عفو رئاسي عن نجل محافظ النجف السابق

انتقادات شديدة للخطوة نظراً لـ{تورطه في تجارة المخدرات»

TT

عفو رئاسي عن نجل محافظ النجف السابق

أصدر رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح عفواً رئاسياً خاصاً عن نجل محافظ النجف السابق لؤي الياسري بعد إدانته بالمتاجرة في المخدرات.
وكانت السلطات العراقية قد ألقت القبض نهاية يناير (كانون الثاني) 2018، على أفراد عصابة تتاجر بالمخدرات في منطقة البياع في بغداد، بينهم نجل محافظ النجف (جواد لؤي جواد) الذي كان يعمل ضابطاً في وزارة الداخلية. وأصدرت محكمة جنايات الكرخ في مارس (آذار) 2018، حكماً بالسجن المؤبد على نجل المحافظ مع غرامة مالية تقدر بنحو 25 ألف دولار أميركي.
وطبقاً لنسخة العفو الرئاسي التي انتشرت أمس، في معظم المواقع الخبرية ومواقع التواصل الاجتماعي، فإن الرئيس صالح وقع كتاب العفو في العاشر من شهر يناير الماضي، وينص على إعفاء «المحكوم عليه جواد لؤي جواد عما تبقى من مدة محكوميته في الحكم الصادر من محكمة جنايات الكرخ». وطبقاً للمادة 73 من الدستور العراقي، فإن لرئيس الجمهورية صلاحية «إصدار العفو الخاص بتوصية من رئيس مجلس الوزراء، باستثناء ما يتعلق بالحق الخاص، والمحكومين بارتكاب الجرائم الدولية والإرهاب والفساد المالي والإداري».
ورغم صلاحية العفو التي يتمتع بها رئيس الجمهورية، فإن عفوه عن نجل المحافظ أثار حفيظة وانتقادات كثيرين، ولم يصدر عن الرئاسة العراقية أي بيان، أمس، ينفي أو يؤكد أو يدافع عن قرار العفو.
وتتحدث بعض المصادر عن أن «صفقة العفو» عن نجل المحافظ تمت بالاتفاق مع زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، في مقابل أن يقوم المحافظ بالاستقالة عن منصبه وتعيين محافظ جديد مقرب من الصدر.
وقبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي استقالة المحافظ لؤي الياسري في 4 يناير الماضي، أي قبل ستة أيام من إصدار العفو الرئاسي، من هنا، فإن مراقبين يرون أن ذلك تم وفق صفقة محددة مع المحافظ.
وكان المحافظ الياسري قد اعتبر خلال إعلان استقالته من منصبه، أن «اتهام ابنه في المتاجرة بالمخدرات كيدي ويرتبط بالصراع على السلطة في محافظة النجف».
بدوره، رأى رئيس تحرير صحيفة «الصباح» الرسمية السابق فلاح المشعل، أن العفو الرئاسي في حال ثبوته «يعني أن الحكومة راعية وتحمي وتغطي جرائم تفتك بالمجتمع العراقي وتحطم شبابه». يعتقد المشعل أن هذا النوع من السلوكيات الحكومية «يمثل حنثاً باليمين الدستورية ويتوجب عزل رئيس الجمهورية ومساءلة رئيس الوزراء عن سبب توصيته بإجراء العفو». ثم تساءل المشعل قائلاً: «ما رأي القضاء بهذه التصرفات اللامسؤولة؟!».
وسخر الكثير من المدونين من قرار العفو، وأطلقوا عبارة ساخرة تقول: «على من لا يضمن عفواً رئاسياً خاصاً ألا يتاجر بالمخدرات».
وقال الكاتب والمدون عماد رسن: إن «الدولة التي تعفو عن تاجر مخدرات كيف ستقنع مواطنيها بأنها تحارب تجارة المخدرات». وأضاف أن «الدولة التي تعفو عن تاجر مخدرات، كونه ابن محافظ إسلامي سابق، كيف ستقنع مواطنيها بأنها دولة تسهر على تطبيق العدالة بالتساوي بين مواطنيها؟».
ووجه الكاتب والشاعر حميد قاسم سؤالاً قال فيه: «كيف تفسرون لنا العفو عن تاجر المخدرات الذي يستحق الإعدام وفق القانون؟ أهذه هي عدالتكم، أم هو نظام الصفقات؟ أم أن القانون ينظر إلى ابن المحافظ نظرة تختلف عن المواطنين سواه؟! وتتحدثون عن الدستور والقانون والعدالة!». يشار إلى أن بعض مواد القانون العراقي المتعلقة بقضية الاتجار بالمخدرات تنص على عقوبة الإعدام.


