أوروبا بعد عامين من ظهور الجائحة: أكثر من 151 مليون إصابة وما يزيد على 1.6 مليون وفاة

معارضون لقيود «كورونا» في مدينة هامبورغ الألمانية الشهر الماضي (إ.ب.أ)
معارضون لقيود «كورونا» في مدينة هامبورغ الألمانية الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

أوروبا بعد عامين من ظهور الجائحة: أكثر من 151 مليون إصابة وما يزيد على 1.6 مليون وفاة

معارضون لقيود «كورونا» في مدينة هامبورغ الألمانية الشهر الماضي (إ.ب.أ)
معارضون لقيود «كورونا» في مدينة هامبورغ الألمانية الشهر الماضي (إ.ب.أ)

ينقضي اليوم عامان على ظهور جائحة «كوفيد - 19» في أوروبا، وليس من يريد الاحتفال بهذه المناسبة بعد أن خلف الوباء أكثر من 151 مليون إصابة، بينها 26 مليوناً ما زالت قيد العلاج أو تحت المراقبة، وما يزيد على 1.6 مليون حالة وفاة، فيما يواصل متحور «أوميكرون» سريانه من غير أن تلوح حتى الآن بشائر أكيدة على انحساره وسط أنباء عن ظهور طفرة جديدة متفرعة عنه أسرع انتشاراً بنسبة 30 في المائة.
وبينما تشير الاستطلاعات الأخيرة في البلدان الأوروبية إلى أن نسبة السكان الذين يشعرون بالقلق من الفيروس تراجعت إلى أدنى المستويات منذ مطالع عام 2020، لكنها ما زالت تزيد على 70 في المائة، ذكر المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منه، بأنه عندما انخفض منسوب القلق من الوباء بشكل ملحوظ في صيف ذلك العام، وساد الشعور بأن الجائحة اقتربت من خواتيمها، وبدأ العد العكسي لرفع القيود وتدابير العزل والإقفال، عاد الفيروس لينتشر في موجات جديدة متتالية لم تقتصر على المسنين، كما في البدايات، بل راحت تصيب أعداداً متزايدة من البالغين الشباب الذين كانوا يعتبرون أن عندهم من المناعة الطبيعية ما يحميهم من المرض.
ويتوقف الخبراء لدى قراءة نتائج هذه الاستطلاعات عند النسبة العالية من الشباب الذين يتصدرون اليوم فئات الذين يشعرون بالقلق من الوباء، خصوصاً بسبب من تداعياته على الأنشطة التعليمية وفرص العمل والقيود التي ما زالت تفرضها مكافحته على مناحي الحياة الاجتماعية.
يذكر أن نسبة الذين كانوا يشعرون بالقلق الشديد من «كوفيد - 19» في أوروبا في مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت تتراوح بين 80 في المائة و90 في المائة، مع التركيز بشكل خاص على تداعياته الاجتماعية. يضاف إلى ذلك أن مناخ الخوف الذي ساد في تلك المرحلة ولد عند المواطنين توقاً متزايداً للحماية من المؤسسات العامة وتطلعاً متزايداً إلى السلطة. وأدت تلك المشاعر إلى «شخصنة» المواقف بالتركيز على مسؤولين بعينهم في المراكز العليا للقرار، واعتبارهم أصحاب الفضل في نجاح خطط التصدي للوباء أو، غالباً، المسؤولين عن فشلها وتداعياتها السلبية، فيما كانت صدقية الأحزاب السياسية تبلغ أدنى مستوياتها مع استمرار الموجات الوبائية، وما تخلفه من إصابات ووفيات جديدة كانت تستدعي إطالة حالات الطوارئ وتمديد القيود والتدابير الوقائية. ويلاحظ المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية أن مشاعر «الخوف الفيروسي» بدأت تتراجع بشكل ملحوظ منذ ربيع العام الفائت بعد انطلاق حملات التلقيح، حيث كانت نسبة الذين يشعرون بقلق شديد من الوباء تراجعت إلى 56 في المائة في مارس (آذار) الماضي، ثم انخفضت إلى 30 في المائة في سبتمبر (أيلول) لتصل اليوم إلى 24 في المائة.
ويقول خبراء المركز، إن ثمة أسباباً عديدة وراء ذلك، أولها الحماية المناعية التي وفرتها اللقاحات بعد أن تجاوزت نسبة التغطية اللقاحية الكاملة في غالبية البلدان الأوروبية 80 في المائة من مجموع السكان. يضاف إلى ذلك أن الفيروس ذاته تغيرت مواصفاته البيولوجية مع ظهور المتحورات الجديدة التي كان آخرها «أوميكرون»، الذي، رغم سرعة سريانه، لا يتسبب عموماً في إصابات خطرة.
ومن الأسباب الأخرى أيضاً تطور البروتوكولات العلاجية بعد المرحلة الأولى التي كان الأطباء يواجهون فيها الفيروس خبط عشواء بعلاجات مرتجلة قبل معرفة مواصفاته ومسرى تطور الإصابة، فضلاً عن أن الناس تكيفت مع الفيروس، فيزيولوجياً ونفسياً.
ويحذر الخبراء من أن «الفيروس ما زال مبعثاً على الخوف»، لأنه ما زال يصيب البشر، وإن بنسبة أخف شدة من الماضي، وأرقام الوفيات اليومية ما زالت تعد بالمئات. وينبهون من أن الرغبة، الطبيعية والمنطقية، في طي صفحة الماضي، لها ما يبررها بعد الذي عاناه العالم طوال عامين، لكنها محفوفة بالمخاطر، ومن المستحسن عدم الانقياد وراءها بسرعة ومن غير تدابير احترازية.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».