انتقادات أميركية لمستويات أسعار بعض الأغذية

TT

انتقادات أميركية لمستويات أسعار بعض الأغذية

في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية حول العالم، مع استمرار أزمة الإنتاج والشحن وسلاسل الإمداد والطقس السيئ، لمواكبة ارتفاع الطلب، انتقدت الولايات المتحدة بعض التحركات من جانب موردي الأغذية لرفع الأسعار استغلالاً لتلك الأوضاع.
وساهم ارتفاع تكاليف الأغذية في تسارع التضخم في الولايات المتحدة إلى 7.5 في المائة؛ مما يزيد الضغوط على الرئيس جو بايدن قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وعدّ وزير الزراعة الأميركي الارتفاع الأخير في أسعار الأفوكادو مثالاً على «استغلال» الشركات وباء «كورونا» واضطرابات سلاسل التوريد لرفع أسعار الأغذية.
ومن المقرر أن تسمح الحكومة باستئناف استيراد الأفوكادو المكسيكي بدءاً من اليوم الاثنين، بعد تعليق استمر لأسبوع.
وارتفعت الأسعار في شيكاغو خلال التعليق. ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن الوزير توم فيلساك القول خلال مقابلة في دبي أمس الأحد: «سنجري نقاشاً جاداً بشأن هذه الزيادة في التكلفة، بالنظر إلى أن مدة الحظر كانت قصيرة».
وتهدف زيارة فيلساك دبي إلى الترويج للمنتجات الزراعية الأميركية في الإمارات والسعودية والدول المجاورة.
وأظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية الصادرة الأسبوع الماضي، ارتفاع أسعار المنتجين (الجملة) في الولايات المتحدة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي بأكثر من التوقعات.
وذكرت الوزارة أن مؤشر أسعار الجملة ارتفع خلال الشهر الماضي بنسبة واحد في المائة مقارنة بالشهر السابق بعد ارتفاعه بنسبة 4.‏0 في المائة شهرياً وفقاً للبيانات المعدلة خلال الشهر السابق.
كان المحللون يتوقعون ارتفاع الأسعار الشهر الماضي بنسبة 5.‏0 في المائة شهرياً فقط، بعد ارتفاعها بنسبة 2.‏0 في المائة خلال الشهر السابق وفقاً للبيانات الأولية.
جاءت الزيادة الكبيرة في أسعار الجملة خلال الشهر الماضي جزئياً نتيجة زيادة كبيرة في أسعار الطاقة التي ارتفعت بنسبة 5.‏2 في المائة خلال الشهر بعد تراجعها بنسبة 7.‏1 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
كما سجلت أسعار الجملة للأغذية ارتفاعاً كبيراً بنسبة 6.‏1 في المائة خلال الشهر الماضي بعد تراجعها بنسبة 3.‏0 في المائة خلال الشهر السابق.
وارتفع معدل التضخم الأساسي لأسعار الجملة الذي يستبعد أسعار الغذاء والطاقة الأشد تقلباً بنسبة 9.‏0 في المائة خلال الشهر الماضي بعد ارتفاعه بنسبة 4.‏0 في المائة خلال الشهر السابق.
في الوقت نفسه، ذكرت وزارة العمل أن أسعار الجملة سجلت زيادة سنوية خلال الشهر الماضي بنسبة 7.‏9 في المائة بعد زيادتها بنسبة 8.‏9 في المائة سنوياً خلال الشهر السابق. كان المحللون يتوقعون ارتفاع الأسعار بنسبة 1.‏9 في المائة سنوياً. كما سجل معدل التضخم الأساسي لأسعار الجملة خلال الشهر الماضي 9.‏6 في المائة مقابل 7 في المائة خلال الشهر السابق.



تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
TT

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)

مع اقتراب اليورو من أسوأ شهر له منذ أوائل 2022، يحذر المحللون من أن التقلبات الحادة في العملة قد تصبح المصدر القادم لعدم الاستقرار في الأسواق العالمية، خاصة بعد أن أحدثت تقلبات الين الياباني، في أغسطس (آب) الماضي، اضطرابات عبر الأصول المختلفة.

وانخفض اليورو بنحو 3.8 في المائة أمام الدولار، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهو الآن يقترب من مستوى 1 دولار الرئيسي، تحت ضغط عدة عوامل تشمل خطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفرض تعريفات تجارية، وضعف الاقتصاد في منطقة اليورو، وتصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تسهم رهانات النمو الأميركي في تقوية الدولار والأسواق الأميركية، وفق «رويترز».

ورغم ذلك، يبقى المستثمرون والمتداولون في العملات منقسمين حول المسار القادم للعملة الأوروبية، حيث يُعدّ الدولار نفسه مهدَّداً بتداعيات التضخم الناجم عن التعريفات وزيادة الديون الحكومية التي قد تُزعزع الثقة في الأسواق والاقتصاد الأميركي.

وقد تتصاعد حالة عدم اليقين إذا استمر اليورو في التراجع، مما يزيد من احتمالية حدوث تحولات مفاجئة قد تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة على الاستراتيجيات الاستثمارية المرتبطة بسياسات ترمب، مثل تلك التي تراهن على انخفاض اليورو وارتفاع الأسهم الأميركية، وفقاً لما أشار إليه المحللون.

