سوزان رايس: لا يوجد حل عسكري للأزمة في اليمن

البيت الأبيض: مستمرون في مراقبة المياه الإقليمية > إيران تنشر مدمرتين قرب باب المندب

سوزان رايس
سوزان رايس
TT

سوزان رايس: لا يوجد حل عسكري للأزمة في اليمن

سوزان رايس
سوزان رايس

أوضحت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس أن بلادها ترى أنه لا يوحد حل عسكري للأزمة في اليمن، موضحة أن بلادها تتخذ الموقف نفسه تجاه هجمات المتشددين في العراق وأوكرانيا وسوريا، وأن تلك الأزمات يجب حلها من خلال التفاوض والحلول السياسية.
وقالت رايس خلال كلمة لها في حفل توزيع جوائز جبران خليل جبران بالمعهد العربي الأميركي مساء الأربعاء: «لا يوجد حل عسكري للأزمة في اليمن، وسيكون الوضع الإنساني أكثر سوءا إذا استمر النزاع». وأضافت: «إننا نعمل مع جميع الأطراف لوضع حد للعنف، بحيث يمكن استئناف المفاوضات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة على الفور وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية». وأشارت رايس إلى مراقبة الإدارة الأميركية للوضع في اليمن عن كثب.
وفي وزارة الدفاع الأميركية أشار مسؤولون إلى أن البنتاغون لا يزال يدعم الحملة العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية منذ شهر ضد أهداف للمتمردين الحوثيين في اليمن، إلا أن تسريبات تشير إلى رغبة البيت الأبيض المتزايدة في وضع نهاية للحملة العسكرية.
وقال جوش إرنست المتحدث باسم البيت الأبيض إن بلاده مستمرة في مراقبة الوضع عند المياه الإقليمية اليمنية بعد قيام القوات البحرية للحرس الثوري الإيراني باحتجاز السفينة ميرسك تيغرز، مشددا على الالتزام الأميركي بضمان حرية الملاحة وحرية تدفق التجارة في المياه الدولية.
واعترف المتحدث باسم البيت الأبيض بقلق بلاده من السلوك الإيراني، وقال: «تحدثنا في الماضي عن مجموعة واسعة من المخاوف لدينا حول السلوك الإيراني، وفي رأينا أن وجود إيران مسلحة نوويا سيجعل سلوكها السيئ أكثر خطورة، وأبرز مثال على ذلك مخاوفنا بشأن التدخل الإيراني مع السفينة ميرسك». وأضاف: «لدينا الكثير من المخاوف حول النشاط الإيراني المزعزع للاستقرار سواء في دعم الحوثيين أو دعم نظام الأسد أو الانخراط في تقديم الدعم للأنشطة الإرهابية والدعم الإيراني لحزب الله».
ويشير المحللون إلى موقف الإدارة الأميركية الحساس في التعامل مع منطقة الشرق الأوسط مع قلق الدول العربية من التقارب الأميركي المتنامي مع إيران، حيث تدفع إدارة أوباما لتحقيق انفراج كبير مع إيران من خلال السعي المستمر لإبرام اتفاق نووي مع القادة الإيرانيين في الوقت الذي تدعم فيه الإدارة الأميركية الحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.
وقال مسؤول أميركي إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري طلب من وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال لقائهما في نيويورك الاثنين الماضي مساعدة إيران في دفع الأطراف المتحاربة وبصفة خاصة الحوثيين للمشاركة في محادثات للتوصل إلى تسوية سياسية. كما ناقش وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الوضع في اليمن والجهود الدولية لاستئناف المفاوضات في اتصال تليفوني مساء الأربعاء.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للإغاثة الإنسانية من تأثيرات الحرب على ارتفاع أعداد القتلى من المدنيين ونزوح الآلاف من اليمنيين، إضافة إلى تدمير البنية التحتية. وقالت الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 300 ألف شخص قد شردوا ويعانون من صعوبة في الحصول على الغذاء والوقود، كما تعاني المستشفيات نقصا شديدا في الوقود والمواد الطبية.
من جانبه، أعلن قائد البحرية الإيرانية حبيب الله سياري أن مدمرتين إيرانيتين أرسلتا إلى خليج عدن لحماية السفن التجارية وهما متمركزتان حاليا عند مدخل مضيق باب المندب الاستراتيجي بين اليمن وجيبوتي الذي يعبر منه يوميا نحو أربعة ملايين برميل من النفط باتجاه قناة السويس شمالا أو خط أنابيب سوميد للنفط. حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف سياري «نحن في خليج عدن بموجب القوانين الدولية من أجل حماية السفن التجارية لبلادنا من تهديد القراصنة».
وتأمل الأمم المتحدة في استئناف الحوار بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل بعدما فشلت جهود المبعوث السابق المغربي جمال بنعمر، في الوقت الذي ينقسم فيه طرفا النزاع حتى بشأن مكان لقاء محتمل.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.