كينيا تهدد بإغلاق أكبر مخيم للاجئين في العالم

مخيم داداب يضم 350 ألف لاجئ من الصومال وبات محل شبهة مع تزايد هجمات «الشباب»

كينيا تهدد بإغلاق أكبر مخيم للاجئين في العالم
TT

كينيا تهدد بإغلاق أكبر مخيم للاجئين في العالم

كينيا تهدد بإغلاق أكبر مخيم للاجئين في العالم

هددت الحكومة الكينية بتفكيك أكبر مخيم للاجئين في العالم، مما أثار حالة من الذعر بين 350 ألف شخص يعيشون في هذا المكان وأيضا وسط منظمات الإغاثة الدولية التي تساعدهم. ويقول المسؤولون الكينيون، إن «المخيم يشكل تهديدا للأمن القومي الكيني، وهو عبارة عن مجموعة كبيرة من الخيام والأكواخ التي تستخدمها حركة الشباب الصومالية في التخطيط لهجماتها الإرهابية، مثل التي جرت في جامعة غاريسا الشهر الماضي وأسفرت عن مقتل 148 شخصا».
بعد مرور 25 عاما على إنشاء هذا المخيم كحل مؤقت للعائلات التي فرت من الحرب الأهلية الصومالية، تحول مخيم داداب للاجئين إلى مدينة مترامية الأطراف. وإخراج السكان منه لن يكون كابوسا لوجيستيا فحسب، بل سيتحول إلى كارثة إنسانية، كما يقول أحد موظفي الإغاثة.
يشكك بعض الخبراء في مضي كينيا قدما نحو هذه الخطوة الصارمة، غير أن الإعلان عن هذه الخطوة الشهر الحالي يثير مخاوف جديدة في وقت ارتفع فيه العدد الإجمالي للاجئين والنازحين حول العالم إلى أعلى مستوى مسجل منذ الحرب العالمية الثانية، مما يسبب توترا وإجهادا شديدين لدى منظمات الإغاثة الدولية.
استمعت زليخة ضاهر (20 عاما) الأنباء عبر الإذاعة داخل منزلها المصنوع من أعواد وقماش وبلاستيك، وهو نسخة مكررة من آلاف المنازل الأخرى التي تنتشر عبر المساحة الشاسعة المسطحة من الأحراش قرب الحدود الكينية - الصومالية. قرأ المذيع البيان عن نائب الرئيس حيث قال إن «الطريقة التي تغيرت بها الولايات المتحدة عقب هجمات سبتمبر (أيلول) هي ذات الطريقة التي تغيرت بها كينيا عقب هجمات غاريسا».
ولدت ضاهر هنا، وتزوجت هنا. ومنذ أعوام قليلة، أنجبت طفلتها هنا. وبطاقة هويتها الأجنبية تصفها بأنها مواطنة صومالية، لكنها لم تذهب إلى الصومال قط. تابعت الصوت على الراديو يقول إنه يتوجب عليها المغادرة في غضون ثلاثة أشهر.
عندما أنشئ المخيم عام 1991، كان مجرد تجمع من الخيام البيضاء، لكن هناك الآن شعورا بالاستدامة، حيث توجد فيه 52 مدرسة، و11 مركزا للشرطة، والآلاف من أكواخ الطوب ذات أسقف الصفيح، وبعض المنشآت مثل مدرسة ياسر لتعليم قيادة السيارات، وفندق أمازينغ غريس، ومتجر بيست فريندز للإلكترونيات. غير أن إحساس الاستدامة يتلقى زخمه من أناس على شاكلة ضاهر، التي تشاهد من بعيد موطنها الصومال يتمزق.
إن إرسالهم مجددا إلى الصومال حيث تسيطر حركة الشباب على مساحات واسعة من البلاد يعد كارثة، ومأساة إنسانية، حسبما قال ليونارد زولون القائم بأعمال مدير مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في مخيم داداب.
في شمال أفريقيا، يستقل الآلاف من المهاجرين الأفارقة وطالبي اللجوء القوارب المتهالكة فرارا إلى أوروبا، ويلقى الكثير منهم حتفهم في الطريق. لكن مخيم داداب يبدو أنه رمز لنوع مغاير من أزمات اللاجئين - حيث نظام الدعم العجوز لأولئك الفارين من الصراعات المسلحة والمجاعات، وفيه توجد الموارد الضعيفة مع تزايد التوترات مع الدول المضيفة.
ازدادت احتياجات التمويل لدى مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين بنسبة 130 في المائة منذ عام 2009، لكن ميزانيتها تضاعفت بنسبة 70 في المائة، وفقا لتقرير صادر عن معهد سياسات الهجرة ومقره في واشنطن. وتبدو علامات النقص في المساعدات جلية في مخيم داداب، حيث يحوم سوء التغذية لدى الأطفال حول نسبة 10 في المائة من سكان المخيم.
طال الزمن بالأزمة الصومالية حتى أن الكثير من اللاجئين ليس لديهم جذور في أي دولة. فالصومال هي المكان الذي تسمع عنه ضاهر في الراديو وتشاهده في التلفاز فقط. وتقول «تنفجر القنابل، ويقتل الناس، ولا مدارس ولا مستشفيات». وخلال الشهر الماضي هاجمت حركة الشباب قافلة للأمم المتحدة، ووزارة التعليم العالي، ومطعما شعبيا، وفندقا، إلى جانب الكثير من الأهداف الأخرى.
