بوتين وبنيت يتفقان على مواصلة التنسيق في سوريا

في مكالمة هاتفية قطعت جلسة الحكومة الإسرائيلية

مظلي إسرائيلي وسط هضبة الجولان قرب الحدود السورية استعداداً لسيناريوهات حربية (إ.ب.أ)
مظلي إسرائيلي وسط هضبة الجولان قرب الحدود السورية استعداداً لسيناريوهات حربية (إ.ب.أ)
TT

بوتين وبنيت يتفقان على مواصلة التنسيق في سوريا

مظلي إسرائيلي وسط هضبة الجولان قرب الحدود السورية استعداداً لسيناريوهات حربية (إ.ب.أ)
مظلي إسرائيلي وسط هضبة الجولان قرب الحدود السورية استعداداً لسيناريوهات حربية (إ.ب.أ)

في أعقاب المحادثة الهاتفية التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأحد)، وتناولت العلاقات الثنائية والحرب الدائرة في أوكرانيا بعد الغزو الروسي، أعلنت السفارة الروسية في تل أبيب، أن التنسيق الأمني في سوريا بين البلدين سيستمر كما كان في الماضي.
وفي حين أبرز الإسرائيليون أن بنيت عاد وطرح إمكانية الوساطة بين روسيا وأوكرانيا، قالت السفارة الروسية في تل أبيب، إن البلدين ينظران بأهمية بالغة للتنسيق الأمني بينهما في سوريا، الذي بدأ عام 2015، ويمارسانه منذ ذلك الحين بشكل يومي يثبت الجدوى والنجاعة لمصلحة الطرفين.
وكان بنيت قد قطع جلسة حكومته، أمس، ليتحدث إلى بوتين، واستغرقت المحادثة 40 دقيقة. وعندما عاد، أخبر الوزراء بأنه تكلم مع الرئيس الروسي، لكنه لم يدلِ بمعلومات، وقال إنه سيتحدث عن مضمون المكالمة في جلسة «الكابنيت» (مجلس الوزراء المصغر لشؤون السياسة والأمن)، الذي يلتئم في المساء.
وراح بنيت يتحدث عن الأزمة الأوكرانية من باب الأسف والألم، من دون أي إشارة سلبية عن روسيا. وقال: «نحن، على غرار غيرنا حول العالم، نتابع الأحداث المروعة التي تقع في أوكرانيا. أولاً، ألتمس التعبير، باسم جميع مواطني إسرائيل، عن أملنا في أن يتم إيجاد حل لهذا النزاع قبل تفاقم هذه الحرب، وحصول تداعيات إنسانية أكثر بكثير مما يمكن أن نتخيله. نحن نصلي من أجل سلامة مواطني أوكرانيا ونأمل بتفادي مزيد من إراقة الدماء، ونتصرف برزانة وبمسؤولية».
وتابع أنه خلال اليومين المقبلين، ستصل أوكرانيا طائرة محمّلة بـ100 طن من المعدات الإنسانية الإسرائيلية الموجهة للمواطنين الموجودين في المناطق التي تدور فيها المعارك، وللذين يحاولون مغادرتها، بما فيها معدات تنقية المياه والمعدات الطبية والأدوية، وكذلك الخيم والبطانيات وأكياس النوم، وغيرها من المعدات التي من شأنها مساعدة المواطنين الموجودين خارج منازلهم في ظروف شتوية وباردة. وتزامناً مع ذلك، تعمل وزارة الخارجية وموظفوها ليل نهار في سبيل مساعدة الإسرائيليين الموجودين على الحدود والراغبين بمغادرتها، للوصول إلى منازلهم في إسرائيل.
وكانت مكالمة بنيت وبوتين لافتة بشكل خاص، لأن موسكو بثت أكثر من رسالة تذمرت فيها من الموقف الإسرائيلي المساند للغرب حول الصراع مع أوكرانيا. ولكن نائب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية للشؤون الأوروبية - الآسيوية، غاري كورين، شدد أمس، على أن «إسرائيل لا تطلق تصريحات متشددة ضد روسيا، إثر غزوها أوكرانيا، لأنها تريد أن تبقي لنفسها إمكانية للتوسط لدى المستويات العليا في الدولتين في محاولة لوقف الحرب».
