أسعار النفط تلامس 100 دولار وسط مخاوف بشأن الإمداداتhttps://aawsat.com/home/article/3491116/%D8%A3%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7-%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B3-100-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%88%D9%81-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%AF%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA
أسعار النفط تلامس 100 دولار وسط مخاوف بشأن الإمدادات
أسعار النفط اقتربت من 100 دولار خلال تعاملات أمس (رويترز)
قفزت أسعار النفط خلال تعاملات أمس الثلاثاء، بنسبة تخطت 5 في المائة، كرد فعل أولي على تحركات أولى في أزمة أوكرانيا، بعد أمرت روسيا بنشر قواتها في منطقتين انفصاليتين بشرق أوكرانيا والاعتراف باستقلاليتهما، مما زاد من المخاوف بشأن إمدادات النفط، ودفع الأسعار إلى مستويات 100 دولار، وسط مخاوف من تخطيه هذه المستويات. وسجل خام برنت أمس أعلى مستوى منذ عام 2014 عند 99.44 دولار، ليقلص مكاسبه خلال تعاملات جلسة أمس، إلى 96.86 دولار للبرميل بنسبة صعود 3.55 حتى الساعة 15.12 بتوقيت غرينتش. كما قفزت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط 2.11 في المائة، إلى 93.00 دولار للبرميل بعد أن بلغ 96 دولاراً في وقت سابق من الجلسة. والأسعار المرتفعة للنفط تنعكس على الاقتصاد العالمي بالسلب، إذ تساهم في صعود التضخم وتخفض معدلات النمو الاقتصادي للدول، مما يزيد من المخاوف بشأن تخطي الأسعار مستويات 100 دولار. وزادت أزمة أوكرانيا الدعم لسوق النفط التي ارتفعت بالفعل بسبب نقص المعروض مع انتعاش الطلب بعد جائحة «كوفيد – 19». ويرى ريكاردو إيفانجليستا - محلل أول في شركة «ActivTrades» (أكتيف تريدس) للوساطة، أن الخام بلغ ذروته لعدة سنوات في معاملات أمس، كرد فعل لقلق المستثمرين المتزايد من القطع المحتمل لإمدادات النفط الروسي. لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» عبر الإيميل، «ليس من المحتمل أن يدرج الغرب صادرات النفط الروسية في حزمة العقوبات التي سيفرضها، ولكن الاحتمال الأكبر أن ترد موسكو على تلك العقوبات بتقييد صادرات الطاقة إلى أوروبا، مما يعمق من أزمة المعروض النفطي الحالية، ويدفع بسعر البرميل لسقف الـ100 دولار لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2014». وتتمسك مجموعة «أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء، بسياسة زيادة الإنتاج بنحو 400 ألف برميل يومياً. وتمسك وزير البترول النيجيري، في تصريحات له أمس، بموقف «أوبك بلس»، قائلاً إنه لا حاجة لزيادة الإنتاج بدرجة أكبر الآن، مشيراً إلى احتمال ضخ النفط الإيراني في الأسواق إذا ما تم التوصل إلى اتفاق. وأوضح وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، على هامش مؤتمر لمصدري الغاز في الدوحة، أن أسعار النفط تحركها العوامل الجيوسياسية لا العرض والطلب. وقال المزروعي إنها ليست قضية عرض وطلب، وإنما قضية جيوسياسية. من جانبه، قال وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار، في هذا الصدد، إن العرض والطلب على النفط الخام بالسوق في توازن حالياً. وقال إنه سيتم اتخاذ قرار بشأن ما يجب فعله حيال إنتاج النفط في الاجتماع المقبل لـ«أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول ومنتجين آخرين منهم روسيا، بعد تلقي دراسات بحثية في السابع من مارس (آذار). في الأثناء، أظهرت بيانات من «يورو أويل ستوك»، أن إنتاج مصافي التكرير الأوروبية بلغ 9.73 مليون برميل يومياً من المنتجات النفطية في يناير (كانون الثاني)، بزيادة أكثر من 9 في المائة على أساس سنوي، لكنه منخفض 0.4 في المائة على أساس شهري. وأشارت البيانات إلى أن إنتاج البنزين في مصافي التكرير الأوروبية بلغ 2.369 مليون برميل يومياً في يناير، مرتفعاً 10.2 في المائة على أساس سنوي، لكنه منخفض 0.5 في المائة من ديسمبر (كانون الأول). وبلغ استهلاك مصافي التكرير الأوروبية من الخام في يناير 9.17 مليون برميل يومياً، مرتفعاً 7.4 في المائة على أساس سنوي، لكنه متراجع 2.2 في المائة من ديسمبر (كانون الأول).