وحتى كينيا، أو كينيا التي هي خارج المخيم، تعد أرضا بعيدة بالنسبة لضاهر، حيث يتعذر عليها دخولها ببطاقة هويتها الأجنبية. ولذلك فإن فكرة انتقالها إلى أي مكان آخر، في أي اتجاه من داداب، لا تعني بالنسبة إليها شيئا. وقالت ضاهر «لا يوجد مكان آخر».
مع نمو مخيم داداب، ازدادت كذلك المشكلات الأمنية التي يشكلها، حيث تمكن عناصر حركة الشباب من التسلل إلى داخل المخيم، وفقا للمسؤولين الكينيين، ويخبئون الأسلحة، ويجندون الشبان. بعد إرسال كينيا لقواتها العسكرية إلى الصومال في عام 2011 لقتال المتطرفين، بدأت سلسلة من التفجيرات الانتقامية ضد شاحنات الشرطة داخل المخيم وتعرض ستة من عمال الإغاثة الأجانب للاختطاف.
يقدم المسؤولون الكينيون مجموعة من الأسباب وراء دعم بعض من سكان مخيم داداب لحركة الشباب الإرهابية، ومنها الروابط القبلية، والضغوط من جانب المتطرفين، والتعويضات المالية. غير أن الأدلة المؤدية لتلك المزاعم لم تشهد النور قط.
بعد هجمات 2013 في نيروبي التي خلفت 67 قتيلا، أكد المسؤولون الكينيون أن مخيم داداب يعد ملاذا آمنا للإرهابيين. طالب أعضاء البرلمان ومجلس الوزراء، وبينهم وزير الداخلية الكيني، بإغلاق ذلك المخيم. لم يحدث ذلك، ويعتقد كثيرون أن الخطة الحالية ستتلاشى مع مرور الوقت.
تعد كينيا من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، والتي تحظر الإعادة القسرية للاجئين إلى الدول التي يواجهون فيها الاضطهاد. وفي عام 2006، أقرت كينيا قانونها الخاص الذي يكرس حقوق اللاجئين على أراضيها، على الرغم من أن النقاد يقولون إن القانون ينفذ بشكل سيء.
يبدو أن الحكومة الكينية تتراجع، فعليا، عن الجدول الزمني المحدد لمدة ثلاثة شهور لإغلاق مخيم داداب، حيث صرحت وزيرة الخارجية الكينية أمينة محمد الأسبوع الماضي بأن وتيرة العودة إلى الوطن «تتوقف على الموارد المتاحة». ومع ذلك، يبدو أن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية الأخرى تتعامل بمنتهى الجدية مع التعهد الكيني بإغلاق المخيم. فمن المقرر قيام أنطونيو غوتيريس رئيس مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين بزيارة المخيم خلال الشهر المقبل، وكان المسؤولون لدى الأمم المتحدة يناقشون تلك المسألة مع الحكومة الكينية.
إحدى المشكلات المحتملة تكمن في أن تشتيت اللاجئين، ونصفهم تقارب أعمارهم (18 عاما)، سوف يخلق مجموعة هائلة من الشباب الصغير المعرضين لجهود التجنيد أو الاختطاف من قبل تنظيم الشباب الإرهابي.
ومع ذلك، يعترف مسؤولو الأمم المتحدة بالمخاوف الأمنية التي يشكلها مخيم داداب. فالأوضاع هناك لا يمكن التنبؤ بها، حتى أن الموظفين الكينيين العاملين لدى الأمم المتحدة هم المسموح لهم فقط بالسفر إلى المخيم رفقة الحراسات المسلحة من خلال مساحة عمل مقيدة في كل يوم. يقول ألبرت كيماثي نائب مفوض المقاطعة في داداب «يبدو الأمر كما لو أننا فقدنا ذلك الجزء من بلادنا. أما بالنسبة لتنظيم الشباب، إنه ملاذهم الأمن». وتابع كيماثي يقول «خلال الأسبوع الماضي، ألقت الشرطة الكينية القبض على 30 شخصا داخل المخيم، يشتبه في معظمهم بالتحريض على الإرهاب».
في العام الماضي، بدأت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين برنامجا يقدم الدعم للاجئين الذين يتطوعون بالعودة إلى الصومال، وهي المبادرة التي جاءت كجزء لتقليص مساحة المخيم. ولا يسمح بالحصول على المساعدات إلا للمواطنين الصوماليين الذين ينتمون إلى المناطق السلمية نسبيا من البلاد، ولم يتطوع في العودة إلا 2000 مواطن فقط.
لكن الكثير من الأشخاص الذين يزورون مكاتب مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين داخل المخيم لم يعودوا يسألون عن برنامج العودة الطوعية. بل يسألون عن خطة الإخلاء الخاصة بالحكومة الكينية.
سأل عبد القادر مونين، وهو لاجئ من مقديشو: «هل صحيح يتعين علينا العودة إلى بلادنا؟»، وذلك أثناء زيارة له إلى مكتب إعادة التوطين الأسبوع الماضي. وأجابه ماويو يوسف عيسى، الذي يعمل لدى مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين «لا نزال في مناقشات حول ذلك. سنخبركم حينما تتوفر لدينا الإجابات». لكن عيسى يعلم مدى صعوبة العودة إلى مقديشو. وحين كان مونين يغادر المكتب، قال عيسى باللغة الإنجليزية التي لا يعرفها اللاجئ الصومالي: «إنها فوضى هناك».
• خدمة «واشنطن بوست»
• خاص بـ«الشرق الأوسط»



