بان كي مون يجدد دعوته لوقف إطلاق النار.. ومجلس الأمن يعقد اجتماعًا مغلقًا حول اليمن

إيران تمد الحوثيين بالأسلحة منذ 2009.. والبحرية الأميركية يمكن أن تساهم في حماية سفن من دول أخرى في الخليج

مسلحون من المؤيدين للرئيس هادي أثناء أدائهم صلاة الجمعة إثر مظاهرات  في عدن أمس (أ.ف.ب)
مسلحون من المؤيدين للرئيس هادي أثناء أدائهم صلاة الجمعة إثر مظاهرات في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

بان كي مون يجدد دعوته لوقف إطلاق النار.. ومجلس الأمن يعقد اجتماعًا مغلقًا حول اليمن

مسلحون من المؤيدين للرئيس هادي أثناء أدائهم صلاة الجمعة إثر مظاهرات  في عدن أمس (أ.ف.ب)
مسلحون من المؤيدين للرئيس هادي أثناء أدائهم صلاة الجمعة إثر مظاهرات في عدن أمس (أ.ف.ب)

بدأ مجلس الأمن الدولي، أمس، مشاورات مغلقة حول الأزمة الإنسانية في اليمن حيث يهدد نقص المحروقات عمليات الإغاثة، بينما دخلت حملة الضربات الجوية التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية أسبوعها السادس.
ودعت روسيا إلى عقد هذا الاجتماع في محاولة للدفع في اتجاه وقف القتال أو إعلان هدنة إنسانية لتخفيف العبء عن المدنيين.
وكانت الأمم المتحدة ناشدت أطراف النزاع في اليمن تحييد المستشفيات واستئناف عملية تأمين المحروقات التي أرغم عدم توافرها برنامج الأغذية العالمي على وقف توزيع المواد الغذائية في عدد من مناطق البلاد.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أول من أمس، «جميع الأطراف بضمان وصول آمن للوكالات الإنسانية»، إلى السكان. وبعد تكرار دعوته إلى «وقف فوري لإطلاق النار» وحتى حصول ذلك «إلى هدنات إنسانية»، طالب بان كي مون «على الفور باستئناف استيراد المحروقات لتجنب تفاقم الوضع الإنساني الكارثي».
وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، إن حكومته «قلقة جدا» من جراء الأزمة في اليمن، معتبرا أن السعودية لا تبدي اهتماما كبيرا باستئناف محادثات السلام.
وأضاف تشوركين للصحافيين: «نحن ندعم المفاوضات، لكننا لا نرى اهتماما من جانب الضالعين في القصف، ببدء حوار مع المبعوث الخاص الجديد للأمين العام»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويتوقع أن تناقش جلسة الأمس الجمعة مدى التزام الأطراف اليمنية بقرار المجلس رقم 2216. الذي صدر، قبل أسبوعين، تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وخاصة مدى التزام الحوثيين والموالين للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بقرار المجلس. وذلك لأن القرار يدعو للانسحاب الفوري لقوات الحوثيين وصالح من صنعاء، والمناطق الأخرى التي استولوا عليها. ويدعوهم، أيضا، لتسليم أسلحتهم. وعدم استخدام سلطات الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وأيضا، الدخول في مفاوضات للتوصل إلى حل سلمي.
وقال مراقبون في الأمم المتحدة إن جلسة أمس الجمعة يمكن أن توسع نطاق عقوبات مجلس الأمن لتشمل أفرادا وكيانات جديدة. وإن الخيار العسكري غير مستبعد. وذلك لأن القرار السابق صدر حسب الفصل السابع.
جاء اجتماع أمس بعد نهاية المدة التي كان مجلس الأمن حددها بفترة أسبوعين، وذلك عندما صدر القرار يوم 14 أبريل (نيسان) الماضي.
وقد عيّن الدبلوماسي الموريتاني ولد شيخ أحمد، هذا الأسبوع، مبعوثا خاصا إلى اليمن خلفا لجمال بنعمر الذي استقال بعدما خسر دعم دول الخليج. وواجهت جهود الأمم المتحدة لاستئناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية عقبات بسبب خلافات حول مكان الاجتماع حيث تصر دول الخليج على أن يكون في الرياض.
