زلزال في الأسواق الروسية... وتوابع ارتدادية عالمية

بورصة موسكو تخسر 10%

متعامل يتابع مؤشرات سوق الأسهم بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متعامل يتابع مؤشرات سوق الأسهم بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

زلزال في الأسواق الروسية... وتوابع ارتدادية عالمية

متعامل يتابع مؤشرات سوق الأسهم بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متعامل يتابع مؤشرات سوق الأسهم بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

تراجعت البورصة الروسية صباح الثلاثاء مع تسجيل المؤشرات تدنياً بأكثر من 8 في المائة عند افتتاح جلسات التداول، وذلك بعد اعتراف موسكو باستقلال منطقتين انفصاليتين أوكرانيتين مواليتين لها في خضم أزمة بين روسيا والغرب حول أوكرانيا.
وخسر المؤشر الرئيسي في بورصة موسكو «آر تي إس» المقوم بالدولار 9.9 في المائة من قيمته عند الساعة 0708 بتوقيت غرينتش. أما مؤشر «إيمويكس» المقوم بالروبل، فتراجع بنسبة 8.5 في المائة. وسجلت الأسهم الروسية خلال تعاملات الاثنين أكبر تراجع لها منذ 2008، وتراجع مؤشر إم أو إي إكس الرئيسي للأسهم الروسية بنحو 14 في المائة، في الوقت الذي تراجع فيه مؤشر آر تي إس للأسهم المقومة بالدولار بنسبة 17 في المائة، وهو أسوأ أداء لأي بورصة في العالم يوم الاثنين. وفي حين تراجعت أسعار كل الأسهم الروسية، تراجع سهما غازبروم العملاقة للغاز الطبيعي ومصرف سبيربنك بأكثر من 15 في المائة لكل منهما.
في الوقت نفسه ألغت وزارة المالية الروسية مزايدة كانت مقررة الثلاثاء لبيع سندات بسبب «زيادة تقلبات أسواق المال»، حيث ارتفع العائد على السندات العشرية الروسية بنحو 70 نقطة أساس، بحسب وكالة بلومبرغ للأنباء. كما تراجع الروبل الروسي أمام الدولار بنسبة تصل إلى 3 في المائة يوم الاثنين، وهو أكبر تراجع لعملة أمام الدولار على مستوى العالم خلال اليوم.
وقال كريستيان ماجيو رئيس إدارة تخطيط محافظ الاستثمار في شركة تي دي سيكيوريتيز للوساطة المالية ومقرها في لندن، إن «التقلبات شديدة بسبب استمرار سيادة الغموض... في حالة نشوب صراع مسلح ستتراجع قيمة الأصول الروسية أكثر مما هي عليه الآن».
وكان ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد قال في وقت سابق من يوم الاثنين، إن الاتحاد سيتصرف «كجبهة موحدة وقوية» إذا اعترفت روسيا بإقليمي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيين الانفصاليين ككيانين مستقلين. وأضاف بوريل في مؤتمر صحافي في بروكسل: «نحن ندعو (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) إلى احترام القانون الدولي واتفاقات مينسك ونتوقع منه عدم الاعتراف باستقلال إقليمي دونيتسك ولوهانسك».
وقال بوريل: «إذا حدث ضم، ستكون هناك عقوبات»، مضيفاً: «سأطرح الأمر على الطاولة وعلى الوزراء اتخاذ قرارهم».
وتزامناً مع الزلزال الروسي، تراجعت المؤشرات الرئيسية للأسهم الأميركية عند الفتح الثلاثاء مع تزايد المخاوف من الحرب وتهديدات بعقوبات، لكن أسهم الطاقة قفزت مع صعود أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ 2014.
