السيسي يفنّد «انتقادات حقوقية» لبلاده مركزاً على المأكل والسكن

أطلق مشروعاً لـ«تنمية الأسرة»

السيسي خلال مشاركته في إطلاق «المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية» (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال مشاركته في إطلاق «المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية» (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يفنّد «انتقادات حقوقية» لبلاده مركزاً على المأكل والسكن

السيسي خلال مشاركته في إطلاق «المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية» (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال مشاركته في إطلاق «المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية» (الرئاسة المصرية)

خاطب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دولاً لم يسمها، وقال إنها «تنتقدنا بعدم إعطاء الناس حقوقهم»، متسائلاً: «ماذا أفعل وأنا لدي 100 مليون مواطن، وأي حقوق وأنا ليست لدي القدرة على توفير المأكل والعلاج والسكن؟».
وكان السيسي يتحدث خلال مشاركته، أمس، في إطلاق «المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية» من مركز للمؤتمرات بالعاصمة الإدارية الجديدة للبلاد، وخاطب الحضور بالقول: «عندما كنت في زيارة إلى بلجيكا التقيت جميع الناس، وأول شيء تحدثت عنه هو ملف حقوق الإنسان، لأننا لا نخفي شيئاً عن أحد، أو لدينا قضية غير معلومة، بالإضافة إلى التحديات التي تواجهها الدولة». وتابع: «عرفت من المسؤولين في بلجيكا أن حجم الناتج المحلي لبلادهم 500 مليار دولار، بينما يبلغ عدد السكان 10 ملايين نسمة».
واستدرك السيسي: «قلت حينها إن حجم الناتج المحلي الإجمالي لمصر يجب أن يصل إلى 5 تريليونات دولار، باعتبار أن عدد سكانها 100 مليون نسمة، ولأنني لا أمتلك تلك الأموال فالناس في مصر مظلومة، ولا تأكل أو تتعلم أو تتلقى العلاج بصورة مناسبة... فتلك حقوق الإنسان التي أعرفها جيداً، وما أعلمه جيداً أن لديّ مواطنين يجب أن أوفّر لهم كل تلك الأمور».
وقال السيسي: «لم أمنع المواطن من أن يتكلم، بل بالعكس أنا أريده أن يتكلم شريطة أن يعرف قضية البلد، قبل أن يتكلم ويُسمع الناس، ويردد كلاماً دون معرفة كافية». وأعاد الرئيس المصري التذكير بأحداث «ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011» التي أطاحت بحكم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، وعبّر السيسي عن اعتقاده بأن خروج المتظاهرين حينها «لأن حالة الرضا المجتمعي لم تكن موجودة، والناس لم تكن سعيدة أو راضية رغم عدم إدراكها للسبب وراء ذلك، حيث لم يتوفر تعليم جيد أو دخول كافية وبدلاً من الإقرار بتواضع أدائنا تم تحويل الدولة إلى خصم».
وفي استشهاد لافت ونادر، تطرق الرئيس المصري إلى الفيلم السينمائي «الإرهاب والكباب» الذي قدمه الفنان عادل إمام في مطلع التسعينات من القرن الماضي، وكان من تأليف وحيد حامد، وإخراج شريف عرفة، ورأى السيسي أنه «قدّم الدولة خصماً لبعض المواطنين». وتدور أحداث العمل ذي الطابع الكوميدي السياسي حول مواطن يجد نفسه متورطاً مع آخرين في احتلال أكبر مجمع حكومي مصري على خلفية مشاجرة مع موظف تقاعس عن تلبية طلبه.
وقال السيسي: «السلبية يجب أن تكون هي الخصم لا الدولة، فالمواطن الذي لا يعمل يعد خصماً وليس الدولة، ولولا رعاية الله لهدمت الدولة عام 2011 مثل بلاد أخرى محيطة بنا لم تعد لها قائمة».
وتعهد السيسي بالعمل على «تغيير أسباب التدهور وحالة التردي لبناء مستقبل مصر»، مؤكداً «حرص الدولة على احترام حقوق الإنسان، الذي يأتي على رأس أولوياتها»، مشيراً إلى أنه على المواطن أن يعي حجم التحديات التي تواجهها الدولة.
وأضاف أن «الهدف من (المشروع القومي لتنمية الأسرة) يتمثل في تنمية الدولة المصرية باعتبار أن تنمية الأسرة تعكس حالة الرضا للمواطن، وهو ما يصبّ بالتالي في تنمية الدولة»، منبهاً إلى أن «الزيادة السكانية تعوق قدرة الدولة على تحقيق النمو».
كما تطرق السيسي إلى خطط تطوير التعليم، موضحاً أن هدفها «التأهيل لسوق العمل»، خاصة أن «هناك 700 ألف خريج جامعي سنوياً وهو أمر مقلق، خاصة أن سوق العمل لا تستوعب هذه الأعداد الكبيرة من الخريجين»، وفق إفادة الرئيس المصري.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.