قمة لـ«تغيير وضع الشراكة» بين أوروبا وأفريقيا

عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي في داكار استراتيجية شاملة للاستثمار بقيمة 150 مليار يورو على مدى سبع سنوات لأفريقيا (رويترز)
عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي في داكار استراتيجية شاملة للاستثمار بقيمة 150 مليار يورو على مدى سبع سنوات لأفريقيا (رويترز)
TT
20

قمة لـ«تغيير وضع الشراكة» بين أوروبا وأفريقيا

عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي في داكار استراتيجية شاملة للاستثمار بقيمة 150 مليار يورو على مدى سبع سنوات لأفريقيا (رويترز)
عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي في داكار استراتيجية شاملة للاستثمار بقيمة 150 مليار يورو على مدى سبع سنوات لأفريقيا (رويترز)

مع وعود أوروبية بتقديم استراتيجية شاملة للاستثمار بقيمة 150 مليار يورو على مدى سبع سنوات في أفريقيا، تسعى أوروبا وأفريقيا إلى التصدي لثلاثة تحديات كبرى هي الأمن والصحة والاستقرار، من أجل «تغيير وضع» العلاقات بينهما خلال القمة السادسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي التي تعقد الخميس والجمعة في بروكسل.
وفرض التوتر مع روسيا بشأن أوكرانيا نفسه على القمة التي ستفتتح عند الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش، عبر اجتماع يستغرق ساعة للدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول «التطورات الأخيرة» قبل بدء اللقاء مع القادة الأفارقة. وسيلتقي أربعون من قادة الدول الـ55 الأعضاء في الاتحاد الأفريقي مع نظرائهم في الاتحاد الأوروبي لتحديد هذه الشراكة الجديدة.
وقال رئيس المجلس الأوروبي البلجيكي شارل ميشال ورئيس الاتحاد الأفريقي السنغالي ماكي سال في مقال مشترك إن «الشراكة تفترض التبادل والتقاسم». وذكر منظمو القمة أن المناقشات ستجرى في سبع طاولات مستديرة «لتجنب سلسلة الخطب خلال جلسة كاملة طويلة بلا نتائج»، موضحين أنهم يتوقعون «مناقشات تتسم بالحيوية». وجعل ماكرون من هذه القمة حدثا كبيرا للرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي. وقالت مصادر في باريس «نريد قمة تغير الوضع».
لكن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أكد أن أوروبا لن تكون قادرة على مساعدة أفريقيا بينما يسود عدم الاستقرار وانعدام الأمن. وقال إن الانقلابات العسكرية والنزاعات والإرهاب والاتجار بالبشر والقرصنة تجتاح القارة وتؤثر على أوروبا.
وعلق الاتحاد الأفريقي عضوية مالي وبوركينا فاسو وغينيا والسودان بعد انقلابات. ولن يشارك القادة الجدد لهذه البلدان في قمة بروكسل التي ستنتهي ظهر الجمعة ببيان مشترك حول العلاقة الجديدة.
وصدر إعلان من الإليزيه عن انسحاب القوات الفرنسية «برخان» العملية المناهضة للجهاديين في منطقة الساحل، والتجمع الأوروبي للقوات الخاصة تاكوبا الذي أطلقته باريس في 2020، من مالي. وتجري دراسة إعادة انتشار في دولة أفريقية أخرى.
ورأى بوريل أن زعزعة الاستقرار في القارة الأفريقية تغذيها «الجهات الفاعلة الجديدة» الصينية والروسية «التي تختلف أساليبها وأجنداتها اختلافا كبيرا عن أساليبنا». وقال مسؤول أوروبي إن تحركات مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية الخاصة في العديد من البلدان الأفريقية بقيادة رجال مقربين من الكرملين، وهو ما تنفيه موسكو، «هي مثال على جهود زعزعة الاستقرار التي تبذلها روسيا في مناطق مهمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي».
وتشهد هذه القارة الغنية بالمواد الخام صراعا على النفوذ بين القوى العظمى وعلى رأسها الصين.
وقالت مصادر في بروكسل إن «أفريقيا محط طموحات ويمكن أن تختار شركاءها»، موضحة أن الاتحاد الأوروبي يريد أن تكون الشراكة التي يقترحها «مبتكرة» و«تحترم» الدول الأفريقية. وأضافت «من غير الوارد تأجيل مسائل احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان لأنهما أساس علاقاتنا مع أفريقيا».
ومكافحة وباء كوفيد - 19 هي أولوية أخرى. وقال إدوين إيكوريا المسؤول في المنظمة غير الحكومية «وان» إن «هذه القمة تشكل فرصة فريدة لاتخاذ خطوات ملموسة تجعل أفريقيا أقرب إلى الاكتفاء الذاتي في مكافحة كوفيد - 19». ولم يتلق سوى 11 في المائة من سكان القارة لقاحا كاملا ضد كورونا.
ويؤكد بوريل أنه «لا يمكن لأفريقيا ولا لأوروبا الاعتماد على جهات خارجية للحصول على منتجات على هذه الدرجة من الحيوية». وسيدعم الاتحاد الأوروبي مراكز إنتاج اللقاحات في السنغال ورواندا وغانا وجنوب أفريقيا.
وعرضت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأسبوع الماضي في داكار استراتيجية شاملة للاستثمار بقيمة 150 مليار يورو على مدى سبع سنوات لأفريقيا. ولم تذكر سوى تفاصيل قليلة عن مصدر الأموال لكنها أكدت «نحن لا نقتطع أي شيء من أي شخص في الميزانية الأوروبية»، حسب مكتبها.
وقال مصدر في المفوضية الأوروبية إن هذا التمويل يهدف إلى «مساعدة مشاريع يريدها الأفارقة وينفذونها من أجل تغيير اقتصاداتهم». وأضاف «لم يعد من الوارد أن نقول لهم ما يجب عليهم فعله، وهذا هو الوضع الجديد في الشراكة».



منطقة الساحل الأفريقي تتصدر «مؤشر الإرهاب العالمي»

منطقة الساحل تتحول منذ سنوات بؤرةً للإرهاب العالمي (أ.ف.ب)
منطقة الساحل تتحول منذ سنوات بؤرةً للإرهاب العالمي (أ.ف.ب)
TT
20

منطقة الساحل الأفريقي تتصدر «مؤشر الإرهاب العالمي»

منطقة الساحل تتحول منذ سنوات بؤرةً للإرهاب العالمي (أ.ف.ب)
منطقة الساحل تتحول منذ سنوات بؤرةً للإرهاب العالمي (أ.ف.ب)

صُنفت منطقة الساحل الأفريقي ضمن أخطر مناطق العالم وأشدها تضرراً من الإرهاب، وذلك وفق آخر تقرير صادر عن «مؤشر الإرهاب العالمي» الذي أفاد بأن أكثر من نصف ضحايا الإرهاب عالمياً خلال عام 2024 سقطوا في بلدان الساحل.

الهجمات الإرهابية في الساحل خلفت 3885 قتيلاً عام 2024 (متداولة)
الهجمات الإرهابية في الساحل خلفت 3885 قتيلاً عام 2024 (متداولة)

وجاء في التقرير أن منطقة الساحل لا تزال «بؤرة الإرهاب العالمي» وذلك للعام الثاني على التوالي، مشيراً إلى أن الأرقام تؤكد سقوط 3885 قتيلاً في هجمات إرهابية وقعت خلال العام الماضي بدول الساحل.

وتعدّ دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو أكبر دول الساحل تضرراً من الإرهاب، حيث تنتشر فيها جماعات مسلحة بعضها يتبع تنظيم «القاعدة»، فيما يتبع البعض الآخر تنظيم «داعش»، وكثيراً ما تتصارع هذه الجماعات فيما بينها؛ مما يزيد من أعداد الضحايا المدنيين.

خطر متصاعد

«مؤشر الإرهاب العالمي»، في تقريره الجديد الصادر عن «معهد الاقتصاد والسلام»، وصف الوضع في مالي والنيجر وبوركينا فاسو بأنه «عالي الخطورة»، وأكد أن هذه الدول الثلاث «هي الأكبر تضرراً» من تصاعد خطر الإرهاب.

وأوضح التقرير أن إجمالي ضحايا الإرهاب في العالم عام 2024 وصل إلى 7555 قتيلاً، مما يعني أن منطقة الساحل وحدها جاء ضحايا الإرهاب فيها بنسبة 51 في المائة، بعد أن وصل عدد القتلى فيها إلى 3885 قتيلاً.

ودق التقرير ناقوس الخطر، مشيراً إلى أنه للعام الثاني على التوالي تتصدر منطقة الساحل «مؤشر الإرهاب العالمي»، ويكون أكثر من نصف ضحايا الإرهاب من هذه المنطقة الفقيرة والهشة.

5 دول بمنطقة الساحل

وتطرق «مؤشر الإرهاب العالمي» إلى 163 دولة، لقياس مدى تأثرها بالهجمات الإرهابية، وكان من بين الدول العشر الأولى الأكبر تضرراً من الإرهاب، 5 دول تقع في منطقة الساحل الأفريقي.

وربط التقرير تحول منطقة الساحل الأفريقي إلى بؤرة للإرهاب العالمي بوجود جماعتين رئيسيتين؛ الأولى: «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» الموالية لتنظيم «القاعدة»، وتتمركز في دولة مالي ولكنها تسيطر على مناطق في النيجر وبوركينا فاسو، وبدأت مؤخراً تتوسع نحو دول في غرب أفريقيا.

أما الجماعة الثانية فهي «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى»، الذي يتمركز بشكل أساسي في المنطقة الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ولكنه يسعى إلى التوسع نحو مناطق جديدة، ويرتبط بعلاقات بـ«تنظيم داعش في غرب أفريقيا» المنشقّ عن «بوكو حرام».

شبكات خطيرة

على صعيد آخر، صدر تقرير جديد عن «معهد دراسات الحرب» الأميركي يتحدث عن العلاقة بين الإرهاب والتهريب، وكيف تساهم شبكات التهريب في مفاقمة خطر الإرهاب على منطقة الساحل الأفريقي.

وقال التقرير الجديد إن تنظيمَي «القاعدة» و«داعش» يرتبطان بعلاقات قوية بالشبكات التي تنشط في التهريب على مستوى الصحراء الكبرى؛ مما يزيد من تأثير التنظيمَين، فيما حذر التقرير من توسيع روابط التنظيمين الإرهابيين نحو مناطق جديدة.

ورجح التقرير أنه رغم الصراع العنيف بين «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» و«داعش» على النفوذ في المنطقة، فإنهما «يتعاونان على الأرجح مع فاعلين محليين في منطقة الساحل والصحراء، من أجل توسيع عملياتهما في المنطقة، ودعم الهجمات الموجهة ضد الجيوش النظامية، خصوصاً في النيجر ومالي».

وأكد «المعهد» في تقريره أن «الوجود القوي لهذه الشبكات على طول خطوط التهريب عبر الصحراء سيعزز الروابط بين الجماعات المتطرفة بمنطقة الساحل والشبكات الداعمة والميسِّرة في شمال أفريقيا».

السكان المحليون هم الأكبر تضرراً من الإرهاب (غيتي)
السكان المحليون هم الأكبر تضرراً من الإرهاب (غيتي)

وأوضح «المعهد» أن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب» ما زال نشطاً في جنوب غربي ليبيا والجزائر، «حيث يعمل بشكل رئيسي مركزاً لوجيستياً وممر عبور على طول طرق التهريب العابرة للصحراء».

وأضاف المعهد أن «التقارير الأممية أكدت أن تنظيم (القاعدة) ما زال يستخدم جنوب غربي ليبيا مركزاً لوجيستياً لدعم فروعه في غرب أفريقيا، كما تشير إلى وجود هذا التنظيم على طول طرق التهريب بين الجزائر وليبيا والنيجر، ويعمل مع مهربي الطوارق في تهريب المخدرات والأسلحة والمهاجرين».

من جهة أخرى، قال «المعهد» إن «(داعش) أظهر نية واضحة لاستخدام شبكاته العابرة للصحراء لدعم خلايا الهجوم في شمال أفريقيا وأوروبا، ودعم حركة المقاتلين الأجانب».