مقالات ذات صلة

قانون مقترح في الكويت يلوّح بـ«الإعدام» في قضايا المخدرات

الخليج كمية كبيرة من المخدرات ضبطتها سابقاً السلطات الكويتية (كونا)

قانون مقترح في الكويت يلوّح بـ«الإعدام» في قضايا المخدرات

كشفت مسودة التعديلات التي أجرتها لجنة حكومية لتعديل قانون مكافحة المخدرات عن اقتراح عقوبات صارمة تصل للإعدام بحق المتاجرين بالمخدرات.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
آسيا عَلم إيران (متداولة)

أفغانستان: وفد من وزارة النقل والطيران يتوجه إلى إيران

توجه وفد من وزارة النقل والطيران في أفغانستان، الأحد، إلى إيران.

«الشرق الأوسط» (كابل )
شؤون إقليمية صورة لسجن سيليفري مرمرة في إسطنبول (إ.ب.أ)

إطلاق أكبر عملية لمكافحة المخدرات في تركيا... واحتجاز 525 مشتبهاً

احتجزت الشرطة التركية 525 شخصاً على خلفية الاشتباه في تجارة المخدرات، وذلك خلال عملية جرت فجر اليوم (الخميس) في أنحاء العاصمة أنقرة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أوروبا وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان (أ.ف.ب)

وزير العدل الفرنسي: عدة سجون تعرضت لهجمات الليلة الماضية

أكد وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، اليوم الثلاثاء، وقوع هجمات خلال الليلة الماضية على عدة سجون فرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس )
خاص أحد عناصر السلطة السورية داخل مصنع لحبوب «الأمفيتامين» المعروفة باسم الكبتاغون في دوما على مشارف دمشق 13 ديسمبر (أ.ب) play-circle 03:26

خاص الكبتاغون: ورش عشوائية تنمو على أنقاض «خطوط إنتاج» نظام الأسد

بدأت القصة حين حوّل النظام السوري السابق أقراص الكبتاغون (وهو مخدّر صناعي مكوّن من مادتي الأمفيتامين والثيوفيلين) إلى «عملةٍ دمويةٍ».

أحمد الجوري (دمشق)

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

​ «مساعٍ حثيثة» من الوسطاء لعودة التهدئة في قطاع غزة، تقابلها تهديدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«سحق حماس»، ورفض إقامة دولة فلسطينية، وتسريبات بوسائل إعلام بلاده عن رفض مقترح الحركة بصفقة شاملة لتبادل الرهائن والأسرى تصل إلى 5 سنوات.

ذلك التباين الذي يصل إلى ذروته مع قرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد نحو أسبوعين، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، محاولة متعمدة من نتنياهو لعدم تهديد مستقبله السياسي الذي يقف على حافة الانهيار، غير أنهم يرون أن ضغوط واشنطن، وتكثيف الوسطاء الجهود لحلول توافقية، مع دعم دولي قبل الزيارة المرتقبة للمنطقة، ستسهم في الذهاب لاتفاقات مرحلية وهدنة إنسانية وأخرى مؤقتة مع تضمينها إنهاء الحرب، خصوصاً أن البيت الأبيض غير راغب في صراع مفتوح من دون سقف، حرصاً على مصالحه بالشرق الأوسط.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر سياسي ببلادها، قوله إن حكومة نتنياهو «ترفض مقترحاً لوقف إطلاق النار بغزة 5 سنوات يشمل إعادة كل المخطوفين»، مؤكداً أنه «لا فرصة للسماح لـ(حماس) بعودة التسلح والانتعاش».

فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

وجاء الرفض بعد ساعات من خطاب مطول ألقاه نتنياهو، أكد خلاله أمرين هما: «سحق حماس» و«رفض الدولة الفلسطينية»، قائلاً: «فكرة أن الدولة الفلسطينية ستجلب السلام هي فكرة هراء، ولقد جربناها في غزة، سيتم سحق (حماس)، ولن نضع السلطة الفلسطينية هناك. لن نستبدل بنظام يريد تدميرنا، آخر يريد القيام بذلك».

