اغتيال ضابط أمني سوري في معبر نصيب الحدودي مع الأردن

صورة تداولها رواد مواقع التواصل لسيارة أحد قادة التسويات اغتيل على أوتوستراد دمشق - درعا
صورة تداولها رواد مواقع التواصل لسيارة أحد قادة التسويات اغتيل على أوتوستراد دمشق - درعا
TT

اغتيال ضابط أمني سوري في معبر نصيب الحدودي مع الأردن

صورة تداولها رواد مواقع التواصل لسيارة أحد قادة التسويات اغتيل على أوتوستراد دمشق - درعا
صورة تداولها رواد مواقع التواصل لسيارة أحد قادة التسويات اغتيل على أوتوستراد دمشق - درعا

تستمر حوادث الانفلات الأمني والاغتيالات في محافظة درعا رغم خضوعها إلى اتفاقيات تسوية وسحب للسلاح منذ عام ٢٠١٨، حيث شهدت المحافظة خلال اليومين الماضيين 7 عمليات اغتيال راح ضحيتها مدنيون ومعارضون سابقون وقوات من النظام السوري. جميع عمليات الاغتيال سجلت ضد مجهولين، ومعظمها كان عبر زرع ألغام (عبوات ناسفة)، أو الاستهداف المباشر بالرصاص، بحسب مصادر محلية من المنطقة.
وقال أيمن أبو نقطة الناطق باسم تجمع أحرار حوران الإعلامي لـ«الشرق الأوسط» إن مجهولين اغتالوا مساء الأحد المسؤول الأمني المباشر عن معبر نصيب الحدودي مع الأردن وهو ضابط برتبة رائد في قوات النظام السوري من مرتبات جهاز الأمن السياسي ويدعى ماهر وسوف إثر استهداف سيارته بالرصاص المباشر على طريق الأوتوستراد الدولي دمشق - درعا بالقرب من جسر بلدة صيدا بريف درعا الشرقي. ويعتبر الرائد وسوف من الشخصيات الذين يمارسون على المسافرين عمليات ابتزازهم بهدف دفع الإتاوات المالية.
وقتل اثنان من عناصر النظام وجرح الثالث صباح يوم الأحد عند حاجز عسكري تابع للنظام السوري يقع بين بلدات عين ذكر - تسيل بمنطقة حوض اليرموك غرب درعا وهم من مرتبات الفرقة الخامسة التابعة للنظام التي انتشرت بعد اتفاق التسوية الأخير في عام 2021 بدلاً من قوات الفرقة الرابعة التي كانت في المنطقة، في حين أن مجهولين استهدفوا صباح الاثنين الماضي الشاب فادي اللبني في بلدة نافعة بمنطقة حوض اليرموك غرب درعا بعبوة ناسفة زرعت في سيارته، ويعتبر اللبني أحد عناصر المعارضة سابقاً، ويعمل ضمن مجموعة محلية من أبناء المنطقة تابعة لجهاز الأمن العسكري، بعد اتفاق التسوية الذي شهدته المنطقة أواخر شهر أغسطس (آب) من عام 2021، وسبق أن كان عنصر لدى قوات الفرقة الرابعة ضمن تشكيلات محلية كانت تنتشر في المنطقة عقب اتفاق التسوية عام 2018.
وقتل مجهولون مساء يوم الأحد الماضي أحد عناصر قوات اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من حميميم. ويدعى بهجت المحاميد المعروف باسم أبو جراح في المنطقة، بعد استهدافه بالرصاص المباشر من قبل مجهولين أمام منزله في الحي الشمالي لبلدة النعيمة في ريف درعا الشرقي.
وقالت وسائل إعلام محسوبة على دمشق أن آلاف الأسر شمال درعا تعاني من انقطاع المياه، بعد أن تعرضت تجهيزات الطاقة الشمسية الخاصة بضخ المياه في مدينة الصنمين اليوم الاثنين للتخريب، الأمر الذي تسبب بانقطاع المياه عن الآلاف.
وتشهد مناطق جنوب سوريا ارتفاعاً في عمليات ومحاولات الاغتيال والسرقة وحالات الانفلات الأمني، التي راح ضحيتها شخصيات مدنية، وعناصر سابقة في المعارضة، وعسكريون وضباط وعناصر من قوات الجيش السوري، حيث تتكرر هذه الحوادث منذ سنوات بشكل شبه يومي في المنطقة، وسط غياب المحاسبة والملاحقات الفعلية لمرتكبي هذه الجرائم، كما تنتشر في عموم مناطق الجنوب السوري حالات السرقة والخطف بدافع الفدية المالية، وكان آخرها قضية خطف الطفل فواز قطيفان التي انتهت بدفع فدية مالية قدرها 500 مليون ليرة سورية بإشراف السلطات في درعا. وحالات قتل بدافع الثأر وظهرت عدة حوادث تكشف عن الفاعلين دون تعرضهم للقضاء وخضوعهم إلى حكم عشائري بالنفي أو دفع الديات. ومنهم من لم يتعرض لحكم عشائري أيضاً، ما اعتبره ناشطون أمراً وظاهرة خطيرة على المجتمع، وأنه لا بد لأي جريمة أن تنال حكماً وأن تعرض على قضاء نزيه.
وفي السويداء، قال ريان معروف مسؤول تحرير «شبكة السويداء»24 لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين محليين من أبناء المدينة أفرجوا عن عنصرين من مرتبات فرع فلسطين، بعد تعرضهم للتحقيق والتفتيش واعتقالهم أثناء وجودهم في حي سكني، قرب منزل الشيخ سليمان عبد الباقي، وهو أحد منظمي الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها السويداء مؤخراً. ومن الشخصيات التي ظهرت في عدة مقاطع فيديو مصورة له انتشرت على عدة وسائل إعلام، وكان منزله قد استهدف بقذيفة صاروخية من مجهولين قبل عدة أشهر، في نفس مكان توقف عناصر الأمن، وقال العنصران أثناء عمليات التحقيق إنهم من العناصر الذين أرسلهم فرع فلسطين، مع التعزيزات الأمنية التي وصلت مؤخراً إلى السويداء، على خلفية الاحتجاجات الشعبية، وإن المجموعات المحلية المسلحة أطلقوا سراح عناصر الأمن بعد أن اطلعوا على أجهزتهم الخلوية ومحتواها، والتحقيق معهم عن سبب وجودهم في هذا المكان كان بطريقة الصدفة. وجرى تسليم العناصر كبادرة حسن نية، وللتأكيد على عدم وجود أي رغبة بالتصعيد من منظمي الحراك الشعبي في السويداء، مع تأكيد على التمسك بمبدأ رد الاعتداء إن حصل، والتحذير من عواقب أي اعتداء على الحراك السلمي.
وأضاف أن هذه الحادثة تؤكد استقدام النظام لقوات أمنية ومخابرات ضمن التعزيزات الكبيرة التي دفعت بها إلى السويداء مؤخراً بعد سلسلة احتجاجات شعبية منددة بسياسات السلطة. والتي قال عنها المسؤولون في المحافظة وأمام الجانب الروسي إنها تعزيزات لضبط الوضع الأمني. وعدم حدوث عمليات تخريب بمؤسسات الدولة، وإنها من مرتبات قوات حفظ النظام فقط. ولم تتدخل بالاحتجاجات الشعبية في المحافظة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.