الانقلابيون يؤججون الحروب والصراعات في أوساط اليمنيين

تحذيرات للقبائل من الانجرار وراء مخططات الميليشيات الرامية لإشعال الاقتتال

TT
20

الانقلابيون يؤججون الحروب والصراعات في أوساط اليمنيين

عادت الميليشيات الحوثية مجددا إلى ممارسة نهجها الإجرامي من خلال مواصلتها تغذية عدة حروب وصراعات وإشعال نيران الفتنة والتناحر في أوساط القبائل اليمنية، إضافة إلى زرعها بذور الفرقة والانقسامات الاجتماعية والمذهبية بين اليمنيين القابعين في المناطق تحت سيطرة الجماعة.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر يمنية مطلعة بتصاعد حدة المواجهات القبلية المسلحة منذ مطلع فبراير (شباط) الجاري، في عدة قرى ومناطق تابعة لمحافظات (ريف صنعاء وذمار وعمران وغيرها).
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن بعض المواجهات القبلية تلك أسفرت عن سقوط العشرات من الضحايا اليمنيين ما بين قتيل وجريح.
وكشفت المصادر ذاتها عن تنفيذ الجماعة طيلة سبعة أعوام ماضية خطوات خبيثة عملت على إيجاد عداوات وإشعال حروب بين عديد من القبائل اليمنية بهدف إضعافها وضربها ببعضها تارة عبر استحضار خلافات قديمة، وأخرى من خلال خلق عداوات قبلية جديدة.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، شهدت مناطق عدة تحت سيطرة الحوثيين حروبا عدة بين بعض القبائل اليمنية، كان آخرها وفق ما كشفته مصادر قبلية بريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، تجدد المواجهات القبلية المسلحة التي اندلعت قبل نحو يومين بين قريتين في مديرية أرحب بمحافظة صنعاء، وسط أنباء عن سقوط ضحايا من الجانبين.
وأوضحت أن الخلاف الذي نشب بين «بني حبار» و«بني بعيس» كان بسبب «هضبة» يصب منها الماء إلى قطعتي أرض الأول لبني حبار والثانية لبني بعيس بذات المنطقة.
وأرجعت المصادر أسباب الخلاف بأنها تعود إلى مماطلة الجماعة في إيجاد طرق لحل المشكلة، إضافة إلى تأييدها ودعمها الخفي لطرف على حساب آخر.
وتواليا لدأب الانقلابيين على إثارة التناحرات بين القبائل في مناطق قبضتها. أفادت مصادر قبلية في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، بأن منتصف فبراير الجاري، شهد اندلاع اشتباكات وصفت بالأعنف بين قرية «كومان سنامة» وعزلة «سبلة بني بخيت» بمديرية الحدا بذات المحافظة سقط على أثرها 60 قتيلا وجريحا بينهم نساء وأطفال. وكشفت المصادر ومعها تقارير محلية عدة، عن اتهامات مباشرة وجهتها قبيلة الحدا للجماعة بوقوفها وراء تأجيج وتغذية المواجهات المسلحة بمديريتهم، كونها بحسبهم المستفيد الأول من بقاء القبيلة في حروب وصراعات بينية متواصلة.
وفي ظل تجدد المواجهات البينية بين قبائل الحدا بذمار بعد صلح دام سنوات، أشارت المصادر إلى أن مديري أمن محافظة ذمار وأمن مديرية الحدا الموالين للجماعة ومعهم القيادي الحوثي المنتحل لصفة محافظ المحافظة محمد البخيتي لا يزالون مستمرين بتقاعسهم وعدم تحمل مسؤولياتهم في اتخاذ خطوات من شأنها إيقاف تلك الحرب المشتعلة بين أبناء المنطقة.
وبينت أن قيادة السلطة المحلية الموالية للجماعة بذات المحافظة عقدت قبل أيام اجتماعا بحضور عدد من مشرفيها لمناقشة الحروب الدائرة في الحدا.
وأكدت أن قياديا حوثيا بارزا رفض خلال الاجتماع القيام بأي تدخلات قد تسهم في إيقاف تلك المواجهات التي خلفت الكثير من الضحايا. ونقلت بعض التقارير عن القيادي الحوثي وصفه أيضا خلال الاجتماع لأبناء قبائل الحدا بأنهم «دواعش ذمار».
وتكرارا لمساعي الميليشيات الخبيثة، تعيش محافظة عمران هي الأخرى بالوقت الحالي أحداثا مشابهة منذ شهور عدة، من بينها المواجهات المسلحة التي اندلعت مطلع هذا الشهر بين قبيلة أرحب بريف صنعاء وقبيلة ذيبين ومعها قبائل من حرف سفيان بعمران بسبب صراع محتدم منذ أشهر قليلة على ملكية قطعة أرض زراعية.
وكشفت مصادر قبلية بالمحافظة لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة وبدلا من إيجاد حلول ترضي الطرفين وتوقف نزيف الدم سعت إلى تأزيم الموقف والتصعيد من حدة المواجهات من خلال استحضار خلافات قديمة بين القبيلتين تعود لسنين ماضية ليسهل أمامها تأجيج الفتنة وإشعال نيران الاقتتال.
وأشارت إلى أن المواجهات التي وصفتها بـ«المتقطعة» لا تزال مستمرة، وتدور رحاها في بعض المناطق الحدودية بين قبيلتي ذيبين وحرف سفيان في عمران وقبيلة أرحب في ريف صنعاء.
وكانت مصادر قبلية بعمران قد تحدثت بوقت سابق مع «الشرق الأوسط»، أن الجماعة عملت منذ اجتياحها المسلح للمحافظة منتصف 2014 على إثارة هذا الخلاف بين الحين والآخر، ثم ما تلبث أن تتقمص دور المصلح وتقوم باستدعاء المشايخ وأخذهم رهائن لديها.
وأكدت أن الجماعة استطاعت وعبر تغذية الصراعات والتناحر، جعل كثير من شيوخ وزعماء القبائل والمناطق اليمنية الخاضعة لقبضتها يتهافتون على الارتماء في أحضانها لتعزيز مكانتهم ونفوذهم القبلي والاستقواء بها على الآخرين، في حين تقوم ميليشيات الحوثي بالضغط عليهم في عمليات الحشد لحربها على اليمنيين وتعزيز جبهاتها المنهارة بمقاتلين ودماء جديدة.
وكانت مراقبون محليون قد أشاروا بوقت سابق إلى أن الميليشيات تواصل تغذيتها لسلسلة من الصراعات التي أشعلت فتيل نيرانها في البداية، بين قبائل عدة بمناطق متفرقة تحت سيطرتها وتدعم البعض منها ضد أخرى بطرق مباشرة وغير مباشرة.
وقال المراقبون إن الجماعة لم تجد أفضل من خطط الاستعمار القائمة على شعار «فرق تسد»، كسياسة خبيثة، في إطار مساعيها لإحكام قبضتها على القبائل والمناطق اليمنية، وتطويعها من أجل تنفيذ أجندتها ومشاريعها وأهدافها الطائفية.
وأشاروا إلى أن الميليشيات تسعى من خلال سياسة «فرق تسد» إلى ضرب اليمنيين ببعضهم تحت أسماء عدة مذهبية وسلالية وطائفية ومناطقية.
وحذر المراقبون جميع اليمنيين من مغبة الانجرار وراء مخططات الميليشيات الخبيثة الرامية لإشعال فتيل الاقتتال والتناحر بين أبناء الوطن الواحد.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون: سنتخذ إجراءات عسكرية ضد إسرائيل بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة

عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

الحوثيون: سنتخذ إجراءات عسكرية ضد إسرائيل بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة

عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)

قال الحوثيون في اليمن، اليوم (الاثنين)، إنهم سيتخذون إجراءات عسكرية بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة لرفع الحصار عن قطاع غزة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، الجمعة، إن الحركة ستستأنف عملياتها البحرية ضد إسرائيل إذا لم تُنهِ تعليقها دخول المساعدات إلى غزة خلال 4 أيام، مما يشير إلى تصعيد محتمل.

وشنت الحركة المتمردة المتحالفة مع إيران أكثر من 100 هجوم على حركة الشحن البحرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، قائلة إن الهجمات تضامن مع الفلسطينيين في حرب إسرائيل على حركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة، وتراجعت الهجمات في يناير (كانون الثاني) بعد وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني.

خلال تلك الهجمات، أغرق الحوثيون سفينتين واستولوا على أخرى وقتلوا 4 بحارة على الأقل، مما أدى إلى اضطراب حركة الشحن العالمية لتُضطر الشركات إلى تغيير مسار سفنها لتسلك طريقاً أطول وأعلى تكلفة حول جنوب القارة الأفريقية.

وقال الحوثي، الجمعة: «سنعطي مهلة 4 أيام وهذه مهلة للوسطاء فيما يبذلونه من جهود، إذا استمر العدو الإسرائيلي بعد الأيام الأربعة في منع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واستمر في الإغلاق التام للمعابر ومنع دخول الدواء إلى قطاع غزة فإننا سنعود إلى استئناف عملياتنا البحرية ضد العدو الإسرائيلي. كلامنا واضح ونقابل الحصار بالحصار».

وفي الثاني من مارس (آذار)، منعت إسرائيل دخول شاحنات المساعدات إلى غزة مع تصاعد الخلاف حول الهدنة، ودعت «حماس» الوسطاء المصريين والقطريين إلى التدخل.

ورحّبت الحركة الفلسطينية بإعلان الحوثي، الجمعة. وقالت في بيان: «هذا القرار الشجاع الذي يعكس عمق ارتباط الإخوة في أنصار الله والشعب اليمني الشقيق بفلسطين والقدس، يعد امتداداً لمواقف الدعم والإسناد المباركة التي قدموها على مدار خمسة عشر شهراً من حرب الإبادة في قطاع غزة».