مرضى السرطان في لبنان يموتون في منازلهم

لعدم قدرتهم على تأمين الدواء وتكاليف المستشفيات

من تحرك لتأمين الدواء لمرضى السرطان (الوكالة المركزية)
من تحرك لتأمين الدواء لمرضى السرطان (الوكالة المركزية)
TT

مرضى السرطان في لبنان يموتون في منازلهم

من تحرك لتأمين الدواء لمرضى السرطان (الوكالة المركزية)
من تحرك لتأمين الدواء لمرضى السرطان (الوكالة المركزية)

لا وجع يفوق وجع مرضى السرطان في لبنان الذين لم يعودوا يواجهون «المرض الخبيث» حصريا، إنما يخوضون معركة وجودية لتأمين أدويتهم، وتكاليف علاجهم ما يؤثر على وضعهم النفسي، ويجعل استجابتهم للعلاج، متى توفر، بطيئة أو صعبة للغاية.
ويؤكد هاني نصار، رئيس جمعية «بربارة نصار» لدعم مرضى السرطان، أن هناك 30 ألف مريض سرطان سنويا في لبنان، و18 ألف حالة جديدة كل عام. لكن الأزمة لم تعد بالأرقام والنسب المرتفعة للمرض، فتحديد أسبابها ووضع أسس للحل بات ترفا في بلد غير قادر على تأمين الدواء والعلاج لمرضاه، ما يؤدي لوفاة عدد كبير منهم في منازلهم. ويقول نصار، الذي يتواصل يوميا مع مئات الحالات، لـ«الشرق الأوسط: «الدواء متوفر بالقطارة وليس لكل المرضى. كثيرون يتلقون العلاج لشهر ولا يستطيعون تأمينه خلال شهرين ما يؤثر على عملية شفائهم ويؤدي لوفاة البعض. كما أن البعض الآخر وفي حال حصل على أدويته فهو غير قادر على تغطية تكاليف المستشفيات التي بات بعضها يبتز المرضى بعد أن لامست فواتيرهم أرقاما خيالية ما يجعل المئات يلازمون منازلهم بانتظار الموت».
ويشير نصار إلى أن «في لبنان 445 دواء سرطان مسجلا، وبالتالي حين يتم الإعلان عن وصول شحنة أدوية نحن لا نتحدث عن كامل هذه الكمية إنما عن كميات قليلة باتت توزع أحيانا في يوم واحد في وزارة الصحة»، موضحا أن «هناك أدوية مقطوعة منذ أشهر ما حتم علينا البحث عن أدوية جنيريك في دول كالهند، بحيث نسعى لتأمين التواصل بين المريض والشركات المصنعة للحصول على أدويته بأسعار معقولة مقارنة بأسعار الدول المصنعة أوروبيا... ولكن حتى هذه المبالغ التي قد تتراوح ما بين 200 و500 دولار شهريا مقارنة بـ6 آلاف للدواء المصنع في دول أوروبا، قسم كبير من المرضى غير قادر على تأمينها».
وتبحث لينا. ق (٤٠ عاما) منذ أسابيع عن دواء لوالدها الذي عاوده السرطان في الأوتار الصوتية. فبسبب تقدمه بالسن يفترض أن يخضع لنوعي علاج وبسبب عدم توافر الدواء يخضع حاليا لعلاج واحد ما قد يؤثر على عملية الشفاء من جديد. وتقول لينا لـ«الشرق الأوسط»: «لم نعد نستطيع انتظار الحصول على الدواء مجانا من وزارة الصحة. نحن مستعدون لدفع أي مبلغ مقابل تأمين الدواء من أي جهة كانت».
والد لينا كما وائل طرابلسي (٣٦ عاما) المصاب بسرطان الأمعاء درجة رابعة، من المرضى المحظوظين باعتبارهم قادرين على تأمين تكاليف علاجهم. وائل نجح بعد رحلة طويلة من العذاب والذل، كما يقول لـ«الشرق الأوسط» بتأمين الأدوية لـ6 جلسات سيتلقى خلالها علاجا كيميائيا، بعدما دفع مبالغ طائلة، مضيفا: «لو كان المسؤولون في لبنان يتحلون بذرة إنسانية لتركوا كل شيء وانكبوا على تأمين الدواء والعلاج لمرضى السرطان... لكن للأسف الإنسانية مفقودة لديهم».
ويشهد لبنان شحاً كبيراً بأدوية السرطان والأمراض المستعصية باعتبارها مدعومة من مصرف لبنان بخلاف باقي الأدوية التي تم رفع الدعم عنها في الأشهر الماضي.
ويوضح رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي أنه «وبعدما كان مصرف لبنان يدعم هذه الأدوية بمبلغ 115 مليون دولار بات المبلغ حاليا يقتصر على 35 مليون دولار يذهب منها 10 ملايين لدعم المستلزمات الطبية، وهو مبلغ غير كاف خاصة أن بعض الأدوية المدعومة التي تصل بالقطارة يوزع جزء منها للقطاع الخاص ولا تذهب بالكامل إلى وزارة الصحة». ويضيف عراجي لـ«الشرق الأوسط»: «منذ نحو 3 أشهر ونصف نشعر أن الأزمة تزداد... الحل الوحيد هو برفع الدعم ليبلغ 50 مليون دولار على أن يترافق ذلك مع نظام تتبع للمرضى للتأكد أن الدواء يذهب إليهم وليس للتجار... لكن للأسف لا يبدو أن الحل قريب وللأسف الأزمة طويلة».
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد كشف بمناسبة «اليوم العالمي للوقاية من السرطان» في 5 فبراير (شباط) الحالي بأن الدولة لن تكون قادرة على مواصلة تأمين الأموال المطلوبة للاستمرار بدعم أدويتهم، قائلا: «أصارحكم القول بأن الدولة لم تعد وحدها قادرة على هذا الحمل في الفترة المقبلة لتزايد الحاجات وضآلة الإمكانات. من هنا نطلق اليوم نداء إلى الجميع، من مسؤولين وقطاع خاص ومجتمع أهلي محلي، وإلى المنظمات والهيئات الدولية والدول المانحة، لمد يد العون لنا في هذا الظرف الدقيق، لأن المريض لا يمكنه انتظار إنجاز الموازنة أو بلورة خطة التعافي».



انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (إ.ب.أ)

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية المستمر للشهر الحادي عشر تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب، الخميس.

وجاء هذا الهجوم في وقت تتوعد فيه الجماعة المدعومة من إيران باستمرار هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، إذ تزعم أنها تمنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغضّ النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت هدفاً حيوياً في «تل أبيب» بعدد من الطائرات المسيرة من نوع «يافا».

وادّعى المتحدث الحوثي أن العملية «حقّقت أهدافها بنجاح بوصول المسيرات دون أن يرصدها العدو أو يسقطها»، حيث جاءت ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، واستمراراً في الانتصارِ لمظلوميةِ الشعبينِ الفلسطينيِّ واللبنانيِّ وإسناداً للمقاومتينِ الفلسطينيةِ واللبنانيةِ».

صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وإذ توعد سريع باستمرار الهجمات من قبل جماعته «حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة، وكذلك وقف العدوانِ على لبنان»، قال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض «هدفاً جوياً مشبوهاً» قبالة وسط إسرائيل خلال الليل من دون تقديم تفاصيل، وفق ما نقلته «رويترز».

وهذه هي المرة الخامسة التي تتبنى فيها الجماعة الحوثية مهاجمة تل أبيب منذ الهجوم الأول بطائرة مسيرة في 19 يوليو (تموز) الماضي، الذي أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين بعد أن أصابت الطائرة شقة سكنية.

استمرار التصعيد

أشار زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبته الأسبوعية، الخميس، إلى استمرار جماعته في تصعيدها، وأفرد مساحة واسعة للحديث عن الهجمات الإيرانية الصاروخية الأخيرة على إسرائيل.

وفي حين زعم الحوثي أن مقتل حسن نصر الله لن يؤثر على «حزب الله» اللبناني، قال إن جماعته هاجمت 188 سفينة منذ بدء التصعيد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وكانت الجماعة ادّعت إطلاق 3 صواريخ مجنحة باتجاه تل أبيب، الأربعاء، دون تأكيد إسرائيلي بخصوص هذه الهجمات، وذلك غداة مهاجمة الجماعة سفينتين في البحر الأحمر.

ويوم الثلاثاء الماضي، زعمت الجماعة مهاجمة هدف عسكري في تل أبيب بطائرة مسيرة من نوع «يافا» ومهاجمة أهداف عسكرية أخرى في «إيلات» بـ4 مسيرات من نوع «صماد 4»، وهي الهجمات التي لم يشر الجيش الإسرائيلي إلى آثار ناجمة عنها.

من آثار الضربات الإسرائيلية على مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين (أ.ف.ب)

وفي 15 سبتمبر (أيلول) أطلقت الجماعة صاروخاً «فرط صوتي» من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب، حيث أدت عملية اعتراضه إلى إشعال حرائق في أماكن مفتوحة دون تسجيل أي إصابات بشرية. كما تبنت في 27 سبتمبر الماضي إطلاق صاروخ في النوع نفسه باتجاه تل أبيب، وإطلاق مسيرة من نوع «يافا» باتجاه منطقة عسقلان.

وإزاء الهجمات التي تبنتها الجماعة الحوثية ضد إسرائيل كان أول ردّ للأخيرة في 20 يوليو الماضي حيث استهدفت مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية، الأحد الماضي، الموافق 29 سبتمبر الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقرّ به الحوثيون.