الانقلابيون يؤججون الحروب والصراعات في أوساط اليمنيين

تحذيرات للقبائل من الانجرار وراء مخططات الميليشيات الرامية لإشعال الاقتتال

TT

الانقلابيون يؤججون الحروب والصراعات في أوساط اليمنيين

عادت الميليشيات الحوثية مجددا إلى ممارسة نهجها الإجرامي من خلال مواصلتها تغذية عدة حروب وصراعات وإشعال نيران الفتنة والتناحر في أوساط القبائل اليمنية، إضافة إلى زرعها بذور الفرقة والانقسامات الاجتماعية والمذهبية بين اليمنيين القابعين في المناطق تحت سيطرة الجماعة.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر يمنية مطلعة بتصاعد حدة المواجهات القبلية المسلحة منذ مطلع فبراير (شباط) الجاري، في عدة قرى ومناطق تابعة لمحافظات (ريف صنعاء وذمار وعمران وغيرها).
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن بعض المواجهات القبلية تلك أسفرت عن سقوط العشرات من الضحايا اليمنيين ما بين قتيل وجريح.
وكشفت المصادر ذاتها عن تنفيذ الجماعة طيلة سبعة أعوام ماضية خطوات خبيثة عملت على إيجاد عداوات وإشعال حروب بين عديد من القبائل اليمنية بهدف إضعافها وضربها ببعضها تارة عبر استحضار خلافات قديمة، وأخرى من خلال خلق عداوات قبلية جديدة.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، شهدت مناطق عدة تحت سيطرة الحوثيين حروبا عدة بين بعض القبائل اليمنية، كان آخرها وفق ما كشفته مصادر قبلية بريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، تجدد المواجهات القبلية المسلحة التي اندلعت قبل نحو يومين بين قريتين في مديرية أرحب بمحافظة صنعاء، وسط أنباء عن سقوط ضحايا من الجانبين.
وأوضحت أن الخلاف الذي نشب بين «بني حبار» و«بني بعيس» كان بسبب «هضبة» يصب منها الماء إلى قطعتي أرض الأول لبني حبار والثانية لبني بعيس بذات المنطقة.
وأرجعت المصادر أسباب الخلاف بأنها تعود إلى مماطلة الجماعة في إيجاد طرق لحل المشكلة، إضافة إلى تأييدها ودعمها الخفي لطرف على حساب آخر.
وتواليا لدأب الانقلابيين على إثارة التناحرات بين القبائل في مناطق قبضتها. أفادت مصادر قبلية في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، بأن منتصف فبراير الجاري، شهد اندلاع اشتباكات وصفت بالأعنف بين قرية «كومان سنامة» وعزلة «سبلة بني بخيت» بمديرية الحدا بذات المحافظة سقط على أثرها 60 قتيلا وجريحا بينهم نساء وأطفال. وكشفت المصادر ومعها تقارير محلية عدة، عن اتهامات مباشرة وجهتها قبيلة الحدا للجماعة بوقوفها وراء تأجيج وتغذية المواجهات المسلحة بمديريتهم، كونها بحسبهم المستفيد الأول من بقاء القبيلة في حروب وصراعات بينية متواصلة.
وفي ظل تجدد المواجهات البينية بين قبائل الحدا بذمار بعد صلح دام سنوات، أشارت المصادر إلى أن مديري أمن محافظة ذمار وأمن مديرية الحدا الموالين للجماعة ومعهم القيادي الحوثي المنتحل لصفة محافظ المحافظة محمد البخيتي لا يزالون مستمرين بتقاعسهم وعدم تحمل مسؤولياتهم في اتخاذ خطوات من شأنها إيقاف تلك الحرب المشتعلة بين أبناء المنطقة.
وبينت أن قيادة السلطة المحلية الموالية للجماعة بذات المحافظة عقدت قبل أيام اجتماعا بحضور عدد من مشرفيها لمناقشة الحروب الدائرة في الحدا.
وأكدت أن قياديا حوثيا بارزا رفض خلال الاجتماع القيام بأي تدخلات قد تسهم في إيقاف تلك المواجهات التي خلفت الكثير من الضحايا. ونقلت بعض التقارير عن القيادي الحوثي وصفه أيضا خلال الاجتماع لأبناء قبائل الحدا بأنهم «دواعش ذمار».
وتكرارا لمساعي الميليشيات الخبيثة، تعيش محافظة عمران هي الأخرى بالوقت الحالي أحداثا مشابهة منذ شهور عدة، من بينها المواجهات المسلحة التي اندلعت مطلع هذا الشهر بين قبيلة أرحب بريف صنعاء وقبيلة ذيبين ومعها قبائل من حرف سفيان بعمران بسبب صراع محتدم منذ أشهر قليلة على ملكية قطعة أرض زراعية.
وكشفت مصادر قبلية بالمحافظة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة وبدلا من إيجاد حلول ترضي الطرفين وتوقف نزيف الدم سعت إلى تأزيم الموقف والتصعيد من حدة المواجهات من خلال استحضار خلافات قديمة بين القبيلتين تعود لسنين ماضية ليسهل أمامها تأجيج الفتنة وإشعال نيران الاقتتال.
وأشارت إلى أن المواجهات التي وصفتها بـ«المتقطعة» لا تزال مستمرة، وتدور رحاها في بعض المناطق الحدودية بين قبيلتي ذيبين وحرف سفيان في عمران وقبيلة أرحب في ريف صنعاء.
وكانت مصادر قبلية بعمران قد تحدثت بوقت سابق مع «الشرق الأوسط»، أن الجماعة عملت منذ اجتياحها المسلح للمحافظة منتصف 2014 على إثارة هذا الخلاف بين الحين والآخر، ثم ما تلبث أن تتقمص دور المصلح وتقوم باستدعاء المشايخ وأخذهم رهائن لديها.
وأكدت أن الجماعة استطاعت وعبر تغذية الصراعات والتناحر، جعل كثير من شيوخ وزعماء القبائل والمناطق اليمنية الخاضعة لقبضتها يتهافتون على الارتماء في أحضانها لتعزيز مكانتهم ونفوذهم القبلي والاستقواء بها على الآخرين، في حين تقوم ميليشيات الحوثي بالضغط عليهم في عمليات الحشد لحربها على اليمنيين وتعزيز جبهاتها المنهارة بمقاتلين ودماء جديدة.
وكانت مراقبون محليون قد أشاروا بوقت سابق إلى أن الميليشيات تواصل تغذيتها لسلسلة من الصراعات التي أشعلت فتيل نيرانها في البداية، بين قبائل عدة بمناطق متفرقة تحت سيطرتها وتدعم البعض منها ضد أخرى بطرق مباشرة وغير مباشرة.
وقال المراقبون إن الجماعة لم تجد أفضل من خطط الاستعمار القائمة على شعار «فرق تسد»، كسياسة خبيثة، في إطار مساعيها لإحكام قبضتها على القبائل والمناطق اليمنية، وتطويعها من أجل تنفيذ أجندتها ومشاريعها وأهدافها الطائفية.
وأشاروا إلى أن الميليشيات تسعى من خلال سياسة «فرق تسد» إلى ضرب اليمنيين ببعضهم تحت أسماء عدة مذهبية وسلالية وطائفية ومناطقية.
وحذر المراقبون جميع اليمنيين من مغبة الانجرار وراء مخططات الميليشيات الخبيثة الرامية لإشعال فتيل الاقتتال والتناحر بين أبناء الوطن الواحد.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.