واصلت موسكو، أمس، توجيه إشارات إلى الغرب بسعيها إلى تقليص حدة التوتر حول أوكرانيا، وأعلنت عن إعادة دفعة جديدة من قواتها إلى ثكناتها «بعد انتهاء مشاركتها في تدريبات». ومع الرفض الروسي لحملات التشكيك في الغرب حيال هذه الانسحابات من المناطق الحدودية برز تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن الغرب سوف يستخدم التطور للحديث عن «تراجع روسي بسبب الضغوط الغربية». ولليوم الثاني على التوالي، كان المشهد الأكثر متابعة على شاشات التلفزة في روسيا هو انسحاب قطعات تابعة للجيش من مواقع انتشارها على مقربة من الحدود الغربية للبلاد. وبعد مرور أقل من 24 ساعة على سحب وحدات عسكرية من القطاعين الغربي والجنوبي، بثت وزارة الدفاع الروسية أمس شريط فيديو يظهر تحرك قوافل تابعة لكتيبة الدبابات التي كانت منتشرة في القرم، نحو ثكناتها العسكرية الدائمة. وظهر في المقطع مرور ناقلات ومدرعات ودبابات على جسر القرم الذي يربط شبه الجزيرة بالأراضي الروسية. وقالت الوزارة في بيان إن وحدات المنطقة العسكرية الجنوبية «عادت إلى أماكن تمركزها الدائم بعد انتهاء تدريبات عسكرية في شبه جزيرة القرم».
وجاء في البيان أن «القطار الذي يقل معدات عسكرية تابعة لوحدات المنطقة العسكرية الجنوبية عبر جسر القرم في طريقه إلى نقاط التمركز»، لافتاً إلى أنه «سيتم بعد وصول هذه المعدات إلى قواعدها تهجيزها لمرحلة جديدة من التدريبات العسكرية». وأفاد الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، بأن جزءاً من العسكريين المشاركين في المناورات الروسية البيلاروسية المشتركة «حزم الاتحاد 2022»، عادوا إلى أماكن تمركزهم الدائم، مضيفاً أن «كل الوحدات المتبقية المشاركة في هذه المناورات ستعود إلى قواعدها بعد انتهاء المناورات، أي بعد 20 فبراير (شباط) الحالي». وحصل هذا التطور على تأكيد من الجانب البيلاروسي، وقال وزير خارجية بيلاروسيا فلاديمير ماكي إن «جميع الوحدات والمعدات العسكرية الروسية» ستغادر أراضي بلاده بعد انتهاء التدريبات العسكرية المشتركة.
وأوضح أن التدريبات الروسية البيلاروسية كان مخططاً لها مسبقاً، وأهدافها «التحقق من الجاهزية القتالية لقوات ووسائط دولة الاتحاد. أما أنها تجري على أراضي بيلاروسيا، فذلك له ما يبرره تماماً. نحن نرى مدى نشاط (الناتو) على حدودنا الغربية وفي أوكرانيا. وهذا رد على الإجراءات التي يتخذها شركاؤنا الغربيون».
وسعت موسكو في غضون هذا التطور إلى مواجهة محاولات التشكيك الغربي بحجم الانسحاب، ومدى تأثيره على الوضع الميداني حول أوكرانيا. واتهم الناطق باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، حلف «الناتو» بأنه «يواجه صعوبات في تقييم الأحداث»، وقال إن الحلف «لا يرى عودة العسكريين الروس إلى أماكن تمركزهم الدائمة بعد التدريبات. يوجد هناك عائق معين في نظام تقييم الوضع القائم لدى حلف (الناتو)، مما لا يسمح لممثلي الحلف بتقييم الوضع بشكل موضوعي».
ورداً على سؤال محدد حول ما إذا كانت تقديرات الحلف للوضع الميداني العسكري خاطئة، قال بيسكوف: «نعم». في الوقت ذاته، بدأت أوساط المحللين والخبراء الروس تتحدث عن احتمال النظر إلى الانسحابات الروسية من المنطقة الحدودية بأنها تراجع روسي أمام الضغوط الغربية. وحذر لافروف في حديث أمام الصحافيين من «أوهام» في هذا الشأن. وقال: «سوف نسمع كثيراً من التعليقات حول الأمر».
في الأثناء، واصلت موسكو وحلفاؤها في المناطق الأوكرانية الانفصالية التحذير من «استفزاز» تسعى إليه القوات الحكومية الأوكرانية بدعم من الغرب. وقال مسؤول بالمكتب الصحافي التابع لشرطة إقليم لوغانسك الانفصالي إن كييف «أرسلت مقاتلين مدربين على استخدام أسلحة أجنبية الصنع إلى دونباس». وزاد أن لديه معطيات حول تحرك وحدات من مركز التدريب الـ184 التابع للأكاديمية الوطنية للقوات البرية بقرية ستاريتشي، مشيراً إلى أنه تم إرسال مجموعة من جنود الفرقة الـ24 الذين اجتازوا فترة التدريب لاستخدام أنظمة الصواريخ المضادة للدبابات سويدية الصنع وقاذفات قنابل أميركية الصنع. وأضاف أن القوات المسلحة الأوكرانية تنشر نقاط عمل لتوجيه الطيران في دونباس.
على صعيد آخر، لوح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بتدابير «متكافئة»، أكد أن الحكومة الروسية سوف تتخذها في حال أقرت بريطانيا مشروع قانون يفرض عقوبات على شركات حكومية روسية. وأشار لافروف إلى أن لندن تدرس تعديلات على حزم عقوبات سابقة ضد روسيا، وأنها «لم تعد مرتبطة بأوكرانيا بأي شكل من الأشكال»، لكنها في الوقت نفسه تمنح السلطات البريطانية الفرصة «لفرض عقوبات على أي منظمات أو أفراد أو كيانات قانونية مرتبطة مع الدولة الروسية».
وزاد الوزير خلال مؤتمر صحافي، أمس، في موسكو، أنه «بالطبع، لم نشهد سابقة مماثلة حتى الآن؛ أن يتم فرض عقوبات استباقية على كل الكيانات الحكومية، وإذا دخل هذا القانون حيز التنفيذ فعلاً، فلا شك في أن برلماننا سيكون له كل الأسباب، وسيكون من الضروري اعتماد قانون مماثل فيما يتعلق بأولئك الذين يسعون لكسب تقييمات وتوسيع شعبيتهم من طريق تأجيج (الروسوفوبيا)».
وقال لافروف إن لندن تواصل لعب دور المحرض في العلاقات بين روسيا والغرب، مشيراً إلى أمل في «أن يبرز في الدول الغربية الأخرى لاعبون أكثر مسؤولية إلى حد ما، وأن يكونوا قادرين على إفشال هذه المحاولة لإثارة موجة أخرى من حروب العقوبات».
موسكو تواصل تقليص قواتها على الحدود مع أوكرانيا وترفض التشكيك الغربي
استعداد لمواجهة رزمة عقوبات بريطانية بـ«رد متكافئ»
دبابات روسية محملة على خط للسكك الحديدية تغادر منطقة الحدود الأوكرانية (أ.ب)
موسكو تواصل تقليص قواتها على الحدود مع أوكرانيا وترفض التشكيك الغربي
دبابات روسية محملة على خط للسكك الحديدية تغادر منطقة الحدود الأوكرانية (أ.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة



