السلطة الفلسطينية تحمل «ملف الشيخ جراح» إلى مجلس الأمن

مستوطنون يتجمعون حول مكتب مؤقت لعضو الكنيست اليميني بن غفير في حي الشيخ جراح الأربعاء (إ.ب.أ)
مستوطنون يتجمعون حول مكتب مؤقت لعضو الكنيست اليميني بن غفير في حي الشيخ جراح الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

السلطة الفلسطينية تحمل «ملف الشيخ جراح» إلى مجلس الأمن

مستوطنون يتجمعون حول مكتب مؤقت لعضو الكنيست اليميني بن غفير في حي الشيخ جراح الأربعاء (إ.ب.أ)
مستوطنون يتجمعون حول مكتب مؤقت لعضو الكنيست اليميني بن غفير في حي الشيخ جراح الأربعاء (إ.ب.أ)

نقلت السلطة الفلسطينية ملف حي الشيخ جراح في القدس، إلى مجلس الأمن، في محاولة للضغط على إسرائيل من أجل وقف عملية تهجير محتملة للسكان هناك.
وقال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إنه على تواصل مع رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر والتي تتولاها روسيا، ومع الأمين العام للأمم المتحدة، بشأن قضية الشيخ جراح.
وأضاف «من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي، جلسة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، حول آخر التطورات في الأرض الفلسطينية، خاصةً ما يجري في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة».
وأكد منصور للإذاعة الرسمية، أنه سيتم الطلب من المجتمع الدولي، لعب دور أكثر فعالية للضغط على حكومة الاحتلال وثنيها عن هدم منازل المواطنين، ووقف ما يجري في القدس الشيخ جراح وعموم الضفة.
وأضاف: «جرى النقاش حول العديد من القضايا بما فيها تفعيل دور الرباعية وعقد اجتماع على مستوى وزاري».
ويشهد حي الشيخ جراح توترات متقطعة منذ فترة طويلة، بسبب قرار إسرائيلي طرد عائلات الحي منه، لصالح عائلات يهودية تقول إنها تتملك المنازل التي وصل إليها الفلسطينيون عام 1956، حين سلمتهم الحكومة الأردنية 28 وحدة سكنية في الحي، ضمن اتفاق مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وتفجرت مواجهات جديدة، هذا الأسبوع، بين الفلسطينيين ومستوطنين بعد اقتحام عضو الكنيست المتطرف، إيتمار بن غفير، الحي، وإقامته مكتبا برلمانيا له في أرض عائلة سالم العربية المهددة بالمصادرة، وقال إنه باقٍ حتى تتم حماية اليهود في المكان. ويصر بن غفير على البقاء في حي الشيخ جراح، رغم التوتر الكبير الذي قاد إلى مواجهات واسعة في الحي، وتحذيرات مسؤولين إسرائيليين، من أن التوتر قد يقود إلى تصعيد في الضفة الغربية ويبدد الهدوء في قطاع غزة.
وبعد يومين من تحويل الشرطة الإسرائيلية، الجزء الغربي من الحي إلى ثكنة عسكرية، نصبت بلدية الاحتلال في القدس، أمس، عدة كاميرات مراقبة متطورة. وذكرت قناة كان العبرية «أن عملية تركيب الكاميرات هدفها رصد ومراقبة أحداث استثنائية ومنع وقوعها»، بالإضافة إلى الحفاظ على النظام في حي الشيخ جراح. وتنضم الكاميرات إلى مجموعة أخرى، كانت قد نصبتها الشرطة الإسرائيلية في منطقة قريبة من حي الشيخ جراح.
وتوالت أمس ردود الفعل حول ما يجري في الشيخ جراح، وأدانت جمهورية مصر العربية، «كافة المحاولات الرامية لتهجير السكان الفلسطينيين من منازلهم في حي الشيخ جراح، وتغيير الهوية الديمغرافية للقدس الشرقية».
وقالت وزارة الخارجية المصرية على لسان المتحدث الرسمي باسمها السفير أحمد حافظ، في بيان، الخميس، إن مصر تتابع ببالغ القلق الأحداث التي يشهدها حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، والتي يتعرض خلالها المواطنون الفلسطينيون لممارسات استفزازية واعتداءات من شأنها تأجيج التوتر في مدينة القدس. وأكدت، أن تلك الممارسات تمثل انتهاكا لمقررات الشرعية الدولية والقانون الدولي، واستمراراً لسياسة التهجير القسري للفلسطينيين.
وشدد حافظ، على ضرورة توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني الشقيق، ووقف هدم المنازل والاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشرقية. وأعاد التأكيد على أن استمرار تلك الإجراءات الأحادية، تقوض من فرص التوصل إلى حل الدولتين وإقامة السلام المنشود في المنطقة. البيان المصري جاء بعد مطالبة الأمم المتحدة، إسرائيل، بوضع حد لسياسة هدم بيوت الفلسطينيين أو إجلائهم منها في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس المحتلة وحي الشيخ جراح. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر صحافي عقده بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك: «نحن نتابع عن كثب الوضع في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة، بما في ذلك احتمالات حدوث عمليات إجلاء». مضيفا، أنه من المهم للغاية، أن يكون هناك عدم تصعيد للوضع وضبط النفس والهدوء، لافتا إلى مواصلة المنظمة، مطالبة السلطات الإسرائيلية، بضرورة وضع حد لسياسة هدم منازل الفلسطينيين، وكذلك إنهاء إجلاء العائلات الفلسطينية، سواء في حي الشيخ جراح أو في أي منطقة أخرى من مناطق الضفة الغربية المحتلة.
وكانت الإدارة الأميركية عبرت عن قلقها كذلك. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن الإدارة الأميركية طلبت من الحكومة، اتخاذ خطوات لتجنب أي تصعيد في المنطقة بعد أحداث حي الشيخ جراح شرقي القدس.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.