خيار عزل روسيا من النظام المصرفي العالمي يزداد زخماً

مطالب بعزل روسيا عن النظام المصرفي العالمي «سويفت» من مسؤولين بالاتحاد الأوروبي ومتظاهرين (أ.ف.ب)
مطالب بعزل روسيا عن النظام المصرفي العالمي «سويفت» من مسؤولين بالاتحاد الأوروبي ومتظاهرين (أ.ف.ب)
TT

خيار عزل روسيا من النظام المصرفي العالمي يزداد زخماً

مطالب بعزل روسيا عن النظام المصرفي العالمي «سويفت» من مسؤولين بالاتحاد الأوروبي ومتظاهرين (أ.ف.ب)
مطالب بعزل روسيا عن النظام المصرفي العالمي «سويفت» من مسؤولين بالاتحاد الأوروبي ومتظاهرين (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس السبت، مجدداً، الدول الأوروبية، إلى استبعاد روسيا من نظام «سويفت» المصرفي، في وقت أكدت فيه المجر وإيطاليا عدم اعتراضهما على الإجراءات.
ويسمح نظام «سويفت» للمصارف بإجراء مراسلات بشكل سريع وآمن بشأن تحويلات مالية. ويعد هذا الإجراء أشد إجراء اقتصادي ضد روسيا، ويمكن أن تكون من تداعياته إخراج المؤسسات المالية الروسية من النظام المالي العالمي.
و«سويفت» جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، يمثل شريانا مالياً عالمياً يسمح بانتقال سلس وسريع للأموال بين البنوك والمؤسسات المالية عبر الحدود. وإقصاء روسيا عنه سيعطل تجارتها مع معظم أنحاء العالم.
وقال زيلينسكي في مقطع فيديو نُشر عبر الإنترنت: «هناك دعم شبه تام من دول الاتحاد الأوروبي لاستبعاد روسيا من (سويفت)»، معبراً عن أمله في أن «تتحلى ألمانيا والمجر بالشجاعة لدعم هذا القرار». لكن الحكومة المجرية نفت بشدة، السبت، أن تكون قد عارضت استبعاد روسيا من «سويفت»، حتى أن وزير خارجيتها بيتر سيارتو تحدث عن «أخبار كاذبة» على حسابه على «فيسبوك». وقال: «لم نعارض قط عقوبة مقترحة، ولم نعرقل أي إجراء».
ومضى المتحدث باسم الحكومة زولتان كوفاكس يقول إن «المجر تؤيد جهود الاتحاد الأوروبي المشتركة 100 في المائة». ومع ذلك، لم تعرب بودابست عن دعمها الصريح لمثل هذه العقوبة.
وأبدت ألمانيا حذراً أكبر بشأن استبعاد روسيا من نظام «سويفت». وللغاز الروسي حصة كبيرة من إمدادات الطاقة في ألمانيا، ومناطق أخرى من أوروبا، مقارنة بفرنسا التي تدعم الإجراء. من جانبها، ترددت إيطاليا في استبعاد روسيا من نظام «سويفت»، خشية قيام موسكو بقطع إمدادات غاز رئيسية عنها.
واتصل رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي بزيلينسكي السبت «وأعاد التأكيد على... دعم إيطاليا الكامل لخط الاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات على روسيا، ومن بينها تلك المتعلقة بـ(سويفت)»، بحسب بيان رسمي نشرته الحكومة الإيطالية بعد الاتصال الهاتفي. واستُبعدت إيران من نظام «سويفت» على خلفية برنامجها النووي، غير أن إقصاء روسيا من نظام «سويفت» سيعقد التجارة المتبقية مع أوروبا.
وروسيا بصدد تطوير بنية تحتية مالية محلية لمواجهة مثل ذلك التهديد، ومن بينها نظام «إس بي إف إس» (SPFS) الخاص بتحويلات مصرفية، ونظام «مير» (Mir) للدفع بالبطاقات.
وتعالت أصوات لاستبعاد روسيا من هذا النظام الأساسي في التمويل العالمي، للضغط على موسكو من خلال التأثير عليها في أموالها. وقال جو بايدن إنه «خيار»؛ لكن الرئيس الأميركي رفض حتى الآن اتخاذه؛ مؤكداً أن بعض الدول الأوروبية تعارضه راهناً.
في الأثناء، أكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، أن الاتحاد الأوروبي «يريد قطع كافة الروابط بين روسيا والنظام المالي العالمي»، وذلك بعد الإعلان عن حزمة عقوبات جديدة ضد موسكو في أعقاب غزوها أوكرانيا.
وقال لومير أمام الصحافيين قبل بدء اجتماع لوزراء مالية الدول الأوروبية في باريس، إن الاقتصاد الفرنسي «ليس معرّضاً كثيراً إلى روسيا». وأضاف: «نريد عزل روسيا مالياً (...) نريد تجفيف تمويلات الاقتصاد الروسي».
وأشار غداة الإعلان عن عقوبات أوروبية على روسيا، إلى أن «هدفنا هو تركيع الاقتصاد الروسي، هذا الأمر سيستغرق الوقت اللازم».
من جهته، قال وزير المال الألماني كريستيان ليندنر الذي كان إلى جانب نظيره الفرنسي، إنه لا تزال هناك «مراحل إضافية ممكنة» قبل منع روسيا من الوصول إلى نظام «سويفت»: «لكن ينبغي أن نكون حذرين لناحية آثارها: يجب أن يشعر الاقتصاد الروسي بالعواقب»، وليست اقتصادات أخرى.
وتعتمد ألمانيا بشكل خاص على روسيا في قطاع الغاز، وقد يسبب استبعاد موسكو من نظام «سويفت» تداعيات كبيرة على إمدادات برلين.
أما فيما يخص انعكاس ما يحدث على الاقتصاد العالمي الهش أساساً، فتعد محاولة استبعاد قطاعات كاملة من الاقتصاد الذي يحتل المركز الحادي عشر على مستوى العالم من النظام التجاري، غير مسبوقة في عصر العولمة، مع الأخذ في الاعتبار أيضاً أن روسيا هي المورد لسدس جميع السلع.
وتنتج روسيا 10 في المائة من النفط العالمي، وتزود أوروبا بـ40 في المائة من الغاز. كما أنها أكبر مصدر للحبوب والأسمدة في العالم، وأكبر منتج للبلاديوم والنيكل، وثالث أكبر مصدر للفحم والصلب، وخامس أكبر مصدر للأخشاب. وستؤثر العقوبات التي تم الكشف عنها حتى الآن على أعمال البنوك الروسية التي تتعامل بالدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين. وستحد قيود التصدير الأميركية من وصول روسيا إلى الإلكترونيات وأجهزة الكومبيوتر، بينما تعمل العواصم الأوروبية على تعديل ضوابط وإجراءات مماثلة للتصدير، لاستهداف قطاعي الطاقة والنقل.
وقالت شركة «أكسفورد إيكونوميكس» إنها تتوقع الآن أن يصل التضخم العالمي هذا العام إلى 6.1 في المائة، ارتفاعاً من 5.4 في المائة، استناداً إلى تأثير العقوبات واضطراب الأسواق المالية، وارتفاع أسعار الغاز والنفط والغذاء.
وعلى الرغم من أن هذا سيزيد من المخاوف بشأن تكلفة المعيشة، خفضت «أكسفورد» توقعاتها لنمو الناتج العالمي 0.2 نقطة إلى 3.8 في المائة هذا العام، و0.1 نقطة فقط إلى 3.4 في المائة في عام 2023.



«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» يُخفّض الفائدة مجدداً... وعودة ترمب ترفع الضغوط عليه

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» ينعكس على سيارة في واشنطن (رويترز)

خفّض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس؛ استجابةً للتباطؤ المستمر في ضغوط التضخم، التي أثارت استياء كثير من الأميركيين، وأسهمت في فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

وكعادته، يكتسب اجتماع «الاحتياطي الفيدرالي» أهمية؛ حيث يترقبه المستثمرون والأسواق لمعرفة مقدار الخفض الذي سيطال الفائدة لما تبقى هذا العام والعام المقبل، لكن أهميته هذه المرة كانت مضاعفة، كونها تأتي غداة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي أفضت إلى فوز الجمهوري دونالد ترمب، المعروف بانتقاداته للسياسة النقدية المتبعة عموماً، ولرئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، خصوصاً.

ونقلت «سي أن أن» عن مستشار كبير لترمب أنه من المرجح أن يسمح الأخير لباول بقضاء بقية فترة ولايته التي تنتهي في مايو (أيار) 2026، بينما يواصل سياسته في خفض أسعار الفائدة.

وجاء خفض 25 نقطة أساس إلى نطاق 4.5 في المائة - 4.75 في المائة، بعدما خفّض في سبتمبر (أيلول) الماضي سعر الفائدة بمقدار بواقع 50 نقطة أساس.

وبعد نتائج الانتخابات، عزز المستثمرون رهاناتهم على الأصول التي تستفيد من فوز المرشح الجمهوري، أو ما يعرف باسم «تجارة ترمب»، التي تستند إلى توقعات بنمو اقتصادي أسرع، لكنها قد تؤدي أيضاً إلى تضخم أعلى.

وقفزت عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل بنحو 20 نقطة أساس، في حين سجلت الأسهم الأميركية مستويات قياسية، وارتفع الدولار.

وقد باتت تحركات «الاحتياطي الفيدرالي» المستقبلية غامضةً بعد الانتخابات؛ نظراً لأن مقترحات ترمب الاقتصادية يُنظر إليها، على نطاق واسع، على أنها قد تسهم في زيادة التضخم.

كما أن انتخابه أثار احتمالية تدخل البيت الأبيض في قرارات السياسة النقدية لـ«الاحتياطي الفيدرالي»؛ حيث صرّح سابقاً بأنه يجب أن يكون له صوت في اتخاذ قرارات البنك المركزي المتعلقة بسعر الفائدة.

ويُضيف الوضع الاقتصادي بدوره مزيداً من الغموض؛ حيث تظهر مؤشرات متضاربة؛ فالنمو لا يزال مستمراً، لكن التوظيف بدأ يضعف.

على الرغم من ذلك، استمرّ إنفاق المستهلكين في النمو بشكل صحي، ما يُثير المخاوف من أن خفض سعر الفائدة قد لا يكون ضرورياً، وأن القيام به قد يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد بشكل مفرط، وربما إلى تسارع التضخم من جديد.

وفي هذا الوقت، ارتفع عدد الأميركيين الذين قدّموا طلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف الأسبوع الماضي، ما يشير إلى عدم وجود تغييرات ملموسة في ظروف سوق العمل، ويعزز الآراء التي تشير إلى أن الأعاصير والإضرابات تسببت في توقف نمو الوظائف تقريباً في أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، إن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة الحكومية ارتفعت 3 آلاف طلب لتصل إلى 221 ألف طلب، معدَّلة موسمياً، للأسبوع المنتهي في 2 نوفمبر (تشرين الثاني).

وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 221 ألف طلب للأسبوع الأخير، وفق «رويترز».

وتباطأ نمو الوظائف بشكل حاد في الشهر الماضي؛ إذ ارتفعت الوظائف غير الزراعية بواقع 12 ألف وظيفة فقط، وهو أقل عدد منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020.