هل يكرر ترمب سياسات الإنفاق المفرط ويزيد ديون أميركا؟
دونالد ترمب يتحدث خلال حملته الانتخابية في أتلانتا 15 أكتوبر 2024 (رويترز)
على مدى العقود الماضية، شهد الاقتصاد الأميركي تسارعاً ملحوظاً في وتيرة تراكم الدَّين العام ليصبح سمة «تاريخية» وجزءاً لا يتجزأ من الهوية الاقتصادية الأميركية، بدءاً من الرئيس فرنكلين روزفلت الذي أسهم بأكبر نسبة زيادة في الدين الوطني حتى الآن، مروراً بالرئيس باراك أوباما، وصولاً إلى الرئيس جو بايدن.
وقد استمر هذا الاتجاه، خلال الفترة الأولى من رئاسة دونالد ترمب (2017-2021)، حيث تميزت بزيادة قياسية في الدين العام، إذ أضافت إدارته أكثر من 7 تريليونات دولار إلى خزينة الدولة، ليصل حجم الدين إلى نحو 28 تريليون دولار مع نهاية ولايته.
وجاء هذا التوسع مدفوعاً بحزمة مساعدات ضخمة لمواجهة تداعيات جائحة «كورونا»، بلغت قيمتها 900 مليار دولار. وبذلك يواصل الدين الوطني الأميركي ارتفاعه ليبلغ في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي 35.8 تريليون دولار، ما يمثل نحو 99 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ويقارب المستوى الذي سُجل بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
وبعودة ترمب إلى الرئاسة في 2024، يثار عدد من التساؤلات حول احتمالات تكرار هذا السيناريو. وتشير توقعات لجنة الموازنة الفيدرالية إلى أن خططه قد تضيف نحو 7.75 تريليون دولار جديدة إلى الدين العام، إذ يتعهد ترمب بتخفيضات ضريبية جديدة، وزيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية، ما قد يُنذر بزيادة الدين مرة أخرى.
ورغم أن ترمب يرى في هذه السياسات دافعاً لنمو الاقتصاد وتعزيز التنافسية، فإن هذا الإنفاق المعتمد على العجز قد يؤدي إلى تدهور الوضع المالي العام، ولا سيما مع التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة. وبذلك، سيواجه ترمب تحديات مالية جسيمة قد تهدد مكانة الولايات المتحدة في أسواق الديون العالمية، مما يؤثر على إقبال المستثمرين على شراء سندات الدين الأميركية، ويرفع تكاليف الاقتراض الحكومي.
تحذيرات من مخاطر تراكم الديون
يشير الواقع إلى أن الدين العام بات يشكل تهديداً حقيقياً لمستقبل الاقتصاد الأميركي. ووفق بيانات مكتب الموازنة في الكونغرس، من المتوقع أن ترتفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة إلى 155 في المائة بحلول 2050. وفي الآونة الأخيرة، تزداد التحذيرات من ضرورة ضبط العجز، إذ إن استمرار الاعتماد على الدين قد يُعرّض الاقتصاد لمخاطر أعمق، خصوصاً في حال حدوث تباطؤ اقتصادي مفاجئ. ووفقاً لرئيسة مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية السابقة، شيلا باير، فإن أزمة الديون الفيدرالية تُعد من أكبر التحديات الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة حالياً. فالحكومة الأميركية اعتمدت مراراً على الإنفاق المموّل بالعجز وتخفيض الضرائب، لمواجهة أزمات كبرى، مثل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، والأزمة المالية العالمية 2007-2008، وجائحة «كورونا». إلا أن استمرار هذه السياسات بعد انحسار الأزمات أسهم في تراكم ديون هائلة.
