سنوات السينما

كنجي ميتزوغوتشي وسط بطلاته
كنجي ميتزوغوتشي وسط بطلاته
TT

سنوات السينما

كنجي ميتزوغوتشي وسط بطلاته
كنجي ميتزوغوتشي وسط بطلاته

‫Street of Shame
‬- (1956)
- سيرة مجتمع وخمس نساء

- هذا كان آخر فيلم أنجزه كينجي ميتزوغوتشي في حياته (94 فيلماً). ليس أفضل أعماله، لكنه أحد تلك المهمّة في كل الأحوال، وذلك لأسباب تتعلّق بأسلوب عمله، فنياً، وبذلك الاهتمام لنقل نبض الحياة كما هي وعلى نحو صادق.
بممارسته لأسلوبه في العمل والتقاط الموضوع الاجتماعي وتطرّقه إلى قصّة قام بتحقيقها (عن رواية ليوشيكو شيباكي) قبل سنة أو نحوها من قيام الحكومة اليابانية بإصدار قانون يمنع بيوت الدعارة في البلاد. شيباكي كاتبة قصص قصيرة وروايات شهدت شهرة محلية وبعض رواياتها دارت حول المومسات، ومنها هذا العمل الذي حاكته عندما بدأ البرلمان الياباني طرح مسألة إغلاق بيوت الهوى ومناقشة هذا الموضوع على أساس ردات فعله إيجابياً وسلبياً.
يمهّد الفيلم بالقول إن تاريخ أسواق الحريم اليابانية يعود إلى 300 سنة وتم تعزيز وجودها عندما أم الجنود الأميركيون طوكيو بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. ميتزوغوتشي يعرض ولا ينتمي أو يتحزب لقرار. لا موقف له في الظاهر، لكن إذ يسرد حكايات تلك المجموعة من النساء العاملات في أحد بيوت الدعارة، تراه يتحسس مشاكلهن ورغباتهن ويتعاطف معهن. بذلك هناك بعض المواقف العاطفية المسرودة بواقعية لكن على نحو من يريد توظيفها لطرح السؤال حول بطلاته وما سيؤول إليه وضعهن حال إغلاق أماكن عملهن، علماً بأن بعض هؤلاء النساء يكشفن عن مخاوفهن حيال بلوغهن سنّاً متقدّمةً ورغبة بعض آخر بالزواج والبحث عن وظيفة لائقة.
يسرد المخرج فيلمه بانتقال متواصل حكاية كل واحدة منهن مع واقعها المُعاش: ياسومي (أياكو واكاو) فتاة شابّة تدّعي حبها لرجل ثري لكي تكوّن لنفسها ثروة صغيرة قبل إغلاق المكان. هاناي (ميشيكو كوغوري) متزوّجة وعليها أن تواصل تأمين الحياة لزوجها المريض وطفلهما. ميكي (ماشيكو كيو) أكثرهن عبثاً وجرأة التي تحاول الحفاظ على مهنتها بأي وسيلة (بما في ذلك الخروج إلى الشارع لجذب الرجال العابرين). هناك كذلك يوميكو (أيكو ميماسو) التي لا تحاول تبرير ما تقوم به، بل تشعر بالخجل منه. الخامسة - ومن دون أي ترتيب يتولاه الفيلم - هي يوري (هيروكو ماشيدا) وهي امرأة تتقدّم بالعمر تطمح في الزواج من صديقها والإقلاع عن هذه المهنة. ما يشتركن به، لجانب عملهن، هو الخوف من الغد. وباستثناء ميكي، تحاول كل منهن الإفلات من مصير مظلم، حتى وإن لم يصدر القرار بإغلاق أعمالهن. سؤال المخرج (وربما سؤال الكاتبة قبله) هو ما الذي سيحدث لهؤلاء. والفيلم لا يحير جواباً بل يستعرض حالات.
الكاميرا في هذا الفيلم (تصوير كازاو مياغاوا الذي صوّر لأكيرا كوروساوا Rashomon سنة 1950) هي ما اعتاد المخرج عليها في مجمل أفلامه. على مستوى منخفض، بصرف النظر عن بعد الكاميرا عن الموضوع المصوّر. كذلك، يحفل بتلك المشاهد التي نرى فيها أشخاصاً يتابعون فيها أفعال أشخاص آخرين. شيء من هدم الخصوصيات التي تعيشها بطلات فيلمه في مهنة للعموم.
قبل هذا الفيلم بعامين أخرج ميتزوغوتشي «امرأة الشائعة» (Woman of Rumor) وفيه سرد حياة فتاة الغيشا التي هي مومس من رتبة اجتماعية أعلى. الفيلمان يكمّلان بعضهما بعضاً، لكنهما معاً ينتميان إلى أعمال عديدة حققها المخرج وفي البال وضع المرأة في المجتمع.

- ولد ميتزوغوتشي سنة 1898 وتوفي مباشرة بعد تحقيقه هذا الفيلم. الغالب أن بعض التفاتاته لمعاناة اليابانيين العاديين عائد إلى أن حياته شهدت بدورها بعض تلك المعاناة، إذ وُلد في عائلة متوسطة الحال لكن هذا الحال اتحدر عندما غيّر والده عمله ولم يوفّق فاضطر لبيع إحدى ابنتيه لعائلة أخرى والأخرى بيعت لتصبح فتاة غيشا. أما كينجي فقد اضطر للتوقف عن تحصيل الدراسة وهو صغير. بعد ذلك، لازم كينجي الفراش مريضاً لنحو عام قبل أن يدخل مدرسة لتعلم الفن وينطلق منها وفي باله شيء واحد: أن يصبح مخرجاً. فيلمه الأول ورد سنة 1923 وكان «مغامرات أرسين لوبان» اقتباساً عن الشخصية الفرنسية الشهيرة.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».