قصف مدفعي وصاروخي سوري على ريف إدلب

«قسد» تستهدف شمال حلب

دخان يتصاعد من منشأة محروقات في ريف إدلب استهدفتها قوات النظام أمس (الشرق الأوسط)
دخان يتصاعد من منشأة محروقات في ريف إدلب استهدفتها قوات النظام أمس (الشرق الأوسط)
TT

قصف مدفعي وصاروخي سوري على ريف إدلب

دخان يتصاعد من منشأة محروقات في ريف إدلب استهدفتها قوات النظام أمس (الشرق الأوسط)
دخان يتصاعد من منشأة محروقات في ريف إدلب استهدفتها قوات النظام أمس (الشرق الأوسط)

قُتل عدد من المدنيين وجُرح آخرون بقصف مدفعي وصاروخي لقوات النظام السوري على مناطق شمال إدلب، في وقت قُتل مدنيون آخرون بقصف مماثل مصدره مناطق قوات النظام و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) استهدف مناطق شمال حلب، تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني السوري والنفوذ التركي، والأخيرة ترد على مصادر إطلاق النار.
وقال أدهم حاج علي (ناشط معارض) في إدلب، إن «قصفاً مدفعياً مكثفاً، مصدره قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية المتمركزة في الفوج (111) غربي حلب، استهدف صباح الأربعاء 16 فبراير (شباط)، محيط مخيم (الأرامل) للنازحين ومحيط مدينة ترمانين (50 كيلومتراً) شمال إدلب؛ ما أسفر عن مقتل 4 مدنيين من عائلة واحدة، وإصابة 6 آخرين بجروح خطيرة».
وأضاف، إنه «واصلت قوات النظام والميليشيات الإيرانية قصفها على المنطقة واستهدفت خلال ذلك مستودعاً وصهاريج محمّلة بالمحروقات تابعة لشركة (وتد) التي تمد محافظة إدلب وريف حلب بالمحروقات؛ ما أدى إلى إصابة 5 عمال بحروق وجروح بليغة، ونشوب حريق ضخم؛ ما دفع بكوادر الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) وفرق الإطفاء إلى إخماد الحريق منعاً من وصوله إلى مخيمات مجاورة تؤوي مئات النازحين».
وقال ناشطون في مناطق العمليات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري شمال حلب، إن «قصفاً برياً مكثفاً براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة مصدره مناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري والقوات الكردية، استهدف ليلة الثلاثاء - الأربعاء الأحياء السكنية في مدينة مارع بريف حلب الشمالي؛ ما أدى إلى مقتل مدنيين وجرح 5 آخرين، وذلك عقب قصف مماثل طال الأحياء السكنية ومحيط المشفى الوطني وحديقة عامة ونقطة طبية وصيدلية في مدينة إعزاز؛ ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، وإصابة 11 مدنياً، بينهم أطفال ونساء بجروح خطيرة، فضلاً عن الدمار الذي لحق بممتلكات المدنيين».
من جهته، قال مسؤول في فريق «منسقو استجابة سوريا»، إنه «تسببت الخروقات المستمرة من قبل قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية و(قوات سوريا الديمقراطية) (قسد) على منطقة خفض التصعيد في إدلب وشمال حلب، خلال الـ24 ساعة الماضية والتي بلغ عددها 22 خرقاً، بسقوط سبعة ضحايا مدنيين، بينهم أطفال وأكثر من 20 إصابة متفاوتة الخطورة، إضافة إلى تركيز الاستهداف على منشآت خدمية وبنى تحتية بشكل مباشر أو غير مباشر حيث تجاوز عددها أكثر من عشر نقاط».
وأضاف «إن كلاً من قوات النظام والميليشيات الإيرانية والفصائل الكردية (قسد)، تمارس استراتيجية عسكرية متعمدة من خلال عمليات القصف البري، لتدمير البنية التحتية المدنية، وإجبار السكان على النزوح، وإبقاء المدنيين في حال عدم استقرار كامل وزيادة الأعباء الاقتصادية والنفسية عليهم».
في سياق آخر، شهدت خطوط التماس بين فصائل المعارضة السورية المسلحة وقوات النظام جنوب إدلب، اشتباكات متقطعة بين الطرفين، وتمكنت غرفة عمليات (الفتح المبين) التابعة لفصائل المعارضة من قتل 6 عناصر لقوات النظام قنصاً، في وقت ردت فيه القوات التركية والجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة، بالقصف المدفعي على مناطق خاضعة لسيطرة قوات النظام والقوات الكردية شمال حلب.
وقال مصدر عسكري في فصائل المعارضة، إنه «قصفت فصائل المعارضة في غرفة عمليات (الفتح المبين)، في شمال غربي سوريا، بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام السوري في قريتي البركة والبحصة بسهل الغاب شمال غربي حماة، رداً على قصف المناطق المحررة في إدلب».
وأضاف «تمكنت فصائل المعارضة أيضاً خلال الساعات الأخيرة الماضية من قتل 6 عناصر من قوات النظام عبر سرايا القنص في محاور ميزناز والفوج 46 جنوب وغربي حلب، ومحاور حنتوتين جنوب إدلب ومحور تلة الملك بريف اللاذقية الشرقي».
من جهته، قال قيادي في «الجيش الوطني السوري» المدعوم من أنقره، إنه «جرى قصف مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام والقوات الكردية (قسد)، في مناطق قرى بيلونية والشيخ عيسى ومسوقة وسد الشهباء والشغالة وزويان بريف حلب الشمالي، براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة، من قبل قوات الجيش الوطني السوري والقوات التركية، رداً على قصفها للمناطق المأهولة بالسكان ضمن مناطق (درع الفرات وغصن الزيتون) الخاضعة لسيطرة المعارضة والنفوذ التركي».
وأضاف، إنه «يجري العمل الآن مع الجانب التركي والمراصد العسكرية على رصد مصادر إطلاق النار التي تستهدف المدنيين في شمال حلب، وغالباً ما يشار بأصابع الاتهام إلى (قوات سوريا الديمقراطية) (قسد)، بضلوعها حول القصف المتكرر على المدنيين في شمال حلب».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.