وتنشغل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بمدى تأثير موقف تل أبيب على وضع التنسيق الروسي - الإسرائيلي في سوريا. ويريد قادة الجيش علاقات وثيقة مع موسكو، كضرورة حيوية للحملة الإسرائيلية ضد التموضع الإيراني في سوريا، وضد جهود طهران لنقل الأسلحة عبر الأراضي السورية إلى حزب الله في لبنان. فالروس يغضون الطرف عن الغارات الإسرائيلية على سوريا، في معظم الحالات، وإسرائيل تبلغهم عن هذه الغارات ومكانها قبل وقوعها بعدة دقائق.
ومع أن سوريا اشترت من موسكو صواريخ أرض - جو من طراز سام 300 المتقدمة، فإن الروس لا يتيحون حتى الآن للجيش السوري استخدامها بشكل عملي، وعملياً تمنعهم من استخدامها ضد الطائرات الإسرائيلية. والتنسيق العسكري بين الجيشين الإسرائيلي والروسي في سوريا، يتم على مستوى نائب رئيس الأركان. وبسبب مخاوف إسرائيلية من رد الفعل الروسي على تأييد تل أبيب موقف الغرب في أوكرانيا، خففت الغارات على مواقع إيرانية في سوريا بالأسبوعين الأخيرين، ولجأت إلى القصف المدفعي بشكل بارز، بعدما أعلنت روسيا عن إجراء دوريات مشتركة مع قوات سلاح الجو التابعة للنظام السوري.
ولكيلا تمس إسرائيل بالتوازن مع روسيا في سوريا، تحرص على موقف معتدل وأقل حدة من مواقف الغرب تجاه الصراع في أوكرانيا. وتمتنع عن انتقاد روسيا، وترفض المشاركة الفاعلة في العقوبات الغربية ضد روسيا أو إدانتها في الأمم المتحدة. وتتحدث بكثرة عن اقتراحات بأن تقوم إسرائيل بدور وساطة بين الغرب وروسيا. غير أن الأمر يغيظ واشنطن، ويدفع إسرائيليين كثيرين لأن يكونوا حذرين من خطر التصادم مع إدارة الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض.
وبحسب المحلل العسكري في صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، يوآف ليمور، فإن القيادات العسكرية في إسرائيل تنظر إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، كدرس يجب على إسرائيل أن تتعلم منه. فهو يُشكل مخاطر يمكن أن تمتد إلى ما وراء ساحة المعركة المباشرة، ما قد يغير نظام الأمن العالمي إلى الأسوأ.
وأضاف ليمور، نقلاً عن تلك القيادات، أن «الغزو الروسي مُقلقٌ بالنسبة لإسرائيل، والذين انتقدوا دعم إسرائيل لأوكرانيا كانوا مخطئين، لثلاثة أسباب؛ الأول: أن إسرائيل - التي نهضت من رماد المحرقة - يجب أن تضع نفسها دائماً في الجانب الصحيح من التاريخ. والثاني: أن إسرائيل بحاجة إلى الوقوف الى جانب الولايات المتحدة والغرب. أما السبب الثالث فهو أن بوتين أثبت مراراً وتكراراً، بأن دافعه الوحيد هو المصلحة الروسية، وتعاونه مع إسرائيل في سوريا مبني على مصالحه المحلية هناك والتي يمكن أن تتغير بسرعة». وتابع: «نحن بحاجة إلى رؤية كيف تتعاون روسيا في الوقت ذاته مع إيران في عدد من القضايا، بما في ذلك البرنامج النووي، لفهم أن روسيا ليست ركيزة مستقرة، وبالتأكيد ليست بديلاً عن الولايات المتحدة».



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.