وانخفض المؤشر داو جونز الصناعي 0.31 في المائة إلى 33974.09 نقطة في بداية جلسة التداول في بورصة وول ستريت. ونزل المؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي 0.37 في المائة إلى 4332.74 نقطة، في حين هبط المؤشر ناسداك المجمع 0.91 في المائة إلى 13424.36 نقطة. وزادت الأسهم الأميركية خسائرها في التعاملات المبكرة ليهبط ناسداك وداو جونز واحداً في المائة.
كما هبطت الأسهم الأوروبية في التعاملات المبكرة إلى أدنى مستوياتها في سبعة أشهر مع شعور المستثمرين بالقلق من احتمال فرض عقوبات اقتصادية على روسيا التي أمرت بنشر قوات في إقليمين انفصاليين بشرق أوكرانيا.
وهبط المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 1.7 في المائة بحلول الساعة 0810 بتوقيت غرينتش متراجعاً للجلسة الرابعة على التوالي. ونزل المؤشر نحو عشرة في المائة عن أعلى مستوياته على الإطلاق الذي سجله في أوائل يناير (كانون الثاني) .
وبدا المؤشر داكس للأسهم الألمانية أكثر تأثراً من غيره من المؤشرات الأوروبية لاعتماد ألمانيا الكبير على إمدادات الغاز الروسية وعدم وجود شركات طاقة مدرجة على المؤشر الذي هبط 2.2 في المائة. ونزل مؤشر منطقة اليورو الأوسع نطاقاً 2.1 في المائة، في حين هبط مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني 1.2 في المائة.
ولجأ المستثمرون إلى الأصول الآمنة نسبياً مثل الذهب والسندات الحكومية، في حين توشك الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون على إعلان عقوبات صارمة جديدة على روسيا.
وفي حين ارتفعت أسهم شركات النفط والغاز 0.7 في المائة، ثارت مخاوف في الأسواق من أن يزيد ارتفاع أسعار السلع من مخاوف التضخم. وكانت أسهم شركات السيارات والبنوك الأسوأ أداءً بين الأسهم الأوروبية وهبطت 2.7 في المائة و3.1 في المائة على الترتيب.
وعلى ذات المسار، أغلق المؤشر نيكي الياباني على انخفاض للجلسة الرابعة على التوالي مع تصاعد التوتر حول أوكرانيا. وتراجع نيكي 1.71 في المائة إلى 26449.61 نقطة، لكنه عوض جزءاً من خسائر وصلت إلى 2.5 في المائة. وهبط المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 1.55 في المائة إلى 1881.08 نقطة ليغلق على انخفاض للجلسة الرابعة كذلك.
وانخفضت أسهم 199 شركة من بين 225 شركة مدرجة على المؤشر نيكي، وكان قطاع الخدمات الاستهلاكية الأسوأ أداءً، وشهد قطاعا المواد الأساسية والتكنولوجيا كذلك خسائر كبيرة.
وحذر المفوض الأوروبي للاقتصاد باولو جنتيلوني من أن الأزمة ستفاقم الضبابية الاقتصادية بالنسبة للاتحاد الأوروبي. وقال جنتيلوني خلال مؤتمر في بروكسل: «لا تزال الضبابية تحيط بنا. وسيزيد انتهاك القانون الدولي عبر اعتراف روسيا بمنطقتين انفصاليتين في أوكرانيا، هذه الضبابية بشكل كبير».
وفي المقابل، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس من أن الخطوات الروسية لن تمر «من دون رد». وأعلن البيت الأبيض أن بايدن سيصدر أمراً تنفيذياً «يحظر أي استثمارات جديدة والتجارة وتمويل مواطنين أميركيين إلى ومن أو في» المنطقتين الانفصاليتين.
وأدى احتمال اندلاع حرب وفرض عقوبات قاسية القلق حيال انعكاسات ذلك على مجموعة إمدادات من المنطقة بما في ذلك النفط والقمح والنيكل. ويفاقم ارتفاع أسعار النفط المخاوف حيال التضخم حول العالم، فيما يواجه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ضغوطاً كثيفة لتشديد السياسة النقدية لتجنب خروج الأسعار عن السيطرة.



هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».