في هذا السياق، قال كيت جاكس، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في «سوسيتيه جنرال»: «نحن نشهد تقلبات هائلة، حيث بدأ المتداولون التساؤل: هل نتجاوز سعر صرف اليورو مقابل الدولار أم يعود إلى مستوياته السابقة؟». وأضاف: «الخلاصة هي أننا سنرى مزيداً من المناقشات الساخنة في كلا الاتجاهين بشأن اليورو، وأنا شخصياً لا أعتقد أن هذه الارتباطات العالية بين الأصول سوف تستمر».

وبدأت أزمة السوق، في أغسطس، بتقلبات الين مقابل الدولار، والتي فاجأت صناديق التحوط التي كانت تراهن ضد العملة اليابانية، وتحولت إلى بيع الأسهم لتمويل طلبات الهامش.

وحذّرت الجهات التنظيمية من أن الأسواق قد تصبح عرضة لمثل هذه الأحداث، عندما تتغير الروايات الاقتصادية بسرعة، وخاصة في ضوء المستويات العالية من الاستدانة في النظام.

وأضاف جاكس: «إذا تجاوزنا نقطة تكافؤ اليورو مع الدولار، فسنبدأ مواجهة المخاوف التي شهدناها من قبل في الأسواق».

التداعيات المحتملة

يُعد زوج اليورو/الدولار الأميركي هو الزوج الأكثر تداولاً في الأسواق العالمية. والتغيرات السريعة في سعر صرفه يمكن أن تعطل أرباح الشركات المتعددة الجنسيات، فضلاً عن التأثير على آفاق النمو والتضخم في البلدان التي تعتمد على استيراد أو تصدير السلع بالدولار.

وقال ثيموس فيوتاكيس، رئيس استراتيجية النقد الأجنبي في «باركليز»، إن «اليورو هو معيار رئيسي»، مما يعني أن الدول الحساسة للتجارة مثل الصين وكوريا الجنوبية وسويسرا قد تسمح لعملاتها بالضعف مقابل الدولار، إذا استمر اليورو في الانخفاض؛ من أجل الحفاظ على قدرة صادراتها على المنافسة مقابل منتجات منطقة اليورو.

وأشار فيوتاكيس إلى أن الجنيه البريطاني، الذي انخفض بنحو 2 في المائة أمام الدولار في نوفمبر ليصل إلى نحو 1.26 دولار، سيكون حساساً جداً تجاه أي تقلبات في تحركات اليورو.

وأصبحت الأسواق أيضاً أكثر حساسية لتحركات اليورو/الدولار، بعد أن لاحظ خبراء استراتيجيات العملة تدفقاً من المتداولين على عقود الخيارات التي تجمع الرهانات على النتائج المرتبطة بسياسات ترمب، مثل ضعف اليورو، وارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز».

وقال فيوتاكيس: «لقد رأينا كثيراً من المستثمرين يحاولون الاستثمار في هذه النتائج المشروطة»، منوهاً بالارتباطات بين تحركات العملة والأسواق الأوسع.

انقسام الآراء بشأن المستقبل

في الوقت نفسه، يبدو أن مديري الأصول على المدى الطويل منقسمون بشكل كبير بشأن الاتجاه المستقبلي لليورو والدولار، مما يشير إلى أن هذا الزوج من العملات قد يشهد تقلبات ملحوظة في الأشهر المقبلة.

وقال ويليم سيلز، كبير مسؤولي الاستثمار في وحدة الخدمات المصرفية الخاصة والثروات ببنك «إتش إس بي سي»: «نتوقع أن يهبط اليورو إلى 99 سنتاً، بحلول منتصف العام المقبل».

في المقابل، اقترح كبير مسؤولي الاستثمار في «أموندي»، أكبر مدير للأصول في أوروبا، فينسنت مورتييه، أن انخفاض أسعار الفائدة في منطقة اليورو قد يعزز النشاط الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي، وهو ما قد يساعد في رفع اليورو إلى 1.16 دولار، بحلول أواخر عام 2025.

وفي سوق خيارات العملة السريعة، كان المتداولون في أواخر يوم الثلاثاء يقدّرون احتمالات بنسبة 56 في المائة بأن ينتهي العام باستعادة اليورو بعض الأرض فوق مستواه الحالي عند نحو 1.047 دولار، على الرغم من أن البنوك الكبرى، مثل «جيه بي مورغان»، و«دويتشه بنك»، قالت إن التحرك إلى دولار واحد قد يحدث، خاصة إذا كان مرتبطاً بمزيد من التعريفات الجمركية.

وقد أدى ازدياد الرهانات على أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية إلى 2.75 في المائة، الشهر المقبل، إلى إضعاف اليورو بشكل كبير.

لكن الرواية السائدة بأن سياسات ترمب الاقتصادية، مثل ارتفاع التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، سوف تُبقي أسعار الفائدة مرتفعة والدولار قوياً، بدأت تتعرض لبعض الضغوط.

في هذا السياق، قال ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة «يوريزون إس جيه إل كابيتال»، إن الولايات المتحدة قد تواجه ما يسمى «لحظة يقظة السندات»، إذا قام المقرضون في سوق سندات الخزانة الأميركية التي تبلغ قيمتها 27 تريليون دولار، برفع تكلفة الديون؛ في محاولة للحد من التخفيضات الضريبية المموَّلة بالديون المفرطة. وأضاف: «من المحتمل أن يسمح هذا بالتيسير المالي، مما يسمح بهبوط هادئ للاقتصاد الأميركي، وخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، ومن ثم جعل الدولار مُبالغاً في قيمته».