ارتفاع العوائد على السندات الأميركية
ومع إعلان فوز ترمب في الانتخابات، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.479 في المائة، مع ازدياد التوقعات بأن سياسات ترمب التجارية والضريبية قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم وتفاقم الوضع المالي للبلاد. وقال الرئيس التنفيذي لصندوق التحوط «تولو كابيتال مانجمنت»، سبنسر حكيمي: «نتوقع أن تؤدي ولاية ترمب إلى تأثيرات سلبية على العوائد؛ نظراً لزيادة العجز ورفع الرسوم الجمركية».
وأظهر استطلاع لمعهد المحللين الماليين المعتمدين أن 77 في المائة من المحللين يرون أن المالية الأميركية تسير في اتجاه غير مستدام، بينما يرى 61 في المائة أن الولايات المتحدة تفتقر إلى الإرادة السياسية لخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. ويعتقد 63 في المائة أن الولايات المتحدة قد تفقد مكانتها بوصفها عملة احتياطية خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة. هذه التوقعات قد تعني أن المستثمرين في سندات الخزانة الأميركية قد يواجهون خسائر كبيرة، ما سيؤدي إلى تراجع قيمة الأصول المالية المملوكة للبنوك والصناديق والمديرين الماليين، وازدياد موجات التخارج في الأسواق المالية، مما يهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية.
تحديات إعادة تفعيل سقف الدين
من بين التحديات الكبرى التي ستواجه إدارة ترمب إعادة تفعيل سقف الدين الفيدرالي (حد الدين) في 2 يناير (كانون الثاني) 2025، بعد أن جرى تعليقه في 2023 على أثر مفاوضات مطوّلة مع الكونغرس. وتقوم واشنطن بتحديد حد أقصى للاقتراض الفيدرالي، ويجب أن توافق غالبية أعضاء الكونغرس على هذا الحد.
وبين عامي 1992 و2012، جرى تعديل سقف الدين 15 مرة. ومع بداية عام 2013، بدأ صنّاع السياسات تعليق السقف، بدلاً من رفعه بشكل مباشر، بحيث تجري إعادة ضبطه في نهاية كل فترة تعليق. ومنذ ذلك الحين، عُلّق السقف، وأُعيد فرضه سبع مرات إضافية، مما أدى إلى زيادة السقف من 16.7 تريليون دولار في 2013، إلى 31.4 تريليون دولار في 2023. وفي حال عدم التوصل إلى حل سريع، سوف تضطر وزارة الخزانة إلى استخدام احتياطياتها النقدية والإجراءات الاستثنائية، وهي مجموعة من المناورات المحاسبية، لتمويل الحكومة حتى تاريخ «X»؛ وهو التاريخ الذي لن تتمكن فيه الحكومة من دفع جميع فواتيرها. ويقدِّر بعض التحليلات أن هذا التاريخ قد يكون في النصف الثاني من العام المقبل.
وقد أدت النزاعات حول سقف الدين في الماضي إلى دفع البلاد إلى حافة التعثر، مما أثر على تصنيفها الائتماني. وقد يتكرر هذا السيناريو في حال وجود حكومة منقسمة، حيث فاز الجمهوريون بالأغلبية في مجلس الشيوخ، لكن لا يبدو أن أياً من الحزبين يملك الأفضلية في السيطرة على مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون حالياً بأغلبية ضئيلة. كما أن هذا الأمر يؤثر سلباً على سندات الخزانة الأميركية التي تُعد استثماراً آمناً ومستقراً.
