سيناتور جمهوري لـ«الشرق الأوسط»: بايدن لا يتمتع بالقوة الكافية لردع إيران

السيناتور جيم ريش يدخل مبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة مطلع الشهر الجاري (أ.ف.ب)
السيناتور جيم ريش يدخل مبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة مطلع الشهر الجاري (أ.ف.ب)
TT
20

سيناتور جمهوري لـ«الشرق الأوسط»: بايدن لا يتمتع بالقوة الكافية لردع إيران

السيناتور جيم ريش يدخل مبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة مطلع الشهر الجاري (أ.ف.ب)
السيناتور جيم ريش يدخل مبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة مطلع الشهر الجاري (أ.ف.ب)

فيما تقترب المفاوضات مع إيران من ساعة الحسم، تكاتف الجمهوريون في الكونغرس وصعدوا محاولاتهم لإطلاق «رصاصة الرحمة» على المساعي الأميركية الهادفة لإحياء اتفاق عام 2015.
ودعا كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور جيم ريش، إدارة جو بايدن إلى الانسحاب من المفاوضات، وحذر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من الخطورة الفائقة للاتفاق النووي بحلته الجديدة، موضحاً أن «الاتفاق النووي كان مشبعاً بالأخطاء في عام 2015 والآن هو مشبع بأخطاء مميتة».
وإذ أشار ريش إلى وعود إدارة بايدن للكونغرس بالسعي لاتفاق «أطول وأقوى»، قال إنه «من الواضح أن الإدارة لا تتمتع بالنفوذ اللازم للتطرق إلى الإرهاب الإيراني في المنطقة، وأنشطتها المرتبطة بالصواريخ الباليستية»، وأضاف: «إذا قررت الإدارة الدخول في اتفاق نووي محدود، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاقات أخرى بعد ذلك هي شبه مستحيلة». وختم محذراً: «في الوقت الحالي، عدم التوصل إلى اتفاق أفضل من التوصل إلى اتفاق جيد. يجب أن نكون مستعدين لمغادرة المفاوضات».
وتتناغم تصريحات ريش مع مواقف المشرعين الذين لم يوفروا طريقة للاعتراض إلا واستعملوها ضد المفاوضات الجارية في فيينا؛ من رسائل إلى الإدارة الأميركية، مروراً بطرح مشاريع قوانين، ووصولًا إلى تصريحات علنية تهدد ببطلان أي اتفاق تتوصل إليه الإدارة من دون استشارة الكونغرس وموافقته.
ووجه نحو 200 نائب جمهوري، الأربعاء الماضي، رسالة إلى بايدن لتحذيره من أن أي اتفاق مع إيران من دون موافقة الكونغرس، سوف يواجه المصير نفسه للاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما.
وذكر المشرعون في الرسالة بايدن بأنه «لا يمتلك صلاحية» تقديم أي ضمانات تطلبها طهران لعدم إعادة فرض العقوبات الأميركية عليها في حال العودة إلى الاتفاق النووي، وقال: «إذا أبرتم اتفاقاً مع إيران من دون موافقة رسمية من الكونغرس، فسيكون مؤقتاً وسوف يلاقي المصير نفسه للاتفاق الأول».
ولم تقتصر التحذيرات على المشرعين فحسب، فقد سبق لمرشح الرئيس الأميركي لمنصب قائد القيادة الوسطى الجنرال مايكل كوريلا أن حذر كذلك من أن طهران «قد تستعمل الأموال الناجمة عن الإعفاءات من العقوبات لدعم وكلائها والإرهاب في المنطقة».
كوريلا، الذي صادق عليه مجلس الشيوخ مساء الخميس بأغلبية كل أعضائه، كان قد قال في جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة للمصادقة عليه، الأسبوع الماضي بأن «هناك مخاطرة بأن تؤدي الإعفاءات من العقوبات إلى استعمال إيران لبعض الأموال لدعم وكلائها والإرهاب في المنطقة. وإذا ما فعلت فهذا سيزيد من التهديدات التي تحدق بقواتنا في المنطقة»، واصفاً طهران بـ«العامل المزعزع رقم 1 في المنطقة»، داعياً الولايات المتحدة إلى الحفاظ على علاقات قوية مع دول العالم وتعزيز مقدراتها بمواجهة الخطر الإيراني. وذلك في موقف يتناقض علناً مع انفتاح الإدارة الأميركية على رفع عقوبات عن طهران مقابل عودتها للاتفاق.
وقد ولد موقف كوريلا موجة من المواقف الداعمة في الكونغرس. وقال السيناتور الجمهوري جيم أنهوف: «إذا دخلت إدارة بايدن مجدداً في اتفاق إيران المعيب، فسوف تحصل طهران على المليارات بفضل رفع العقوبات، وسوف تصرفها على دعم وكلائها الإرهابيين». وأضاف أنهوف وهو كبير الجمهوريين في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في تغريدة: «سيصبح عالمنا أقل، وليس أكثر أمناً».
أما السيناتور الجمهوري تيد كروز، فكان تعليقه لاذعاً أكثر، إذ قال: «إن الاتفاق الجديد الذي يأمل الرئيس بايدن بالتوصل إليه مع المرشد الإيراني (علي خامنئي) سوف يفتح أسواقاً جديدة للأسلحة أمام بوتين، والمزيد من الطاقة لتوسع الرئيس الصيني، كما أنه سيضخ مليارات الدولارات للإرهاب في الشرق الأوسط وخارجه». وقال كروز في تصريحات لموقع (فري بيكون) المحافظ: «الرئيس بايدن والمسؤولون في إدارة بايدن - هاريس يسعون جاهدين لطمأنة روسيا والصين وإيران، في وقت تتحالف فيه هذه البلدان مع بعضها البعض لتهديد المصالح الأميركية».
ورغم هذه التصريحات الشاجبة، فإنها ليست كافية على حد قول رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي بوب مننديز الذي أعرب عن «استيائه من عدم تركيز زملائه بالشكل الكافي على الملف الإيراني»، بسبب التوتر بين روسيا وأوكرانيا.
وقال السيناتور المعارض لعودة الإدارة إلى الاتفاق النووي في حديث أمام اللوبي الأميركي الإسرائيلي (إيباك)، أول من أمس: «لست واثقاً من أن زملائي ملتزمون بالشكل اللازم لمواجهة التحديات مع إيران.»... وقال مننديز إن خطابه أمام مجلس الشيوخ الذي اعترض فيه رسمياً على الاتفاق النووي بداية الشهر الجاري هدف إلى تنبيه زملائه في الإدارة والحلفاء بخطورة الموقف حول الأمور التي سوف يوافق عليها الكونغرس أو يعرقلها في أي اتفاق جديد مع إيران، مؤكداً أن الكونغرس سوف يراجع «حتماً» أي صفقة في محادثات فيينا، ما ينذر بإشعال مواجهة مع البيت الأبيض.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT
20

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.