روسيا الغائب و{الحاضر الأبرز} في مؤتمر ميونيخ للأمن

أمين عام الأمم المتحدة افتتح المؤتمر وكان الصوت الأعلى الداعي للعودة للدبلوماسية لحل الأزمة (إ.ب.أ)
أمين عام الأمم المتحدة افتتح المؤتمر وكان الصوت الأعلى الداعي للعودة للدبلوماسية لحل الأزمة (إ.ب.أ)
TT

روسيا الغائب و{الحاضر الأبرز} في مؤتمر ميونيخ للأمن

أمين عام الأمم المتحدة افتتح المؤتمر وكان الصوت الأعلى الداعي للعودة للدبلوماسية لحل الأزمة (إ.ب.أ)
أمين عام الأمم المتحدة افتتح المؤتمر وكان الصوت الأعلى الداعي للعودة للدبلوماسية لحل الأزمة (إ.ب.أ)

رغم أن روسيا كانت الغائب الأبرز عن مؤتمر ميونيخ للأمن هذا العام، إلا أنها كانت الحاضر الأكبر في افتتاح المؤتمر الذي طغى عليه الحضور الغربي بشكل لافت. وعوضاً عن أن يكون المكان الذي يشكل ملتقى تاريخيا للحوار، مركزا هذا العام لتخفيض التصعيد بين الغرب وروسيا، تحول إلى واجهة للتصعيد الغربي وتوجيه التهديدات لموسكو الغائبة. وهكذا بدا المؤتمر هذا العام أشبه بحشد غربي لإظهار الوحدة الأوروبية - الأميركية في مواجهة التهديدات الروسية.
ولم يفت رئيس المؤتمر فولفغانغ إيشنغر الإشارة إلى غياب روسيا في كلمته الافتتاحية التي رحب بها بشكل حار بالرئيس الأوكراني فلاديمير زلانسكي الذي كان متواجدا بين الحضور ولقي تصفيقا حاراً من المشاركين. وقال إيشنغر إنه «يأسف» لأن الحكومة الروسية قررت عدم إرسال ممثلين عنها «لشرح وجهة نظرها» من الأزمة مع أوكرانيا. ورغم أن روسيا دأبت على المشاركة سنويا بالاجتماع الأمني الهام حيث تحول وزير خارجيتها سيرغي لافروف إلى ضيف سنوي دائم في فندق بايريشر هوف الذي يستضيف المؤتمر، فهي رفضت التجاوب مع الدعوات المتكررة للمؤتمر لإرسال ممثلين عنها. وكان من بين الحاضرين وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن الذي أعلن استعداده أول من أمس للقاء لافروف الأسبوع المقبل في حال لم يحصل تصعيد روسي إضافي، إلى جانب وفد أميركي كبير برئاسة نائبة الرئيس كامالا هاريس. وافتتح بلينكن إلى جانب نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك سلسلة الكلمات المرتقبة حول الأزمة الأوكرانية ليحددا سقف الرد الغربي على الحشد العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا. واتهم بلينكن روسيا بالتحضير لذرائع لغزو أوكرانيا، وقال خلال مشاركته في حلقة حوارية مع بيربوك إن «كل ما نراه من جانب موسكو في الساعات الـ24 والـ48 الماضية، هو يعد سيناريو لافتعال استفزاز لتبرير اعتداء». وكرر بلينكن أن أكبر قوة تمتلكها الأطراف الغربية في هذه الأزمة «هي وحدتها»، معبرا عن اعتقاده بأن هذه الوحدة «تثير تعجب» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال: «ما دمنا محافظين على وحدتنا، سنكون مستعدين للرد بطريقة أو بأخرى، مهما كان الطريق الذي يختاره الرئيس بوتين». ولم تتردد بيربوك باعتبار الحشد العسكري الروسي موجها لأوروبا وليس فقط أوكرانيا، وقالت إن الحشد لهذا السبب يتطلب ردا أوروبا موحدا، وقالت: «كل هذه القوات الروسية على الحدود، ما هي إذا لم تكن تهديدا موجها ضدنا؟» ودعت بيربوك روسيا إلى سحب قواتها على الفور عن الحدود وتخفيف التصعيد. ورغم الجدل الكبير المحيط بمشروع نورد ستريم 2 الذي يمكنه أن يصل الغاز الطبيعي الروسي مباشرة إلى ألمانيا، فإن وزيرة الخارجية الألمانية أكدت بأن وقف المشروع مطروح على الطاولة في حال صعدت روسيا أكثر. وقالت: «لو حدث اعتداء عسكري روسي على أوكرانيا فإن روسيا ستواجه عواقب مالية واقتصادية وسياسية ضخمة»، لتضيف بأن ألمانيا «مستعدة لدفع ثمن باهظ اقتصاديا» لمواجهة أي اعتداء روسي على أوكرانيا.
وسترأس بيربوك اليوم اجتماعا لوزراء خارجية قمة السبع علما بأن ألمانيا هي التي ترأس هذه الدورة من المجموعة، كما ستشارك أيضاً باجتماع مع نظيرها الفرنسي والأوكراني بصيغة النورماندي لمناقشة اتفاقية مينسك بغياب روسي عن المجموعة التي تضمها. وكانت الأزمة الأوكرانية حاضرة كذلك في اجتماع عقدته نائبة الرئيس الأميركي مع أمين عام حلف الناتو يانس شتولتنبيرغ الذي كان حذر قبل يومين من أن كلام موسكو على سحب قواتها من الحدود مع أوكرانيا لم يترجم واقعا على الأرض.
ومقابل كل هذه التهديدات، كان صوت أمين عام الأمم المتحدة الذي افتتح المؤتمر الصوت الأعلى الداعي للعودة للدبلوماسية لحل الأزمة، وقال: «مع تركز قوات روسية في حوالي أوكرانيا أنا قلق جدا من صراع عسكري في أوروبا، ما زلت أعتقد أنه لن يحصل ولكن لو حصل سيكون كارثيا». وأضاف غوتيريش أن الدبلوماسية الحل الوحيد لحل الخلافات مع روسيا، وقال: «لا بديل عن الدبلوماسية، وكل الخلافات يجب أن تتم مناقشتها بالدبلوماسية، وقد حان الوقت لتخفيض التصعيد». وألقت فضيحة اقترنت برئيس مؤتمر ميونيخ فولفغانغ إيشنغر بظلالها على افتتاح المؤتمر، إذ نشرت مجلة «شبيغل» تحقيقا قبل يوم من انطلاق أعمال المؤتمر يتناول كيف استغل سفير ألمانيا السابق لدى واشنطن منصبه كرئيس لمؤتمر ميونيخ للأمن لإفادة شركة علاقات عامة له، لمحاولة تدبير صفقات بيع أسلحة بين شركة خاصة وسياسيين ودبلوماسيين شاركوا في مؤتمر ميونيخ في السنوات الماضية. ورغم أن إيشنغر الذي يغادر منصبه فور انتهاء أعمال هذه الدورة، نفى استغلاله لمنصبه، إلا أن توقيت نشر التقرير سلط الضوء على جانب آخر لم يكن معروفا لدبلوماسي ألماني سابق يدير المؤتمر بنجاح منذ سنوات مستفيدا من علاقاته التي نسجها طوال خدمته الدبلوماسية.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.