لكن عائلات الأسرى الإسرائيليين، رفضت في بيان صحافي الاثنين، مسار نتنياهو الذي وصل إلى ذروته برفض المقترح، مع استمرار العد التنازلي لزيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض أخيراً، وقالت العائلات: «نطالب بإعادة المخطوفين دفعة واحدة وإنهاء الحرب، وندعو للتظاهر مساء الأربعاء في تل أبيب للمطالبة بإعادة المخطوفين».

وكان مصدر مطلع بـ«حماس» كشف لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، أن الحركة «قدمت عبر الوسيط المصري، خلال لقاء السبت، رؤيتها الشاملة لإنهاء الحرب»، متضمنة مبادرة متكاملة تنص على «تنفيذ صفقة تبادل تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف العدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتأمين الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، والقبول بهدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات».

وتتضمن الرؤية «الالتزام بالرؤية المصرية لإدارة قطاع غزة من خلال (لجنة إسناد مجتمعي)، مع تأكيد (حماس) عدم مشاركتها في هذه الإدارة ودعم جهود إعادة الإعمار، وتقديم ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ، بما يسهّل تطبيق الاتفاق»، بحسب المصدر المطلع.

وجاءت زيارة «حماس» إلى القاهرة للمرة الثانية خلال أسبوع، بعد أيام من زيارة لتركيا ولقاء وزير الخارجية التركي، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة» في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

الخبير المختص في الأمن الإقليمي والدولي اللواء أحمد الشحات، يرى أن ما يصدر عن إسرائيل هو إصرار على استمرار الحرب والتوسع في احتلال غزة، ومحاولة لإفشال ضغوط الوسطاء التي تتواصل، ومحاولة لـ«استفزاز حماس» للتعنت وتحميلها أمام ترمب فشل أي مفاوضات.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، فإن تهديدات نتنياهو والتسريبات الإسرائيلية محاولة لإعاقة جهود الوسطاء والإبقاء على الحرب ولو لمائة عام، بهدف منع أي اتفاق شامل قد يجعل رئيس وزراء إسرائيل في مواجهة مساءلات داخلية تهدد بقاءه السياسي، مشيراً إلى أنه يدرك أن صفقة الـ5 سنوات كفيلة بأن تزيله هو شخصياً، وتجعله تحت المساءلة، وبالتالي يرفضها كلياً، وقد يرغب في اتفاق مرحلي للتهدئة دون التزام بوقف إطلاق النار استجابة لترمب قبل زيارته المنطقة.

في المقابل، لا يزال الوسطاء يتمسكون بممارسة مزيد من الضغوط وسط دعم دولي يتوسع لدعم ذلك المسار، وقال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة بمؤتمر بالدوحة الاثنين، إن قطر ستواصل بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة، وتأمين تدفق المساعدات دون عوائق إلى القطاع.

وبالتزامن، دعت الحكومة الفرنسية نظيرتها في إسرائيل، إلى وقف «المذبحة» التي تجري في غزة، وأكدت «الخارجية» البريطانية أنه سيتم توقيع مذكرة تفاهم «تاريخية» مع الجانب الفلسطيني، تُكرّس الالتزام بتعزيز الدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين، بحسب وسائل إعلام غربية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ويرى اللواء الشحات أن الوسطاء يحاولون حشد المجتمع الدولي والإقليمي، ويحثون واشنطن للضغط على إسرائيل في بند الملف الإنساني لترجمته لهدنة إنسانية في أقرب وقت، مع كبح جماحها في الحرب وتقديم مقترحات توافقية تستغل زيارة ترمب للمنطقة، ورغبته في تحقيق نصر سياسي له بالضغط على نتنياهو للذهاب لاتفاق مرحلي، متضمناً بحث إنهاء الحرب، مؤكداً أن الأخير وصل بهذا الرفض إلى الذروة، وقد يسفر عنه تدخل ترمب ليعلن أنه صاحب تحقيق الهدنة.

وبحسب نهرو جمهور، فإن الوسطاء سيواصلون الضغط لإقناع الطرف الفلسطيني بإبرام اتفاقات مرحلية تمهد لاتفاق شامل، وكذلك بالضغط على الجانب الأميركي لتحجيم رغبات نتنياهو في استمرار الحرب، معتقداً أن واشنطن ليست لديها رغبة في استمرار الصراع لما لا نهاية، وقد تنتصر للمعارضة الإسرائيلية بترتيبات جديدة بالمنطقة؛ منها اتفاق شامل لو استمر تعنت نتنياهو، أو إجباره على اتفاق ولو بشكل مرحلي.