وفي حال اعتبار الديون الأميركية أكثر خطورة، قد يتجه المستثمرون إلى أسواق أخرى، مما يرفع معدلات الفائدة ويزيد أعباء الفائدة على الحكومة. وتشير تقديرات مؤسسة «بروكينغز» إلى أن التخلف عن السداد أو المساس بسلامة سوق الخزانة، قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الفائدة بنحو 750 مليار دولار خلال عشر سنوات. علاوة على ذلك، فإن تكاليف الفائدة على الديون الأميركية في طريقها إلى تجاوز مستوياتها القياسية السابقة، نسبة إلى حجم الاقتصاد في عام 2025، ويرجع هذا جزئياً إلى الزيادات المطردة بأسعار الفائدة في السنوات الأخيرة.
مناورات تهدد بخفض التصنيف الائتماني
لم تقم الولايات المتحدة قط بالتخلف عن سداد ديونها، لكن المشرّعين غالباً ما ينتظرون حتى اللحظة الأخيرة لرفع أو تعليق سقف الدين. وهذه المناورات المالية لها عواقب سلبية، مثل احتمال خفض تصنيف الولايات المتحدة الائتماني من قِبل وكالات التصنيف، وهي مصدر للقلق بالنسبة للأسواق المالية.
وفي العام الماضي، خفّضت وكالة «فيتش» تصنيف الولايات المتحدة الائتماني بمقدار درجة واحدة من «إيه إيه إيه» إلى «إيه إيه +»، ونظرتها إلى «سلبية» من «مستقرة»؛ بسبب المناورات السياسية حول حد الدين. كما أبدت «موديز» و«ستاندرد آند بورز» مخاوف مشابهة.
الدولار واستدامة الديون
أتاحت المكانة المتميزة للدولار بوصفه عملة احتياطية للولايات المتحدة تجاهل العواقب المباشرة لازدياد الديون الفيدرالية، لكن هذا الوضع يشهد تراجعاً ملحوظاً؛ فقد انخفضت حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية من أكثر من 70 في المائة خلال عام 2000، إلى 58 في المائة حالياً، كما انخفضت ملكية الأجانب للسندات الأميركية من 34 في المائة خلال 2012، إلى 28 في المائة خلال 2024، ما يعكس تآكل الثقة بقدرة الولايات المتحدة على الوفاء بالتزاماتها المالية.
وإذا استمر هذا التوجه، فقد تواجه الولايات المتحدة أزمة في تمويل ديونها، ما سيدفع الحكومة لدفع تكاليف فائدة مرتفعة. فقد بلغت تكلفة خدمة الدين الفيدرالي 892 مليار دولار في 2024، ومن المتوقع أن ترتفع بشكل كبير إذا استمر الدين في الارتفاع، مما يضيف ضغوطاً مالية إضافية على الموازنة الفيدرالية، وقد يضطر الاقتصاد الأميركي إلى التعامل مع زيادات ضريبية أو تخفيضات في الإنفاق؛ في محاولة للتعامل مع هذه الضغوط.
بين السياسات التوسعية والعجز المالي
على الرغم من أن الولايات المتحدة تمكنت تدريجياً في الماضي من تقليص الدين العام إلى نحو 31 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول عام 1981، فقد أسهمت السياسة المالية الحالية، سواء من الجمهوريين أم الديمقراطيين، في تعميق العجز، عبر تسهيل تمويل المبادرات الشعبية بالاقتراض المتزايد. ويبدو أن كلا الحزبين اتفق ضمنياً على أن العجز يمثل الوسيلة الأسهل لتحقيق أهدافهما السياسية، ما أضعفَ الاهتمام بمعالجة المشكلات المالية.
وبالنسبة لترمب، سيكون التحدي الأكبر في ولايته الثانية هو موازنة سياساته التوسعية في تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق، مع الحاجة إلى السيطرة على الدين المتزايد. وإذا قرر مواجهة الدين، فقد يتعين عليه تقليص بعض أوجه الإنفاق، أو تعديل التخفيضات الضريبية، وهي خطوات غير شعبية، كما يمكنه الاستفادة من دعم الأغلبية الجمهورية لتحقيق «اكتساح أحمر» يساعده في تمرير إصلاحات هيكلية تعزز استدامة النمو المالي، دون التأثير على الاقتصاد.