سجال دبلوماسي بين روسيا والغرب يسابق الانفجار الميداني

استياء في موسكو من «تسريب» باريس فحوى محادثات رئاسية

سكان من إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا يغادرون باتجاه منطقة روستوف الروسية أمس (إ.ب.أ)
سكان من إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا يغادرون باتجاه منطقة روستوف الروسية أمس (إ.ب.أ)
TT

سجال دبلوماسي بين روسيا والغرب يسابق الانفجار الميداني

سكان من إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا يغادرون باتجاه منطقة روستوف الروسية أمس (إ.ب.أ)
سكان من إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا يغادرون باتجاه منطقة روستوف الروسية أمس (إ.ب.أ)

اتجهت الأوضاع حول أوكرانيا إلى مزيد من التعقيد، مع تصاعد حدة السجالات السياسية بين روسيا والغرب، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة التهديدات بتحول المناوشات المحدودةـ على طول خطوط التماس في مناطق شرق أوكرانيا، إلى مواجهات واسعة النطاق.
وجاء الرد الروسي قوياً أمس، على تصاعد لهجة الانتقادات الغربية لما وصفت بأنها «عملية تضليل شاملة» تقوم بها موسكو من خلال الترويج لهجوم أوكراني على إقليمي لوغانسك ودونيتسك الانفصاليين؛ إذ حمل إعلان روسيا وبيلاروسيا عن «تمديد المناورات العسكرية المشتركة» وتشكيل غرفة عمليات ميدانية موحدة، تلويحاً جديداً باستعداد موسكو لحسم عسكري في أوكرانيا.
وأجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جولة محادثات هاتفية، مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وصفتها أوساط إعلامية بأنها «مناقشات الفرصة الأخيرة» لتفادي الحرب. ولم يفصح الكرملين عن تفاصيل ما دار خلال المحادثة؛ لكن اللافت أن الناطق باسمه ديمتري بيسكوف تحدث بلغة غاضبة لاحقاً، أظهرت استياء الكرملين مما وصفت بأنها «تسريبات قامت بها وزارة الخارجية الفرنسية لمضمون المحادثات الرئاسية».
وقال بيسكوف إن دبلوماسيين فرنسيين «كشفوا مراراً تفاصيل المحادثات على أعلى المستويات». وزاد أن «ماكرون لا يبدو مسؤولاً عن التسريبات؛ لكن وزارة الخارجية الفرنسية سمحت عمداً بوقوع هذا الأمر مرات عدة».
وجاء حديث الناطق الرئاسي تعليقاً على تصريح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بعد محادثات الرئيسين، بأن الرئيس الروسي طمأن نظيره الفرنسي بأنه «يمكن تجاهل مبادرة البرلمانيين الروس حول الاعتراف باستقلال لوغانسك ودونيتسك». وأضاف بيسكوف: «آمل ألا نرى تطوراً عندما يتعين علينا قراءة نصوص الجزء المغلق من مفاوضات الرؤساء، ولكن عندما يكون من الضروري إثبات صحة موقف رئيسنا، سنفعل أي شيء». واتهم باريس بالقيام بـ«ممارسة خاطئة»، مؤكداً أنه في هذه الحالة قام الجانب الفرنسي بتشويه «الفروق الدقيقة في العبارات المستخدمة».
وقال بيسكوف إن بوتين خلال المفاوضات مع قادة الدول الغربية، يعبّر بالدرجة الأولى عن مخاوف الاتحاد الروسي، وكثيرون قد لا يتفقون معه؛ لكنهم يقرون بأن هناك أساساً للمناقشات.
وفيما بدا أنه رد على اتهامات غربية لموسكو بشن عملية «تضليل» بشأن المعلومات التي تروج لها حول الوضع الميداني في شرق أوكرانيا، قال بيسكوف إن «الهستيريا التي تتكشف في هذه البلدان تكشف عدم الرغبة في الاطلاع على المعطيات الموثقة». وكرر اتهام كييف بشن هجمات على مواقع في شرق أوكرانيا، محذراً من أن «روسيا لم تكن البادئة بأي هجوم على مدار التاريخ، ولا تريد حتى أن تنطق بكلمة حرب».
وأضاف بيسكوف أن «موسكو تدعو الغرب إلى التفكير المنطقي؛ ما الهدف من قيام روسيا بمهاجمة أي طرف؟»؛ مشدداً على أنه «عندما يتصاعد التوتر في دونباس إلى حدود قصوى، فإن أي شرارة أو استفزاز بسيط يمكن أن يؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها»، واتهم الغرب بأنه يركز على مهاجمة روسيا، بينما «لم يحث كييف قط على ضبط النفس».
في الوقت ذاته، رد الكرملين بقوة على إعلان الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي استعداده للقاء بوتين والحوار معه، ورأى بيسكوف أن بوتين «لديه الآن كل الأسباب لعدم اعتبار رئيس أوكرانياً شخصاً مستعداً وقادراً وراغباً في تنفيذ اتفاقيات مينسك».
إلى ذلك، قال النائب الأول للمندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، إن تقييمات المخابرات الأميركية والبريطانية بشأن أوكرانيا لا يمكن الوثوق بها؛ لأنهم ارتكبوا كثيراً من الأخطاء الفادحة في الفترة التي سبقت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق.
وقلل بوليانسكي من الإعلانات الغربية المستندة إلى معلومات استخباراتية عن خطر وشيك لغزو روسي إلى أراضي أوكرانيا؛ مشدداً على أنه «لا نثق بالمخابرات الأميركية والبريطانية... لقد خذلونا... خذلوا العالم بأسره في أحداث عدة، يكفي أن نتذكر مسألة أسلحة الدمار الشامل في العراق». وأضاف أنه «لا يحق لأحد أن يخبر روسيا أين تجري تدريبات عسكرية على أراضيها».
في غضون ذلك، سارت موسكو ومينسك خطوة جديدة نحو مضاعفة المخاوف الغربية من استعدادات عسكرية ضد أوكرانيا. وأعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية، أمس، أن البلدين قررا مواصلة اختبار جاهزية قوات رد الفعل التابعة لدولة الاتحاد على خلفية التطورات في منطقة دونباس، جنوب شرقي أوكرانيا. وذكر بيان أصدره وزير الدفاع البيلاروسي فيكتور خرينين أنه «بسبب ازدياد الأنشطة العسكرية قرب الحدود الخارجية لدولة الاتحاد، وتفاقم الوضع في دونباس، اتخذ رئيسا جمهورية بيلاروسيا وروسيا الاتحادية، قراراً بمواصلة اختبار قوات رد الفعل التابعة لدولة الاتحاد». وأوضح الوزير أن العملية تشمل «مراحل من الدفاع عن دولة الاتحاد لم يتم شملها بمثل هذا الشكل المفصل، خلال المرحلة السابقة من الاختبار». وأشار مع ذلك إلى أن التوجه العام للتدريبات لم يتغير، وهو يتمثل في «ضمان الرد المناسب، ووقف تصعيد الاستعدادات العسكرية لأعدائنا بالقرب من حدودنا المشتركة». وذكر خرينين أن «الدول المتاخمة لبيلاروسيا يتم تزويدها وبكثرة بأحدث أنواع الأسلحة، مع التركيز على الوسائل الهجومية الحديثة»، بالإضافة إلى رفع درجة جاهزية قوات الرد السريع التابعة لـ«الناتو» للتدخل تحسباً لـ«أي تصعيد في أوكرانيا»، وتنامي كثافة التدريبات والعمليات التي تجرى بالقرب من حدود دولة الاتحاد.
وأشار الوزير إلى أن ثمة فكرة تم غرسها في عقول الغربيين، عن أن الحرب مع «الجيران الشرقيين» لا مفر منها، مع اتهام روسيا وبيلاروسيا بالتوجهات العدوانية. كما لاحظ الوزير أن الغرب «يرفض قبول الخطوط الحمراء المحددة من قبل روسيا في هندسة أمن أوروبا، والتي لها أهمية بالنسبة لسكان بيلاروسيا أيضاً»، مضيفاً: «نرى كيف يتم نبذ المبدأ الأساسي، وهو مبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة». وحذر من أن «رائحة البارود الشديدة تفوح في أوروبا، وهناك من يدفع دولها إلى حرب».
وكان الطرفان قد أطلقا مناورات «عزم الاتحاد» التي تعد أوسع مناورات مشتركة في تاريخ البلدين، بالتزامن مع تحذيرات الغرب من أن موسكو نشرت 30 ألف عسكري في بيلاروسيا. واللافت في هذا التطور أن مينسك كانت قد أعلنت، في وقت سابق، أنه «لن يبقى جندي روسي واحد على أراضيها فور انتهاء التدريبات»، ثم تراجع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو عن هذا التأكيد؛ مشيراً إلى أن موسكو سوف تترك على أراضي بلاده تقنيات عسكرية وذخائر، بسبب ارتفاع وتيرة التهديدات في محيط البلدين.
ميدانياً، تواصلت أمس إعلانات الانفصاليين في شرق أوكرانيا عن هجمات مدفعية، قالوا إن قوات حكومية أوكرانية شنتها طوال اليومين الماضيين على مناطق في إقليمي دونيتسك ولوغانسك.
وأعلنت وزارة الدفاع في لوغانسك أنها تصدت لمحاولة توغل للقوات الأوكرانية على المواقع في منطقة بيونيرسكي، على خطوط التماس. وحذَّرت من احتمال فقدان وانقطاع خدمة الاتصالات الخلوية والإنترنت، بسبب تفاقم الوضع الميداني.
ووفقاً لبيانات لوغانسك، فقد دمر الجيش الأوكراني خمسة مبانٍ سكنية، وأسفر هجوم عن وقوع إصابات بين المدنيين في مناطق سكنية.
وتحدثت سلطات لوغانسك عن تسجيل ما مجموعه 49 انتهاكاً لوقف إطلاق النار من جانب قوات كييف منذ السبت، بما في ذلك باستخدام نيران المدفعية الثقيلة.
وفي دونيتسك قال الانفصاليون إن هجوماً استهدف نقاطاً سكنية، وخلَّف إصابات بين المدنيين وأضراراً مادية كبيرة. وأشارت بيانات إلى أن القوات الأوكرانية قصفت مواقع في الإقليم 20 مرة، منذ منتصف ليلة الأحد. وكان لافتاً أن سلطات دونيتسك نشرت ما وصفته بـ«معلومات استخبارية حصلت عليها، على خطة لهجوم أوكراني ضد دونباس للسيطرة عليها في غضون خمسة أيام».
وبحسب الخطة، فإن هجوم قوات الأمن الأوكرانية سينطلق من ثلاثة اتجاهات، ليتوغل نحو الحدود الروسية في يومين، بشكل متزامن مع هجوم مماثل على لوغانسك يستغرق ثلاثة أيام للسيطرة على الإقليم.
ولفت البيان إلى أنه في اليوم المحدد، من المخطط تدمير المنشآت العسكرية والمدنية في إقليمي لوغانسك ودونيتسك على عمق 10- 15 كيلومتراً بضربات قوية بالمدفعية والطائرات والمروحيات وطائرات من دون طيار؛ لكن كييف نفت صحة المعطيات، ورأت فيها محاولة جديدة من جانب موسكو لتضليل المجتمع الدولي، وتوفير ذريعة لشن هجوم على أوكرانيا.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.