​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
TT

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)
جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

استعادت جماعة «بوكو حرام» الموالية لـ«تنظيم داعش» الإرهابي، قدرتها على المبادرة والهجوم في مناطق مختلفة بشمال نيجيريا، وشنّت هجوماً استهدف قاعدة عسكرية تابعة للجيش، قُتل فيه خمسة جنود على الأقل، وأُصيب عشرة جنود، فيما قال الجيش إنه قتل أكثر من خمسين من عناصر الجماعة الإرهابية.

وقالت قيادة الجيش النيجيري في بيان، إن الهجوم الإرهابي الذي شنّه فرع من جماعة «بوكو حرام»، في غرب أفريقيا، استهدف القوات المتمركزة بموقع عمليات التثبيت بقرية «كاريتو»، بولاية بورنو، في أقصى شمال شرقي نيجيريا، على الحدود مع دولة النيجر.

البيان الصادر عن مدير الإعلام العسكري، اللواء إدوارد بوبا، قال إن الهجوم الإرهابي وقع بالتزامن مع عطلة نهاية الأسبوع، ووصفه بأنه «كان منسقاً»، قبل أن يؤكد «مقتل خمسة جنود وإصابة عشرة آخرين بجروح، بالإضافة إلى فقدان أربعة جنود آخرين».