ويقترح بعض أعضاء مجلس الأمن أن تعقد اللقاءات في أوروبا.
في غضون ذلك، صدر تقرير سري لخبراء في الأمم المتحدة، رفع إلى مجلس الأمن مؤخرا، جاء فيه أن إيران ظلت تقدم أسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن منذ عام 2009 على الأقل.
وجاء في التقرير، بعد تحقيقات وأبحاث أجراها الخبراء، أن السلطات اليمنية عندما اقتادت، في عام 2013، سفينة «جيهان» الإيرانية، كانت السفينة تنقل أسلحة إلى الحوثيين. وسبقتها عمليات إرسال أسلحة أخرى في اليمن تعود إلى عام 2009. وأن سفينة صيد إيرانية احتجزت عام 2011 من جانب السلطات اليمنية، وكانت تحمل 900 صاروخ مضاد للدبابات، إيراني الصنع. وكانت الشحنة موجهة للمتمردين الحوثيين أيضا.
وقال التقرير إن الدعم الإيراني العسكري الحالي إلى الحوثيين في اليمن يتسق مع أنماط نقل الأسلحة تعود إلى أكثر من 5 أعوام.
حسب قرار من الأمم المتحدة عام 2007، لا يحق لإيران بيع أسلحة بموجب الحظر المفروض عليها بسبب برنامجها النووي.
وفي سياق منفصل، أعلن مسؤولون، أمس، أن قوات البحرية الأميركية التي تؤمن حماية للسفن التي ترفع علما أميركيا أثناء عبورها مضيق هرمز يمكن أن توسع نطاق مساعدتها لتشمل سفنا تجارية لدول أخرى تسلك هذا الممر.
وقال مسؤولون في البنتاغون، أول من أمس، إن سفنا حربية أميركية بدأت «مواكبة» سفن تحمل علما أميركيا في مضيق هرمز الاستراتيجي كإجراء احتياطي بعدما اعترضت إيران سفينة ترفع علم جزر مارشال هذا الأسبوع، وقامت بـ«مضايقة» سفينة ترفع علما أميركيا الأسبوع الماضي.
وقال الناطق باسم البنتاغون الكولونيل ستيفن وارن «بالأمس، كان لدينا أربع سفن تحمل إعلاما أميركية وتمت مواكبتها إلى حين عبورها المضيق».
وأضاف أن وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر وافق على العملية «وستستمر إلى فترة غير محددة».
وأعلنت القيادة الأميركية الوسطى التي تشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، أن المساعدة يمكن أن توسع لتقدم إلى سفن تجارية أخرى تعبر هذا المضيق، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال الناطق باسم القيادة الوسطى، الكولونيل باتريك رايدر، للصحافيين: «خططنا الحالية هي مواكبة السفن التي ترفع إعلاما أميركية رغم أن هناك محادثات مع دول أخرى لتقديم المساعدة إلى سفنها أيضا». وتنشط في المنطقة حاليا المدمرة «يو إس إس فاراغوت» وثلاث سفن دورية هي «ثاندربولت» وفايربولت وتايفون.
وقال مسؤولون إن القوات البحرية الأميركية قامت بعملية أمنية مماثلة في مضيق هرمز عام 2010.
وتأتي هذه الخطوة في فترة دبلوماسية حساسة بين واشنطن وطهران بسبب برنامج طهران النووي وفي فترة توتر في الخليج مع عملية التحالف العربي الجوية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين.
وقال مسؤولون أميركيون إن ليس هناك خطط حاليا لإرسال سفن إلى المياه الإقليمية الإيرانية.
وكانت البحرية الإيرانية أرغمت الثلاثاء سفينة تجارية تابعة لشركة مايرسك وترفع علم جزر مارشال، على التوجه إلى مرفأ إيراني، بينما كانت في منطقة مضيق هرمز وذلك لخلاف تجاري.
وقامت قوات الحرس الثوري الإيراني باعتراض السفينة «مايرسك تيغريس» بسبب خلاف تجاري قديم قائلة إنه سيتم الإفراج عن السفينة فور تسديد الديون المستحقة. ويعتبر مضيق هرمز أبرز ممر لتصدير النفط بحريا في العالم. ويمر نحو 30 في المائة من النفط الذي يصدر بحريا عبر المضيق؛ أي نحو 17 مليون برميل يوميا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.