب على الفور وبشكل كامل وغير مشروط جميع قواته العسكرية من أراضي أوكرانيا داخل حدودها المعترف بها دولياً».
ويندد المشروع المقترح بـقرار روسيا في 21 فبراير 2022 فيما يخص وضع مناطق معينة من منطقتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا «باعتباره انتهاكاً لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها»، فضلاً عن أنه «غير متسق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة»، مقرراً أنه «على الاتحاد الروسي أن يلغي فوراً ومن دون قيد أو شرط القرار المتعلق بوضع مناطق معينة في منطقتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا».
ويدعو الأطراف إلى «التزام اتفاقات مينسك والعمل بشكل بناء في الأطر الدولية ذات الصلة، بما في ذلك صيغة نورماندي ومجموعة الاتصال الثلاثية، من أجل تنفيذها بشكل كامل». ويدعو كل الأطراف إلى «السماح وتسهيل الوصول السريع والآمن ومن دون عوائق للمساعدة الإنسانية للمحتاجين في أوكرانيا، ولحماية المدنيين، وبينهم العاملون في المجال الإنساني والأشخاص في حالات الضعف، بمن في ذلك الأطفال».
ويندد المشروع بـ«كل انتهاكات القانون الإنساني الدولي وتجاوزات حقوق الإنسان»، داعياً كل الأطراف إلى «الاحترام الصارم لأحكام القانون الإنساني الدولي ذات الصلة، بما في ذلك اتفاقات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية لعام 1977، بحسب الاقتضاء، واحترام حقوق الإنسان». ويرحب بالجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى، داعياً إلى «دعم وقف تصعيد الوضع الحالي، وكذلك جهود الأمم المتحدة واستجابة الدول للأزمة الإنسانية وأزمة اللاجئين التي تسبب فيها عدوان الاتحاد الروسي».
كذلك عقد مجلس الأمن جلسة، بعد ظهر أمس أيضاً، حول الوضع الإنساني في أوكرانيا. وأعلن المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير أنه تلقى تعليمات من الرئيس إيمانويل ماكرون لتقديم مشروع قرار جديد في مجلس الأمن يدعو إلى حماية المدنيين في أوكرانيا. ويتوقع التصويت على هذا القرار في مطلع الأسبوع المقبل.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.