من عملية ضد جماعة «بوكو حرام» (أرشيفية متداولة)

وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم قيادة الجيش إن «القوات المسلحة نجحت في القضاء على عدد من الإرهابيين، واستعادة أسلحة كانت بحوزتهم»، مشيراً إلى تكبد الجيش خسائر مادية «فادحة»، حيث إن منفذي الهجوم الإرهابي أحرقوا بعض المعدات «بما في ذلك شاحنة محملة بالأسلحة، وثلاث مركبات تكتيكية، وجرافة».

وأطلق الجيش النيجيري عملية تعقب بقيادة وحدة من قوات الدعم مع غطاء جوي، وقال إن الهدف هو «استكشاف المنطقة بشكل عام، ومسارات انسحاب الإرهابيين»، وفق تعبير البيان.

وتسعى القوات النيجيرية إلى قطع الطريق أمام منفذي الهجوم الإرهابي، بهدف استعادة الجنود المفقودين، في ظل توقعات بأن الإرهابيين «اختطفوهم» ليكونوا دروعاً بشرية تحميهم من أي قصف جوي.

صورة أرشيفية لهجوم شنّته جماعة «بوكو حرام» في نيجيريا (رويترز)

الهجوم الإرهابي استهدف قرية «كاريتو»، التي لا تبعد سوى 153 كيلومتراً عن العاصمة الإقليمية مايدوجوري، وهي المقر الرئيس لـ«الكتيبة 149» التابعة للجيش النيجيري، التي تشارك بنشاط في عمليات محاربة الإرهاب، كما استهدف معاقل فرعي جماعة «بوكو حرام»، الموالية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».

وقالت قيادة الجيش النيجيري إن «هذا الهجوم لن يثني القوات المسلحة النيجيرية عن القضاء على الإرهاب والتمرد والتحديات الأمنية الأخرى التي تواجه البلاد»، وأعربت عن تعويلها على تعاون السكان المحليين في ملاحقة الإرهابيين.

وأعلن حاكم ولاية بورنو، باباغانا زولوم، عن وقوفه إلى جانب القوات المسلحة النيجيرية، وأضاف في بيان صحافي أن الهجوم «يعيد إلى الأذهان مستوى وحشية العناصر الإرهابية لجماعة (بوكو حرام)».

وبينما أعلن عدد من كبار قادة الجيش في نيجيريا عن انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»، والاقتراب من القضاء عليها بشكل نهائي، بدأت الجماعة تعيد ترتيب صفوفها، وإظهار قدرات جديدة على المبادرة والهجوم.

ففي حادث منفصل، نصب مسلحون من «بوكو حرام»، الثلاثاء، كميناً لفريق مراقبة من قوات الأمن والدفاع المدني النيجيرية، كان يتفقد منشآت الشبكة الوطنية للكهرباء والطاقة في إقليم النيجر التابع لنيجيريا.

مسلحو «بوكو حرام» خلَّفوا الخراب والدمار في ولاية بورنو شمال شرقي نيجيريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم قوات الأمن والدفاع المدني أفولابي باباوالي، إن خطوط الشبكة الوطنية للطاقة تعرضت مؤخراً لهجمات إرهابية تخريبية، وقد أسفرت عن انقطاع واسع للتيار الكهربائي في أقاليم شمال نيجيريا.

وأوضح المتحدث أنه «حينما كانت فرق الأمن تتفقد خطوط الشبكة الوطنية، تعرضت لهجوم إرهابي نفذه أكثر من 200 مسلح نصَبوا كميناً من قمة أحد التلال»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن المواجهات بين الطرفين «أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين إرهابياً، فيما يوجد سبعة جنود في عداد المفقودين».

وتتزامن هذه الهجمات الإرهابية المتفرقة، مع معارك طاحنة تجري منذ أسابيع ما بين جيش تشاد ومقاتلي «بوكو حرام» في منطقة حوض بحيرة تشاد، التي تُوصف بأنها «العمق الاستراتيجي» للتنظيم الإرهابي، حيث توجد قواعده الخلفية وسط الغابات والجزر المترامية في واحدة من أكبر المناطق الرطبة في أفريقيا.